TODAY - October 04, 2010
إتهام وزارة التخطيط ومحافظ نينوى بتحريف الحقائق ومخالفة الدستور
الاكراد يعترضون على قرار تأجيل التعداد السكاني
أسامة مهدي من لندن
إعترضت اللجنة العليا للتعداد العام للسكان والمساكن في إقليم كردستان على قرار الحكومة العراقية المركزية بتأجيل التعداد في عموم البلاد المقرر في الرابع والعشرين من الشهر الحالي الى الخامس من كانون الاول (ديسمبر) المقبل متهمة وزارة التخطيط بمحاولة تحريف الحقائق والتاريخ ومخالفة الدستور وحكومة نينوى العربية بعرقلة اجرائه، ودعت رئيس الوزراء نوري المالكي الى الغاء التأجيل وقالت ان التعداد يساهم في مساعدة مؤسسات الدولة للقيام بتخطيط علمي ودقيق مستند على قاعدة بيانات لتحسين مستوى المعيشة والتقليل من مستوى الفقر في جميع المجالات.
اشار علي سندي رئيس اللجنة العليا للتعداد العام للسكان وألمساكن في إقليم كردستان الى انه بعد ان كان من المقرر إجراء التعداد العام في عموم البلاد في الرابع والعشرين من الشهر الحالي فان تدخلات محافظ نينوى أثيل النجيفي الذي يترأس قائمة الحدباء العربية عن طريق إيقاف دورات التدريب والتاهيل للعدادين في المحافظة لأكثر من ثلاثة أسابيع قد دفعت ألجهاز المركزي للأحصاء في العراق الفدرالي والامم ألمتحدة قرر تأجيل إجرائه الى الخامس من كانون الاول (ديسمبر) المقبل.
واضاف انه اجتمع خلال الايام الثلاثة الماضية مرتين في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان (330 كم شمال بغداد) مع رئيس ألجهاز المركزي العراقي للأحصاء مهدي ألعلاق بحضور رئيس اللجنة الاستشارية الدولية التابعة للأمم المتحدة والخاصة بتقديم المشورة الفنية للجان التعداد لؤي شبانة وطلب منهم أعطاء تفسيراتهم حول قرار التأجيل فكان الجواب "بأنه بالاضافة الى البعد السياسي يوجد سبب فني يتعلق بتعطيل برنامج التدريب من قبل محافظ نينوى الشمالية اثيل النجيفي كما قال في تصريح صحافي مكتوب تلقته "ايلاف".
واشار سندي في اعتراضه على التأجيل الى ان التعداد يغطي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية و التعليمية والزراعية و الصناعية وغيرها من الجوانب ألمهمة الاخرى ولا تنحصر بأفق ضيق اضافة الى ان اجرائه يشكل واجبا وطنيا مهما. وقال ان إيقاف التحضيرات الخاصة بألتعداد من قبل محافظ نينوى هو تجاوز للصلاحيات من الناحية القانونية لأن ألصلاحيات بيد الحكومة الفدرالية وليس بيد الحكومات المحلية "وفي هذه الحالة كان الاحرى بالحكومة ألفدرالية إتخاذ الاجرائات القانونية المناسبة بحق ألمحافظ بدلا من ألموافقة على اجراءاته وعدم معارضتها" . وعبر عن مخاوف وعدم وجود ضمانات من عدم تكرار المحافظ لهذه الاجراءات بعد تأجيل التعداد حتى الخامس من كانون الاول.
وحول إبداء ألعرب و التركمان في بعض ألمناطق ألمتنازع عليها مخاوف من ألتعداد اوضح انه قد تم ابلاغ ألمسؤولين في ألجهاز المركزي للأحصاء و ألامم المتحدة "عن إستعدادنا التام لمناقشة أية إقتراحات فنية من شأنها طمأنة هذه ألجهات وفي الوقت نفسه نطالب بضمانات عن عدم تعرض المواطنين ألاكراد في هذه ألمناطق لأي مخاطر بألمقابل".
واكد انه قد تم إبقاء حقل القومية في إستمارة التعداد فارغا لكي يمكن لكل مواطن كتابة مايراه مناسبا بكل حرية وقال "اننا لم نعترض على ذالك ولكن مشكلتنا مع وزارة ألخطيط العراقية تكمن في وجود محاولات لتحريف ألحقائق والتاريخ ومخالفة ألدستور بالضد من الرغبة في إظهار نتائج مكونات دولة ألعراق وذالك عن طريق فصل ألايزيديين وألشبك وألفيليين (وهي قليات تعيش في مناطق العراق الشمالية ومنها في اقليم كردستان) عن قوميتهم ألكردية وبألنتيجة التقليل من حجمهم".
وبالنسبة لهذه المكونات الثلاثة فقد اوضح المسؤول الكردي ان حقل الديانة المذكور في السؤال 209 من استمارة التعداد يضع خمسة إختيارات أمام ألمواطن : مسلم ، مسيحي ، يزيدي ، صابئي و أخرى .. واشار الى انه في هذه ألحالة "سوف يظهر حجم أخواننا وأخواتنا ألايزيديين كديانة وهذا من حقهم و لاجدال عليه لان كلنا نعرف بأنهم جزء لا يتجزأ من ألشعب ألكردي" على حد قوله. ودعا الفيليين وهم الاكراد الشيعة الى الحذر من محاولات فصلهم عن الشعب الكردي وانه ليس لذلك أية صلة بمسألة ألتعويضات ألتي يستحقونها عن تهجيرهم في زمن النظام السابق لأن هذا ألمطلب يتحقق بقرار قضائي و سياسي. وقال انه في بداية أسئلة إستمارة ألتعداد هناك سؤال عن أسم المواطن واسم ألاب والجد واللقب "وهنا بأمكان ألاخوة والاخوات من ألفيليين وألشبك أن يكتبوا لقبهم بألفيلي أو ألشبكي لأظهار خصوصيتهم وليس تغيير قوميتهم".
ورفض مقولات ان ألحكومة ألحالية هي لتصريف الاعمال ولايجب أن تقوم بإجراء ألتعداد وقال "ان هذا غير صحيح لانها حتى اذا كانت حكومة تصريف أعمال فأنها لايمكنها إتخاذ قرارات جديدة ويجب عليها تنفيذ ماهو مقرر سابقا".
وطالب رئيس اللجنة العليا للتعداد العام للسكان والمساكن في إقليم كردستان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى اتخاذ قرار حاسم باجراء ألتعداد في موعده ألمقرر في الرابع والعشرين من الشهر الحالي . وشدد على ان اجراء التعداد سيقدم خدمة كبيرة لجميع مكونات الشعب العراقي ويساهم بشكل فاعل في مساعدة مؤسسات ألدولة للقيام بتخطيط علمي ودقيق مستند على قاعدة بيانات لتحسين مستوى ألمعيشة في كل ألمجالات وألتقليل من مستوى ألفقر مطالبا بالتقيد بألدستور والقرارات النافذة اثناء تطبيق خطوات ألتعداد ألسكاني.
وسبق للمالكي ان اعلن مجددا قبل عشرة ايام ان التعداد سيجري في موعده المحدد في الرابع والعشرين من الشهر الحالي .
المناطق المتنازع عليها وراء التأجيل
وكان مصدر في وزارة التخطيط العراقية اعلن تاجيل اجراء التعداد السكاني الى الخامس من كانون الاول بسبب الخلافات بين العرب والاكراد في المناطق المتنازع عليها في محافظتي نينوى وكركوك الشماليتين.
وقال مهدي العلاق وكيل وزارة التخطيط ان موعد التعداد قد تاجل بهدف استكمال المناقشات حول المسائل العالقة موضحا ان المناطق المتنازع عليها هي الامر الرئيسي وراء تاجيل الموعد.
يشار الى ان المناطق المتنازع عليها موزعة اداريا ضمن 12 قضاء في خمس محافظات ابرزها كركوك بجميع مناطقها. وتشمل هذه المناطق في محافظة نينوى كبرى مدنها الموصل فضلا عن الحمدانية وتلكيف وبعشيقة وقره قوش (مسيحيون) وسنجار وزمار وشيخان وسكي كلك (اكراد من الايزيديين) وتلعفر (غالبية تركمان شيعة) ومخمور (غالبية عربية).
وكان وزير التخطيط علي بابان اعلن ان الاحصاء السكاني الذي كان مقررا اجراؤه للمرة الاولى في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2009 قد تم تاجيله بسبب رفض كتل سياسية في محافظتي نينوى وكركوك.
تعداد للمرة الاولى منذ 23 عاما
وسيجري التعداد السكاني الجديد في العراق للمرة الاولى منذ 23 عاما فكان آخر تعداد شامل قد اجري عام 1987 بينما اجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات اقليم كردستان الثلاث خارج سيطرة الحكومة ولذلك فأنه سيجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003.
وقد جرت عدة محاولات بعدها لاحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية . وطبقا للدورة الاحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 الا انه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم إلى عام 2010 وتم هذا التأجيل الثاني بسبب مخاوف من تسييسه حيث عارضت قوميات عراقية إجراءه في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان (حوالي مليون نسمة) وتضم حقولا نفطية كبرى اضافة الى مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) والتي تضم سكانا بديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والمسيحيين والايزيديين والشبك تحسبا من أن هذا التعداد قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحات سياسية لقوى تمثل تلك القوميات .
14 الف عسكري لحماية ربع مليون عداد
وفي وقت تؤكد وزارة الداخلية العراقية استعدادها لتامين عملية التعداد من خلال تخصيص 14 الف عسكري لحماية منفذي التعداد والمشرفين عليه يقول مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ان التعداد سيحدد عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا الى النزوح داخل العراق خلال سبع سنوات من الحرب.
كما سيكشف التعداد عن عدد السكان الذين يعيشون في اقليم كردستان العراق الامر الذي سيحدد حصته في ايرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 17 في المئة. واذا وجد التعداد ان الاكراد يمثلون النسبة الاكبر من العدد الاجمالي للسكان فان الدستور ينص على حصول الاقليم على مزيد من الاموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي.
وقال العلاق ان الاحصاء لن يحاول تحديد الى من تنتمي المناطق المتنازع عليها موضحا " ان هذا ليس من شاننا ان نقرر مصير منطقة... نحن نعد السكان في المنطقة التي يعيشون فيها اما تقرير مصير الناس او تقرير مصير المناطق فهذا من شأن السياسيين" . واضاف انه قد تم البدء بعمليات الترقيم والحصر التي تعتبر العمود الفقري للعمل منذ حوالي 5 شهور حيث توفرت اعداد اولية عن عدد المساكن والمباني وعدد الاسر وعدد الافراد.
وينتظر ان يظهر التعداد التركيبة الدينية للعراق ذي الاغلبية المسلمة لكنه سيتعمد الا يسأل السكان عن مذهبهم حيث قال العلاق "بالنسبة للديانة.. الشخص عندما يسال يقول مسلم.. مسيحي.. يزيدي.. صابئي لكن لا يقول سني او شيعي .. فلا تتضمن استمارة التعداد سؤال عن المذهب لان الامر حساس جدا بسبب الوضع الراهن".
ويجري حاليا تدريب حوالي ربع مليون معلم على القيام بعملية الاحصاء فيما سينضم الى المعلمين ما بين عشرة الاف وخمسة عشر الف موظف حكومي . واوضح العلاق ان تعليمات ستوجه الى جميع العراقيين بالبقاء في منازلهم ليوم واحد او ربما ليومين اتباعا لتقاليد الاحصاء في العراق حيث سيذهب القائمون على الاحصاء الى حوالي خمسة ملايين اسرة لعد افرادها وفحص هوياتهم ومعرفة مستواهم التعليمي وعملهم وتسجيل معدلات الميلاد والوفيات. واشار الى ان العدد الاجمالي لسكان العراق يجب ان يعرف بعد نحو 15 يوما من الاحصاء لكن امورا سكانية اكثر تحديدا ستستغرق حوالي عشرة اشهر.
مكونات العراق القومية
وكان أول تعداد لسكان العراق الذي يتجاوز سكانه اليوم 30 مليونا قد جرى عام 1934 حيث بلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين ليبلغ سبعة في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران فإن آخر تعداد أجري عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونا . ومنذ عام 1997 لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية . ويبلغ عدد سكان العراق 27.962.968 نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005 يؤلف المسلمون (نحو 95%) من السكان كما يتألف من مسيحيين ويزيديين وصابئة وديانات صغيرة أخرى.
و يبلغ عدد أفراد الطائفة المسيحية في العراق 550 ألف نسمة ويشكل الكلدانيون والآشوريون أكبر تجمعين داخل المجتمع المسيحي بالبلاد ويعيش الكلدانيون في الجزء الجنوبي للعراق على الضفة اليمنى لنهر الفرات بينما يتركز الآشوريون في شمال العراق.
وبالنسبة للطائفة اليزيدية تشير المصادر الرسمية العراقية الى أن عددهم يبلغ 100 ألف نسمة وتضم هذه الطائفة خليطا من الأكراد والأتراك والفرس والعرب ويتركز وجودهم في منطقتين، الأولى في قضاء شيخان شمال شرقي الموصل والثانية في جبل سنجار شمال العراق قرب الحدود السورية. أما الصابئة المندائيون فيبلغ عددهم نحو 200 ألف نسمة ويتمركزون في بغداد والعمارة والبصرة والناصرية والكوت وديالى والديوانية ويعيشون على ضفاف الأنهار وخاصة دجلة.
ويتألف العراق من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية (دستور عام 1970) ويشكل العرب 75-80%، الأكراد 15-20%، والتركمان والمسيحيين والآخرين 5%. ويتمركز الأكراد في شمال البلاد وخاصة في السليمانية ودهوك وأربيل . وحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2005 فإن نسبة سكان هذه المحافظات الثلاث إلى باقي أنحاء العراق يبلغ نحو 13.2% من عدد السكان الكلي وذلك من دون احتساب الأكراد الموزعين في مدن أخرى مثل ديالى والموصل وكركوك وبغداد لعدم وجود إحصائية رسمية تشير إلى أعداد السكان وفقا لتقسيم عرقي.
وكان عدد العراقيين 16 مليون نسمة عام 1987 ويتوقع ان يبلغ عددهم هذ المرة عند اجراء التعداد الجديد ما بين 30 و32 مليون نسمة بحسب توقعات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء.
ايلاف