الصِّدِّيقَان عَلِيّ وفَاطِمَة عليهما السَّلَام
اَلْحَمْدُ لله اَلَّذِي عَلاَ بِحَوْلِهِ وَدَنَا بِطَوْلِهِ مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ، وَفَضْلٍ وَكَاشِفِ كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَأَزْلٍ أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَأُومِنُ بِهِ أَوَّلاً بَادِياً، وَأَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَأَسْتَعِينُهُ قَادِراً قَاهِراً، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً...
أما بعد ...
فمن ألقاب الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) الصِّدِّيق، فهو الصِّدِّيق الأكبر الذي شهد له رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بذلك، وكان (عليه السَّلام)، يقول: (أنا الصِّدِّيق الأكبر لا يقولها بعديّ إلا كذَّاب)[1].
كذلك فَاطِمَة الزَّهراء (عليها السَّلَام) لقبت بالصِّدِّيقة، كونهما (عليهما السَّلَام) أكثر النَّاس الذين صدَّقُوا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في رسالته وما جاء بها من عند الله.
ومن جملة صدقهم هو صدق حديثهم، وهذا ما جعل الله سبحانه يميزهم عن سائر الخلق، فهما الصِّدِّيقان الطّيبان اللذان صدَّقوا بما جاء به النَّبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)، حتى صاروا حُجج الله على الخلق فأكرمهم سبحانه بالحَسنَين (عليهما السَّلَام) وأعطاهم من العلم والفضل ما لم يحزه لملك مقرب ولا نبي مرسل سوى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فهو السَّابق بكل شيء.
ولما استشهدت فَاطِمَة لم يلي غسلها غيره (صلوات الله وسلامه عليهما) كونهما صدّيقان طاهران.
عن المفضل بن عمر قال: (قلت) لأبي عبد الله (عليه السَّلَام): من غسَّل فَاطِمَة (عليها السَّلَام)؟ قال (عليه السَّلَام): (((ذاك أمير المؤمنين (عليه السَّلَام))) قال: فاستعظمت ذلك قال (عليه السَّلَام): ((فكأنك قد ضقت بما أخبرتك به؟)) فقلت: فقد كان ذلك جعلت فداك؟ قال (عليه السَّلَام): ((لا تضيقنَّ، فإِنَّها صِدِّيقة لم يكن يغسّلها إِلَّا صِدِّيق، أما علمت أنّ مريم (عليها السَّلَام) لم يغسلها إِلّا عيسى (عليه السَّلَام)؟!)))[2].
فهذه من خصائص الأسياد، فلصدقهم نالوا شرف التفضيل والسبقة حتى صار يغبطهم الصّدِّيقون والشَّهداء والصَّالحون من الخلق، إذ لهم خصائص قد تفردوا بها دون الناس ذلك لطاعتهم وتصديقهم واتباعهم للحق.
وفي الختام نعزي الإمام صاحب العصر والزَّمان بهذا المصاب الجلل، ونسأل الله تعجيل فرجه الشَّريف...