إن التأنيث غير الأنوثة؛ فأما الأنوثة فعكس الذكورة ، وكلتاهما طبيعتان حيويتان متضادتان متكاملتان ، وأما التأنيث فعكس التذكير ، وكلاهما ظاهرتان لغويتان عرفيتان ؛ ولذلك اتفق الناس فيما عَبَّروا به عن الذكر والأنثى ، واختلفوا فيما عبروا به عن المذكر والمؤنث !
إن في طبيعة كل من الذكر والأنثى عنصرين : ماديًّا ومعنويًّا - فكما يختلف جسماهما مثلا ، تختلف أخلاقهما - يَسَّرا للشاعر أن يميز في كَلِمِه ما يدل على الإناث مما يدل على الذكور ، تصديقًا لقول الحق -سبحانه، وتعالى!-: "مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ"، ثم أن يُشَبِّهَ بالإناث ما يُؤَنِّثه من غير ذوات الطبيعة الأنوثية .
لقد استطاع الشاعر أن يميز الاسم المؤنث بإضافة أي من هذه العلامات الزوائد اللواحق الثلاث :
التاء المتحركة : " وَسيمَة = فَعيلَة " .
الألف المقصورة : " أَسْمى = فَعْلى " .
الألف الممدودة : " أَسْماء = فَعْلاء " .
فدل من حيث أراد أو لم يرد ، على خروج الأنثى والمؤنث : "وَسيمة"، من الذكر والمذكر : "وَسيم"!
وبينها للمتأمل عَلاقةٌ من التطور غير منكورة ربما أعانت عليها قوافي الشعر ؛ إذ ربما أَفْضى مَطْل الهاء الساكنة المنقلبة عند الوقف عن التاء : "أَسْمَهْ = دن دن " - وإن لم تُعْرف هذه بعينها - إلى الألف المقصورة: "أَسْمى = دن دن " ، التي يُفضي مَطْلها إلى الممدودة الموقوف عليها كذلك : " أَسْماء = دن دنّ " ، والعكس جائز في قانون التطور باختزال الألف الممدودة : " أَسْماء = دن دنّ " ، إلى المقصورة : " أَسْمى = دن دن " ، ثم اختزال هذه المقصورة إلى الهاء المنقلبة عند الوقف عن التاء : " أَسْمَهْ = دن دن " - ولم تُعْرف هذه بعينها ، وإن دل استحسان علمائنا قصر الممدود في الشعر دون مد المقصور ، على إيثارهم القول بتولد الممدود عن المقصور!