هُنَا- الأرْض- تَحْكِي ....
غُبَارٌ، يُخفِّفُ منْ ضجَرِ الشَّيخِ تحْتَ الجِدارِ...
يَشِي بِدُنُوِّ القَطيِع وَرَاء التِّلالِ
دُخَانٌ ، يَشُقُّ الفَضاءَ،
يُأَجِّجُ جُوعَ الصَّغيرِ الذي عَادَ منْ سَفَرٍ فِي المراعِي
تجَاعيدُ أمٍّ،
توَاسِي تجَاعيدَ أرْضٍ تَحِنُّ لوَادٍ يغَيِّرُ مَجْراهُ فِي كُلِّ فَصْلٍ،
كأنَّ الشُّقُوقَ شِفَاهٌ تَصلِّي، تُسَارِعُ رَكضَ الفُصولِ
وحُزْمةِ قَمْحٍ،
تُلَمِّعَهَا زَخَّةُ العَرَقِ المُنتَشِي باعتِرَافِ التُّرابِ
وَحَاشِيةُ الحَقْلِ ، يَعْبُرهَا حُلْمُ طِفْلٍ
يُسابِقُ ظِلًّا لغَيْمَةِ صَيْفٍ تَمُرُّ،
تُراوِدُ عُشْبًا يُصَارِعُ لَوْنَ الزَّوالِ
صَدًى للتَّرَاتِيلِ وقْتَ الظَّهِيرَةِ
فِي قَريةِ استَسْلَمَتْ للنُّعَاسِ
نَهِيقٌ، يرَوِّعُ كَهْلًا
يُدخِّنُ سِرًّا بِنَومِ أَبِيهِ،
فِنَاءٌ مُغَطَّى بِأوْرَاقِ دَالِيةٍ،
تَتَنَحَّى قَلِيلًا وَتُفْسِحُ للشَّمْسِ،
حَتَّى تُجَفِّفَ شَعْرَ مُرَاهِقةٍ تَسْتَحِمُّ.. تُغَنِّي...
تُحدِّقُ فِيمَا تُغَطِّيهِ أَيْدِي الظِّلاَلِ
بَقَايَا لِشَمْعٍ...
تَرَسَّبَ مِنْ يأْسِ عَاقِرَةٍ فِي ظَلَامِ المَزَارِ
وَجِلْدٌ لأَفْعَى مُرقَّطَةٍ، لَمْ تُطِقْ حَمْلَهُ فِي البَرَارِي،
كَذْكْرَى الحُروبِ، يمُرُّ بِهَا الآخرُونَ وَيَرْفُضُ أَصْحَابُهَا
كلَّمَا أوْغَلُوا فِي ارْتِحَالِ.
عُمر بكير