نزلت آية التبليغ الكريمة على النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة المصادف يوم الخميس ، لدى رجوع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع في مكان يسمى بـ"غدير خم" . حيث أمر الله تعالى أن يخبر الناس بولاية ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فتخوّف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه .
فأوحى الله تعالى إليه :
قَالَ تَعَالَى : ﴿۞ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْمَائِدَةِ : 67.]
فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذ بيده وقال :
« مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ... »
وفي بعض النسخ : « ... وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ... » .
مصادر الحديث الشريف :
1- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : 2 / 75 الحديث 575 و 576 و 577 و 578 و 585 طبعة 1 بيروت .
2- شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : 1 / 157 الحديث 211 و 212 و 213 و 214 و 215 و 250 طبعة 1 بيروت .
3- مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي : 19 الحديث 24 طبعة 1 طهران .
4- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : 8 / 290 طبعة السعادة بمصر .
5- الدر المنثور في تفسير القران لجلال الدين السيوطي الشافعي : 2 / 259 طبعة 1 بمصر .
6- الإتقان للسيوطي الشافعي : 1 / 31 طبعة سنة 1360 هـ و 1 / 52 طبعة المشهد الحسيني بمصر .
7- المناقب للخوارزمي الحنفي : 80 طبعة الحيدرية .
8- تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : 30 طبعة الحيدرية و 18 طبعة آخر .
9- تفسير ابن كثير الشافعي : 2 / 14 طبعة 1 بمصر و 3 / 281 طبعة بولاق .
10- مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي : 1 / 47 طبعة مطبعة الزهراء .
11- ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 115 طبعة اسلامبول و 135 طبعة الحيدرية .
12- فرائد السمطين للحمويني : 1 / 72 و 74 و 315 طبعة 1 بيروت .
13- تاريخ اليعقوبي : 2 / 35 و صححه طبعة الحيدرية في النجف .
14- الغدير للعلامة الأميني : 1 / 230 عن كتاب الولاية لابن جرير الطبري صاحب التاريخ .
15- تاريخ ابن كثير الدمشقي الشافعي : 5 / 210 كتاب النشر و الطي .
16- إحقاق الحق : 6 عن : المناقب لعبد الله الشافعي : 106 مخطوط .
17- أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي الأمر تسرى : 568 و 67 طبع لاهور ، الكشف و البيان للثعلبي مخطوط .
18- روح المعاني للالوسي : 6 / 55 ط المنيرية وراجع 4 / 282 ط دار الفكر بيروت .
19- البداية و النهاية لابن كثير الدمشقي الشافعي : 5 / 213 و : 7 / 349 طبعة القاهرة .
20- التفسير الكبير لفخر الدين الرازي : 12 / 42 ، ط دار الكتب العلمية بيروت .
21- شواهد التنزيل لعبيد الله بن عبد الله بن أحمد : 1 / 190 ، ط منشورات الأعلمي بيروت .
22- مسند احمد بن حنبل لأبو عبد الله احمد بن حنبل بن هلال الشيباني: 4/ 281 ، ط دار صادر بيروت.
*
تفسير آية التبليغ المباركة :
« يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ » :
يخاطب الباري تعالى في الآية الشريفة النبي محمد بـ«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ» . وقد ورد الخطاب : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ» عدة مرات في القرآن الکریم ، إلا أنّ الخطاب : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ» لم یرد فی القرآن الكريم سوی مرتين ، وهذا یدلّ علی أهمّیه الموضوع الذی یتضمنه هذا الخطاب الإلهی للرسول صلی الله علیه وآله وسلم .
« بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ » :
یقول الراغب فی کتابه «مفردات القرآن» إنّ هذه الکلمة في الواقع فیها تأکید أشدّ من کلمه «أَبْلِغْ» لأنّه بالرغم من أنّ هذه الکلمة أیضاً لم ترد إلّامرّة واحدة فی القرآن الکریم ، إلّاأنّ کلمه «بَلّغْ» مضافاً إلی مفهوم التوکید فیها تتضمّن التکرار ، أي أنّ هذا الموضوع مهم لدرجة كبيرة یجب إبلاغه إلی الناس بصورة مکررة .
« وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ » :
إنّ هذه المهمّة لو لم یؤدّها النبي للناس فکأنّه لم یؤدّ الرسالة الإلهیة بشکل عام ، أي أن هذا الأمر مساوق لترك تبليغ الرسالة بأكملها .
« وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » :
وبما أن هذا الأمر المُنزل والمأمور بتبليغه في غاية الأهمية، فمن الطبيعي أن يكون هناك خطر على نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو على دين الله تعالى من جراء ردود الفعل المختلفة ، ولکن اللَّه تعالی یعِد نبیّه بحفظه من جمیع الأخطار وردود الفعل المحتملة .
« إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ » :
الأشخاص الذین یصرّون العناد على أمر رسول الله والإصرار علی عقائدهم الزائفة وأفکارهم الباطلة لا یستحقون الهدایة وسوف يدخلون في موقع الكفر ولن ینالوا نعمة الهدایة من اللَّه تعالی .
*
من العلماء الذين قالوا بنزول الآية في شأن تنصيب علي بن أبي طالب :
1- الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفي سنة 310هـ.
2- الحافظ ابن أبي حاتم أبو محمد الحنظلي الرازي، المتوفي سنة 327هـ.
3- الحافظ أبو عبد الله المحاملي، المتوفي سنة 330هـ.
4- الحافظ أبو بكر الفارسي الشيرازي، المتوفي سنة 407 أو 411هـ.
5- الحافظ ابن مردويه، المتوفي سنة 410ه.
6- أبو اسحاق الثعلبي النيسابوري، المتوفي سنة 427هـ.
7- الحافظ أبو نعيم الاصبهاني، المتوفي سنة 430هـ.
8- أبو الحسن الواحدي النيسابوري، المتوفي سنة 468هـ.
9- الحافظ أبو سعيد السجستاني، المتوفي سنة 477هـ.
10- الحافظ الحاكم الحسكاني أبو القاسم.
11- الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعي، المتوفي سنة 571هـ.
12- أبو الفتح النطنزي.
13- أبو عبد الله فخر الدين الرازي الشافعي، المتوفي سنة 606هـ.
14- أبو سالم النصيبي الشافعي، المتوفي سنة 652هـ.
15- الحافظ عزّ الدين الرسعني الموصلي الحنبلي، المتوفي سنة 661هـ.
16- شيخ الإسلام أبو اسحاق الحموي، المتوفي سنة 722هـ، في كتاب فرائد السمطين.
17- السيد علي الهمداني، المتوفي سنة 786هـ.
18- بدر الدين العيني الحنفي، المتوفي سنة 855هـ، في كتاب عمدة القاري في شرح صحيح البخاري.
19- نور الدين بن الصباغ المالكي المكي، المتوفي سنة 855هـ.
20- نظام الدين القمي النيسابوري.
21- جلال الدين السيوطي الشافعي، المتوفي سنة 911هـ.
22- السيد عبد الوهاب البخاري، المتوفي سنة 932هـ.
23- السيد جمال الدين الشيرازي، المتوفي سنة 1000هـ.
24- القاضي الشوكاني، المتوفي سنة 1250هـ.
25- السيد شهاب الدين الآلوسي الشافعي البغدادي، المتوفي سنة 1270هـ.
26- الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، المتوفي سنة 1293هـ.
27- الشيخ محمد عبده المصري، المتوفي سنة 1323هـ.