يا نَسْمَة ً رنّحتْ أعطافَ وادينا
قِفي نُحيِّيك أو عوجي فحيِّينا
مرَّتْ مع الصبح نَشْوَى في تكسُّرها
كأنَّما سُقِيتْ من كفِّ ساقينا
أرختْ غدائرَها أخلاطَ نافِجة ٍ
وأرسلتْ ذيلَها ورداً ونِسْرينا
كأنّها روضة ٌ في الأفقِ سابحة ٌ
تمجُّ أنفاسُ مَسْراها الرياحينا
هبَّتْ بنا من جنوبِ بغداد ضاحكة ً
فيها من الشوقِ والآمالِ ما فينا
إنّا على العهدِ لابُعدٌ يحوِّلنا
عن الودادِ ولا الأيامُ تُنْسينا
أثرتِ يا نسمَة الشام لاعجة ً
وهِجْتِ عُشَّ الهَوى لوكنتِ تدرينا
وسِرْت كالحلم في أجفان غانية
ونشوة الشوق في نجوى المحبينا
ويحي على خافقٍ في الصدر محتبسٍ
يكاد يطفر شوْقاً حين تسرينا
مرّت به سنواتٌ مابها أَرَجٌ
من المُنَى فتمنّى لو تمرّينا
نبّهتِ في مصرَ قُمْريَّا بِمُعشبة ٍ
من الرياض كوجهِ البِكْر تلوينا
فراح في دَوْحِهِ والعودُ في يده
يردّد الصوتَ قُدْسيا فُيشْجينا
صوتٌ من اللّه تأليفاً وتهيئة ً
ومن حفيفِ غصونِ الروْضِ تلحينا
يَطيرُ من فَننٍ ناءٍ إلى فَنَنٍ
ويبعَثُ الشدْوَ والنجوَى أفانينا
ياشاديَ الدَوْحِ هل وعدٌ يقربُنا
من الحبيبِ فإنَّ البعدَ يُقْصينا
تشابهت نَزَعاتٌ من طبائعنا
لما التقتْ خَطَراتٌ من أمانينا
علي الجارم