ليلة رأس السنة: كل ناس براس…شعوب وعادات وتقاليد في استقبال العام الجديد
من لبنان الى أوروبا الى الأميركيتين، احتفل العالم بالعام الجديد، في ليلة ما كانت يوما ككل الليالي، سحر وأضواء واحتفالات وضجيج “ملغم” بألف معنى ومعنى، فيها حلو استقبال عام جديد وفيها مرّ وداع عام رحل، ليلة غريبة رهيبة تحييها شعوب العالم بأسره، كل على طريقته “مدججة” بعادات وتقاليد عمرها ألاف السنين لا تخلو من غرابة وطرافة يلامس بعضها الجنون والشعوذة، لكل منها تاريخها، جذورها ورموزها، وما زال هاجسها منذ أقدم الأزمان وحتى أيامنا: جلب الحظ والخير وطرد النحس.
هي ليلة رأس السنة أقدم الأعياد وأكثرها انتشارا وأضواء وشهرة، سجل عابق برائحة الأزمان خط بذهب عادات وتقاليد وهواجس بشرية تتظهّر على ضجيج صحون تتكسر ومفرقعات تضيء السماوات تتأهل بالآتي.. ليلة رأس السنة، من البابليين الى الفراعنة الى الرومان فإلى عالم 2018، حقائق لا تعرفونها! نرويها تاريخ من عادات وتقاليد…
تقول الحكاية، إنه من أرض العراق انطلقت حكاية عيد رأس السنة، كان ذلك منذ 2000 سنة ما قبل الميلاد حين أطلقت مدينة بابل أول مهرجان عرفه التاريخ إحتفالاً برأس السنة، في حقبة لم تكن السنة الشمسية قد عرفت بعد، وكانت الدورة الزمنية المعروفة آنذاك تتمثل في الزمن المحصور بين موسمي زرع البذور وجني المحاصيل، ليحتفل البابليون بعيد رأس السنة في الإعتدال الربيعي، أي أواخر شهر آذار، بحيث تبدأ الإحتفالات مع بدء الربيع وتستمر أحد عشر يوماً، تبدأ بالشعائر الدينية الطقسية، عندما يستيقظ “الكاهن” قبل الفجر بساعتين، فيغتسل في مياه الفرات المقدسة، ويرفع ترنيمة إلى “ماردوك” إله الزراعة الأكبر، متوسلاً إليه أن يكون الموسم الجديد ذا عطاء وفير. وتترافق الاحتفالات مع كثير من الطعام والخمر والمشروبات الثقيلة، ليس للمتعة وحسب بل، والأهم، كعربون تقدير للإله «ماردوك» الذي أنعم عليهم في حصاد العام المنصرم. وفي اليوم السادس من الإحتفال تعرض مسرحية المهرّج المتنكر تقدمة إلى آلهة الخصب، وتتبع بعرض ضخم ترافقه الموسيقى والرقص وبعض التقاليد التي تبدأ عند المعبد وتختتم في ضواحي بابل ضمن بناء خاص أطلقوا عليه “دار السنة الجديدة”…
الفراعنة و”اليوم الجديد”
هم البابليون أولا إذاً، وما تأخر عنهم الفراعنة… ومعهم، شهد عيد رأس السنة لأول مرة “كرنفال الزهور”، الذي ابتدعته كليوباترا ليكون أحد مظاهر العيد خصوصاً أنه تزامن مع الإحتفال بعيد تربعها على العرش. وحين دخل الفُرس مصر احتفلوا مع المصريين بعيد رأس السنة وأطلقوا عليه اسم “عيد النيروز” أو “النوروز”، ومعناه باللغة الفارسية “اليوم الجديد». وكان الفرس أول من أطلق تقليد الهدايا في هذه المناسبة بتقديم البيض على سبيل التبرك بالخصوبة.
طريقة إحتفال المصريين بالعام الجديد كانت تبدأ بخروجهم إلى الحدائق والمتنزهات والحقول، يستمتعون بالورود والرياحين، تاركين وراءهم متاعب الحياة على مدار السنة، وتستمر إحتفالاتهم بالعيد خلال تلك الأيام الخمسة التي أسقطوها من التاريخ خارج بيوتهم. وكانوا يقضون اليوم في زيارة المقابر، حاملين معهم سلال الرحمة كتعبير عن إحياء ذكرى موتاهم كلما انقضى عام، ورمز لعقيدة الخلود التي آمن بها المصريون القدماء. ثم يقضون بقية الأيام بإقامة حفلات الرقص والموسيقى ومختلف الألعاب والمباريات والسباقات ووسائل الترفيه والتسلية العديدة.
ومن أقدم تقاليد الفراعنة إحتفالا بعيد رأس السنة صناعة الكعك والفطائر، والتي انتقلت بدورها من عيد رأس السنة لتلازم مختلف الأعياد. وكانت الفطائر مع بداية ظهورها في الأعياد تزيّن بالنقوش والطلاسم والتعاويذ الدينية.
الرومان.. يوم بداية الربيع
أما الرومان فاختاروا “يوم بداية الربيع” أي الخامس والعشرين من آذار للاحتفال بعيد رأس السنة الجديدة، إلا أن الأباطرة ورجال الدولة كانوا يحاولون بإستمرار التلاعب بطول الأشهر والسنين لكي يطيلوا فترة حكمهم المخصصة لهم. ولم يعد تأريخ التقويم يتزامن مع المقاييس الفلكية بحلول العام 153 ق.م. لذا رأى المجلس الروماني الأعلى ضرورة تحديد العديد من المناسبات والأعياد العامة. فأعلن الأول من كانون الثاني بداية للعام الجديد. وخصص الرومان هذا اليوم في السنة الجديدة نسبة إلى تمثال “جانوس” وتصوروه على هيئة إنسان ذي وجهين باتجاهين متعاكسين، وفي يوم الاحتفال برأس السنة كانوا يلقون نظرة إلى الماضي من خلال وجه جانوس مودعين ونظرة إلى العام الجديد مستبشرين، وكان له معبد تفتح أبوابه أيام الحرب وتغلق أيام السلم، وله 12 باباً أي بعدد شهور السنة، وفي أول يوم كان الرومان يحتفلون بالمواكب، وهذا العيد أصبح لاحقا هو رأس السنة الميلادية، حتى أن شهر كانون الثاني باللغة الإنكليزية سمي January نسبة إلى الاله Janus.
كنيسة روما تطلق رأس السنة
وإستمر الأباطرة بإقامة إحتفالات رأس السنة الجديدة حتى بعد إعتناقهم الديانة المسيحية، حيث حضّت الكنيسة الكاثوليكية الناشئة على القضاء على كل المناسبات الوثنية، وأدانت تلك الطقوس وحرمت المسيحيين من المشاركة فيها. ومع انتشارها في العالم أخذت الكنيسة تؤسس تدريجياً لمناسباتها الخاصة بها، معتمدة أسلوب حجب أعياد الوثنيين باعتماد مواعيدها مواعيد جديدة لأعياد مسيحية بدأت تشق طريقها واسعا بين المؤمنين في كل أنحاء العالم بروحيتها ومفاهيمها، وهكذا، وفي العام 1582 قررت الكنيسة الكاثوليكية في روما اعتماد الأول من كانون الثاني يوم رأس السنة الجديدة، وانطلق ولا زال ويبقى، مترافقا مع إطلالة كل سنة جديدة بطقوس احتفالية عجيبة وغريبة تختلف باختلاف الحضارات والشعوب، لا تخلو غالبا من الطرافة والغرابة، كثير منها لعب دورا مهما في جذب السياح والزوار ليروا بأعينهم كيف تمارس هذه العادات.
لكن احتفالات مدن العالم في ليلة رأس السنة بقدوم العام الجديد لا تحدث في وقت واحد وإنما تنطلق مع دقات الساعة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب مرورًا بأوروبا والشرق الأوسط، وفيما جزر ككريباتي وساموا تكون أول المحتفلين فإن جزر هاواي هي آخر المناطق احتفالاً بهذه المناسبة. وتشتهر العاصمة الأسترالية سيدني بأنها أول مدينة كبرى تستقبل العام الجديد وتنتقل أخبار احتفالاتها وصور ألعابها النارية إلى مدن العالم الأخرى التي تكون على وشك الاحتفال هي الأخرى بنهاية عام وحلول عام جديد وغالبا على أنغام أغنية صارت بمثابة نشيد يغنيه الجميع بهذه المناسبة “آولد لانغ سين” أو «الأوقات تمضي» التي كتبها الشاعر الاسكتلندي روبرت بورنز عام 1788.
نيويورك.. الاحتفالات الأضخم
اما أول احتفال بإطلاق الألعاب النارية عرفه العالم في هذه المناسبة، فكان عام 1904 في تايمز سكوير في نيويورك، ونظم من قبل “نيويورك تايمز” احتفالا بانتقالها إلى مقراتها الجديدة في «تايمز سكوير» الذي كان يطلق عليه قبل الألعاب بلحظة اسم “لونغاكري سكوير”.
وفي العام 1907 بدأ استخدام كرة رأس السنة التي تتم إضاءتها كل عام باستثناء عامي 1942 و1943 حيث تجمع الناس من دون أن تضاء الكرة بمناسبة الحرب العالمية وبدلا من ذلك اكتفى المحتفلون بدقيقة صمت.
وعام 2008، تم استبدال الكرة التي كانت تزن 700 رطل بأخرى تزن 11875 رطلا وهي مقاومة للرياح، لتتحول احتفالات نيويورك في رأس السنة الى أضخم احتفالات بهذه المناسبة وأكثرها انتظارا ومشاهدة، إذ يتهافت ملايين الأميركيين والسياح كل عام الى ساحة «تايمز سكوير»، المكان المناسب والمفضل لإلقاء تحية الوداع على سنة راحلة واستقبال عام جديد بالهتاف والمرح ولمشاهدة هبوط الكرة المصنوعة من البلور والأضواء المشعة من عمود شاهق، وعلى مدى دقيقة تهبط هذه الكرة لتستقر في قاع العمود، بينما يعد الجمهور الثواني ويطلق الهتافات بالضبط عند منتصف الليل، أي بداية السنة الجديدة. ويراقب الملايين في كل أنحاء العالم هذا المشهد عبر شاشات التلفزة والمواقع الإلكترونية.
من لبنان الى العالم
لكن ماذا عن عجائب وغرائب احتفالات رأس السنة انطلاقا من لبنان فإلى معظم دول العالم… هي حكايات وعادات تتناقل من جيل الى جيل ونرويها…
نبدأ الجولة من لبنان مع “البسترينة” التقليد الشائع في الكثير من القرى اللبنانية، حيث توزّع القطع النقدية على الأطفال صباح رأس السنة، وهي عادة بدأت في الفترة الرومانية حين كان كل إمبراطور يقوم بصكّ عملات تحمل اسمه يوزعها في بداية السنة، فيعطى الأطفال بعض القطع القديمة ويبدأ التعامل بالقطع الجديدة على أمل أن تكون السنة خيّرة وغنية.
كما تنتشر عادة إطفاء الضوء وإعادة إنارته ليلة رأس السنة، ويعود ذلك إلى الديانات القديمة التي كانت تعتبر ضوء الشمس إلهيًا يحمل دفء الحياة، أما الظلام فيعني الموت. لذا يضيء الناس بيوتهم متمنّين أن يبتعد عنهم شبح الموت في السنة الجديدة.
ومن تقاليد اللبنانيين إلقاء الزجاج من النوافذ ليلة رأس السنة، اعتقاداً منهم بأنهم بذلك يكسرون شرور العام الفائت. فإلى تقليد أكثر حداثة عنوانه العريض كازينو لبنان، إذ يتهافت كثير من اللبنانين لتجربة حظهم في ألعاب الميسر يعتبرونها مؤشرا للعام الجديد، فمن ربح يتأمل بعام جديد يحمل إليه حظا وفيرا ومالا ونجاحا ومن خسر عاد الى بيته متأبطا خوفه وقلقه من عام جديد قد يكون على شاكلة فاتحته.
حظك في السفر من رأس السنة
ومن لبنان الى كوبا، إذا كنت تشعر بأن حظك في السفر قليل وسيئ، فإن الكوبيين يوصونك بأن تقوم بالدوران في منزلك وبصحبتك حقيبة سفر عندما تعلن الساعة عن انتصاف ليل رأس السنة، فمن المفترض أن ذلك سيجلب لك فرص سفر سعيدة في العام الجديد.
من اليونان الى الدنمارك
والى أوروبا، بدءا من اليونان، حيث العديد من التقاليد العريقة بمناسبة عشية رأس السنة، منها لعبة ورق الشدّة لكسب المال، والرابح عليه ألا يقلق بشأن وضعه المادي في العام المقبل، أما الخاسر فحظه سيئ. إلى جانب ذلك يقوم اليونانيون برمي الرمان على الأرض وذلك لجلب الحظ الوفير والثروة أيضاً. ومن أهم وأقدم العادات عند اليونانيين، القيام بتكسير قطع الزجاج احتفالاً بالعام الجديد. وعادة “التكسير” موجودة أيضاً في الدنمارك، فعادةً ما يقوم الدنماركيون بتخزين الأطباق القديمة طوال العام لكسرها أمام الباب الأمامي للمنزل لجلب الحظ الحسن، فكلما ازدادت كمية الأطباق المحطمة أمام باب المنزل دل ذلك على كثرة أصدقاء قاطني المنزل.
ألمانيا
في ألمانيا تحظى الألعاب النارية بشعبية كبيرة، وفي كل عام تستضيف مدينة برلين واحدة من أكبر احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة في كل أوروبا، ويحضرها سنوياً أكثر من مليون شخص أمام بوابة براندنبورغ رمز مدينة برلين بساحة باريسر التاريخية .
وتعد ألمانيا من أكثر دول العالم شهرة في استقطاب السياح لمشاهدة عروض الألعاب النارية المثيرة، حيث يتجمع الألمان والسياح في ساحات المدن في كل أنحاء البلاد، ويترافق ذلك مع عادات غريبة، منها كشف نبوءة العام الجديد عن طريق الرصاص الذائب، من خلال إذابة تماثيل صغيرة من الرصاص بوساطة لهيب الشمع، ثم صَبّ المادة السائلة في وعاء صغير مملوء بالماء، وعندها، تتشكّل قطع صغيرة، توحي معانيها بما سيحمله العام الجديد لصاحب هذا الوعاء، فما يشبه القلب يدلّ على الحب مثلاً .
الإيطاليون.. والعدس
يطلق في إيطاليا على ليلة رأس السنة ليلة القديس سلفستر، ويقام فيها عدد من الطقوس التقليديّة المتوارثة، مثل ارتداء الملابس الحمراء والتخلص من الأغراض القديمة أو غير المستخدمة وقذفها من النافذة.
أما الطبق الرئيسي في هذه الليلة فهو العدس الأصفر، وهي عادة لا يمكن أن يفوّتها الإيطاليون في آخر أيام السنة، فهي حسب معتقداتهم تجلب الرزق، فيؤكل الحساء والعدس عندما يقرع جرس منتصف الليل، ملعقة واحدة لكل جرس. كما كان قديماً يتم إلقاء الأثاث البالي من النوافذ عند الساعة 12 مساء. وفي منتصف الليل، يتم عرض الألعاب النارية في جميع أنحاء البلاد.
إسبانيا
وفقًا للتقاليد الأسبانية فإن ارتداء الملابس الجديدة والملابس الحمراء في ليلة رأس السنة الجديدة يجلب الحظ السعيد. ومن التقاليد المتوارثة تناول اثني عشرة حبة من العنب، واحدة على مدار الساعة. يعود جذور هذا التقليد إلى عام 1909، واتبعه كل الإسبان تقريبًا، وأصبح تناول حبات العنب الاثنتي عشرة مرادفًا لعشية رأس السنة. وبعد العد التنازلي للسنة الجديدة يقوم الناس بتحية بعضهم البعض ويتبعه نخب مع الشمبانيا، أو مع عصير التفاح.
لندن على دقات “بيغ بن”
في بريطانيا، تعتبر حلوى “البودنغ” جزءا شديد الأهمية في عادات الاحتفال برأس السنة. خلال عملية صنع هذه الحلوى، يمارس البريطانيون عادة غريبة، فيتمنون أمنية مهمة تصاحب مزج مكوّنات البودنغ، ولا بدّ من أن تكون أيديهم خلال عملية المزج في اتجاه عقارب الساعة، معتقدين أنه بهذه الطريقة فقط يمكن أن تتحقق الأمنية.
طقوس المملكة المتحدة تقليدية وتاريخية متجذرة بقدم المعالم في العاصمة لندن، ويتجسد هذا في دق جرس الانتقال إلى السنة الجديدة عبر ساعة “بيغ بين” التاريخية، وبرج الساعة في قصر “ويست مينستر” مقر البرلمان.
وتتميّز الاحتفالات في بريطانيا بطقوسها العائلية المميزة فعند قرب الدخول إلى العام الجديد يمسك البريطانيون بعضهم بأيدي بعض، ويشكلون حلقات دائرية ويغنون “أولد لانغ ساين” الاسكتلندي العالمي الذي كتبه روبرت برنز وترجم إلى معظم لغات العالم، ويمتاز بلحنه الموحد بكل لغات العالم. وليس هذا فحسب بل إن البريطانيين والسياح يتجمعون أمام عجلة لندن لمشاهدة متعة 8 دقائق من الألعاب النارية المبهرة، وفي صبيحة أول أيام السنة يشاهدون في العاصمة لندن موكب رأس السنة الجديد المقام منذ 1987 بمشاركة الآلاف من الموسيقيين والعازفين.
فرنسا.. الضوضاء لطرد الأرواح الشريرة
في الوقت الذي تلف فيه الضوضاء أوروبا احتفالا بليلة رأس السنة، تتعامل فرنسا مع هذا التقليد بشكل خاص، إذ ثمة اعتقاد قديم بأن الضوضاء تطرد الأرواح الشريرة بعيدا، لذا فهم يبالغون في الضوضاء والأصوات الصاخبة.
ويعتقد الفرنسيون أن أول شخص يدخل المنزل في أول يوم من السنة الجديدة، يرمز الى ما ستكون عليه السنة بالنسبة لأصحاب البيت. وينبغي أن يكون زائر منتصف الليل ذكراً في المقام الأول، وهذا بسبب اعتقادهم أنه يجلب الثروة.
نصيحة الروس: أوفو ديونكم قبل منتصف الليل
على امتداد أكبر دول العالم مساحة تتعدد الاحتفالات على فترات زمنية مختلفة بسبب الاختلاف الزمني في مناطقها، كانت الاحتفالات الأساسية في روسيا تقام في عيد الميلاد أو “الكريسماس”، ولكنها ألغيت مع حظر النظام الشيوعي لهذا الاحتفال. وإن اختلفت عادات الشعوب الروسية في استقبال السنة الجديدة، ولكن هناك العديد من التقاليد المشتركة، منها اعتياد الروس تمضية ليلة رأس السنة مع العائلة أو الأصحاب، لتبدأ الاحتفالات قبل ساعة أو ساعتين من منتصف الليل لتودع السنة المنصرمة عبر تذكر أبرز أحداثها، ويعم الصمت قبل 12 ثانية إفساحاً في المجال لأمنيات السنة المقبلة، وينصحك الروس بإيفاء كامل ديونك قبل منتصف الليل وإلا بقيت كل السنة مديوناً، كما أنهم يستبشرون خيراً إذا ما كان أول زائري السنة الجديدة رجلاً.
في روسيا، تُعد ليلة رأس السنة أكثر من ليلة، فهي عيد من عالم الطفولة، يحتفلون بها من خلال الألعاب النارية والزهور والرقصات وغيرها، كما أنهم يضعون الهدايا تحت شجرة عيد الميلاد، ولجلب الحظ يتبادلون حيوانات رمزية من التقويم الصيني أو يرتدون ملابس بهذا التصميم.
اليابان والضحك
يشرع اليابانيون في استقبال العام الجديد بتنظيف منازلهم وتزيينها بـ”كادوماتسو” أي قطعة البوابة، وهي قطعة ديكور تقليدية، و”الشميناورا” ويستخدم فيه قش الأرز على شكل حبل ملتف يضعونه أمام المنزل، وتدق المعابد اليابانية 108 أجراس قبل منتصف الليل، وفي مدن يابانية مختلفة يحتفلون برأس السنة من خلال إقامة الحفلات ومشاهدة الألعاب النارية، خاصة في العاصمة طوكيو التي تكتظ بالزوار.
ومن التقاليد في اليابان تزيين المنازل بأكاليل الزهور في ليلة رأس السنة، لأنها تطرد الأرواح الشريرة وترمز للحظ والسعادة. ومع حلول السنة الجديدة يشرع اليابانيون في الضحك لإيمانهم بأنه يجلب الحظ الجيد أيضاً.
الصين وصور الأجداد
أما الصينيون فيحتفلون برأس سنتهم الخاصة المعروفة بـ”عيد الربيع” أو السنة القمرية الجديدة، ويبدأ الاحتفال بها بداية أول شهر قمري في السنة الصينية، وغالباً ما تصادف في كانون الثاني أو شباط، لكن على الرغم من هذا يحتفل الصينيون برأس السنة الميلادية خاصة في العاصمة بكين وبعض المدن الأخرى مثل شنغهاي وشيامن من خلال حفلات موسيقى الروك الصاخبة أو الألعاب النارية في حديقة ميناء سولونا مع فقرات راقصة من العروضات الفلكلورية التقليدية. ومنذ سنين يقام في ليلة رأس السنة مهرجان للأضواء في وسط مدينة شنغهاي.
المكسيك… النار للتخلص من الشر
عند البدء بالعد التنازلي قبل بداية العام الجديد ب12 ثانية يتناول المكسيكيون كما في إسبانيا مع كل ثانية حبة عنب مع تمني أمنية ما، بعد كل حبة، وتزيّن العائلات بيوتها بديكورات وألوان مختلفة ترمز إلى أمنياتهم للعام الجديد، فمن يلوّن بيته بالأحمر يعني تنمية وتطوراً في الحياة والحب، ومن يلوّنه بالأصفر يتمنى تطوير وضعه الوظيفي، والأخضر يعني تطوير المستوى المالي، والأبيض للصحة، ومنهم من يضع 12 حدثاً سيئاً على ورقة لا يتمنون حصولها في العام الجديد ويرمونها في النار رمزاً للتخلص من الشر، وفي العاصمة مكسيكو تزدهر المهرجانات الاحتفالية خاصة في الساحة العامة.
جنوب إفريقيا… انتبه الى رأسك!
تستقبل السنة الجديدة على طريقتها الخاصة، فتعم الحفلات الطرق والساحات ويعلو صوت الموسيقى والرقص، ولكن الكرنفال الحقيقي يبدأ في اليوم الثاني، حيث يرتدي الأفارقة الملابس المملوءة ألواناً فاقعة على وقع أجراس الكنائس وأصوات الرصاص الحي، أما إذا كنت تمضي ليلة رأس السنة في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا وتحديداً في منطقة Hill Brow، فعليك أخذ أعلى درجات الحذر إذا قررت التجوّل ليلاً، فالنصيحة الثمينة التي يمكننا إهداءها إليك: “احترس من إيذاء رأسك”، حيث إن أشهر تقاليد الاحتفال بليلة رأس السنة هناك القيام بإلقاء الأثاث المنزلي القديم والأجهزة المعطوبة كالراديو والتلفاز من شرفات المنازل، وفي جو احتفالي جنوني كهذا لن يكون لسلامة رؤوس المشاة أي اعتبار.
دبي … مليون زائر
تعد الاحتفالات القريبة من برج خليفة أبرز ما في دولة الإمارات، وتعتبر ليلة لا تنسى لاحتوائها على عدد من الألعاب النارية والضوئية والمائية تختلط بالموسيقى الكلاسيكية الحية والشلالات المطلة من الشاشات العملاقة، يشهدها قرابة مليون زائر كل عام.
بولندا
تزيّن الفتيات البولنديات أنفسهن على شكل أرنب ويأكلن الخضروات الخضراء معتقدات أن ذلك يجلب التوفيق والخير.
بورتوريكو
يحتفل البورتوريكيون بالسنة الجديدة برشق المارة بالماء، للتخلّص من الطالع السيىء ولجلب الحظ في السنة الجديدة، كما يرشون المنزل ومحيطه بالسكر.
النروج: إحذروا الساحرات
وللغاية نفسها يتم إخفاء جميع المكانس في النروج يوم رأس السنة لاعتقاد قديم بأن الساحرات والأرواح الشريرة تأتي في هذا اليوم لسرقة المكانس والطيران بها إلى السماء.
البرازيل: الأبيض لجلب الحظ
يعتقد البرازيليون أن السنة الجديدة ستكون مفعمة بالحظ والسلام إذا ارتدوا الملابس البيضاء في ليلة رأس السنة، ويضيؤون الشموع على الشاطئ لاعتقادهم أن آلهة البحر ترى شموعهم المضاءة فتحقق لهم رغباتهم وأمنياتهم.