يا ترى هل الإقناع فن أم علم؟ قد يكون فنًا وعلمًا في نفس الوقت، فقد نرى أشخاصًا مقنعين من نعومة أظافرهم، كما يمكن تعلم الإقناع من خلال النظريات ثم الممارسة والتطبيق، وسأذكر عدة نقاط تمكننا من أن نكون أشخاصًا مقنعين أكثر في حياتنا اليومية، ويمكنكم تجربتها لتشعروا بالفرق، فأنا شخصيًا لا أحب الكتابة في موضوع قبل أن أجرب ما أكتبه، فالتجربة خير برهان.
كيف يمكننا أن نكون أشخاصًا مقنعين في حياتنا اليومية؟
- طريقة اللباس
نحن نقول: “الكتاب واضح من عنوانه”، البشر يحكمون على بعضهم من خلال منظرهم في ثوانٍ معدودة وهذه طبيعة بشرية، فإن كنت تلبس ثيابًا تساند الرسالة التي ستوجهها فستكون أكثر إقناعًا، على سبيل االمثال: تخيل بأنك في حفلة تخرجك في الجامعة وأردت إلقاء خطاب للخريجين وكنت تلبس “تي شيرت” و “شورت” قصير، هل سيستمع إليك الجمهور؟ أو تخيل بأنك ذاهب إلى الشاطئ وأنت مرتدي لبدلة سوداء وربطة عنق زرقاء؟ ماذا سيحكم الناس عليك؟ في إحدى مقابلات العمل في شركتي السابقة رفضت أحد المرشحين لوظيفة بائع لأنه كان قادمًا وهو يلبس “تي شيرت” ونعالا بالية فقد أظهر عدم جديته، وفي إحدى شركات العقارات التي عملت بها في السابق، طرد المدير أحد الموظفين لأنه لم يكن يرتدي “ربطة عنق”! نعم، تسريحة الشعر، الثياب، الحذاء، طريقة وضع المكياج، العطر، جميعها تؤثر في إقناع الأشخاص المحيطين بنا وخصوصا في إقناع الزبائن.
- اختر نبرة الصوت المناسبة لرسالتك
إن كنت متحمسًا لموضوع معين أظهر ذلك، تدرج بين الأصوات ولا تستخدم نغمة واحدة فيمل الجمهور منك، عندما تقول للناس شيئًا من القلب كن مرتاحًا وأنت تقوله وأثبت ذلك، الناس تشعر بما تقوله من خلال نبرة صوتك، هل لاحظت بأن الناس تعلم ما هي حالتك من خلال نبرة صوتك في سماعة الهاتف؟ مثلا إن كنت حزينًا أو حتى نائمًا سيعلم المتحدث من خلال الهاتف بحالتك خلال ثوانٍ معدودة. نعم نبرة الصوت تؤثر في عملية الإقناع، أنظر إلى أفضل المتحدثين في العالم وستلاحظ مهاراتهم في استخدام نبرات صوتهم لمساندة رسالتهم للناس، لا مانع لأن تحاكيهم أيضًا كنوع من التدريب.
- استخدم القصص
تُعد القصص نموذجًا رائعًا لبث أحاسيس معينة في نفوس الأشخاص، كما تُعد طريقة رائعة للفت النظر وزرع المفاهيم المراد نشرها في الأذهان. إن كنت تتحدث عن موضوع معين استخدم كلمات مثل: تخيل، هل شعرت، هل تصدق؟ استخدام كلمات مثل هذه ينقل المشاعر مباشرة، واستخدام القصص أمر رائع ينبغي تجربته لتكون أكثر إقناعًا.
- النقاط المشتركة
النقاط المشتركة تجعلك قريبًا للناس والمديح يزيد المحبة، مثلا أن تقول: أنا فلاح مثلكم، أنا أتيت من حيث ما أتيتم، أنا شعرت بك لأنني جربت هذا الموضوع، كنت أعمل في هذه الشركة أو في هذه المهنة وهي حقًا رائعة. كلما وجدت نقاطًا مشتركة بينك وبين الشخص الذي يقابلك فأنت توجد نوعًا من الانسجام. تذكر: الطيور على أشكالها تقع. يمكنك أن تبدأ كلامك في الخطابة مثلا بقولك: أنا ممتن جدًا لوجودي مع أشخاص متحمسين ورائعين مثلكم، والحقيقة أنا متحمس جدًا لبدء البرنامج لأننا نجتمع اليوم لنتحدث في نفس المبادئ المشتركة والرائعة.
- المطابقة
لا تنسَ طريقة الجلوس والإيماءات ولغة الجسد، فإن طابقتها مع من يجلس معك ستحاكيه بشكل لا شعوري.
- التوقف بين الكلمات
مثلًا أن تقول شيئًا ثم تسكت، أو تذكر مثالًا ثم تسكت، السكوت يلفت الانتباه وقد يضع المستمع بعين الاعتبار بأنك ستقول شيئًا مهمًا فتزيد قدرتك على إقناعه.
- وضع الألقاب قبل الوصف
وضع الأوصاف سواء الحسنة أم الذميمة يساعد في الإقناع، ومثلًا إن كنت تعرف أناسًا بشخص ما وأخبرتهم بالتالي: أعرفكم على صديقي الذكي والمثقف، وهو في الحقيقة من أذكى وأروع الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي، صديقي محمد.من خلال هذه النبذة سيحترمه الطرف الآخر تلقائيًا وسيكون أكثر إقناعًا.
ومثال آخر على هتلر: كان يصف اليهود بالحشرات والنفايات وكان يحمس الشعب دائمًا ففاز بتأييدهم. ماذا عن أمريكا والراحل صدام حسين؟ كانت أمريكا تطلق عليه ألقابًا كثيرة مثل “هتلر الجديد” وذكر هذا الوصف أكثر من 1000 مرة في الإعلام، مما أثار الرأي العام الأمريكي أثناء حرب الخليج وحصل الرئيس السابق بوش على الموافقة بنسبة ضخمة.
- تلطيف الكلام
في الأربعينيات من القرن الماضي غيرت أمريكا اسم وزارة الحربية إلى وزارة الدفاع، كما تم تغيير اسم الصاروخ النووي إلى اسم صاروخ حفظ السلام، وتم استبدال كلمة الاستعمار بكلمة حفظ السلام (وخصوصًا الكيان الصهيوني)، أو الفوضى بالديمقراطية، نعم هذه الكلمات البسيطة تقنعنا بشكل لا واعٍ ولو بنسبة ضئيلة.
- التضاد والاستعارة والتكرار وقاعدة الثالث
استخدام التضاد أو الاستعارة أو التكرار يرسخ الجملة أكثر في العقول، مثلا: العلم نور والجهل ظلام، أو هل يستوي الأعمى والبصير؟ أو عندما كرر لوثر كينج جملة لدي حلم 3 أو 4 مرات، أو الاستعارة مثل: كانت حياتي شاقة جدًا، كانت حياتي كالصحراء القاحلة حتى هطل الغيث علي واستطعت تحقيق أهدافي. لا تنسَ قاعدة الثلاث: ثلاث حجج وثلاث عبارات: حاول وحاول وحاول مرة أخرى، أو حكومة من الشعب وبالشعب ولصالح الشعب.
- الأسئلة المغلقة
الأسئلة المغلقة أسلوب ممتاز لحصر الطرف الآخر في سياق معين، فعندما يزوركم أحد الأشخاص ولم يكن لديكم الشاي لتقديمه: يمكنك أن تسأله بلطف: هل تشرب قهوة أم عصيرًا؟ (المشكلة لو كان لا يفضلهما). ويمكنك سؤال طفلك الصغير: هل ستذهب للنوم الساعة 9 أم 10؟ لكي تضمن بأنه لن يسهر على الأقل.
- السير خلف القطيع
وهذا الأسلوب يستخدم من قبل البائعين الماهرين، فعلى سبيل المثال يقولون لك بأن الخدمة تم طلبها مئات المرات، وأغلبية الناس يفضلونها، أو يمكن تحديد فئة معينة مثلا: نصف طلاب الجامعة لديهم هذا الجوال، ما رأيك به؟ هناك مثل نجدي يقول: مع الخيل يا شقراء، ويعني باختصار سِر خلف القطيع.