،،،،
بي بي سي عربي
استطاع علماء بريطانيون للمرة الأولى تعديل البصمة الوراثية المعروفة بالحمض النووي لأجنة بشرية. وكشف فريق علماء تابع لمعهد "فرنسيس كريك" بدراسته عن أسرار جديدة للحظات الأولى في حياة الإنسان. وقد تمهد دراسة ما يحدث بعد إخصاب حيوان منوي لبويضة السبيل لتحسين عمليات الإخصاب الصناعي أو تفسير سبب حدوث حالات الإجهاض. وتم تعديل الأجنة بعد فترة قصيرة من حدوث الإخصاب وتركت في طور النمو لسبعة أيام قبل أن يشهد العلماء أحد أكثر التحولات إثارة للدهشة.
وتعتبر أولى خطوات هذه الرحلة أهم الخطوات على الرغم من افتقارنا لكثير من المعلومات عنها. وتسمح خطوات تعديل الحمض النووي بانتقاء جين وراثي معين يعتقد أنه يحمل أهمية حيوية. وتعد أبسط الطرق الرامية لاكتشاف شئ هو دراسته بمفرده. ويستخدم العلماء أداة تعديل الجينات الوراثية "كريسبر-كيس 9" لتنقية مليارات الحروف للشفرة الوراثية وتحديد هدفها الوراثي واختراق الحمض النووي بكفاءة.
واستعان العلماء بنحو 41 جنينا تبرع بها أزواج ليسوا بحاجة إليها للإخصاب الصناعي. وخلال السبعة أيام الأولى ينمو الجنين الطبيعي من خلية واحدة إلى نحو 200 خلية. كما يمر بالخطوات الأولى لتنظيم نفسه وتحديد وظائف خاصة للخلايا المختلفة. ويكوّن الجنين جسما كرويا يطلق عليه اسم "الكيسة الأريمية" تحوي على بعض الخلايا الخاصة لتكوين المشيمة والحويصلة السُرّية وأشياء أخرى. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يعدّل علماء مجموعة من الأجنة البشرية للإجابة عن أسئلة أساسية في علم الأحياء. وقالت كاثي نياكان -مشرفة على الفريق بمعهد كريك في لندن- لبي بي سي :"عندما تبين لنا أن طريقة العمل فعّالة، انتبانا شعور بالسعادة بشأن إمكانية أن يفتح لنا ذلك أبوابا للمعرفة". وأضافت: "يمدنا هذا البحث الرئيس بأسس معرفية عن المراحل الأولى لنمو الإنسان". وقد يساعد الفهم العميق للحظات الأولى في حياة الإنسان في تفسير بعض المفاهيم الخطأ عن العقم. ولا تستطيع هذه الدراسة -التي نشرتها دورية "نيتشر"- تفسير ما يحدث خطأ أو تحديد سبب الإجهاض. وقد تسهم دراسة الجينات التي يعتقد في أنها تلعب دورا مهما في بداية حياتنا، في إحراز تقدم.
جدل أخلاقي
تعتبر هذه التجارب قانونية في بريطانيا منذ عام 2008، إذ يمكن تعديل هذه الأجنة لمدة 14 يوما طالما أنها غير مزروعة. وعلى الرغم من كون هذه التكنولوجيا تجيب عن أسئلة علمية أساسية، تسعى بعض المجموعات البحثية الأخرى إلى عزل الجينات التي تسبب أمراضا. وقالت سارة تشان -باحثة في الكيمياء الحيوية بجامعة إدنبره- لبي بي سي :"لا أعتقد أن هذه الدراسة قد تثير أي مخاوف أخلاقية". وأضافت :"من الواضح أن الهدف من الدراسة هو خدمة العلوم الأساسية، وليس بهدف تخليق إنسان معدل وراثيا". وقالت :"إذا استطعنا يوما ما استخدام جين معدّل في أجنة بشرية لأغراض طبية، فسوف تكون الفائدة المرجوة عظيمة، لكن قبل أن نتخذ خطوة واحدة، نرغب في التأكيد على مشاركتنا في حوار فعلي وعام واسع النطاق بشأن القضايا الأخلاقية". وقال روب باكل، كبير المسؤولين العلميين بمجلس البحوث الطبية البريطاني :"تكنولوجيا تعديل الجينوم لها تأثير تبادلي الأدوار فيما يتعلق بقدرتنا على فهم وظيفة الجينات البشرية الأساسية". وأضاف :"على الرغم من تطور أساليب تعديل الجينوم، فمن بالغ الأهمية مواصلة هذا العمل داخل إطار تنظيمي قوي وقابل للتكيف حتى يمكنه تحقيق إمكاناته الكاملة بطريقة علمية وأخلاقية وقانونية.
،،،،