كتب المحلل السياسي لـ(وكالة انباء الاعلام العراقي/واع)
لاشك أن العراقيون جميعاً يتمنون من القلب الشفاء العاجل لفخامة الرئيس الطالباني فهو صمام أمان للعملية السياسية وشخصية وطنية حكيمة لعبت دوراً كبيراً في الحراك السياسي بعد سقوط الديكتاتورية ، وان أزمته الصحية الحالية تأتي في وقت يحتاج فيه هذا الحراك إلى حكمته وصبره ومرونته السياسية في ظل تفاقم واستدامة الصراعات والأزمات بين الفرقاء المشاركين في العملية السياسية .
لقد تراكمت خبرة سياسية طويلة ومعقدة عند الرئيس الطالباني منذ دخوله معترك النضال السياسي ، مما أهله ليكون مقبولاً من قبل كل الكيانات السياسية ، لاسيما وهو يتصرف كرئيس للعراقيين كلهم وليس كرئيس كردي وحسب لذلك أضحت هذه الشخصية لتكون حكما بين المتنافسين والمتصارعين ، فقد فضل الرئيس الاستمرار وعلى حساب صحته، في خدمة الشعب العراقي كله من خلال منصبه الرفيع والمضني وعاد مؤخراً للعراق من المستشفى بأمل نجاح مساعيه لحل الأزمات بين مكونات العملية السياسية في ظل الدعوة للاجتماع الوطني الذي طال أمده .
وفي ظل التقارير التي تتسرب إلى وسائل الإعلام والتي تشير إلى إن استمرار رئيس الجمهورية جلال طالباني في منصبه سيعتمد على التقارير الطبية للفريق الطبي المختص، إذ غالبيتها تشير إلى أن الرئيس بحاجة إلى الراحة الدائمة والتامة. وهذه التقارير زادت من شهية التحالف الكردستاني لطرح بديل لرئيس الجمهورية على الرغم من انه ما زال على قيد الحياة ، وهناك أسماء طرحت لخلافة الطالباني منها زوجته السيدة هيرو ابراهيم احمد والسيد برهم صالح والسيد نوشيروان مصطفى، زعيم حركة التغيير، وهذا الحراك والذي يعبر عن المحاصصة السياسية قد كثر في التحالف الكردستاني على أساس أن منصب رئيس الجمهورية من حصة هذا التحالف بالرغم من أن بعض وسائل الإعلام قد طرحت اسم أياد علاوي كبديل عن الطالباني في حالة اعتزاله السياسة ، والاختيار الأخير الذي طرح في الاعلام سيرفضه الكرد في ظل المحاصصة فمنصب الرئيس من حصة التحالف الذي رشح عدد من القيادات الكردية حيث اشارت بعض المصادر ان مسعود البارزاني ميال لاختار زوجة الرئيس بدل برهم صالح على الرغم من العداء التاريخي بين اسرة هيرو ابراهيم واسرة بارزاني ، ويمكن ان تكون خلافة الطالباني احدى الاشكاليات التي ستدخل التحالف الكردستاني في اطار ازمة بين مكوناته السياسية .
وفي حال توصية الفريق الطبي المعالج لفخامة الرئيس بعدم ممارسة مهامه السياسية تتشرع الابواب السياسية أمام سؤال مهم من سيقود البلاد في المرحلة المقبلة ، بالرغم من التحفظ الذي اطلقه البعض على عدم إثارة هذا الموضوع حفاظاً ومراعاةً لشعور الشعب الكردي والعربي متمنين أن يعود الرئيس الطالباني إلى قصر الرئاسة ليؤدي الدور الإيجابي والسلمي الذي كان يؤديه في الفترة السابقة ، لكن في حالة عدم قدرة الطالباني في الاستمرار في منصبه تتولد حقيقة سياسية لابد من شخصية جديدة لمنصب رئيس الجمهورية واذا كان الاتفاق ان يكون من التحالف الكردستاني السؤال هنا هل ستحمل هذه الشخصية نفس الافكار التي حملها الطالباني وهو يقود العراق بعربه وكرده وادراكه بوضوح تام ان اكراد العراق لايمكن لهم العيش في جزيرة معزولة عن محيطهم العربي ولابد لهم من العيش في ظل العراق الموحد يحتفظون بانتمائهم القومي والوطني ويلتحمون مع محيطهم في الدفاع عن وحدة العراق وقضاياه المصيرية .
وعلى الرغم من تحفظ البعض على طرح موضوع خلافة الرئيس طالباني ، هذا لا يعني عدم بحث الموضوع من قبل القيادات الكردية التي لم تنفي وجود مثل هذه المباحثات ، بل ان البعض ذهب بعيدا ويؤكد على ان رئيس الإقليم مسعود بارزاني يطمح إلى هذا المنصب بشدَّة لأنه المنصب الوحيد الذي سيؤمِّن العلاقة الجيّدة والأمان الاقتصادي للإقليم، وبذلك يمكن ان يكون بارزاني رئيساُ لجمهورية العراق وهو الحل الأمثل في رأيهم لأنه يمثل حقيقة سياسية في نظرهم لان البلد يمر في مرحلة صعبة وحرجة والقبول بالبارزاني لرئاسة جمهورية العراق بعد الرئيس جلال الطالباني سيكون فيه منافع وإيجابيات عديدة وينبغي الدفع باتجاه ذلك بحسب هذه الآراء ، فالعراق في أوضاعه بحاجة الى البرزاني الذي يتمتع بعلاقات ايجابية مع تركيا والسعودية وقطر فضلا عن ايران ولديه علاقات متينة مع القائمة العراقية ، وتحت قيادة البرازاني ستتغير سياسة العراق الدولية والاقليمية وسيساهم في نزع فتيل الفتنة الوطنية وإعداد المسرح العراقي لحقبة جديدة يكون شعارها الأساس الخروج من بوتقة الصراعات والازمات ، و ليس هناك من بين مرشحي منصب الرئاسة في حال عدم تمكن الرئيس العراقي الحالي من أداء مهامه سوى رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ليكون رجل المرحلة المقبلة وأحد صناع المستقبل العراقي .
واذا كان هناك من يرى ان مسعود البرازاني هو الانسب لمنصب رئيس الجمهورية ، هناك من يرى ان هذه الفكرة تثير السخرية لأنها ستفقد بارزاني زمام الأمور في الإقليم، فضلاً عن أنها ستجعل سياسيات الإقليم في تخبِّط فقد امسك البارزاني بزمام الامور في الاقليم من خلال تكوين دكتاتورية عشائرية في ظل سيطرة البارزانيين على مقاليد السلطة والحكم فهم منتشرون في كل مؤسسات الاقليم الامنية والمدنية وضرب من الخيال الذهاب الى بغداد ليكون رئيس تشريفي وبرتوكولي وترك الاقليم ، لاسيما ان هناك اتفاقات بين الحزبين الحاكمين على تقسيم المناصب لذلك كان البارزاني في كل دورة برلمانية يدفع بالطالباني باتجاه بغداد فيما يبقى هو لقيادة الاقليم وهذا الامر هو مصدر قلق الحزب الوطني الكردستاني الذي يقوده طالباني . لذلك قد يواجه طرح مسعود البارزاني لرئاسة الجمهورية معارضة من الجانب الكردي فضلاً عن معارضة من خصومه السياسيين في دولة القانون والبعض من الائتلاف الوطني .
وتبقى كل الأسماء مطروحة في ظل غياب الطالباني منها نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح ورئيس كتلة التحالف الكوردستاني فؤاد معصوم اذ يمثلون أبرز مرشحين لخلافة جلال طالباني لرئاسة الجمهورية ، بالرغم من ان هناك مصادر تؤكد على وجود منافسة بين برهم صالح والسيدة هيرو خان ابراهيم، والاخيرة هي الأوفر حظاً في هذا المنصب ، ويبقى كل ذلك تكهنات في الوقت الحالي واستباقاً للأمر لأن فخامة الرئيس لا يزال على قيد الحياة .