تمثال المسيح الفادي
اشتهر البرازيليون عالميا بعشقهم لكرة القدم
و بحبهم لحياة المرح و الاحتفال ,
لذلك فأن العاصمة{ القديمة} ريو دي جانيرو قد
لا تخلو من الاحتفالات
او المهرجانات الضخمة طوال أيام السنة ,
حيث يطوف راقصو و راقصات السامبا شوارع المدينة
يعزفون موسيقاهم الشعبية و يتمايلون طربا مزدهين
بثيابهم الملونة و المبهرجة
البرازيليون والعقيدة الكاثوليكية
لكن هناك جانب أخر قد لا يعرفه الكثيرون
عن البرازيليين
و هو أن غالبيتهم متعلقون بشدة بعقيدتهم
الكاثوليكية المسيحية
و قد جاء تمثال المسيح الفادي المنتصب
على قمة شاهقة
تطل على المدينة بأسرها ليؤكد هذا التعلق
و الالتصاق الديني
فهوينتصب فوق قمة ارتفاعها 700 متر و يطل
على جميع اجزاء ريو دي جانيرو
ممكن مشاهدة التمثال من جميع ارجاء ريو دي جانيرو
الفكرة
وراء إنشاء التمثال
فكرة انشاء تمثال للسيد المسيح
(Christ the Redeemer )
كانت فكرة دينية في الأساس ,
ففي عام 1850 فكر احد القساوسة الكاثوليك
و اسمه بيدرو بوز
بإنشاء نصب مهيب يرمز للمسيحية في البرازيل
و قد التمس من الأميرة إيزابيل التي كانت
وريثة عرش
الإمبراطورية البرازيلية آنذاك
انتعاش فكرة انشاء التمثال
أن تمد المشروع بالمال لكن الأميرة تجاهلت
الفكرة فطواها النسيان
و تم رفضها تماما بعد إعلان الجمهورية البرازيلية
و إصدار القوانين التي نظمت عمل الكنيسة
و فصلت إدارتها و مواردها عن الدولة ,
لكن الفكرة انتعشت مجددا في عشرينيات
القرن المنصرم
بواسطة مجموعة من المتدينين الكاثوليك
في ريودي جانيرو
و تم تنظيم مهرجانات و تجمعات جماهيرية كبيرة
من اجل جمع التبرعات و المساعدات العينية
اللازمة لتنفيذ المشروع
و بالفعل استطاعت المجموعة خلال سنوات قليلة
من جمع مبالغ كبيرة من المال أتت في معظمها
من شريحة البرازيليين الكاثوليك
و سرعان ما تم الاستعانة بعدد من المصممين
و النحاتين البارزين لتقديم تصاميمهم حول
النصب المقترح ,
و كانت الفكرة الأساسية للمشروع تتركز حول
إنشاء نصب ضخم
يرمز للصليب و للسيد المسيح أيضا في نفس الوقت
و قد اختارت اللجنة المنظمة لمسابقة
التصاميم الهندسية تصميما لمهندس برازيلي
يدعى هيترو دي سيلفا كوستا
استخدم في عمله و مخططاته أساليب فنية
كانت رائجة في فترة العشرينيات من القرن المنصرم
و تدعى فن الـ (آرت ديكو)
اختيار قمة جبل كوركفادو
تقرر تنفيذ المشروع فوق قمة جبل كوركفادو
الذي ينتصب بارتفاع 700متر فوق سطح البحر
و يمكن مشاهدة قمته من جميع أنحاء العاصمة البرازيلية
{ القديمة} ريو دي جانيرو
و تم تكليف النحات الفرنسي بول لاندويسكي و مجموعة
من الفنانين و النحاتين الآخرين بنحت التمثال و نصبه
استعملت الخرسانة المسلحة في صب الجزء الداخلي
من التمثال و تم اكساءه من الخارج بحجر الصابون
(Soapstone )
المستورد خصيصا من السويد و يمتاز
هذا الحجر بصلابته
و لكنه في نفس الوقت سهل التشكيل
و عازل جيد للكهرباء
و قد تم مد الطرق و إنشاء خط سكة حديد
تصعد إلى قمة الجبل
لنقل العمال و مواد البناء
و استمر العمل لتنفيذ المشروع لمدة تسع سنوات
بين عامي 1922 – 1931
افتتاح التمثال
و تم افتتاح النصب في احتفال كبير
شارك فيه رئيس الجمهورية البرازيلي آنذاك
و قد تقرر أن تتم إنارة التمثال عن طريق أجهزة مربوطة
لاسلكيا بالفاتيكان في ايطاليا على بعد 5700 ميل ,
كنوع من الاحترام الذي يكنه كاثوليك العالم
لبابا الفاتيكان ,
لكن الخطة واجهت بعض المشاكل بسبب
سوء الأحوال الجوية
لذلك تقرر إنارة التمثال من قبل العمال البرازيليين
المسؤولين عن إدارة و صيانة التمثال
و الأقسام المرفقة به
التمثال هو رمز ديني للمسيحية في البرازيل
التمثال وفن الآرت ديكو
تمثال المسيح المفدى يعتبر اكبر نصب
لفن الآرت ديكو
و يبلغ ارتفاعه 39.6 متر من ضمنها المنصة
التي يقف عليها و التي يبلغ ارتفاعها 9.5 متر
كما يبلغ عرض التمثال 30 مترا أما وزنه ككل
فيبلغ حوالي 650 طن ,
و هناك تمثال آخر للسيد المسيح في بوليفيا أطول قليلا
من التمثال البرازيلي إذ يبلغ ارتفاعه 40.4 متر
من ضمنها منصته التي يقف عليها و البالغ
ارتفاعها 6.24 متر
لكن طراز نحت التمثالين مختلف
كما أن القمة العالية التي ينتصب عليها التمثال البرازيلي
ميزته عن نظيره البوليفي
التمثال
وعجائب الدنيا السبع الجديدة
في عام 2007 تم ترشيح التمثال ضمن المسابقة
السويسرية لاختيارعجائب الدنيا السبع الجديدة
و قد قامت العديد من الشركات والبنوك البرازيلية الكبيرة
بتنظيم حملة إعلانية ضخمة للترويج للتمثال
كما تم استغلال العامل الديني للحصول
على مزيد من الأصوات فرفعت الحملة شعار
"صوت من اجل المسيح"
و بعثت شركات الهاتف المحمول في البلاد
رسائل الكترونية
إلى أجهزة الهاتف المحمول للملايين
من مستخدميها تقول :
"اضغط 4916 و صوت للمسيح , مجانا!"
و يبدو أن عشرة ملايين برازيلي قد استجابوا
لهذه الدعوة المجانية
و صوتوا للتمثال مما ضمن له الفوز في المسابقة ,
طبعا هذا لا يعني أن بقية الدول الفائزة في
مسابقة العجائب السبع الجديدة
لم تستغل العامل الوطني لإلهاب شعور مواطنيها
و لم تستثمر ملايين الدولارات لدفعهم للتصويت لعجائب
بلدانهم المشاركة في المسابقة ,
فالأمر بالطبع لا يقتصر على العامل الديني
و لكن العامل الأساسي
الذي لعب دورا كبيرا في نتائج المسابقة
هو العامل الوطني المتجسد بالشعور بالفخر لانتماء
هذه الآثار إلى البلد الفلاني إضافة إلى العامل الاقتصادي
الذي أدى إلى توجيه الأنظار و الاستثمارات نحو هذه المسابقة
لأن العديد من الحكومات اعتبرتها فرصة ذهبية لجذب السياح ,
و هذه التأثيرات العاطفية سواء وطنية أو اقتصادية أو دينية
هي التي دفعت الكثيرين حول العالم ,
من ضمنهم اليونسكو , للتشكيك في مصداقية المسابقة
لأنها اعتمدت على أسلوب من يصوت أكثر يربح أكثر
حيث يمكن لشخص واحد أن يصوت عدة مرات
تعرض التمثال لصاعقة
في عام 2008 تعرض التمثال إلى صاعقة قوية
أثناء عاصفة رعدية ضربت مدينة ريو دي جانيرو
لكن الصاعقة لم تترك أضرارا في التمثال رغم احتراق
عدة أشجار قربه بفضل الحجر الصابوني المستعمل
في طبقته الخارجية و الذي يعتبر عازلا جيدا
للتيار الكهربائي
عملية صيانة واعادة تاهيل
التمثال
فقد فتح التمثال ذراعيه مجددا فوق مدينةريو دي جانيرو
يوم الاربعاء 30 حزيران - يونيو 2010
مع تدشينه مجددا اثر عمليات ترميم شاملة
استمرت اربعة اشهر،
وقد مولت العملية شركة "فايل" البرازيلية العملاقة
للمناجم واسقفية ريو دي جانيرو
وستتولى شركة فايل حتى العام 2015
صيانة التمثال
وكان التمثال يعاني من تشققات وتسرب
مياه الى داخله
وقد فقد جزءا من تلبيسته الحجرية.
وقالت المهندسة المعمارية مارسيا براغا المسؤولة
عن عملية الترميم
ان الاصعب كان العثور على احجار باللون نفسه
حتى لا تكون هناك فروقات.
واخذت الحجارة من المقلع ذاته الذي استعين
به لبناء التمثال
ووضع للتمثال نظام اضاءة جديد ايضا
ويزور الموقع نحومليون شخص سنويا.
وخلال كأس العالم لكرة القدم عام 2014 في البرازيل
سيتمتع التمثال باضاءة ليلية خاصةبالاخضر والاصفر الوان البرازيل