بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قد يكون سبب الإلحاد عند بعض الملحدين عائدا إلى القياس الخاطئ؛ كمن ينفي وجود الله لعدم انتقامه ممن يسبه ويستهزئ به وبكتابه وبرسوله، ويسمي هذا عجزا، تعالى الله عن ذلك.
وهذا الخطأ ناتج عن قياس الخالق بالمخلوق، فيرى أن الإنسان إذا سبه أحد أو قدح فيه، انتقم منه ليشفي غليله من الأذى الذي يجده في صدره، وهذا يعود لعدم إدراكه أن ردة فعله هي نتيجة برمجة تلقائية من تجاربه اليومية، ويمثل فيها جانب المقارنة مع أترابه من البشر دورا كبيرا، فهو يقارن نفسه مع الآخرين الذين يخطئون في حقه وكذلك مع الآخرين الذين لم ينلهم هذا الضرر فيشعر بالظلم النسبي، أما الأمر في شأن الخالق فهو يختلف كثيرا، وهذا هو موضع الخطأ، فالله لا يتضرر من أحد سبحانه، بل الخلق أهون من أن يضروه بشيء.
وربما نظر الإنسان، ولله المثل الأعلى، إلى نفسه تلدغه البعوضة وتهرب فيتركها ولا يتبعها ليقتلها لأنه يرى أنها لا تستحق من مثله عقلا وبشرية أن ينتقم منها، لهوانها وعظمته، حتى ولو رأت البعوضة عند نفسها أنها منتصرة.
والإنسان هو وجميع البشر والدنيا كلها لا تعدل عند الله جناح بعوضه، كما ورد في الحديث: "لو كانت الدنيا عند الله تعدل جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء".
الجانب الآخر في هذا الأمر هو تحقيق الامتحان، فالبشر هنا في هذه الدنيا هم في دار اختبار، وصاحب الفجور في حق الناس أو في حق خالقه يكون عقابه مرصودا ومتحققا في وقت الجزاء وليس في وقت الامتحان. على أن الله قد يعجل عقابه لمن يشاء، لكن الأصل هو أن الجزاء يكون في دار الجزاء.
والأمر ليس فيه أسرار أو ألغاز، فالقرآن و الأحاديث المروية فيهما الكثير من الإشارات لهذه الحقائق.