لطالما نظر أسلافنا إلى السماء وتساءلوا عن ماهية تلك الأجسام المضيئة فى السماء،وبحثوا في الأمر وتعمقوا في دراسته إلى أن اهتدوا إلى حقيقة الأمر.
بدأوا بتسمية كل مجموعة نجمية باسم مختلف تبعاً لطريقة ترتيبها في السماء، تأملوا السماء في أوقات مختلفة من اليوم وخلال العام ولاحظوا ظهور بعضها واختفاء البعض الآخر؛ وقاموا بتكوين نظرياتهم وشقوا طرقهم في البحار والصحراء مهتدين بتلك الأجسام المضيئة التي كانت يوماً ما لغزًا محيرًا.
بداية فكرة التلسكوب
نظر الإنسان وتأمل السماء بعينه المجردة، وتمنى لو يستطيع أن يلقي نظرة عن كثب؛ حتى قام جاليليو عام 1609 بالعمل على تصنيع وتطوير تلسكوب يمكّنه من رؤية النجوم والأجرام السماوية عن قرب؛ وقام بدحض العديد من الثوابت السائدة فى ذلك العصر، منها أن الأرض ليست مركز الكون وإنما هى كوكب من مجموعة كواكب تدور حول الشمس.
منذ ذلك الحين تطور التلسكوب بشكل ملحوظ؛ ولكن مازال جو الأرض المليء بالأتربة أحياناً والملوث بالتشويش الضوئي وتشويش الغلاف الجوى أحياناً أخرى عائقاً للحصول على صور عالية الدقة للفضاء.
نشأة تلسكوب هابل
فى عام 1923 قام العالم الألماني هيرمان أوبيرث- أحد مؤسسي علم الصواريخ- بنشر ورقة علمية يقترح فيها إطلاق تلسكوب إلى الفضاء ليدور في مدار حول الأرض؛ وكتب عالم الفيزياء الفلكية ليمان سبيتزر عن أهمية وجود مرصد فضائي و أمضى الخمسين عام التالية فى جعل هذه الفكرة حقيقية .
وبعد موافقة الكونجرس الأمريكي على التمويل، بدأ العمل على تصنيع وتجميع أجزاء التلسكوب بمساعدة وكالة الفضاء الأوروبية.
إطلاق تلسكوب هابل للفضاء
في 24 أبريل عام 1990، أقلع هابل أخيراً إلى الفضاء على متن المكوك الفضائي ديسكفري حاملاً خمسة أجهزة علمية: الكاميرا الكوكبية واسعة المجال، ومحلل غودارد الطيفي عالي الدقة، وكاميرا الأجسام الخافتة، و كذا المحلل الطيفي للأجسام الخافتة، والمضواء عالي السرعة.
بعد أسابيع من إطلاقه اتضح وجود عيب في المرآة الرئيسية يُسمى الانحراف الكروي وتم صقل المرآة على مدار سنة كاملة للتخلص من هذا العيب.
حقائق عن هابل
يبلغ طول التلسكوب 13.2 متر، ووزنه عند إطلاقه حوالي 10886 كجم، ويدور حول الأرض على ارتفاع 340 ميل وبسرعة 27300 كم/ الساعة.
ويتم دورة كاملة حول الأرض خلال حوالي 95 دقيقة، ولديه القدرة على إرسال حوالي 150 جيجابايت من البيانات في الأسبوع.
ويستمد الطاقة اللازمة له من الشمس من خلال ألواح الطاقة الشمسية التي تنتج حوالي 5500 وات.
سمي تلسكوب هابل تيمناً باسم عالم الفلك إدوين باول هابل، الذي كشف عن بعض أهم الاكتشافات في علم الفلك الحديث. أظهر الدكتور هابل أن العديد من غيوم الضوء البعيدة في الكون كانت في الواقع مجرات بأكملها تشبه إلى حد كبير مجرتنا درب التبانة؛ وأن درب التبانة ليست سوى واحدة من العديد من المجرات مما أدى إلى تغيير الطريقة التي تنظر بها البشرية إلى مكاننا في الكون إلى الأبد.
ولكن ربما كان أعظم اكتشاف له في عام 1929، عندما وجد هابل أنه كلما كانت المجرة أبعد من الأرض، كلما كانت أسرع في الابتعاد. شكلت فكرة الكون المتمدد أساسًا لنظرية الانفجار العظيم، التي تنص على أن الكون بدأ بتدفق طاقة مكثف في لحظة واحدة من الزمن، وقد تم التوسع منذ ذلك الحين.
إنجازات تلسكوب هابل
غيّر تلسكوب هابل الطريقة التي ينظر بها العلماء إلى الكون؛ حيث أثبت أن عمر الكون حوالي 13 إلى 14 مليار عام وهي قيمة أدق من القيمة التي تنبأ بها العلماء قديمًا. لعب أيضاً دوراً مهماً في اكتشاف الطاقة المظلمة Dark Energy والتي يُعتقد أنها المسؤولة عن التمدد الكوني.
ساهم في فهم كيفية تشكل المجرات خلال مراحل عمرها المتعددة، كما اكتشف الأقراص الكوكبية الأولية وتكتلات الغبار والغاز حول النجوم الشابة والتي تُعد تربة خصبة لتشكيل كواكب جديدة. وقام هابل بأكثر من 1.3 مليون عملية رصد منذ بدء مهمته في عام 1990، وقام علماء الفلك باستخدام المعلومات القادمة منه في نشر حوالي 15000 ورقة علمية، وقد تم الاستشهاد بهذه الأوراق في أوراق أخرى 738000 مرة.
إضافة إلى ذلك، قام هابل بالعديد من المهمات حيث يمدنا بحوالي 10 تيرابايت من البيانات الجديدة سنويًا ويبلغ إجمالي الأرشيف حاليًا أكثر من 150 تيرابايت.
بعض الصور التي التقطها تلسكوب هابل
موزاييك العناقيد النجمية
سديم عين القط
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
هاجر فوزي - اراجيك