ما بالُ دمعي بجُنحِ الليلِ ينسكبُ
والشوقُ نارٌ بجَوفُ الصّدرِ تلتَهِبُ
كأنَّ خَدّايَ جُرَّا فوقَ مَهمَهَةٍ
حتى تَعَفَّرَ فيها الوجهُ والهَدَبُ
وَقفتُ أبكي ودمع العينِ مُنهَمِلٌ
كالمُزنِ تهمي من الأجواء تنتحبُ
أسِحُّ طَلّاً على الأطلالِ مُنتَظراً
فيءَ الفيافي وما جادت بهِ السُّحُبُ
كأنَّ ثوبي بفيض المُزْن منتَقِعٌ
والريحُ تَصفِرُ في البيداء والتُّرَبُ
كأنَّ بي حَرَضٌ قد حطَّ منصرِفاً
لم يشفني قلَمٌ بالسحرِ أو كُتُبُ
الشمسُ تُشرِقُ فوق البيد ناصعةٌ
طَلَّت عليها وفي إشعاعها الذَّهَبُ
أَجُرُّ ساقاً وفوق السّاقِ لي جَسَدٌ
كأنَّهُ وَرَقٌ تجويفهُ القَصَبُ
ومثل ظِلٍّ وسطحُ الماءِ َيَعكِسُهُ
لو هَبَّت الريحُ بالأمواجِ يضطربُ
بينَ السراب وبين العينِ أُحجيةٌ
أمشي نهاراً وليس الطيفُ يقتَرِبُ
أَخالُ صوتاً من البَيداء في صَخَبٍ
بوم تنادي بطرف الواد تنتعبُ
يا دارُ ما بِكِ أينَ الناس قد هجروا
ما بات أهلكِ لا فُرسٌ ولا عَرَبُ
تبَدّلَ الحالُ حتى هُدَّ كاهلنا
إنّي رأيتُ حَفيدَ اللاتِ ينتصبُ
ما بالُ جندكِ قد نامت بلا كَلَلٍ
والعُرب في كلّ عهدٍ كانَ تنقَلِبُ
شارونُ خَبِّر أكانَ الرَّتلُ مَنتَصِراً
ام كنتَ تبْكي وذاكَ الرّتلُ ينسَحِبُ
يوم العساكرُ قد ألقَتْ بنادِقَها
منها الأسارى وكان الكونُ يرتقبُ
مالت علينا جموعُ اللؤم قاطبةً
فيها الجبابرةُ الظلّام قد غُلِبوا
صبيانُ غَزَّةَ في مقلاعها حَجَرٌ
تِلكَ الحجارةُ في أسماطِها الشُهُبُ
أضربْ عداكَ فلا ذُلٌّ ولا سَلَمٌ
إنّ المذلّةَ لا يُجنى بها العِنَبُ
أكيفَ نخْشى من الأوباشِ شِرذِمَةٌ
يُرَقِّصُ السيف في أعراسنا الطَّرَبُ
بئسَ البلادُ إذا ذَلّت أكارمها
لا عزَّ فيها ولا أهلٌ ولا نسبُ
كيفَ الفلاحُ وأهلُ الدار قَد صَبَأت
وسادها الزور والبهتانُ والكَذبُ
سعود أبو معيلش