ومن القواعد الصوتية التي نالتها سنّة التطوّر القاعدة الثامنة والتاسعة
8-حذف الهمزة وإطالة العلة:
وهذا ما يعرف في الصرف التراث بتسهيل الهمزة، وهو ما يحدث عند اجتماع همزتين متحركة وساكنة وكان يمكن تناول هذه القاعدة هناك ولكنه آثر فصلها، والفرق بين القاعدتين أن الأولى عامة والآخرة خاصة ببعض لغات العرب، وعليها جاءت رواية ورش عن نافع في قراءة القرآن الكريم، واختارت اللهجات العربية المتصلة إلى اليوم التسهيل وظل التحقيق سمة اللغة المشتركة لغة العلم والأدب. قال أستاذنا إن الهمزة سقطت في مثل (رأس وبئر) وأزيد (سؤر)(1)، وأطيلت الحركة القصيرة السابقة لها (راس، وبير، وسور)، وقال إن هذه القاعدة ما عادت فاعلة واستدل بأن اللهجات التي تقلب القاف همزة لا تحذف هذه الهمزة إن سكنت وتمد الفتحة التي قبلها، فالكلمات (رقْص وسقْف، وتِقْدر ويُقْرُص) صارت (رأْص لا راص، وسأْف لا ساف، وتِئْدر لا تيدر، ويُؤْرُص لا تورص)، ولعل السبب أن هذه الهمزات إنما هي صور من القاف، وهذا ما ثبتها.
9-تحول الفتحة وشبه العلة التي تليها إلى علة ماثلة طويلة:
يعالج هنا إمالة حرف اللين في كثير من اللهجات، وحرف اللين هو كل واو أو ياء ساكنتين مسبوقتين بفتحة، مثل دَوْر وسَيْل، فالفتحة والواو تحولتا إلى ضمة مائلة طويلة أي حرف مدّ، والفتحة والياء تحولتا إلى كسرة مائلة طويلة، ولتصور النطق استعان بما يماثلها نطقًا في الإنجليزية فصارت (دور) كنطق door وصارت (سيل) كنطق sail. بقي أن نقول إن لهجة الوشم لا تميل حرف اللين وكذلك لهجة بيروت.
وقال أستاذنا إن هذه القاعدة توقف تطبيقها مستشهدًا بلهجة القاهرة التي أبقت على الفتحة الناتجة من تقصير الفتحة الطويلة وهي قبل شبه علة مثل (جاوَبوا) تنطق في القاهرة (جَوْبوا) وبقيت الفتحة والواو لم تحولا إلى واو ممالة طويلة، ومثلها (دائِمًا) التي نطقت (دَيْمًا) ولم تحول الفتحة والياء إلى كسرة ممالة طويلة. وأحسب أن السبب هو أن الفتحة في ذهن المستعمل وإن كانت قصيرة هي الفتحة الطويلة. ويمكن القول إنه لا يطبق على الفرع ما يطبق على الأصل.