أمَّا الحدود الجنوبيَّة الشرقيَّة للدولة العثمانيَّة في زمن الفاتح فكانت برِّيَّة، وهي إمارتان تركمانيَّتان؛ هما إمارة ذي القادر، وإمارة بني رمضان، وهي إماراتٌ تفصل الدولة العثمانيَّة عن دولة المماليك في الشام، وكانت دولًا حاجزة بين الدول الكبرى Buffer states، وبسبب هاتين الإمارتين وكذلك إمارة قرمان، توتَّرت العلاقة بين المماليك والعثمانيِّين، وهذا يحتاج إلى شيءٍ من التفصيل.
بعد سقوط دولة سلاجقة الروم انقسم الأناضول إلى عدَّة إمارات منفصلة، وكانت كلُّ إمارةٍ تبحث عن أحد الأقوياء في المنطقة الذي يُمكن أن تُعطي له الولاء، في مقابل أن يقوم هذا القويُّ بحمايتها، واختارت ثلاث إماراتٍ من هذه الإمارات الجديدة أن يكون ولاؤها للمماليك؛ وهي إمارات: قرمان ، وذو القادر، وبنو رمضان. وهي الإمارات الواقعة في الجنوب الشرقي من الأناضول، ويرجع اختيارها للمماليك إلى الوضع الجغرافي أوَّلًا؛ لأنَّ المماليك كانوا يُسيطرون على الشام كلِّه وأجزاء من جنوب شرق الأناضول، وبالتالي فهم قريبون جدًّا من حدود هذه الإمارات الثلاثة، كما يرجع اختيارهم للمماليك إلى الظروف التاريخيَّة التي نشأت فيها كلُّ إمارة؛ حيث كان المماليك موجودين بالأناضول لعمليَّاتٍ عسكريَّةٍ خاصَّةٍ بهم، بل إنَّ إمارة ذي القادر كانت هبةً من المماليك لمؤسِّس الإمارة زين الدين بن قراجا نتيجة حسْن بلائه في معركة من معارك المماليك[1]،[2].
هذه الإمارات الثلاثة كانت إمارات تركمانيَّة، بمعنى أنَّ أهلها كلَّهم من الأتراك، ولكنَّهم ليسوا من العثمانيِّين، بل على العكس، كانت لهذه الإمارات نظرات توجُّسٍ من ناحية الدولة العثمانيَّة؛ نظرًا إلى نموِّ الأخيرة بمعدَّلاتٍ سريعة، خاصَّةً إمارة قرمان أقوى إمارات الأناضول قبل ظهور العثمانيِّين.
كانت العلاقات بين العثمانيِّين والمماليك قليلةً وهادئة خلال القرن الأوَّل من نشأة الدولة العثمانيَّة، ولكن توتَّرت العلاقات فجأة في زمن بايزيد الأول الشهير بالصاعقة، وكان سبب التوتُّر هو طموح بايزيد الصاعقة في التوسُّع في الأناضول على حساب الإمارات الأخرى، غير آبهٍ بولاء هذه الإمارات لدولٍ كبرى مثل دولة المماليك.
نتج عن هذه الرغبة التوسُّعيَّة ضمُّ إمارة قرمان إلى الدولة العثمانيَّة في عام 1397م، ثم اجتياح إمارة ذي القادر وضمُّ عددٍ كبيرٍ من مدنها إلى العثمانيِّين في 1398م، ومِنْ ثَمَّ أعلنت الإمارة ولاءها للدولة العثمانيَّة عام 1399م، بل فعل بايزيد الصاعقة ما هو أكثر من ذلك؛ إذ ضمَّ مدينة ملطية للدولة العثمانيَّة، وهي المدينة التي تُدار بشكلٍ مباشرٍ بالمماليك؛ أي أنَّه تعدَّى على حدود الدولة ذاتها وليس فقط على حدود الإمارات الموالية لها[3].
والواقع أنَّني أرى أنَّه مهما كانت مسوِّغات بايزيد الصاعقة لهذه الإجراءات فإنَّها غير مقنعة؛ حيث أدَّت هذه العمليَّات الجبرية إلى إحداث شرخٍ بين الدولتين لا يُصْلَح مع مرور الزمن، وأكثر من هذا أنَّ هذه العمليَّات أكَّدت المخاوف التي لدى المماليك من نموِّ العثمانيِّين، وأنَّ المستقبل قد يحمل هجومًا عثمانيًّا صريحًا على دولة المماليك ذاتها في الشام ومصر، وليس في الأناضول فقط، ولعلَّ هذه الأحداث جعلت المماليك يستدعون قول سلطانهم الأسبق الظاهر برقوق ، الذي قال فيه عندما سأله الناس عن مخاوفه من الزعيم التتري الخطر تيمورلنك: «لا أخاف من اللنك، فإنَّ كلَّ أحدٍ يُساعدني عليه، وإنَّما أخاف عثمان»، وذكر ابن حجر العسقلاني رحمه الله أنَّه سمع ابن خلدون مرارًا يقول: «ما يُخشى على مُلْكِ مصر إلَّا من ابن عثمان»[4].
ومع هذا التوتُّر الذي حدث في أخريات القرن الرابع عشر الميلادي، إلَّا أنَّ الله أراد هدوءًا بين الدولة العثمانيَّة والمماليك لمدَّة نصف قرنٍ كاملٍ بعد ذلك، وذلك رغمًا عن إرادة الطرفين! والسبب أنَّ هجمة تيمورلنك على الدولة العثمانيَّة عام (804هـ= 1402م) أدَّت إلى انهيارها انهيارًا شبه كامل، وبالتالي خرجت الإمارات الأناضوليَّة من تبعيَّتها، وعادت مواليةً للمماليك بشكلٍ تلقائي، ثم لمـَّا استعادت الدولة العثمانيَّة عافيتها في زمن السلطان محمد چلبي بن بايزيد الصاعقة، لم يشأ هذا السلطان الحكيم أن يُعيد تجديد المشكلات التي أحدثها أبوه قبل ذلك، فأقام علاقات ودٍّ مع هذه الإمارات، وكانت طريقة المصاهرة هي أحد أنجح طرق التواصل في هذا الزمن؛ فتزوَّج محمد چلبي ابنة الأمير سولي بك أمير ذي القادر، وعلى الطريق نفسه سار السلطان مراد الثاني بن محمد چلبي؛ فزوَّج خمسة من كبار رجال دولته لخمس بنات من إمارة ذي القادر، وكانت أهم هذه الزيجات هي زواج محمد الفاتح من ست شاه مكرمة خاتون Sitti Şah Hatun (Mükerreme)) ابنة سليمان بك أمير ذي القادر، وكان هذا الزواج قبيل وفاة مراد الثاني بقليل، أي في بدايات عام (855هـ= 1451م)، وبعدها صار محمد الفاتح سلطانَ الدولة العثمانيَّة[5].
في النصف الأوَّل من عهد الفاتح كانت العلاقات على هدوئها السابق بين الدولتين، بل أظهر المماليك الفرح بفتح القسطنطينية، وإن كان علوُّ نجم العثمانيِّين أثار مخاوف المماليك من جديد، وقد ظهر ذلك في غضب سلطان المماليك خشقدم من طريقة رسول الفاتح في تقديم التحيَّة له؛ حيث لم يتحدَّث على النحو الذي اعتاده من التوقير المبالغ فيه، كما لم تأتِ رسالةُ الفاتح مكتوبةً بالطريقة التي يُخاطَب بها السلاطين المماليك، وكان ذلك في عام (868هـ= 1463م)، وكان هذا بداية توتُّرٍ يسيرٍ بين الدولتين ما لبث أن ازداد[6]، ومع ذلك فقد مرَّت هذه الأزمة الصغيرة بسلام، وتجاوزت الدولتان الحدث، لكن حدث تفاقمٌ كبيرٌ في العلاقات بعد ذلك بعامين، وتحديدًا في (ربيع الأوَّل عام 870هـ الموافق نوفمبر 1465م)، وذلك عندما قُتِل ملك أرسلان أمير ذي القادر [7]، (ويُكتب في بعض المصادر: ملك أصلان) في مدينة البستان Elbistan، عاصمة إمارته، وهي مدينة الأبلستين نفسها كما ورد في بعض المصادر، وكان رسوله في القاهرة آنذاك يطلب من المماليك نجدةً لحرب السلطان أوزون حسن الذي احتلَّ مدينة خربوت (الآن اسمها معمورة العزيز Elazığ)؛ حيث خلا منصب أمير الإمارة، فتطلَّعت الدولتان، المملوكيَّة والعثمانية، لتعيين خَلَفٍ للأمير المقتول، وكانت كلُّ دولةٍ ترغب في أن يكون الأمير الجديد مواليًا لها.
والحقيقة أنَّني أرى أنَّ هذا الموقف هو من أكبر أخطاء الفاتح في كلِّ قصَّته! بل أكبر من ذلك ما حدث من تداعيات نتيجة هذا الموقف، وقبول الفاتح بهذه التداعيات!
فالذي حدث هو أنَّ سلطان المماليك خشقدم اختار أحد إخوة الأمير المقتول ملك أرسلان -وهو الأمير شاه بوداق- لولاية إمارة ذي القادر خلفًا لأخيه، واختيار سلطان المماليك لأمير ذي القادر أمرٌ طبيعي؛ لأنَّ الإمارة تابعةٌ للمماليك منذ نشأتها، بل كانت الإمارة كلُّها هديَّة من سلطان المماليك لمؤسِّس الإمارة كما بيَّنَّا، ولم تنتقل إلى تبعيَّة العثمانيِّين إلَّا ثلاث سنوات فقط من عام 1399م إلى عام 1402م، ثم عادت إلى تبعيَّة المماليك بعد كارثة أنقرة (1402م)" (804هـ= 1402م)، ولهذا فإنَّ تعيين أمرائها يعود بشكلٍ تلقائيٍّ لدولة المماليك، ولكن بعد مقتل ملك أرسلان، وبعد تعيين السلطان خشقدم لأخيه شاه بوداق، دعم محمد الفاتح أخًا ثالثًا للأخوين، وهو شاه سوار؛ وذلك ليُطالب بعرش إمارة ذي القادر، وهو يدين بالولاء للدولة العثمانيَّة[9].
هنا حدث الصراع الذي ما كنَّا نتمنَّى حدوثه! لقد حدث الصراع بين شاه بوداق مدعومًا بالمماليك، وبين أخيه شاه سوار مدعومًا بالدولة العثمانيَّة، فسيطر شاه بوداق على مدينة مرعش (Kahramanmaraş) جنوب الإمارة، وسيطر شاه سوار على مدينة البستان، وهي في شمال إمارة ذي القادر [10].
هكذا دار الصراع بين الأخوين، وهو في الحقيقة بين الدولتين الكبيرتين؛ المماليك والعثمانيَّة، ولكن بشكلٍ غير مباشر، وانتهى الأمر بفرار شاه بوداق في (871هـ= 1466م)، وسيطر شاه سوار الموالي للعثمانيِّين على كامل الإمارة[11].
غضب السلطان المملوكي خشقدم جدًّا لهذا الإجراء، وعزم على استرداد الإمارة، لكن لم يُمهله الموت؛ إذ تُوفِّي في العام التالي عام (872هـ= 1467م)، وحدث بعده اضطراب في دولة المماليك، فتولَّى الظاهر سيف الدين بلباي مدَّة شهرين فقط، ثم تولَّى الظاهر تمر بغا الرومي شهرين آخرين، وأخيرًا تولَّى السلطان القوي الشهير قايتباي، وذلك في (رجب 872هـ الموافق آخر يناير 1468م)[12].
كان همُّ السلطان قايتباي الأوَّل منذ ولايته استرداد إمارة ذي القادر، والانتقام من شاه سوار الذي عُدَّ متمرِّدًا على دولة المماليك، ومِنْ ثَمَّ أعدَّ قايتباي عدَّة حملات لحرب شاه سوار، ولكن كانت المفاجأة أنَّ هذه الحملات تعرَّضت لهزائم متكرِّرة، بل تجرَّأ شاه سوار على اجتياح دولة المماليك نفسها، فهاجم حلب وضواحيها، وحقَّق عدَّة انتصارات[13]!
استمرَّ الوضع على هذه الصورة أكثر من أربع سنوات، وكان هذا يُمثِّل ازعاجًا كبيرًا للسلطان قايتباي، ممَّا دعاه في النهاية لإعداد جيشٍ ضخمٍ أنفق عليه أموالًا طائلة، وحقَّق هذا الجيش النصر على شاه سوار في (876هـ= نوفمبر 1471م)، وفرَّ الأمير المهزوم عدَّة أشهرٍ إلى أن تمكَّن المماليك من أسره في (877هـ= يونيو 1472م)، وأُرسِل إلى القاهرة، حيث أعدم في (877هـ= أغسطس 1472م)، وعُلِّق على باب زويلة، وولَّى قايتباي شاه بوداق -أخا القتيلين: ملك أرسلان، وشاه سوار- على إمارة ذي القادر[14].
هدأت الأمور بولاية شاه بوداق، وإن كان التوتُّر بين الدولة العثمانيَّة والمماليك كالنَّار تحت الرماد؛ حيث لم تظهر في هذه الفترة علامات تدلُّ على الشِّقاق بين البلدين، لكن لا شَكَّ أنَّ دعم العثمانيِّين لشاه سوار-الذي أرهق دولة المماليك جدًّا- كان له أثرٌ سلبيٌّ كبيرٌ في هذه الدولة الكبيرة..
والسؤال: لماذا فعل الفاتح ذلك، وهو الذي اشتُهر عنه محاولة تجنُّب الصدام مع المسلمين قدرالإمكان؟
هناك عدَّة احتمالات، لعلَّ بعضها أو كلَّها، كان يدور في ذهن الفاتح..
أوَّلًا: سَرَتْ شائعات بأنَّ السلطان خشقدم هو الذي أمر بقتل ملك أرسلان، وحيث إنَّ ملك أرسلان هو أخو زوجة الفاتح ست شاه مكرمة خاتون فإنَّ هذا أثار الفاتح ضدَّ دولة المماليك، وقد كتب المؤرِّخ زين الدين الملطي-وهو معاصرٌ للأحداث- عند توصيفه لحادث القتل ما يلي: «ثُمَّ أُشيع في القاهرة بأنَّ قَتْلَه كان بدسيسة السلطان، وكان ذلك أشأم رأي؛ فإنَّه حصل عقيب ذلك من الفتن والشرور ما هو باقٍ إلى يومنا هذا»[15]. ويقصد زين الدين الملطي بالفتن والشرور ما حدث من صداماتٍ كبيرةٍ بين جيش المماليك وجيش شاه سوار بعد مقتل ملك أرسلان، ويقصد كذلك الفتن بين المماليك والعثمانيِّين، التي ظلَّت موجودةً بين الفريقين بعد هذه الحادثة لمدَّة نصف قرنٍ كامل، وكتب ابن تغري بردي المؤرِّخ المشهور، وهو أيضًا معاصر للحدث، بل هو من سكَّان القاهرة، وكان يعيش فيها وقت حادثة القتل: «وذكروا أنَّه قتله فداويٌّ (أي فدائي، بمعنى أنَّه قتله في وسط العامَّة معرِّضًا نفسه للقتل)، ولا يلزمني -والكلام لابن تغري بردي- ذكر اسم مَن أرسل إليه الفداوي»[16]. ويبدو أنَّ الذي منع ابن تغري بردي من التصريح باسم القاتل هو معرفته، أو على الأقل شكُّه، في أنَّ الذي أرسل الفدائي هو السلطان خشقدم نفسه، وجزم القَرماني بأنَّ الذي سلَّط القاتل هو خشقدم نفسه[17]، وعمومًا، وفي كلِّ الأحوال، فإنَّ الشائعة انتشرت، بل قيل: إنَّ التركمان في إمارة ذي القادر نفسها كانوا يرفضون ولاية شاه بوداق عليهم؛ لأنَّه مشاركٌ للسلطان خشقدم في قتل أميرهم ملك أرسلان[18].
قد تكون هذه الشائعات إِذَنْ إحدى الأمور التي دفعت الفاتح إلى دعم شاه سوار في طلبه لعرش الإمارة، على أساس أنَّه مطلبٌ شعبيٌّ في الإمارة ذاتها، وعلى أساس أيضًا عدم قبوله بولاية مَن اتُّهم بقتل أخي زوجته ملك أرسلان.
وثانيًا: قد يكون دعم الفاتح لشاه سوار راجعًا إلى ما اشتهر به هذا الأمير من صلاح، وتقوى، وعلم، ودراية بالسياسة والحرب؛ فقد كان معروفًا بكثرة قراءة القرآن، وصيام الاثنين والخميس[19]، كما ذكر القَرماني في صفته أنَّه كان أديبًا عاقلًا ذا رأيٍ وشجاعة[20]، ولعلَّ الفاتح رأى أنَّ في هذه الصفات ما يُصلح حال الإمارة من ناحية، ويُحقِّق التعاون المرجوَّ مع الدولة العثمانيَّة، من ناحيةٍ أخرى.
وثالثًا: قد يكون توقيت قتل ملك أرسلان هو السبب وراء ردِّ فعل الفاتح؛ فقد وقعت حادثة القتل في (نوفمبر 1465م)، وهو وقتٌ متزامنٌ مع فتنٍ كثيرةٍ كانت واقعةً في إمارة قرمان إثر وفاة أميرها إبراهيم بك في أغسطس 1464م؛ حيث دار صراعٌ بين الأخوين إسحاق وأحمد على عرش إمارة قرمان، وانتهى بانتصار أحمد نتيجة دعم الفاتح له، ثم غَدَرَ أحمد بالفاتح، ممَّا دفعه إلى أن يُجرِّد حملةً همايونيَّة لضمِّ قرمان إلى الدولة العثمانيَّة بشكلٍ كاملٍ في 1468م؛ هذا يعني أنَّ الفاتح كان يتعامل مع ملفِّ إمارة ذي القادر وهو في ذهنه ما يحدث في إمارة قرمان، وحيث إنَّ إمارة قرمان كانت كثيرة التمرُّد في كلِّ تاريخها، وكانت على علاقةٍ طيِّبةٍ وصداقةٍ مع المماليك، فإنَّ هذا كان يشغل الفاتح؛ لكي لا يتكرَّر من إمارة ذي القادر ما حدث من إمارة قرمان، على الرغم من أنَّه لم يثبت مطلقًا أنَّ المماليك ساعدوا قرمان على التمرُّد على العثمانيِّين.
ورابعًا: كان الفاتح يخشى من قوَّة السلطان أوزون حسن زعيم الآق قوينلو، ويعلم أنَّه لا يُريد ضمَّ إمارة ذي القادر فقط؛ إنَّما يطمع في الدولة العثمانيَّة ذاتها، وخاصَّةً بعد أن فتحت الدولة العثمانيَّة إمبراطورية طرابزون الموالية لأوزون حسن، وبالتالي وسَّعت حدودها شرقًا حتى صارت ملاصقةً لدولة الآق قوينلو من ناحية شمال الأناضول، والآن بعد احتلال أوزون حسن لمدينة خربوت في إمارة ذي القادر صار من الممكن له أن يتمدَّد غربًا تجاه الدولة العثمانيَّة، فلعلَّ الفاتح أراد أن يضع شاه سوار في الحكم ليكون مواليًا له في حرب أوزون حسن إذا تطلَّب الأمر، أو يستخدم إمارة ذي القادر قاعدةً أماميَّةً تفصله عن دولة الآق قوينلو، ممَّا يُخفِّف من احتمال الصدام المباشر، الذي قد يكون مروِّعًا.
هذه أسبابٌ أربعةٌ قد تكون مشجِّعةً للفاتح على أخذ القرار الصعب بدعم شاه سوار للوصول إلى عرش إمارة ذي القادر متحدِّيًا بذلك دولة المماليك، ومع ذلك فنحن لا يُمكن أن نستثني السبب الخامس، وهو شعور الفاتح أنَّ الصدام العسكري مع المماليك أمرٌ واقعٌ حتمًا في يومٍ ما؛ وذلك لتنامي قوَّة الدولتين العسكريَّة، وتجاورهما بهذا الشكل في الأناضول، وعادةً ما ترفض القوى الكبرى وجود قوى منافسة لها إلى جوارها، بل تسعى دومًا للتوسُّع وفرض السيطرة، فالحرب -إن آجلًا أو عاجلًا- واقعةٌ بين المماليك والعثمانيِّين، فكانت هذه خطوات استباقيَّة من الفاتح لدفع نقاط الصدام مع المماليك إلى الشام (جنوب إمارة ذي القادر)، بدلًا من أن تكون في الأناضول إذا كانت إمارة ذي القادر مواليةً للمماليك..
هذه هي الاحتمالات التي أرى أنَّ بعضها أو كلَّها كانت في ذهن الفاتح يوم قرَّر أن يدعم شاه سوار، ويُغْضِب بهذا الدعم -مضطرًّا- دولة المماليك.
هل هذه الأسباب منطقيَّة ومقبولة؟!
الواقع أنَّني أعُدُّ قرار دعم شاه سوار في الوصول لعرش ذي القادر، ثم الوقوف بجانبه في حربه ضدَّ جيوش دولة المماليك، ثم دعمه في اجتياح حلب، ولو اضطرارًا، هو من أكبر أخطاء الفاتح التاريخيَّة؛ لأنَّه مهما كانت المصالح المتحقَّقة من وراء ولاء إمارة ذي القادر الصغيرة فإنَّ مضارَّ التوتُّر والصراع مع دولةٍ ضخمةٍ ومهمَّةٍ كدولة المماليك أكبرُ بكثيرٍ من هذه المنافع المتوقَّعة..
إنَّ التضحية بعلاقاتٍ طيِّبةٍ هادئةٍ مع دولة المماليك من أجل شائعاتٍ لم تثبت على وجه اليقين، أو من أجل تولية من يراه الفاتح أفضل، أو من أجل توسعة الدولة عدَّة كيلو مترات مربَّعة أخرى، كل ذلك لا يتَّفق مع روح الشريعة التي ندين بها، ولا مع قواعد الأخوَّة والمحبَّة التي ينبغي أن تكون بين المسلمين، ولا مع أصول السياسة الصحيحة التي ينبغي أن تُدار بها الدول.
لقد كان منتظَرًا من رجلٍ عظيمٍ كالفاتح أن يُصْلِح ما فعله أبو جدِّه بايزيد الصاعقة، فيُحاول أن يُداوي الجروح العميقة التي أحدثها هذا السلطان بغزوه الأراضي المسلمة للإمارات التركمانيَّة ولدولة المماليك، وأن يُحافظ على النهج السليم لأجداده في الاكتفاء بحرب المحاربين لهم من غير المسلمين، وأن يسعى للتعاون الحقيقي والمجدي مع الدول الإسلاميَّة المحيطة به، وأن يلتمس الأعذار للمخطئين منهم، خاصَّةً أنَّ الأعداء متربِّصون به وبهم..
وماذا كانت النتيجة؟!
لقد حدث ما ذكره المؤرِّخ المعاصر زين الدين الملطي : «فإنَّه حصل عقيب ذلك من الفتن والشرور ما هو باقٍ إلى يومنا هذا»! وقد تُوفِّي زين الدين الملطي عام (1514م= 920هـ)[21]، فمعنى ذلك أنَّ الفتن والشرور ظلَّت باقية عشرات من السنين بعد الحدث، بل ستزيد الفتن والشرور عن تلك التي رآها زين الدين الملطي، ولو قدَّر الله له أن يعيش بضع سنوات أخرى لرأى الحرب الشاملة الكبرى بين العثمانيِّين والمماليك في عامي 1516م و1517م، ولكن وافته المنيَّة فلم يشهد اكتمال الصورة..
ولنتدبَّر قليلًا في جانبٍ من هذه الفتن والشرور..
من هذه الفتن مقتل عددٍ كبيرٍ من المسلمين في حربٍ لا ضرورة لها، وعلى سبيل المثال نأتي بتوصيف المؤرِّخ المعاصر علي بن يوسف البصروي ، الذي تُوفِّي عام (1499م= 905هـ)[22]، فقال في وصف إحدى المعارك التي دارت بين المماليك وشاه سوار: «حصل للعسكر المصري والشامي والحلبي وغيرهم كسرةٌ من شاه سوار، وقُتِل من الأمراء خلائق، وأُسِر خلائق، وحصل بين الفريقين قتلٌ عظيم، نسأل الله العافية»[23]!
ومن هذه الفتن أيضًا الخسارة الاقتصاديَّة العظيمة التي تكبَّدها المسلمون في هذه الحروب، ويذكر السخاوي، وهو مؤرِّخٌ معاصرٌ للأحداث تُوفِّي في عام (1497م= 902هـ)[24]، وصفًا لسعادة السلطان قايتباي ودولته عند أسْر شاه سوار فيقول: «فَسُرَّ السلطان فَمَنْ دونه بإحضاره؛ لكثرة ما تَلَفَ بسببه من العَدَد، والعُدَد، والأموال التي تفوق الوصف»[25].
ومن هذه الفتن أيضًا انشغال المسلمين ببعضهم البعض، وانصراف أذهانهم إلى تدبير المكائد لكلِّ فريق، ويصف زين الدين الملطي حال السلطان المملوكي خشقدم عندما سمع بأمر خروج شاه سوار عن طاعته بقوله: «ولمـَّا تحقَّق السلطان هذه الأخبار، وعرف هذه الحوادث، ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأخذ في تعيين تجريدة (حملة عسكريَّة) إلى البلاد الحلبيَّة»[26]، واستمرَّ هذا الانشغال طويلًا، بل لعلَّه كان الشغل الشاغل الأوحد لدولة المماليك في كلِّ عمرها المتبقِّي؛ فقد استمرَّت الفتن بعد إعدام شاه سوار؛ إذ لم يقبل الفاتح طويلًا إمارة شاه بوداق، وبعد وفاة الفاتح وولاية ابنه بايزيد الثاني قامت حربٌ حقيقيَّةٌ مباشرةٌ بين المماليك والعثمانيِّين لمدَّة 6 سنواتٍ كاملة، من سنة 1485م إلى سنة 1491م، ثُمَّ في عهد حفيد الفاتح، سليم الأول، قامت حربٌ أعنف وأشدُّ في عامي 1516م و1517م، وكانت نهاية دولة المماليك في هذه الحرب، فهذا يعني أنَّ المسلمين شُغِلوا بأنفسهم ما يزيد على خمسين سنةً بسبب هذه الحادثة..
ومن هذه الفتن أيضًا وَأْدُ أيِّ فرصةٍ للتعاون بين الدولتين الكبيرتين المماليك والعثمانيَّة، وكانت المجالات التي يُمكن أن يحدث فيها التعاون كثيرة، وأقربها هجوم السلطان أوزون حسن على المماليك والعثمانيِّين معًا، فقاتله كلُّ واحدٍ منهما منفردًا، وعلى الرغم من أنَّ الفاتح عَرَض على قايتباي أن يُساعده على حرب أوزون حسن عام (877هـ= 1472م) فإنَّ قايتباي رفض ذلك، وردَّت دولة المماليك ردًّا مؤدَّبًا على الفاتح[27]، لكن حالة التوتُّر حالت دون التعاون الحقيقي بين الطرفين، كذلك لم يحدث التعاون ضدَّ الدولة الصفويَّة التي ظهرت بعد ذلك، وهي أخطر من أوزون حسن، وكذلك لم يحدث التعاون في شأن فرسان القديس يوحنا، وهم يُمثِّلون خطرًا مزدوجًا على العثمانيِّين والمماليك معًا، ولن يحدث التعاون في مسألة مملكة قبرص التي أخذها البنادقة عام 1489م، ولن يحدث التعاون في مسألة أوروبا الغربيَّة التي كانت تشنُّ الحملاتِ الصليبيَّةَ على العثمانيِّين والمماليك معًا..
ومن هذه الفتن أيضًا عدم الانتباه إلى الكوارث التي تحدث في الأمَّة الإسلاميَّة في توقيت هذه الأحداث نفسها، ومن أشهرها آنذاك سقوط الأندلس، وقد روى المؤرِّخ المعاصر مجير الدين الحنبلي والمتوفَّى عام (1521م= 927هـ)[28] قصَّةَ استنجاد القاضي الأندلسي شمس الدين بن الأزرق بقايتباي، فقال: «فحضر إلى السلطان الأشرف قايتباي -نصره الله تعالى- وكان منشغلًا بقتال سلطان الروم بايزيد بن عثمان [29]. فهذا الانشغال منعه من تحقيق طلب النجدة، ثم ضاعت الأندلس!
هذه كلُّها فتنٌ حدثت نتيجة هذا التصعيد المستمرِّ في الصدام بين الدولتين الكبيرتين..
ومع ذلك تبقى أحدُ أهمِّ الفتن من جرَّاء هذه الأحداث؛ الانطباع السلبي الذي انتشر في مصر والشام عن الدولة العثمانيَّة، بل عن السلطان الفاتح نفسه! فبينما كانت أسهم الدولة العثمانيَّة -وخاصَّةً الفاتح- في ارتفاعٍ نتيجة انتصارات العثمانيِّين على الأوروبيِّين، خاصَّةً بعد فتح القسطنطينية، إذا برؤية الناس تتبدَّل، وحكمهم على الأمور يتغيَّر، ولقد نقل زين الدين الملطي حال «الناس»، أي حال شعوب مصر والشام، عندما انتصر قايتباي على شاه سوار، وقبل أن يُؤْسَر، فقال: «ثم زاد كلام الناس في أمر سوار، فمِن قائل: إنَّه يفرَّ إلى ابن عثمان. ومِن قائل: إنَّه سيجمع جموعه ويعود. ومن قائل: إنَّه يتحصَّن ببعض المعاقل. ومن قائل: إنَّه يؤخذ»[30]. فلعلَّنا لاحظنا أنَّ كلام «الناس» يُشير إلى أنَّ فرار هذا المتمرِّد سيكون إلى «ابن عثمان»، وهو السلطان الفاتح، فكان الناس يتداولون فيما بينهم أنَّ السبب في اشتداد شوكة هذا المتمرِّد هو الدعم المباشر من سلطان العثمانيِّين، فإذا نظرنا إلى الخسائر التي خسرتها دولة المماليك خلال فترة شاه سوار؛ في الأموال، والأسلحة، والأرواح، والجهد، علمنا أنَّ الشعوب الشاميَّة والمصريَّة كانت مشحونةً بشكلٍ كبيرٍ ضدَّ العثمانيِّين، ولا شَكَّ أنَّ هذا الشحن قد تزايد في زمن ابن الفاتح بايزيد الثاني نتيجة الحرب الفعليَّة التي قامت، ثم تزايد الشحن أكثر وأكثر عندما اجتاح سليم الأول الشام ومصر في عامي 1516 و1517م، ولا نستغرب إنْ ظلَّ هذا الشحن مستمرًّا عدَّة قرونٍ بعد ذلك، بل لعلَّه موجودٌ عند بعضهم إلى زماننا هذا!
لقد صدقت كلمة زين الدين الملطي التي أشار فيها إلى بقاء الفتن والشرور إلى زمانه، وهو المتوفَّى في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، ونزيد عليها أنَّ هذه الفتن بقيت إلى زماننا نحن، في أوائل القرن الحادي والعشرين! وصدق القائل: «مُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ»[31].
وأخيرًا، لا أريد أن أُحمِّل الفاتح رحمه الله كلَّ ما حدث من شقاقٍ بين المماليك والعثمانيِّين، بل نجزم أنَّه كان متحفِّظًا في دعمه لشاه سوار، ولم يُقاتل بجيوشٍ عثمانيَّةٍ مباشرةً ضدَّ المماليك، وكان يُحاول التلطُّف في رسائله لقايتباي، ولم يفعل مثلما فعل بايزيد الصاعقة في اجتياحه المباشر للأراضي المسلمة حوله، ولم يفعل مثلما فعل سليم الأول بعد ذلك من سعيٍ حثيثٍ لإسقاط دولةٍ عظيمةٍ كدولة المماليك.. نعم لم يفعل الفاتح كلَّ ذلك، ولكنَّه أخطأ بالمشاركة في هذه الأحداث على الصورة التي ذكرناها، ومع أنَّ خطأه يُعَدُّ يسيرًا بالقياس إلى أخطاء غيره من السلاطين والحكَّام، وخاصَّةً الأقوياء منهم، فإنَّنا نُعظِّم من أخطاء الفاتح لأنَّه عظيم، وقد قال المتنبِّي:
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتي الْعَزَائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ المكَارِمُ
وتَعْظُمُ في عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ في عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ[32].
فهذه الأمور التي يُمكن أن نتقبَّلها من غير الفاتح لا نتقبَّلها منه هو، خاصَّةً أنَّ هفوات العظماء والعلماء وكبار القوم يكون لها من الآثار -كما شرحنا- أكبر كثيرًا من هفوات عامَّة الناس، وما أروع ما قاله الفقيه أبو المنصور الدمياطي في ذلك:
هَفْوَةُ الْعَالِمِ مُسْتَعْظَمَةٌ
إنْ هَفَا أَصْبَحَ فِي الْخَلْق مَثَلْ
وَعَلَى زَلَّتِهِ عُمْدَتُهُمْ
فِبهَا يَحْتَجُّ مَنْ أَخْطَأَ وَزَلْ
لَا تَقُلْ يُسْتَرُ عَلَى زَلَّتِي
بَلْ بِهَا يَحْصُلُ فِي الْعِلْمِ الْخَلَلْ
إنْ تَكُنْ عِنْدَك مُسْتَحْقَرَةً
فَهِيَ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ جَبَلْ [33]،[34].
[1] ابن خلدون: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (تاريخ ابن خلدون)، تحقيق: خليل شحادة، بيروت، لبنان، دار الفكر، 1988م، الطبعة الثانية، 5/634-635.
[2] يلماز أوزتونا: المدخل إلى التاريخ التركي: ترجمة: أرشد الهرمزي، الدار العربية للموسوعات، 2005م، الطبعة الأولى، ص387-401.
[3] يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988، 1/ 105-106.
[4] ابن حجر العسقلاني: إنباء الغمر بأبناء العمر، تحقيق: د حسن حبشي، مصر : المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، 1969م، 1/491-492.
[5] يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية، 1/ 129.
[6] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، ترجمة: محمد مصطفى، فيسبادن، فرانز شتاينر، 1975م، 2/420.
[7] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، 2/434، 435.
[8] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت، لبنان : المكتبة العصرية للطباعة والنشر، 2002 م، الطبعة الأولى، 2002م، 6/229.
[9] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، 2/436، 437.
[10] دهمان: بين المماليك والعثمانيين الأتراك، دمشق : دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، 1986م، ص27.
[11] دهمان: بين المماليك والعثمانيين، ص28.
[12] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، 2/455- 476.
[13] البصروي: تاريخ البصروي، تحقيق: أكرم حسن العلبي، دمشق، سوريا، دار المأمون للتراث، 1408ه= 1988م، الطبعة الأولى، 28-53.
[14] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول،7/22، 44.
[15] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول، 6/232.
[16] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في تاريخ مصر والقاهرة، مصر، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، ۱۹۳۹م، 16/292.
[17] القرماني: أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ، تحقيق: الدكتور أحمد حطيط، الدكتور فهمي السعيد، عالم الكتب، الطبعة الاولى، 3/102.
[18] دهمان: بين المماليك والعثمانيين، 27.
[19] السخاوي: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، بيروت، لبنان، دار الجيل، 1412هـ = 1992م، 3/274-275.
[20] القرماني: أخبار الدول وآثار الأول، 3/102.
[21] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، 4/374.
[22] ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، دمشق، بيروت : دار ابن كثير، 1986م، الطبعة الأولى، 10/40.
[23] البصروي: تاريخ البصروي، 31.
[24] ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، 10/23-24.
[25] السخاوي: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، 3/274.
[26] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول، 6/235.
[27] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، 3/86.
[28] حاجي خليفة سلم الوصول إلى طبقات الفحول، تحقيق: محمود عبد القادر الأرناؤوط، إشراف وتقديم: أكمل الدين إحسان أوغلي تدقيق: صالح سعداوي صالح، إعداد الفهارس: صلاح الدين أويغور، إستانبول، تركيا، مكتبة إرسيكا، 2010 م، 2/263.
[29] مجير الدين الحنبلي: الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، تحقيق: عدنان يونس عبد المجيد نباتة، عمان، مكتبة دنديس، 1420هـ= 1999م، 2/255.
[30] الملطيّ: نيل الأمل في ذيل الدول،7/22.
[31] ابن قيم الجوزية: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء)، المغرب، دار المعرفة، الطبعة الأولى،1997م، ص153.
[32] أبو العلاء المعري: شرح ديوان المتنبي، تحقيق: محمد سعيد المولوي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 2008م، الطبعة الأولى، 2008م، ص1173.
[33] السبكي: معيد النعم ومبيد النقم، بيروت، لبنان، مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الأولى، 1986م، ص70.
[34] هذا المقال من كتاب "قصة محمد الفاتح" للدكتور راغب السرجاني.