سقوط العقوبة في الأحكام الغيابية :
أ- في مواد الجنح والمخالفات:
تنص المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنوات وفي مخالفة بمضي سنتين،وتبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ، إلا إذا كانت العقوبة محكوما بها غيابيا في جناية فتبدأ المدة من يوم صدور الحكم ".
تسري مدة سقوط العقوبة من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، والحكم النهائي هو الذي يصدر من محكمة الاستئناف سواء كانت الواقعة جناية أو جنحة أو مخالفة حسب الأحوال، كما يكون الحكم نهائي بصدوره من محكمة الجنح أو محكمة الاستئناف إلا أن المحكوم عليه لم يطعن فيه حسب الطرق والمواعيد المقررة قانونا.
أما بالنسبة للأحكام الغيابية في الجنح والمخالفات فيجب أولاً إعلان المحكوم عليه بالحكم ، ثم تبدأ مدة السقوط بعد انتهاء ميعادي المعارضة والاستئناف المبينة في القانون أو صدور حكم نهائي في الدعوى ،فإذا لم يعلن المحكوم عليه غيابياً بالحكم فلا مجال لبحث سقوط العقوبة لأن الحكم لم يصبح نهائيا، فتحسب مدة انقضاء الدعوى العمومية 2 فالمادة(15) من قانون الإجراءات الجزائية بينت حالات انقضاء الدعوى العمومية ومنها صدور حكم نهائي في الدعوى، وهنا لم يصبح الحكم نهائيا وبالتالي تحسب المدة المنصوص عليها في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي مضي ثلاث سنوات في الجنح و سنة في المخالفات من يوم وقوع الجريمة.
إلا أن إجراءات المحاكمة المتخذة قطعت هذه المدة التي بدأت من يوم وقوع الجريمة، فيعتبر أخر إجراء قاطع للمدة هو الحكم استنادا لنص المادة(18) من قانون الإجراءات الجزائية.
فالحكم الغيابي يعتبر مجرد إجراء من إجراءات الدعوى ، والتقادم الذي يسري اعتبارا من تاريخ صدوره هو تقادم الدعوى العمومية دون تقادم العقوبة 2 أما إذا أعلن المحكوم عليه بالحكم الغيابي ولم يعارض الحكم وفوت ميعاد الاستئناف فتبدأ مدة سقوط العقوبة كون الحكم أصبح نهائياً .
ويرى الباحث أن هذا الرأي يجانب الصواب ، إذ لو طبقت المادة (328) من قانون الإجراءات الجزائية باعتبار أنه إذا لم يصبح الحكم نهائياً فلا يمكن احتساب مدة سقوط العقوبة ، فسنرى أن الأحكام الصادرة غيابياً في الجنايات المقضي فيها بالإعدام والسجن المطلق تسقط بمضي المدة ، أما في الجنح فلن تسقط كون الحكم لم يصبح نهائياً وستظل الأحكام تلاحق المحكوم عليه حتى إعلانه بها وهو ما لا يتوافق مع مبادئ العدالة والمنطق ، كما أنه جرى العمل على ذلك في المحاكم المصرية وفقاً للأحكام الصادرة من محكمة النقض.
ب- في مواد الجنايات:
استثنى المشرع الأحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنايات في حساب المدة فهي تبدأ من يوم صدور الحكم ، فالعقوبة المحكوم بها في الجنايات تسقط بمضي عشرين سنة إلا عقوبة الإعدام فبمضي ثلاثين سنة من تاريخ صدور الحكم.
وعلة المشرع في ذلك انه أراد المساواة في سريان مدة سقوط العقوبة بين المتهم الحاضر والمتهم الغائب، إذ لو طبقا القاعدة المبينة في مواد الجنح والمخالفات ،فإن المحكوم عليه سيستفيد من مدة تقادم الدعوى العمومية المبينة في المادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية وهي عشر سنوات في الجنايات عموما وعشرين سنة في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق،ومن أجل ذلك قضى القانون بأن المحكوم عليه غيابيا في جناية لا يمكنه الاستفادة من نظام سقوط الدعوى العمومية بل من نظام سقوط العقوبة شأنه شأن الحاضر ، فتبدأ مدة السقوط من تاريخ صدور الحكم الغيابي