ما عدت أقوى إني راحلة منذ أن ولدت ” رجاء ” وجاءت إلى تلك الدنيا الواسعة وهي منبوذة مكروهه من الجميع فالكل كان ينتظر صبي وليست فتاة خامسة ، فمرضت الأم حسرة عند رؤيتها ، وتزوج الأب بأخرى فهو يريد صبي وليست مصيبة خامسة ، وكرهتها أمها واعتقدت بأنها السبب في زواج زوجها من أخرى ، فإن كانت صبي ، لم يكن سيفكر بالزواج من أخرى ، لم يحبها احد أو يهتم لحالها وكأنها هي السبب في تحديد جنسها ونوعها لتكن أنثى وفتاة خامسة .

تزوج والدها لأنه يريد صبي وليست فتاة خامسة وكرهتها أمها واعتقدت بأنها السبب ،عاشت طفولة معذبة مليئة بالقسوة والحرمان مع أم تكرهها وتتمنى موتها وأب لا يهتم بأحد ولا يتذكر حتى اسمها ، بل كان مشغولا بابنه الصبي الذي أنجبه من زوجته الثانية
كبرت ” رجاء ” وأصبحت شابة وزوجوها من شخص لا تعرفه ولكنها أرادت الفرار من جحيم تلك العائلة معتقدة بأنها ستذهب إلى الجنة ، فأرادت الهروب والرحيل من أسرتها القاسية، وبعد 9 أشهر أنجبت فتاة جميلة ، وهنا ثار الزوج عليها غاضبا وكأنها هي السبب ومن أحضرت الفتاة إلى العالم وحددت نوعها وجنسها لتكن أنثى..

وهنا نظرت إليه ولم تتكلم بل ابتسمت في صمت ، فلقد عرفت ما يجب عليها فعله جيدا .فلن تجعل ابنتها تتعذب وتعاني كما عانت هي وتعذبت طوال حياتها .فاستترت بالليل وأخذت طفلتها الرضيعة وفرت هاربة

أخذت تجوب الشوارع بلا أمل ولا هدف ، فلقد فقدت كل شيء ، فقدت منزلها وعملها وحياتها كلها مرة واحدة ، بعد أن حاول زوج امها التحرش بيها فنهرته بعنف واشتكت لأمها فلم تصدقها وبعدها طردها زوج أمها من منزله ومن الشركة التي تعمل فيها للابد فلقد كان مديرها بالعمل ، فكيف سيذلها ويجعلها تعود إليه راكعة لتفعل ما يريد ، فلم يتبقى لها شيء بالحياة بعد موت أبيها وزواج امها من ذلك البغيض الحقير.
فسارت في الشوارع بيأس لا لا ، لم تفكر بالعودة إلي منزل زوج امها من جديد ، ولن تفكر في الأمر ولم تعرض عليها الأم الأمر من الأساس ولكنها كانت تبحث بين وجوه الناس عن بسمة صادقة ، تخرجها مما هي فيه وتعيد لها الأمل لتبدأ من جديد تريد بسمة صادقة تشعرها بأنه مازال هناك شيء سعيد ومبهج بالحياة ويدعوا إلى الابتسام والتفاؤل والأمل فقررت ان وجدتها ستسرقها من وجه صاحبها .
لعلها تخرجها مما فيه من يأس وإحباط نعم ستسرق البسمة وتتحول إلى لصة وسارقة للسعادة من الوجوه والقلوب ، فليس أمامها بديل ، فلم تكن تملك قرشا واحد في حقيبتها لشراء البسمة والسعادة من أحد والدفع له سارت في الشوارع تبحث بفضول بين الوجوه الكثيرة للمارة عن البسمة الصادقة لتسرقها لنفسها ، بحثت كثيرا بين الوجوه ولكنها لم تجد إلا وجوه كثيرة عابسة فهذا يصرخ في وجه زوجته. وهذه تضرب طفلها وتوبخه بعنف وهذا يسب المارة من زجاج سيارته المسرعة وهذه تصرخ في وجه البائع وهذا يصرخ بالهاتف وهذا وهذه وهذه وهذا.

وهنا فقدت الأمل في سرقة أحدهم فألتفت عائدة وهنا وجدتها أمامها ، بسمة صادقة تشع نورا صافية لطفل صغير تدفعه جدته العجوز وهي تبتسم برضى أمامها على مقعد متحرك فلقد كان الصبي مصابا بشلل وعجز في قدميه ولكنه أخذ يبتسم بسعادة بالغة وهو يشاهد نظرات الناس من حوله فنظرت له بحزن وشفقة وأبت أن تسرقها من وجهة فرحلت في صمت بعد أن عرفت من أين ستبدأ ستذهب لجدتها لتبدأ من هناك بمحافظة اخرى وتعيد الصلة التي انقطعت من سنين طويلة بسبب زواج امها وهروبها بيها وهي طفلة صغيرة .