بسم الجبّار القهّار...
مازالَ وجهُ الماءِ يَغسلُهُ الدَمُ
وعلى ضِفافِهِ قِربَةٌ تَتَكلَّمُ
المَوجُ يَنحَتُها قلوبَ فَجيعةٍ
ظَمآى ، يَطوفُ بها وماؤُهُ عَلقَمُ
تَمتَدُّ تأريخاً تَلاقَفَهُ المَدى
تاها بِضِفَّتِها الفُراتُ وزَمزَمُ
جُرحٌ يَطِلُّ على الذُرى من ثَغرِهِ
ثَغرُ البطولةِ والإبا يَتَبسَّمُ
وعلى جَبينهِ جرحُ ألفِ نُبوَّةٍ
بَيضاءَ يَحمِلها المَسيحُ وآدَمُ
جرحٌ على شَدقيهِ بسمَةُ عاشِقٍ
صَلَّت عليهِ مَعاجِمٌ وطَلاسِمُ
هُوَ مِصحَفُ العُشاقِ والوِترُ الّذي
آياتُهُ لُغَةَ الغرامِ تُترجِمُ
خَرَّت لَهُ قِمَمُ المَعاليَ سُجَّدا
في وَجنَتَيهِ من الوفاءِ مَلاحِمُ
ما أنْ أجالَ الى السماءِ بِرأسهِ
فامتَدَّ من بينِ الكواكِبِ سُلَّمُ
وإذا بِوَحي الطفِّ يَهبطُ مُنزَلاً
يتلو بآياتِ الفِدا ويُتَمتِمُ
ماماتَ مَن مَلأَ الوجودَ فَضائِلاً
الموتَ ماتَ ولم يَزَل هُوَ قائِمُ
هاذي الطفوفُ عَصِيَّةٌ ومَهيبَةُ
والخُلدُ في لألاءِها يَتَرنَّمُ
في سورةِ العبّاسِ أُنزِلَ فَتحُها
وأتَت مع الفَتحِ العظيمِ عَوالِمُ
تحكي لنا قِصصَ الإباءِ بكربلا
وتُعَلِّمُ الأجيالَ مالايعلموا
وتَخُطُّ فَوقَ الشمسِ صَفحةَ مَجدهِ
تَهَبُ الكرامةَ للحُقاةِ وتُلهِمُ
وتُعلِّمُ الأحرارَ أنَّ دِمائَهُمْ
للمُعدَمينَ بوجهِ ثورَتِها فَمُ
وتَدورُ حَولَ الأرضِ دَورةَ ثائِرٍ
لَتَدُكَ عرشَ الظالمينَ وتَهدِمُ
الشامِخات بَنى عَظيمَ صُروحِها
مازالَ في أفلاكِها يَتَحَكَّمُ
حُفِرَ الوفاءُ بصَحنِ خَدِّهِ بَيرَقٌ
كي يَهزِمَ الدهرَ الذي لايُهزَمُ
تمضي العصورُ وكُلُّ عَصرٍ مُهْطِعٌ
لَهُ رأسُهُ ،وبِخَدِّ تُربِهِ يَلثمُ
تأتي الدهورُ مُسَيِّرٌ لرِكابِها
تَجثو بجَنَّةِ رَحبَتَيهِ وتَجثمُ
الزائرونَ جَحافٍلٌ في صَحنهِ
وأرى ضَريحَهُ فارِساً يَتَقَدَّمُ
إنْ عُدَّتِ الثورات فَهوَ نَشيدُها
أو عُدَّ أهلُ العِلمِ فَهوَ مُعَلِّمُ
مازالَ صوتُهُ مُستَطيراً هادِراً
يلوي بأفواهِ العُتاةِ ويُلجمُ
فالتَسجُدِ الأزمانُ إجلالاً لهُ
وَلتَخرسِ الأفواهُ (إن نطق الدَمُ)
صَلّى عليهِ اللهُ في مَلكوتِهِ
والعرشُ كبَّرَ والمَلائِكُ سَلَّموا
...
أبو ياسر الكعبي