.
موتُ نُبوءَة
***
ليسَ وحياً
أعرفُ ذلك من رائحةِ الطّمي
التي تطلُع من شُقوق الحروفِ..
ربّما عرَفْت من ساعي البريد
الذي تلصّص من فتحة الواو
على ألَقِ الجِيم
وهي تغلق قوساً
قبل أن تفرَّ الميمُ من هباءِ الشمس
وتصنعُ رُمحاً يتّجهُ إلى السقف
ولا يُسقِطُ كسفاً
*****
أخبرَني من كان عنده علم المآلِ
أنّ الأعشابَ تَنْبُت
تحت إبِطِ حروفٍ مُسمّمةٍ
بما باحت به عروقُ السّنْطِ
للتُّرعِ الضريرة
لكننّي كنتُ جائعاً
ونسيتُ رُمْحَ الضوءِ
مغروساً في جُثّةِ صورةٍ على الجدار
لحصانٍ بلا أقدام
تحته تقعُ مدينةً لسكانٍ بلا رؤوس
تطلبُ غَزْواً بحيلةٍ مُباغِتَه
لتطردَ الكهنةَ من مسرحِ الجريمة
****
وأنا لاهٍ عمّا يدور
تختفي الشمسُ
فينام ُ الحِصانُ في قيلولةِ اللّونِ
والحدائق تكنسُ الرؤوسَ المبعثرة
وتبني غابةً من الأسمنت بأشجارٍ
بلا نهودٍ بارزةٍ على حافّةِ الحدائق
***
ليس وحياً ولا أضغاث أحلامٍ
أعرف ذلك من روائحِ العرقِ النبيّ
وهو يَسقُط من رأسي
وأنا أركعُ للغَرْس وأنْحَني
****
ليس وحيا
لكننّي أعرف أنه يأتي من هُناك
من مكانٍ قَصِيٍّ
خلفَ الحدائق المهجورةِ
وخرائب العمرانِ
أتَّكِئُ على ما أعرفُ كثيرًا
وأنا أعودُ من لوحةٍ جانبيةٍ لفارسٍ
يمتطي حروفَ الأبجديةِ
***
ليسَ وحياً
لكنّني قصيدة خشِنة الثيابِ
يكتبُها الطينُ كلّ يومٍ
في صلاةِ الحقولِ لرَبِّ الخُضرةِ الدائمة
وتكتبُها أنامِلُ غليظة بِرِقَّةٍ
وهي تُهدهدُ شُجيرةً
ترفضُ الوقوف كلّما أبصرَت في الأفقِ ماء
****
لم أعُدْ نبيّاً
لكنّ أتباعي من نعناعِ الحقول
والكَمُّون والذرة الرفيعة
رفعوا لِوائي في الحدائق والقناطر
عمَّدوني رسولاً للفَراغ
في لوحاتٍ فقيرةِ الألوان
يسقطُ طلاءٌ فتنتهي نبُوءةٌ لم نبصرها بعد
ويُجْفلُ الفَرَس
فينقطع الوحي .
منقوول