الأحياء الاصطناعية هي ببساطة علم يقوم على إعادة تصميم المكونات الحيوية كالخلايا والإنزيمات من أجل أن نحصل منها على أي مادة قد تشكل أهمية لنا. فهو يجمع بين أكثر من علم لتحقيق هذه الغاية كالهندسة والبيوتكنولوجي والكيمياء. مع التقدم العلمي والتكنولوجي أصبح التعامل مع الـ DNA أقل تكلفة وأسرع من ذي قبل مما فتح الباب للعلماء لاستخدام الـ DNA الخاص ببعض أنواع البكتيريا في صناعة وقود حيوي، أدوية، مواد غذائية وغيرها الكثير.
نشأ هذا المصطلح في التسعينيات من القرن الماضي على يد العالمان Francois Jacob وJacques Monod حيث قاما بدراسات على خلايا بكتريا E.Coli افترضوا على إثرها وجود آاليات تنظم وتتحكم في كيفية استجابة الخلايا للبيئة المحيطة بها، ومع مرور السنين ومع التقدم العلمي أصبح تغيير تلك الآليات أمراً ممكناً ومنها بدأ يتشكل علم الأحياء الاصطناعية.
لمحة سريعة عن DNA و RNA
DNA هي اختصار لـ “DeoxyRibonucleic Acid” وهي جزيئات طويلة تحمل بداخلها الصفات الوراثية الخاصة بنا ككائنات حية وتجعل كل فصيلة مختلفة عن الأخرى ويوجد نسخة منها في كل خلية في الجسم. يتكون جزئ الـ DNA من هيكل ثنائي من عدد من النيكليوتيدات وكل نيكليوتيدة تتكون من 3 مكونات أساسية:
1- جزيء فوسفات.
2- جزيء سكر خماسي الحلقة وهو ديأوكسي ريبوز.
3 قاعدة نيتروجينية واحدة من 4 أنواع يرمز لهم بـ (A,G,C, and T)
RNA هي اختصار لـ “Ribonucleic acid” وهي جزيئات تقوم بدور أساسي في إنتاج ونقل البروتينات في جسم الكائن الحي وتركيبها يشبه تركيب الـ DNA مع وجود بعض الاختلافات مثل أنها :
1- تتكون من هيكل أحادي بدلاً من ثنائي.
2- إحدى القواعد النيتروجينية T يتم استخدام قاعدة U بدلاً منها.
3- جزيء السكر المستخدم هو الريبوز بدلاً من الديأوكسي ريبوز.
ما الفرق بين الأحياء الاصطناعية والهندسة الوراثية ؟
في الواقع هناك شبه كبير بينهما حيث أن كلاهما يغير في التتابع الجيني في الخلايا، في الأحياء الاصطناعية يقوم العلماء بصناعة قطع من الـ DNA معملياً والتي قد تكون خاصة بجينات موجودة بالأصل في كائنات معينة أو جديدة كلياً ثم إدراجها بداخل الخلية المراد عمل تغيير بها.
أما في الهندسة الوراثية يقوم العلماء بتعديل الـ DNA في الخلية نفسها سواء بقصه أو إضافة جزء صغير عليه من خلية أخرى مختلفة. ونرى ذلك التطبيق في صناعة الإنسولين كمثال حيث أن العلماء قاموا بقص جزء من الـ DNA الخاص بخلية بكتيرية وأدرجوا مكانه الجين الخاص بهرمون الإنسولين البشري فأصبح الـ DNA إذاً معدل وراثياً، وبالتالي عند إدراجه في الخلية البكتيرية ستكون البكتريا قادرة على إنتاج هرمون الإنسولين في كل مرة تتكاثر فيها.
إحدى تطبيقات الأحياء الاصطناعية
XNA
تعلمنا في دراستنا لعلم الأحياء أن المادة الوراثية في أي كائن حي لا بد وأنها تُخزن في واحد من هذان الهيكلان: إما DNA أو RNA، لكن علماء الأحياء الاصطناعية لم يكتفوا بهما وبدأوا البحث عن جزيئات أخرى لتقوم بوظيفة التخزين لتلك المعلومات الوراثية.
في عام 2011 في معمل البيولوجيا الجزيئية في كامبريدج، بريطانيا تمكن
فيتور بينيرو و
فيليب هولجر-العالمان في الأحياء الاصطناعية- من إنتاج 6 مركبات أطلقوا عليهم
“XNAs” أو
“Xeno Nucleic Acids” والتي نستطيع تخزين المعلومات الوراثية عليها بل وقابلة للتضاعف والتطور كجزيئات DNA و RNA الموجودة في الكائنات الحية.
قام بينيرو وهولجر بصنع تلك المركبات عن طريق استبدال واحدة من الثلاث مكونات الأساسية في الـ DNA بعنصر مختلف في كل مرة ولذلك أطلقوا على المركبات
XNA حيث تمثل الـ
X العنصر الجديد المضاف في كل مركب من الـ 6. فمثلاً اذا استخدموا جزيء سكر الأرابينوز بدلاً من الديأوكسي ريبوز أصبح اسم المركب ANA، لو استخدموا جزيء سكر آخر سداسي الحلقة بدلاً من خماسي أصبح اسم المركب الجديد CeNA وهكذا.
كيف يمكننا الاستفادة منها ؟
- من المعتاد استخدام جزيئات حيوية كالـ DNA والـ RNA في صناعة بعض الأدوية، حيث يكون دور هذه الجزيئات دخول الجسم والمرور عبر المعدة أو عبر الدم للوصول إلى المكان المحدد لها في من أجل القيام بالتفاعل المطلوب، ولكن تواجه تلك الطريقة بعض الصعوبات حيث أن طبيعة تلك الجزيئات تجعلهم ضعاف أمام الأحماض والإنزيمات التي تستطيع أن تكسر روابطهم بسهولة، بينما جزيئات الـ XNA كانت مقاومة لنفس الظروف مما يجعلها بديل محتمل ممتاز في صناعة الأدوية.
- قد يمثل استخدام الـ XNA تطبيق هائل في علاج السرطان، حيث يمكن أن يتم برمجة تلك الجزيئات على التعرف والارتباط بالخلايا السرطانية فقط دون غيرها مما يتيح لها أن تمر في الجسم بسلاسة دون أن يتم التعرف عليها من الجهاز المناعي الخاص بالجسم وبذلك نقلل من الآثار الجانبية من علاجات السرطان الحالية.
- في وقتنا الحالي أصبح البحث عن بدائل نظيفة للطاقة أمر ضروري لذلك فإحدى التطبيقات المحتملة لاكتشاف الـ XNA هي إنتاج خلايا بكتيرية تكون قادرة على إنتاج وقود حيوي بصورة أسرع من الطرق التقليدية ومنها نتمكن من الحصول على طاقة نظيفة ومنخفضة التكلفة.
ضحى نبيل - اراجيك