Tue, Jan 1, 2013
طهران وأنقرة سبقتا العرب إلى بغداد من بوابة الشيعة والأكراد
كاتب سعودي يدعو الى استراتيجية تجعل العراق حليفاً لا منافساً
الرؤية الحالية للعراق لا تزال أسيرة صور نمطية وأيدولوجية معينة أبعد ما تكون عن فهم السياسة العراقية الحالية بتعقيداتها، مستشهدا بتقلب مواقف كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ومقتدى الصدر تجاه إيران بحسب مكاسبهما السياسية الداخلية.
_______________يدعو الكاتب السعودي سعود كابلي الى استراتيجية تجاه العراق يتم فيها تحديد الاولويات ، لجعل العراق حليفا بدلا من ان يكون خصما ، لاسيما وان الكثير من المؤشرات تؤكد امكانية ذلك .
ويقول كابلي في هذا الصدد ان " إيران وتركيا سبقتا العرب في الدخول إلى العراق من بوابة الشيعة جنوبا والأكراد شمالا على التوالي، وهو ما يستدعي أن نوجد نحن قواعد جديدة للعبة تصب في الصالح العربي العام" .
وفي مقاله في جريدة الوطن السعودية يشير كابلي الى أن" الرؤية الحالية للعراق لا تزال أسيرة صور نمطية وأيدولوجية معينة أبعد ما تكون عن فهم السياسة العراقية الحالية بتعقيداتها، مستشهدا بتقلب مواقف كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ومقتدى الصدر تجاه إيران بحسب مكاسبهما السياسية الداخلية".
يقول كابلي في مقاله : "رغم أن قضية العيساوي تعيد للأذهان قضية طارق الهاشمي من قبل، إلا أن الرؤية الموضوعية لما يجري في العراق تقودنا للخروج بعدة استخلاصات منها أن العراق حظي بنسخته من الربيع العربي مبكرا من خلال التدخل العسكري الأميركي، واليوم لدى العراق مؤسسات منتخبة وتقاسم في السلطات بين القوى السياسية والاجتماعية. قد تكون هذه النسخة مشوهة ونتائجها ليست كما يأمل كثير من العراقيين أو من جيرانها العرب، إن ما يجري في العراق اليوم هو صراع على السلطة بين قوى سياسية، وهو صراع له آلياته ومؤسساته القائمة (تارة من خلال خطوات سياسية وتارة من خلال استخدام العنف)" .
ويذّكر كابلي بان "الطائفية في العراق ورقة بيد القوى السياسية أكثر منها مبدئا فكريا، كما الوجود الإيراني القوي هناك واقع لا يمكن إنكاره، ولكنه لا يعني في المقابل اختزال العراق في كونه مجرد دولة تابعة لإيران".
البديل الاستراتيجي
وإذا كان صحيحا ما يقال من ان الحكومة العراقية تركن اليوم لإيران بشكل كبير فان هذا – بحسب كابلي - لا يعني أنها قد لا تهجرها في حال وجود البديل الاستراتيجي ، وهذا ما يدفع للسؤال في المقابل حول عمق الاستراتيجية السعودية والخليجية تجاه العراق اليوم وقدرتها على إحداث هذه النقلة، خاصة وأننا قادرون على التعامل المباشر مع إيران، وتوجد سفارة لنا في طهران في مقابل عدم وجود سفارة لنا تعمل مباشرة على الأرض في العراق.
ويلفت كابلي الانتباه الى انه بقدر ما يبدو العراق دائرا في فلك السياسة الإيرانية بقدر ما هو في واقع الأمر على خط تاريخي مضاد لإيران.
في مواجهة إيران
ان الجغرافيا السياسية والاقتصاد يكشفان ذلك، فالعراق أصبح اليوم ثاني أكبر مصدر للنفط في أوبك متجاوزا إيران التي انخفض إنتاجها نتيجة العقوبات الدولية، العراق يستفيد من ذلك وهو ما يضعه مع الوقت في مواجهة إيران. ولكن يضعه أيضا في خانة تنافسية معنا، وقد ظهر هذا خلال الاجتماع الأخير لأوبك حيث عارض العراق المرشح السعودي لشغل منصب الأمين العام للمنظمة، كما أعلن وزير النفط العراقي عدم نية بلاده الالتزام بأي خفض في الإنتاج كما تأمل أوبك إلا بعد وصول العراق لطاقة إنتاجية بحدود 4 ملايين برميل يوميا (طاقته اليوم 3,2 ملايين برميل).
العراق هو المحور الحقيقي
يضيف كابلي " العراق هو المحور الحقيقي pivot لتوازن المنطقة اليوم وليس سورية، ورغم أن التغيير في سورية سيأتي بلا شك بتحول في التوازنات وربما يمثل مدخلا لإعادة العراق للصف العربي؛ إلا أن مثل هذا الأمر لن يتأتى في حال استمرت منهجية الرؤية المذهبية القائمة على التقسيم السني – الشيعي أو تلك الرافضة للتعامل مع الواقع السياسي للعراق كما هو اليوم. لا بديل لنا عن قبول واقع أن القيادة العراقية باتت قيادة شيعية، وبالتالي التفكير من منطلق عروبي لا مذهبي، وذلك لإيجاد أرضية وقاسم مشترك أعلى. إيران وتركيا سبقتا للعراق من بوابة الشيعة جنوبا والأكراد شمالا على التوالي، والانسياق خلف دخولنا من بوابة السنة هو انجرار لقواعد اللعبة التي أرساها كلاهما، وهو ما يستدعي أن نوجد نحن قواعد جديدة للعبة تصب في الصالح العربي العام".
وفي ختام مقاله يدعو كابلي الى الإسراع بتوليد "استراتيجة فعالة وواضحة تجاه العراق هو ضمانتنا لأن يكون العراق في صف حلفائنا بدلا من صف منافسينا، وهذا أمر لا يتأتى إلا بخلق مصلحة عليا مشتركة تتجاوز الرؤى الضيقة للطائفية أو تغليب مصلحة فريق على فريق داخل العراق".
ويزيد كابلي القول " مصلحة العراق العليا اليوم هي زيادة مدخوله من النفط، وهو باب كبير لنا ليس فقط من خلال الوجود في ساحة النفط العراقي بل ربط مصالحه معنا، فجغرافية العراق تحد مصادر تصديره للنفط، وهو ما جعل العراق يعتمد بشكل أساس على خط التصدير الشمالي من خلال تركيا. نوري المالكي توجه للأردن الأسبوع الماضي واتفق بعد لقائه بالملك عبدالله الثاني على مشروع مد أنبوب نفطي لميناء العقبة للتصدير، وهذا مثال على توجه مهم قد يدعم ربط مصالح العراق بالدول العربية. وبالمثال يمكن لنا التفكير في مشروع مد خط أنابيب لتصدير النفط العراقي من خلال ميناء رأس تنورة أو غيرها، في حينها يصبح أي تهديد إيراني لإغلاق مضيق هرمز هو تهديد للعراق ومصالحه أيضا. (على سبيل المثال)".
نفق مظلم
وعلى نفس الصعيد يدعو عبدالجليل زيد المرهون الى اخراج العلاقات الخليجية - العراقية من نفقها الذي طال أمده؟ بناء على قاعدة ان من " كسب العراق فقد كسب قيادة النظام الإقليمي العربي. أو هو قد ضمن، في الحد الأدنى، عدم إمساك قوة أخرى بزمام هذه القيادة".
يقول المرهون في مقاله في جريدة الرياض السعودية " إن تطوّر العلاقات الخليجية - العراقية يُمثل مصلحة أكيدة لكافة الأفرقاء والجماعات. وهي مصلحة ثابتة، تستمد وجودها وديمومتها من معطيات الجغرافيا والتاريخ، والترابط الأسري، ووحدة الحضارة والانتماء. وعلى الجميع التمسك بها وهذا ما استنتجه الإنكليز من تجربة أسلافهم الهولنديين والبرتغال. وما استنتجته روسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي معاً. وما استنتجته في ثمانينيات القرن العشرين إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان، في المرحلة الأكثر حدة من الحرب الباردة الدولية".
لكن المرهون يرى ان "العراق لم ينجح في رهانه على بناء تحالف مع دول الخليج العربية، على الرغم من كونه خليجي الانتماء، جغرافياً واجتماعياً. ويعود ذلك لأسباب ذاتية وموضوعية، تتصل بالعراق والخليج كما تتصل ببيئة النظام الدولي، التي ظلت طاردة لفرص الالتقاء العراقي - الخليجي. أما معطيات النظام الإقليمي العربي، فلم تكن سبباً لغياب الاقتراب العراقي- الخليجي، بل بدت في الكثير من جوانبها نتيجة مباشرة أو ضمنية له".
مصلحة ثابتة
وانتكست العلاقات الخليجية - العراقية في العام 1990 على خلفية الغزو العراقي للكويت، واستدامت هذه الانتكاسة لأكثر من عقدين من الزمن، بسبب تبعات هذا الغزو وإفرازاته. ولاسيما الملفات العالقة بين بغداد والكويت.
غير ان المرهون يرى ان الوقت الحاضر يسوده إدراك عام في هذه المنطقة بأن "لا سبيل للخليجيين والعراقيين سوى البحث سوية عن المداخل والخيارات الكفيلة بإعادة بناء روابطهم المشتركة، وتطويرها، لتنسجم مع الكم الكبير من المتغيّرات، التي فرضت نفسها عربياً وإقليمياً. كما على الخليج ذاته، بشماله حيث العراق، وداخله حيث دول مجلس التعاون الخليجي".
ويختتم المرهون مقاله بالقول ان " تطوّر العلاقات الخليجية - العراقية يُمثل مصلحة أكيدة لكافة الفرقاء والجماعات. وهي مصلحة ثابتة، تستمد وجودها وديمومتها من معطيات الجغرافيا والتاريخ، والترابط الأسري، ووحدة الحضارة والانتماء. وعلى الجميع التمسك بها".