ليسَ كلّ نَقْدٍ يُصدرُه أهلُ اللغةِ والبلاغَة والنّحو في زَماننا، على وُجوه استعمالِ اللّغة وطَرائقِ تَداولِها يُعدُّ نُكوصاً وحنيناً ويُرمى بكلِّ نَقيصةٍ؛ فإنّ محنةَ عصرٍ نعيشُ فيه أنّه ابتُلِيَ فيه كلُّ شيءٍ بالشّكّ والتّشكيكِ، والحقُّ أنّ القَلَقَ الثّقافيّ الذي يُعانيه أهلُ العلمِ باللغة والأدب في زَماننا وهو يُصحّحونَ الأوضاعَ العلميّة المُضطربَةَ، قلقٌ صحّيّ وظاهرةٌ سليمةٌ لأنّ الحسَّ لا يَزالُ سليماً يشعرُ بالتّحوّل ويعملُ على مواجهتِه بما يَراه صالحاً حتى يستبْقِيَ القيَمَ الصّحيحةَ ويسْتَبْرِئَ ممّا عفا عهدُه وامّحى أثرُه.