اطلع على. .. اماكن القراءة في الناصرية أيام زمان
مركز التضامن للإعلام
أماكن القراءة :
كانت القراءة في تلك الفترة من سنة 1940م فما فوق الشغل الشاغل لكل شباب المدينة لعدم وجود وسائل ترفيهية كالوقت الحاضر ( التي قضت على هواية القراءة) ، فلم يبق لدينا سوى القراءة، منها قراءة ومراجعة المناهج الدراسية ويصحبها قراءة (الروايات والكتب الأدبية والدينية والسياسية) التي صدرت بكثرة في تلك الفترة ، والتي كانت سائدة في تلك الفترة، مما أدى إلى ازدياد النهم في القراءة بكثرة، وكما قيل (ان الكتاب يكتب في مصر ويطبع في لبنان ويتم قراءته في العراق) ، فما تجد من أحد إلا وبيده كتاب ونادر أن تكون الأيدي فارغة منه، ولهذا فأن الأجواء في المدن وبيوتها لا تسمح لنا بالمكوث فيها للقراءة، وذلك لأنها ضيقة ومزدحمة بالساكنين، وكذلك كان الضجيج يرافقها، لهذا كان التوجه الى الدراسة والقراءة في الأماكن التالية :
1- منطقة الكورنيش:
وهو يأخذ حصة الاسد في تواجد الشباب فيه لوجود الأشجار والبساتين ومصاطب خشبية أو على سياج الشط (المسناية) مع نسمات الهواء العليل الذي يملأ منطقة الشط، وكذلك الأشجار الضخمة التي تملأ الأرصفة وظلالها الوافر في منطقة بيت الحاج زامل وبيت المحافظ القديم او تحت ظلال البيوت المشرفة على الكورنيش. مثل بيت الدكتور مصطفى محمود (مدير مستشفى آنذاك) والذي تحول إلى فندق الجنوب أو تحت ظلال بيوت حاج طالب أو حاج فليح المدو أو بيت الحاج الحميضي أو دار الاستراحة أو دائرة الاسالة.
2- تحت جسر النصر الحديدي :
ولجسر النصر فائدة، لوفرة الظلال والهواء البارد حتى أننا كنا نستقل القواعد الحديدة للجسر أو تحت الدرج أو فوق (القواعد اكونكريتية) الحاملة للجسر وصولا الى منتصف النهر، فتصبح ما بين سطح الماء وتحت الجسر متخذين من القواعد الكونكريتية منتجعا لنا.
3- في البساتين :
الموجودة على الشاطئ لصوب الشامية المقابلة لبيت المحافظ القديم والواصلة من جسر النصر الحديدي إلى المتنزه، والتي كانت عبارة عن بساتين عامره بالخضروات والنخيل وشاطئ مملوء بزراعة الخس وأشجار (النبق) وتوجد فيها محطة قطار قديمة وبيوت سكنية لعمال القطار، وكذلك خزانات وقود، وقد حل محلها الآن بناية المحافظة الجديدة ومدينة الألعاب ومقر عسكري وجسر الزيتون.
4- المتنزه :
لقد كانت انشاء المتنزه من قبل رئيس البلدية الأستاذ (شاكر الغرباوي) خدمة جليلة لهذه المدينة العزيزة التي أحبها بشكل لايوصف ونذر نفسه في خدمتها، فهذه المتنزه هي مظهر من المظاهر المدينة لقضاء أجمل الأوقات فيها، لكثرة أشجارها ونخيلها وزرعها، وتم نصب (سينما صيفي) فيها وبحيرة تحوي مئات من طيور مائية جميلة (البط والبش والخضيري)، وكذلك الأسماك، فهي خير مكان لقضاء أوقات القراءة فيها، وأن سيقان أشجارها خير شاهد على ذلك لأن معظمها تحمل نقوش اسماءنا وتواريخ تواجدنا تحتها للقراءة، فكل سيقان الأشجار لها وشم خطتها أيدي شباب المدينة التي درست تحت ظلالها الوافر في تلك الفترة الزمنية.
5- المكتبة العامة :
وأخيرا كانت بناية المكتبة العامة نعمة لا توصف لنا في تلك الفترة، لوجود المصادر والكتب المختلفة فيها والهدوء وراحة الجلوس ووسائل راحة القارئ، وقد خدمت شباب المحافظة بشكل كبير، وتقع هذه المكتبة في موقع ركن ما بين البلدية وبناية البريد القديم ومقابل بناية المحافظة القديمة، وقد كان في خلفها في اول الامر (نادي الموظفين ومرافق عامة مقابل البلدية، وقد تم هدم المكتبة وحل محلها حديقة تحمل (تمثال الحرية لامرأة) في وسط حديقة وفيها مقهى عامرة بالناركيلة (فأين الناركيلة القاتلة من الكتاب منور العقل).
من كتاب الوقائع المنسية لمدينة الناصرية
للمؤلف محمد رحيم حسين الجوراني
ص 326 ص327 ص328 ص329