إن القصر والمد في هذه المسألة غيرهما في مسألة التأنيث؛ فلقد كانا هناك زيادة ألف مقصورة : " أَسْمى = فَعْلى " ، أو ألف ممدودة : " أَسْماء = فَعْلاء " ، على الاسم من آخره : " أَسْم = ا ، اء ( هذه الهمزة منقلبة عن ألف ) " - علامة على تأنيثه ؛ فالمقصور هنا وصف لبنية الكلمة حين تكون لامها في النطق ألفًا : " هَوى = فَعَل " ، والممدود هنا وصف لبنية الكلمة حين تكون لامها في النطق ألفًا منقلبة همزة بعد ألف زائدة : " هَواءْ = فَعالْ " ؛ فمن ثم لا يكون من الممدود ما همزة آخره وألف ما قبله ، منقلبتين عن أصلين : " ماء ( مَوَه ) ، شاء ( شَوَه ) ، بل هذان الاسمان من الأجوف الواوي ، لا الممدود .
وكما ادعيتُ في مسألة التأنيث أن بين المؤنث بالألف المقصورة والمؤنث بالألف الممدودة ، علاقة من التطور وثيقة تؤكدها بداهة الانتقال من أحدهما إلى الآخر - أدعي في هذه المسألة أن بين المقصور والممدود مثل تلك العلاقة تماما ، ولا سيما أنْ قد جاءت في موادَّ من اللغة كثيرة ، الكلمة المقصورة وأختها الممدودة ، كما في " فَتى " ، و" فَتاء " ، و" فِدى "، و" فِداء " ... ؛ حتى وضعت فيما بينهما مِنْ قديمٍ الكتبُ ؛ فكان مِن العلماء مَن يسوّي بينهما ومن يفرّق .
وعلى رغم انتفاعنا بتفريق المفرقين في باب عبقرية اللغة التي تنفرد كل كلمة منها بدقيقة من التعبير ، ننتفع بتسوية المسوّين في باب تطور اللغة الحية التي تلين لمقتضيات الأحوال !