عندما نجد فرعاً كاملاً في علوم التنمية البشرية وعلم الإدارة يسمى فن اكتساب ثقة الآخرين، نعلم يقيناً أن هذا المجال بحث فيه عشرات بل مئات من المتخصصين، ووجدوا أن هناك عوامل حقيقية تم اختبارها، ووجدوها تؤثر فعلاً في حجم الثقة التي يكتسبها كل شخص من الناس المحيطين به، فكثرة الكذب تفقد الإنسان ثقة الآخرين فيه، واعتياد الصدق يكسب الشخص قدراً من الثقة أعلى وأعلى، والتي نسميها المصداقية، وهي الصفة اللصيقة بشخص اكتسب ثقة الناس من اعتيادهم على صدقه في القول وفي الوعود.
فن اكتساب ثقة الآخرين
تقول الدكتورة سناء الجمل، خبيرة التنمية الذاتية: "الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش وحده، ولهذا فهو يحرص دوماً على جذب المزيد من الأشخاص حوله؛ حتى يتمكن من الاستمتاع بحياته معهم، ولتفعيل ذلك عليك:
– التواصل بالعينين
أول خطوة عليك القيام بها لتجعل الشخص الذي أمامك يثق بك، هو أن تتواصل معه بالعين بشكل عميق، وذلك لأن هذا يعطيه الشعور بالأمان، وبأنك متنبه لما يقوله.
– السؤال
يرى الكثيرون أن الحكمة في الصمت، وليس في الكلام، لكن حين تتحدث مع أحد، ويحكي لك شيئاً خاصاً به، تكون الحكمة في السؤال أكثر من الكلام، بمعنى أن تحاول معرفة التفاصيل، ولا تبدأ في الحديث والنقد؛ لأن السؤال يجعل الطرف الآخر يشعر باهتمامك لمعرفة ما يدور برأسه وليس فقط التنظير، ما يعني أنك محل ثقة.
- لديك أصدقاء مشتركون معهم
من الأمور التي تساعد على اكتساب الكثير من الصداقات وزيادة وتقوية وتمتين هذه الصداقات، وكسب ثقة الآخرين أن يوجد العديد من الأصدقاء المشتركين، هذا الأمر يعطي انطباعاً ولو قليلاً بالمعرفة والتقارب، وأن هناك سمات مشتركة، هذا الأمر تخلقه طبيعة العلاقة مع الأصدقاء الآخرين، وهو ما ليس بمتوفر في العلاقة التي تتكون بصورة فردية، وبالتالي فهي عملية تساعدك على تخطي نقطة أخرى، ودرجة أخرى، أما الثبات على ذلك فهو بسيط، راجع صفحتك الشخصية على موقع الفيس بوك (facebook)، وراقب عملية قبول الأصدقاء لديك على الصفحة بين الأشخاص الذين يبعثون لك طلب الصداقة، بين من هم مشتركون مع أصدقاء آخرين، وبين من لم يسبق لك معرفتهم، ستجد أنك تراسل وتقبل صداقة أولئك الذين لديك معهم أصدقاء مشتركون بصورة أسرع من أولئك الآخرين، العملية هي أن قبولك بالشخص الأول وثقتك به تتيح لك أن تثق بالآخر الذي يرغب بصداقتك هو الآخر، ولهذا فإن الثقة تنمو بينكما بسهولة أكبر.
- مرآة للغة الجسد لكسب ثقة الآخرين
لا يمكن لأحد أن يتكلم في أيامنا الحاضرة عن علم الاجتماع دون أن يتطرق بشكل أو آخر إلى الحديث عن لغة الجسد، فأصبح هذا العلم القائم بذاته مدرسة في التواصل بين الأشخاص، أياً كانت الغاية من التواصل، فالسياسي يدرس لغة الجسد التي يؤثر فيها على الجمهور مع لغة الخطابة، والمحامي كذلك، وكذلك من يرغب بالتعامل مع الأصدقاء فعليه أن يتقن أن ينقل إليهم لغة الجسد، وكذلك قراءة لغة أجسادهم ومحاكاتها، ولهذا إذا كنت تجلس مع أحد الأصدقاء وترغب في التقرب إليه أكثر والوصول إلى الثقة الكبيرة معه، فكل ما عليك أن تقوم به هو محاكاته فيما يفعل، فإذا كنتما جالسين على طاولة معينة، يمكن لك التواصل معه عبر حركاته، إذا وضع يده على خده قم بذات الحركة لاحقاً وبطريقة غير مباشرة، أسلوب إلقائه للكلمة، أسلوب تحريك عينيه، هي أمور على بساطتها تعطي نتيجة جيدة؛ كونها تعني للطرف الآخر أن هذا الشخص يماثله في بعض التصرفات وقريب إلى طباعه وخصاله، وبالتالي أقرب إلى الثقة.