طَبيب الشعر
طَبيبَ الشعرِ هل للشعرِ داءُ ؟
وهل للمُغرمينَ بهِ دَواءُ؟
وهل تُشفي سواحِلُهُ جروحاً
إذا ما قَدَّ مَبسَمها البكاءُ ؟
وهل يصفو لشاعرهِ خيالٌ
إذا ماطابَ مَدحٌ أو ثَناءُ؟
وهل يُبكي الأراملَ واليتامى
إذا مادَكَّ مَسمَعها رِثاءُ؟
وهل للثائرينَ بهِ صمودٌ
وسيفٌ يَستَعدُ لهُ الفِداءُ ؟
وهل للزاحفينَ بهِ نشيدٌ
يشدُّ العزمَ إنْ رُفِعَ اللواءُ ؟
وهل تَلِجُ الرجالُ بهِ حروباً
فَترتَجِزُ الصَواقِلُ والدماءُ ؟
وهل تخشى حماستهُ الطغاةُ
إذا ماقظَّها منهُ نِداءُ ؟
وهل يقفُ الخلودُ عليهِ يوماً
ليرفَعهُ فتحضنهُ السماءُ ؟
وهل للناظمينَ لهُ سُموٌّ
إذا ماطلَّ تَرقبهُ الذُكاءُ؟*
طَبيبَ الشِعرِ ألهِمني فصدري
تَضجُّ بهِ عظيمةُ كبرياءُ ؟
فَجيعٌ بالحسينِ وذا فؤادي
يُمزِّقهُ بمخلَبهِ العزاءُ
طيورُ محاجري في كُلِّ عينٍ
يُأجِجُ جمرَها نارٌ وماءُ
ألا يامِدْرَةِ الشِعرِ المُعنّى*
ومِصْقَعَ في بلاغتهِ إرتقاءُ*
أفِض مما لديكَ فإنَّ روحي
مُتيَّمَةٌ يفيضُ بها البهاءُ
أفِض مما لديكَ فإنَّ وجدي
سريعاً مايَحِلُّ بهِ القضاءُ
هوى جُثمانيَ المملوءُ عِشقاً
لِمعشوقٍ لهُ كُلّي إنتماءُ
شهيدُ الحبِّ تحملُني ورودٌ
بلا نعشٍ يُشيّعني الولاءُ
أتوقُ لكربلاء فلهفَ نفسي
تُقطِّعُني بشوقِها كربلاءُ
ففيها مَن تُقدّسهُ المنايا
فإنَّ لها بمصرعهِ بقاءُ
وفيها نحرُ مَن ذَبَحَ السيوفا
وطافَ بقُدسِ محورهِ الإباءُ
فطَأطأتِ الرؤسُ لهُ إنحناءاً
وصلّى في نَواصيها الحَياءُ
وفيها مَن أذاقَ الموتَ رُعباً
ففاضَ عليهِ من دَمهِ رِداءُ
وفيها مُحمّدٌ أضحى قتيلاً
وقد قُتِلت بقتلهِ أوصياءُ
وفيها ثأرُ مَن خلقَ البرايا
وفيها الحشرُ بل فيها الجزاءُ
فما أدراك مافيها وفيها
حُسينٌ قد بَكتهُ الأنبياءُ
.....
*الذُكاء: الشمس.
*مِدْره : مَن لاتعترضُ
لسانهُ عُقدةٌ ولايتحيّفُ بيانهُ عُجمة.
* مِصقَع : لسانُ القوم والمتكلم عنهم .
....
أبو ياسر الكعبي