ربما لم أبُحْ قبل ذلك بشيءٍ عن هذه القصة، ثمة أمورٍ لو انفكَّ محبسُها وسالَتْ منك ستُجَفِّفُكَ للأبد، علمتني هذه القصةُ تحديدًا أنك لا بد أن تظلَّ رطبًا ببعضِ الأسرار.
لم تكن علاقتُنا تدور حول قدسيةٍ صدَّعَتْنا بها القصص، من جانبي على الأقل، أنا رجلٌ طبيعي، يؤمنُ بالقوامة، بما يُستحقُّ منها وما يستَحَقُّ عليها والله، ثمة ظلمٍ كبيرٍ للَّفظِ مؤخرًا.
نهايته! لي عقلٌ غريبٌ بعض الشيء، صعلكتُه في ملاعبِ الكرةِ لا يعادلها شيءٌ إلا أرستقراطيتُه في حفلاتِ الأوبرا وتقواهُ في دروس المساجد، عقلي مذياعٌ يشتغلُ بالتلكيكِ وعضِّ البطاريات ومرميٌ في شرفةِ دورٍ أرضيٍ في شارعٍ زحمة؛ لكن سحره في السلطنة لا يُعَوَّض، أي والله، يا بخت القريبين مني! أصبُّ لك شايًا؟
على راحتك.. لي رجولةٌ تشتهي، أنا لستُ قِدٍّيسًا بطبيعةِ الحال، القِدٍّيسون لا ينجبون في الغالب، وأنا من أنصارِ العِزوة في الحقيقة، تأخُذْ نفسًا؟
كما تحب، نرجعُ لمرجوعِنا، كنتُ أتحدثُ عن نفسي، اه، لم نتفق لأنها.. لا أعرف عن "لأنها".. أجيدُ التحدث أكثر في "لأني".. أظن هذا شيئًا محمودًا في أيامٍ كتلك لا يقولُ أحد فيها "لا أعرف".. هذا أيضًا من مميزاتي التي راحَتْ عليها، مسكينة، كما.. انتظر، بعد الأذان.
أعرفُ أني أحبها، بالمعنى "البلَدي" للحب، يعني أديرُ حوارًا طويلًا معها عن خوفِها من العتمة، لا أنكرُ أنني كنتُ أزيدُ المخاوفَ بعض الشيءِ بنسجِ قصصٍ عن بلاوي تحدثُ للمؤرَّقين في الظلام، أنا جيدٌ بعض الشيء في نسج القصص، لكن والله -وما لكَ عليَّ حلفان- لم أكن أُنهي المكالمةَ وأقولُ سلامًا إلَّا وكلُ الأشباحِ عاقدةٌ معي هدنة، بل ومتعهدةٌ بحمايتها، ألا يكفي هذا من شخصٍ مثلي كمؤشِّرٍ للحب؟
م