قصة سقوط بغداد على يد التتار
حكى كثير من المؤرخين الإسلاميين أمثال ابن كثير وابن تعزي بالإضافة إلى مجموعة من العلماء أمثال جلال الدين السيوطي وشمس الدين الذهبي وغيرهم أن بغداد سقطت في يد التتار بقيادة هولاكو خان بعد خيانة الوزير الشيعي محمد ابوطالب بن أحمد بن على العلقمي، ولقد كان العلقمي وزيرا في الدولة العباسية التي كان خليفتها آنذاك الخليفة أبو أحمد عبدالله المستعصم بالله.
فقد سقطت بغداد على يد التتار بقيادة هولاكو خان في التاسع من شهر صفر سنة 656 هجرية موافق العشر من فبراير عام 1258 ميلادية، وقيل في ذلك أن هولاكو ارسل إلى المستعصم بالله يطلب منه هدم اسوار بغداد لان المستعصم لم يساعد هولاكو في احتلال قلعة الموت معقل الدولة الخوارزمية، لكن المستعصم وكان خليفة ضعيف يحب اللهو واللعب ولا يملك أي شئ من الحكمة ارسل في استرضاء هولاكو الذي اغلظ عليه في الرد.
ويقال في خيانة ابن العلقمي أنه قلل الجند وسرحهم وأغرى الخليفة بأنه يستطيع مواجهة هولاكو والانتصار عليه، ومن الناحية الأخرى أرسل لهولاكو يخبره بعدة وعتاد جيش الخلافة ويحمسه على الاستيلاء على بغداد.
وهذا ما دفع هولاكو إلى اجتياح بغداد وقتل أغلب سكانها وهدم القصور والحدائق والمستشفيات والمكتبات لدرجة أنه صنع جسر على نهر دجلة بكتب دار الحكمة التى كانت إحدى أكبر المكتبات الموجودة في العالم ، وبسبب كثرة القتلى تفشي المرض في باقي السكان ومات الكثير منهم بسبب قلة الرعاية الطبية.
ويقول ابن كثير عن خيانة ابن العلقمي ” وَكَانَ الْوَزِيرُ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ قَبْلَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ يَجْتَهِدُ فِي صَرْفِ الْجُيُوشِ وَإِسْقَاطِ أَسْهُمِهِمْ مِنَ الدِّيوَانِ، فَكَانَتِ الْعَسَاكِرُ فِي آخِرِ أَيَّامِ الْمُسْتَنْصِرِ قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، مِنْهُمْ مَنَ الْأُمَرَاءِ مَنْ هُوَ كَالْمُلُوكِ الْأَكَابِرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَجْتَهِدُ فِي تَقْلِيلِهِمْ إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا عَشَرَةُ آلَافٍ، ثُمَّ كَاتَبَ التَّتَارَ، وَأَطْمَعَهُمْ فِي أَخْذِ الْبِلَادِ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَجَلَّى لَهُمْ حَقِيقَةَ الْحَالِ، وَكَشَفَ لَهُمْ ضَعْفَ الرِّجَالِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ طَمَعًا مِنْهُ أَنْ يُزِيلَ السُّنَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنْ يُظْهِرَ الْبِدْعَةَ الرَّافِضِيَّةَ، وَأَنْ يُقِيمَ خَلِيفَةً مَنَ الْفَاطِمِيِّينَ، وَأَنْ يُبِيدَ الْعُلَمَاءَ وَالْمُفْتِينَ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَقَدْ رَدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَأَذَلَّهُ بَعْدَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ، وَجَعَلَهُ حُوشْكَاشًا لِلتَّتَارِ بَعْدَمَا كَانَ وَزِيرًا لِلْخُلَفَاءِ، وَاكْتَسَبَ إِثْمَ مَنْ قُتِلَ بِمَدِينَةِ بَغْدَادَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ”