مسألة 69] يكره سؤر الحيوان غير مأكول اللحم عدا الهر. وأما المؤمن، فان سؤره شفاء بل في بعض الروايات انه شفاء من سبعين داء. ولعل الأظهر منها حملها على الجانب المعنوي لا الحكمي.
سؤال: ما حكم سؤر الحيوان غير مأكول اللحم, وسؤر المؤمن ؟.
جواب: الأسئار التي حكمنا بطهارتها منها ما يكون محكوماً بالكراهة تارة, ومنها ما يكون محكوماً بالاستحباب تارة أخرى, فهنا نحوان:
النحو الأول: الأسئار المكروهة: ومنها سؤر الحيوان غير مأكول اللحم, كالحيوانات المفترسة كالأسد والنمر, وبعض الطيور كالنسر والصقر, وبعض الأسماك كالحيتان والدولفين. ولكن يستثنى الهر أو القط من الحيوانات غير مأكولة اللحم, فلا كراهة في سؤره.
النحو الثاني: الأسئار المستحبة: ومنها سؤر المؤمن، فإنه قد ورد في الروايات أن سؤر المؤمن شفاء, بل في بعضها الآخر أن سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. والمقصود من هذا الشفاء الموجود في سؤر المؤمن هو الشفاء المعنوي التكاملي الذي يضفيه هذا السؤر على الروح التكاملية, وليس المقصود من هذا الشفاء هو الشفاء الحكمي بحيث يكون حكم هذا السؤر هو الشفاء لجسم الإنسان المادي.
المبحث الثاني
أحكام الخلوة
وفيه فصول
الفصل الأول
في واجبات التخلي
• يجب حال التخلي، بل في سائر الأحوال، ستر بشرة العورة عن كل ناظر مميز، عدا الزوج والزوجة ومن بحكمهما، كالمالك ومملوكته، والأمة المحللة بالنسبة إلى المحلل له، فانه يجوز لكل من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر. نعم، إذا كانت الأمة مشتركة، أو مزوجة، أو محللة، أو معتدة، لم يجز لمولاها النظر إلى عورتها، وكذا لا يجوز لها النظر إلى عورته.
سؤال: ما واجبات التخلي ؟.
جواب: معنى التخلي أو الخلوة هو أن يقصد المكلف مكاناً ليضع فيه حاجته من البول والغائط بعيداً عن أعين الناس, وتسمى حالة خصوص غسل موضع البول بـ(الاستبراء). بينما تسمى حالة خصوص غسل موضع الغائط بـ(الاستنجاء). ومجموع كلا الحالتين – الاستبراء والاستنجاء- تسمى بـ(الخلوة), أو (التخلي). كما ويسمى المكان الذي تتم فيه هذه العملية تارة بـ(الكنيف), وأخرى بـ(بيت الخلاء), وثالثة بـ(المرافق الصحية). ولهذا المعنى أحكامه الشرعية الواجبة والمحرمة والمستحبة والمكروهة؛ أما الأحكام الشرعية الواجبة فيجب على المكلف إذا أراد حالة التخلي، بل في سائر الأحوال والكيفيات مراعاة أمور, ومنها: أن يقوم المتخلي بتغطية وستر عورته عن أعين الناظرين من الناس فيما إذا كانوا ممن يميزون ويشخصون المصالح والمفاسد. ولكن يستثنى من هذا الحكم أشخاص لا يجب على المكلف أن يستر عورته منهم, ومنهم:
الأول: الزوج بالنسبة لزوجته في العقد الدائم والمنقطع, فيجوز للزوج النظر إلى عورة زوجته, وكذا العكس.
الثاني: المالك بالنسبة لمملوكته في ملك اليمين, فيجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته, وكا العكس.
الثالث: الأمة المحللة بالنسبة إلى المحلل له في ملك اليمين, فيجوز للمحلل الآخر أن ينظر إلى عورة محللته, وكذا العكس.
ولكن يستثنى من جواز النظر هذا في ملك اليمين بعض الحالات ومنها:
الأولى: الأمة المشتركة, وهي الأمة التي يشترك في ثمنها جماعة من الرجال, فهنا لا يجوز لأي واحد من الرجال الين اشتركوا في ثمنا النظر إلى عورتها إلا برضا الباقين, وكذلك لا يجوز لهذه الأمة النظر لعورة مالكيها.
والثانية: الأمة المزوجة: وهي الأمة التي قام مالكها بتزويجها, فلا يجوز لمالكها النظر إلى عورتها, ولا يجوز لها النظر إلى عورة مالكها.
والثالثة: الأمة المحللة: وهي الأمة التي قام مالكها بتحليلها إلى محلل آخر, فلا يجوز لمالكها النظر إلى عورتها, ولا يجوز لها النظر إلى عورة مالكها.
والرابعة: الأمة المعتدة: وهي الأمة التي لزمت عدة طلاق أو وفاة, فلا يجوز لمالكها النظر إلى عورتها, ولا يجوز لها النظر إلى عورة مالكها.
• [مسألة 70] العورة الواجب سترها، هي القبل والدبر في الرجل والمرأة، والبيضتان للرجل، والشفران للمرأة، والاحوط إلحاق العجان بها، وهو ما بين القبل والدبر لكلا الجنسين، ولا تدخل فيها العانة وما يقابلها للمرأة , فضلاً عن سائر الجسد.
سؤال: ما حد العورة الواجب سترها ؟.
جواب: إن حد العورة التي يجب على المكلف سترها عن أعين الناس في حال التخلي, بل في سائر الأحوال والكيفيات تختلف باختلاف الجنسين, وإن كان هناك أمور يشترك فيها كل منهما, فهنا نحوان:
النحو الأول: عورة الرجل: وفيه عدة أعضاء:
1- القبل: وهو القضيب وموضع البول المعروف عند الرجال.
2- الدبر: وهو موضع الغائط المعروف عند الرجال.
3- البيضتان: وهما كيسان يحتويان على غدد تناسلية عند الرجال.
4- العجان: وهو المنطقة ما بين القبل والدبر.
النحو الثاني: عورة المرأة: وفيها عدة أعضاء:
1- القبل: وهو الفرج وموضع البول المعروف عند النساء.
2- الدبر: وهو موضع الغائط المعروف عند النساء.
3- الشفران: وهما اللحمان المحيطان بالفرج إحاطة الشفتين بالفم.
4- العجان: وهو المنطقة ما بين القبل والدبر.
ولا تدخل العانة – وهي المحل الذي ينبت فيه الشعر بالقرب من القبل لكل من الرجل والمرأة, ولكن تسميتها بالعانة بالنسبة للرجل, وعند المرأة تسمى بـ(الركب) - في حد العورة لكلا الجنسين, بل لا يدخل سائر أعضاء الجسد سوى ما تقدم من الأعضاء.
• [مسألة 71] يحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها، بمقاديم بدنه وإن أمال عورته، وبعورته وإن أمال بدنه. والاحوط استحباباً إلحاق حالتي الاستبراء والاستنجاء بذلك أيضاً، ولو اضطر إلى أحدهما، فالأقوى التخيير، والاحوط الأولى اختيار الاستدبار.
سؤال: ما محرمات التخلي ؟.
جواب: الأحكام الشرعية المحرمة على المكلف فيما إذا أراد حالة التخلي، بل في سائر الأحوال والكيفيات, ومنها: حرمة استقبال جهة القبلة واستدبارها، على نحو مقدم البدن والعورة؛ أما مقدم أو مقاديم بدنه فهو أن يستقبل أو يستدبر جهة القبلة حال التخلي بما يلي البدن من أمامه وهو البطن والصدر, وإن أمال المكلف عورته عن جهة القبلة. وأما مقدم أو مقاديم العورة فهو أن يستقبل أو يستدبر جهة القبلة حال التخلي بما يلي العورة من أمامها, وإن أمال المكلف بدنه عن جهة القبلة. وهناك احتياط استحبابي في إلحاق حالتي الاستبراء والاستنجاء بحالة التخلي, فهنا حالتان:
الأولى: الاستبراء: وهي حالة غسل موضع البول.
والثانية: الاستنجاء: وهي حالة غسل موضع الغائط.
فيحرم على المتخلي على نحو الاحتياط الاستحبابي أن يستقبل القبلة أو يستدبرها في حالة غسل موضع البول, وفي حالة غسل موضع الغائط. ولكن لو اضطر المكلف إلى بين أن يستقبل جهة القبلة أو يستدبرها فحكمه هو التخيير بين الحالتين, أي إما أن يختار المكلف استقبال جهة القبلة, أو أن يختار المكلف جهة استدبار القبلة, ولكن الاحوط الأولى على المكلف أن يختار حالة استدبار جهة القبلة دون استقبالها, أي أن يستدبر جهة القبلة في حالة الاضطرار.
• [مسألة 72] لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي، إلا بعد اليأس عن معرفتها وعدم إمكان الانتظار، ولو لكونه حرجياً أو ضررياً.
سؤال: ما حكم الاشتباه في القبلة حال التخلي ؟.
جواب: أن الواجب على المكلف معرفة جهة القبلة التي يحرم استقبالها واستدبارها حال التخلي, وأما لو حصل اشتباه للمكلف بجهة القبلة, فهنا لا يجوز له التخلي لعدم تحصيل مقدمة العلم بجهة القبلة. نعم يجوز للمكلف استقبال أو استدبار القبلة حال التخلي في صورتين:
الأولى: حصول اليأس عن معرفة جهة القبلة.
والثانية: عدم إمكان الانتظار، وذلك لكون البحث عن جهة القبلة يستلزم وقوع المكلف بحرج وضرر, لاستغراقه وقتاً زمنياً لا يستطيع تحمله لحاجته للتخلي.
• [مسألة 73] لا يجوز النظر إلى عورة غيره من وراء الزجاجة ونحوها، ولا في مرآة، ولا في الماء الصافي.
سؤال: ما حكم النظر إلى عورة الغير بصورة غير مباشرة ؟.
جواب: تقدم في الأحكام الشرعية الواجبة على المكلف في حالة التخلي وسائر الأحوال ستر العورة وحدها وعدم جواز النظر إليها, وهنا في خصوص عدم جواز النظر, فلا يجوز نظر المكلف إلى عورة غيره مطلقاً, أي سواء كان النظر بصورة مباشرة من دون واسطة, أم كان النظر بصورة غير مباشرة بواسطة, ومن هذه الوسائط:
الأول: أن يقوم المكلف بالنظر إلى عورة غيره من وراء الزجاجة ونحوها من الأجسام الشفافة التي يترائى من ورائها الأجسام.
الثاني: أن يقوم المكلف بالنظر إلى عورة غيره من خلال المرآة التي تعكس صورة الأشياء.
الثالث: أن يقوم المكلف بالنظر إلى عورة غيره من وراء الماء الصافي.
• [مسألة 74] لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه، ولو بالفحوى.
سؤال: ما حكم التخلي في ملك الغير ؟.
جواب: الأحكام الشرعية المحرمة على المكلف فيما إذا أراد حالة التخلي، بل في سائر الأحوال والكيفيات, ومنها: حرمة التخلي في مكان يكون مملوكاً لغيره من دون حصول الإذن من مالك ذلك المكان الذي يريد المكلف أن يتخلى فيه. فيحرم على المكلف التخلي في ملك غيره, ما لم يحرز رضا مالك المكان, وذلك؛ إما أن يقوم المكلف باستحصال إذناً لفظياً من مالك ذلك المكان, أو أن يطمئن المكلف برضا المالك, بحيث لو سأله لأجاب المالك المكلف بكونه راضياً عن هذا التصرف, فيكون إذن المالك غير لفظي, ويسمى بـ(الفحوى).أي أن يعلم المكلف من حال ذلك المالك بموافقته لتصرف غيره في ملكه.
• [مسألة 75] لا يجوز التخلي في المدارس ونحوها من الموقوفات على قبيل معين، ما لم يعلم بعموم الوقف. ولو أخبر المتولي أو بعض أهل المدرسة بذلك كفى. وكذا الحال في سائر التصرفات فيها.
سؤال: ما حكم التخلي في الموقوفات ؟.
جواب: من الأماكن التي لا يجوز للمكلف أن يتخلى فيها, بل سائر الأحوال والتصرفات, هي الأماكن التابعة لجهات خاصة, ومنها: الموقفات الموقوفة بالوقف الخاص, كالمدارس والمعاهد والجامعات وغيرها من الأوقاف الموقوفة على أشخاص معينين, كطلبة العلوم دينية كانت أو أكاديمية. نعم إذا كانت تلك الأماكن موقوفات بالوقف العام من دون تحديد جهة خاصة, أو أشخاص معينين, التي يستكشف منها أن يكون الإذن فيها عاماً يشمل جميع التصرفات, فهنا يجوز للمكلف التخلي في هذه الأماكن. ويكفي في معرفة أن يكون الوقف عاماً, والإذن فيها يشمل جميع التصرفات بأحد نحوين:
الأول: أن يقوم متولي الوقف بإخبار المكلف بعموم الوقف والإذن بجميع التصرفات.
والثاني: أن يقوم بعض ساكني المدرسة من الطلبة بإخبار المكلف بعموم الوقف والإذن بجميع التصرفات.
الفصل الثاني
التطهير عند التخلي
• يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين على الاحوط وجوباً، وتكفي المرة بغير القليل. كما لابد من استيلاء الماء عليه، بنحو يصدق عليه الغسل عرفاً. وأما موضع الغائط، فإن تعدى المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات. وان لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ومسحه بالأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل، مع تقديم الأحجار.
سؤال: كيف تتم عملية التطهير في التخلي ؟.
جواب: يجب على المكلف تطهير محلي أو موضعي البول والغائط في عملية التخلي, وذلك نتيجة خروج النجاسة من كلا الموضعين؛ أما النجاسة التي تخرج من موضع البول فهي البول, وأما النجاسة التي تخرج من موضع الغائط فهي الغائط, وهناك نجاسة أخرى قد تخرج من كلا الموضعين كالدم بتفصيل آت. وأما كيفية التطهير من نجاسة البول والغائط فهي على نحوين:
النحو الأول: تطهير موضع البول: يجب تطهير موضع البول بالغسل بالماء, ولكن يختلف التعدد باختلاف الماء من حيث القلة والكثرة؛ أما الماء القليل فيجب غسل موضع البول فيه مرتين على نحو الاحتياط الوجوبي. وأما الماء الكثير فيكفي في غسل موضع البول فيه مرة واحدة من دون الاحتياج إلى التعدد. وسواء كان الماء قليلاً أم كثيراً فلابد من استيلاء الماء على موضع البول، بنحو يصدق على هذا الاستيلاء الغسل عند العرف. وهناك شرائط معتبرة في تطهير موضع الغائط بالمسحات مضافاً لما تقدم في شرطية استيلاء الماء على موضع البول, سيأتي بيانها في المسائل اللاحقة.
النحو الثاني: تطهير موضع الغائط: يجب تطهير موضع الغائط على نحو التفصيل باعتبار تعدي النجاسة المخرج وعدمه؛ أما إذا تعدت النجاسة المخرج, فهنا يجب على المكلف تطهير موضع الغائط بالغسل بالماء كغيره من المتنجسات التي يجب غسلها بالماء حين تنجيسها. وأما إذا لم تتعدَ النجاسة المخرج, فهنا يتخير المكلف بين التطهير بغسل المخرج بالماء حتى ينقى موضع الغائط, وبين التطهير بمسح المخرج بالأحجار. وغسل المخرج بالماء أفضل من مسحه بالأحجار، ولكن الجمع بين الغسل بالماء وبين المسح بالأحجار أكمل بالطهارة، مع تقديم المسح بالأحجار عن الغسل بالماء. وهناك شرائط معتبرة في تطهير موضع الغائط بالمسحات مضافاً لما تقدم في شرطية تعدي النجاسة المخرج, سيأتي بيانها في المسألة اللاحقة.
• [مسألة 76] يشترط في التطهير بالمسحات الثلاث، ولو بنحو الاحتياط الوجوبي، ما يلي: أولاً: أن لا يتعدى المخرج كما قلنا. ثانياً: التثليث بالمسح. فإن زالت النجاسة قبله، وجب إكمالها، وان لم تزل وجب الزائد حتى تزول النجاسة. ثالثاً: التثليث بالأحجار أو أكثر كما سبق. رابعاً: أن تكون الأجسام قالعة للنجاسة، سواء كانت حجراً أو قماشاً أو قطناً أو غيرها. ولا يجوز غير القالع, كالجسم الهش أو الصقيل. خامساً: طهارة الممسوح به. سادساً: أن لا تكون من الأجسام المحترمة، ولو باعتبار نسبتها إلى عنوان محترم, كالخبز والمصلاة وأوراق الكتب المحترمة. سابعاً: أن لا تكون من العظم والروث. ثامناً: أن لا تكون فيه رطوبة مسرية.
سؤال: ما هي شرائط التطهير بالمسحات الثلاث ؟.
جواب: يجب على المكلف على بنحو الاحتياط الوجوبي مراعاة مجموعة من الشرائط المعتبرة في تطهير موضع الغائط بالمسحات في عملية التخلي, ومنها:
أولاً: أن لا يتعدى الغائط المخرج بتفصيل تقدم في المسألة السابقة.
ثانياً: أن تكون عدد مسحات موضع الغائط ثلاثة, فإن زالت النجاسة قبل الثلاثة مسحات وجب إكمال هذه المسحات الثلاثة، وإن لم تزل النجاسة قبل الثلاثة مسحات وجب الزائد على الثلاث مسحات حتى تزول النجاسة.
ثالثاً: أن تكون الثلاثة مسحات بواسطة الأحجار, فإن زالت النجاسة قبل الثلاثة مسحات بالأحجار وجب إكمال هذه المسحات الثلاثة بالأحجار, وإن لم تزل النجاسة قبل الثلاثة مسحات بالأحجار وجب الزائد على الثلاث مسحات حتى تزول النجاسة.
رابعاً: أن تكون الأجسام التي تستخدم في إزالة النجاسة عن موضع الغائط قالعة للنجاسة، سواء كانت هذه الأجسام من الحجر, أو كانت هذه الأحجار من القماش, أو كانت هذه الأحجار من القطن, أو كانت هذه الأحجار غير هذه المذكورات. فلا يجوز مسح موضع الغائط بالأجسام غير القالعة, ومثالها: الجسم الذي يكون ملمسه هشاً, أو الجسم الذي يكون ملمسه صقيلاً.
خامساً: أن تكون الأجسام التي تستخدم في إزالة النجاسة عن موضع الغائط طاهرة حين المسح بها.
سادساً: أن لا تكون الأجسام التي تستخدم في إزالة النجاسة عن موضع الغائط من الأجسام المحترمة التي يحرم تنجيسها، سواء كانت هذه الأجسام محترمة بنفسها, كالخبز والفواكه والخضر. أم كانت هذه الأجسام منسوبة إلى عنوان محترم, كسجادة الصلاة, وأوراق الكتب المحترمة ككتب الأدعية والزيارات وغيرها.
سابعاً: أن لا تكون الأجسام التي تستخدم في إزالة النجاسة عن موضع الغائط من العظم والروث.
ثامناً: أن لا تكون في الأجسام التي تستخدم في إزالة النجاسة عن موضع الغائط رطوبة مسرية.
• [مسألة 77] يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر, ولا يجب إزالة اللون والرائحة. ويجزئ في الحجر إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.
سؤال: ماذا يجب في الغسل بالماء أو الحجر في عملية التطهير حال التخلي ؟.
جواب: النجاسة التي تخرج من موضعي البول والغائط لها أوصاف, كوصف عين النجاسة, ووصف أثر النجاسة, ووصف لون النجاسة, ووصف رائحة النجاسة. وهذه الأوصاف تختلف من حيث وجوب إزالتها وتطهيرها بالغسل بالماء أو بالمسح بالأحجار, فهنا حالتان:
الأولى: الغسل بالماء: يجب في الغسل بالماء في عمليتي غسل موضع البول وغسل موضع الغائط إزالة عين النجاسة وأثرها, وأما إزالة وصفي لون النجاسة ورائحتها فلا يجب إزالته لكونها عادةً مما لا تزول بالمسح.
الثانية: المسح بالحجر: يجب في المسح بالحجر في عملية غسل موضع الغائط إزالة عين النجاسة، وأما أثر النجاسة أو لونها أو رائحتها فلا يجب إزالته لكونه عادةً وغالباً لا يزول بالمسح بالأحجار.
• [مسألة 78] إذا خرجت مع الغائط أو قبله أو بعده نجاسة أخرى مثل الدم، ولاقت المحل، لا يجزي بالتطهير إلا الماء.
سؤال: ما حكم خروج نجاسة أخرى مع الغائط أو قبله أو بعده ؟.
جواب: قلنا فيما سبق أن هناك نجاسة أخرى قد تخرج من موضعي البول والغائط غير نجاستي البول والغائط, كنجاسة الدم, التي قد تخرج بمعية أو قبلية أو بعدية نجاسة الغائط, وكانت هه النجاسة قد لاقت محل الغائط, فهنا كيفية تطهيرها تختص بغسل المحل بالماء فقط, ولا يجزي مسح المحل بالأحجار.
الفصل الثالث
مستحبات التخلي
• ذكروا من مستحبات التخلي: أن يكون المتخلي بحيث لا يراه الناظر، ولو بالابتعاد عنه. كما يستحب له تغطية الرأس أو التقنع، والتسمية عند التكشف، والدعاء بالمأثور, وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء, وان يتكئ حال الجلوس على رجله اليسرى ويفرج اليمنى. ويكره الجلوس في الشوارع، والمشارع, وهي شواطئ الأنهار, ومساقط الثمار, ومواضع اللعن, وهي المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الآخرين, كما يكره في المواضع المعدة لنزول القوافل، واستقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول, والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوانات، وفي الماء خصوصاً الراكد منه, والأكل والشرب حالة الجلوس للتخلي، والكلام بغير ذكر الله إلا لحاجة يضر فوتها.
سؤال: ما هي مستحبات ومكروهات التخلي ؟.
جواب قوله : ذكر الفقهاء جملة من الأحكام المسنونة لعملية التخلي, سواء كانت أحكاماً استحبابيةً, أم كانت أحكاماً مكروهةً, فهنا نحوان:
النحو الأول: الأحكام المستحبة: ومنها:
1- أن يكون المتخلي في مكان بحيث لا يراه الناظر، ولو بالابتعاد عنه.
2- أن يقوم المتخلي بتغطية الرأس أو التقنع.
3- أن يقوم المتخلي بالتسمية عند التكشف، وهي أن يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم).
4- أن يقوم المتخلي بالدعاء الوارد أو المأثور عن أهل البيت عليهم السلام.
5- أن يقوم المتخلي بتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، وتقديم الرجل اليمنى عند الخروج.
6- أن يقوم المتخلي بالاستبراء, وهو تفريغ محل البول بكيفية خاصة.
7- أن يتكئ المتخلي حال الجلوس على رجله اليسرى ويفرج رجله اليمنى.
النحو الثاني: الأحكام المكروهة: ومنها:
1- أن يجلس المتخلي في الشوارع: وهي الطرق العامة، أو المشارع: وهي شواطئ الأنهار. أو مساقط الثمار: وهي أماكن سقوط الثمر من الشجر. أو مواضع اللعن: وهي الأماكن التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الآخرين. أو المواضع المعدة لنزول القوافل والمسافرين.
2- أن يقوم المتخلي باستقبال قرص الشمس أو قرص القمر بفرجه.
3- أن يقوم المتخلي باستقبال الريح بالبول.
4- أن يقوم المتخلي بالبول في الأرض الصلبة.
5- أن يقوم المتخلي بالبول في ثقوب الحيوانات, أي بيوتها أو الحفر التي قامت الحيوانات بحفرها.
6- أن يقوم المتخلي بالبول في الماء خصوصاً الراكد منه.
7- أن يقوم المتخلي بالأكل والشرب حالة الجلوس للتخلي.
8- أن يقوم المتخلي بالكلام بغير ذكر الله إلا لحاجة يضر فوتها.
• [مسألة 79] ماء الاستنجاء طاهر على الأقوى، وإن كان من البول، فلا يجب الاجتناب عنه، ولا عن ملاقيه، بالشرائط الآتية: أولاً: أن لا يتغير بالنجاسة. ثانياً: أن لا تتجاوز النجاسة عن المحل المعتاد. ثالثاً: أن لا تكون فيها أجزاء متميزة على الاحوط. رابعاً: أن لا تصيبه نجاسة أخرى من الخارج أو من الداخل. والكلام إنما هو في الماء القليل، وأما لو كان معتصما، فلا إشكال في طهارته ما لم يتغير. ومع القول بالطهارة لا يجوز استعماله في رفع الحدث والخبث مطلقا على الاحوط.
سؤال: ما حكم ماء الاستنجاء وشرائطه ؟.
جواب: أن الماء المستعمل في عملية التخلي عند غسل موضعي البول والغائط يسمى بـ(ماء الاستنجاء), وحكمه الطهارة, فلا يجب الاجتناب عن هذا الماء، ولا يجب الاجتناب عن ملاقي هذا الماء، ولا يجوز استعمال هذا الماء في رفع الحدث والخبث مطلقاً على نحو الاحتياط الوجوبي. هذا وأن هناك جملة من الشرائط التي ينبغي مراعاتها في طهارة هذا الماء, ولكن هذه الشرائط مختصة بالماء القليل, وأما الماء المعتصم فإنه طاهر مطلقاً من دون شرط ماعدا شرطية عدم تغيره بالنجاسة. وأما شرائط ماء الاستنجاء القليل فهي أربعة:
أولاً: أن لا يتغير هذا الماء بالنجاسة.
ثانياً: أن لا تتجاوز النجاسة عن المحل المعتاد للبول أو الغائط.
ثالثاً: أن لا تكون في النجاسة أجزاء متميزة على نحو الاحوط الوجوبي.
رابعاً: أن لا تصيب هذا الماء نجاسة أخرى من الخارج أو من الداخل.
الفصل الرابع
في الاستبراء
• كيفية الاستبراء عن البول، أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، أي من جانبه الأسفل، ثم ينتر الحشفة أو يعصرها ثلاثاً.
سؤال: كيف تتم عملية الاستبراء عن البول ؟.
جواب: تقدم في الأحكام المستحبة للمتخلي أن يقوم بالاستبراء عن البول, وهنا كيفية عملية الاستبراء, وهي عبارة عن قيام المتخلي الذكر بخرطات تسعة, موزعة أثلاثاً, بالكيفية الآتية:
1- أن يقوم المتخلي بالمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثة مرات.
2- أن يقوم المتخلي بالمسح من أصل القضيب إلى رأس الحشفة ثلاثة مرات.
3- أن يقوم المتخلي بنتر الحشفة أو عصرها ثلاثة مرات.
• [مسألة 80] فائدة الاستبراء، طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول، ولا يجب الوضوء منه. ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء، بنى على كونه بولاً, فيجب التطهير منه والوضوء، وان كان تركه لعدم التمكن منه. ولو كان المشتبه مردداً بين البول والمني، بنى على كونه بولاً، إذا كان قد استبرأ من المني بالبول ولم يستبرئ من البول, فيجب التطهير منه والوضوء. ويلحق بالاستبراء حكماً, طول المدة على وجه يعلم أو يطمئن بعدم بقاء الرطوبة في المجرى. ولا استبراء للنساء، والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء. نعم، الأولى أن تصبر قليلاً وتتنحنح قليلاً وتعصر فرجها عرضاً.
سؤال: ما فائدة عملية الاستبراء عن البول ؟.
جواب : أن هناك ثمرة وفائدة حكمية تترتب على عملية الاستبراء من البول التي يقوم بها المتخلي بعد فراغه من البول, وهي أنه لو خرج من المتخلي بلل, واشتبه أو احتمل أنه بول أو لا, أو احتمل أو اشتبه أنه بول أو مني, فهنا تظهر الثمرة تبعاً لجانبين:
الجانب الأول: المشتبه مردد بين البول وعدمه: أي إذا كان البلل المشتبه بين كونه بولاً أو لا؛ فإن كان المتخلي كان قد قام بعملية الاستبراء من البول, فإنه يحكم بطهارة البلل الخارج بعد عملية الاستبراء، فلا يجب على المتخلي التطهير من ها البلل المشتبه, كما ولا يجب على المتخلي الوضوء من هذا البلل المشتبه. وإن كان المتخلي لم يقم بعملية الاستبراء من البول, فإنه يحكم بنجاسة هذا البلل المشتبه قبل عملية الاستبراء من البول, فيجب على المتخلي التطهير من هذا البلل المشتبه, كما ويجب على المتخلي الوضوء، وان كان المتخلي كان قد ترك عملية الاستبراء من البول لعدم التمكن منه.
الجانب الثاني: المشتبه مردد بين البول والمني: أي إذا كان البلل المشتبه مردد بين كونه بولاً أو منياً؛ فإن كان المتخلي قد قام بعملية الاستبراء من المني بالبول, ولم يقم بعملية الاستبراء من البول, فهنا يجب على المتخلي التطهير من هذا البلل المشتبه, كما ويجب على المتخلي الوضوء.
بقي شيئان:
الأول: أن هناك ملحقاً حكمياً بعملية الاستبراء عن البول المتقدمة, وهذا الملحق عبارة عن فترة زمنية طويلة تمر على المتخلي بعد انتهائه من عملية التخلي على نحو يعلم المتخلي أو يطمئن بعدم بقاء الرطوبة في المجرى البولي, فهنا تترتب على طول المدة هذه الثمرة والفائدة الحكمية المتقدمة في عملية الاستبراء من البول.
والثاني: أن عملية الاستبراء من البول المتقدمة مختصة بالرجال, وأما النساء فلا استبراء عليهن، وأما حكم البلل المشتبه الخارج منهن فإنه طاهر, ولا يجب لهذا البلل المشتبه الوضوء عليهن. نعم، يستحب للمرأة أن تقوم بعملية أخرى, وهي: أن تصبر قليلاً, وتتنحنح قليلاً, وتعصر فرجها عرضاً.
• [مسألة 81] فائدة الاستبراء, تترتب عليه لو كان بفعل غيره.
سؤال: ما معنى ترتب فائدة الاستبراء عن البول فيما لو قام بهذه العملية الغير ؟.
جواب: أن الثمرة والفائدة الحكمية من عملية الاستبراء من البول التي يقوم بها المتخلي تظهر مطلقاً, أي سواء لو كان قد قام بعملية الاستبراء من البول المتخلي بنفسه, أم كان قد قام بها غير المتخلي للمتخلي, بأن يقوم شخص آخر كزوجته أو ولده بإجراء عملية الاستبراء من البول للمتخلي, فهنا نحكم بطهارة البلل المشتبه الخارج كما في حكمنا بطهارته فيما لو قام به المتخلي نفسه.
• [مسألة 82] إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه، وان كان من عادته فعله. وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة، بنى على عدمها، وان كان ظاناً بالخروج.
سؤال: ما حكم الشك في عملية الاستبراء عن البول ؟.
جواب: هناك بعض صور الشك في عملية الاستبراء أو عملية الاستنجاء, ومنها:
الصورة الأولى: إذا شك المتخلي في عملية الاستبراء من البول, أو شك المتخلي في عملية الاستنجاء بغسل موضعي البول والغائط, فهنا الشك يكون في أصل التكليف بنحو الشك في المفهوم, وليس الشك في المكلف به بنحو الشك في المصداق, فيكون مجرى لقاعدة البراءة, التي تقتضي أن يبني المكلف على عدم الاستبراء أو الاستنجاء، وإن كان من عادة المتخلي أن يقوم بفعل الاستبراء أو الاستنجاء, فإنه يبني على عدم الاستبراء أو الاستنجاء.
الصورة الثانية: إذا شك المتخلي الذي لم يقم بعملية الاستبراء من البول في خروج رطوبة، فهنا أيضاً الشك يكون في التكليف, فيكون مجرى لقاعدة البراءة, التي تقتضي أن يبني المكلف على عدم خروج رطوبة أو بلل, وإن كان المتخلي ظاناً بخروج الرطوبة أو البلل, فإنه يبني على عدم الخروج, إلا أن يكون متيقناً من الخروج فيحكم بالنجاسة.
• [مسألة 83] إذا علم أنه استبرأ، وشك في كونه على الوجه الصحيح، بنى على الصحة بعد تمامه.
سؤال: ما حكم الشك في عملية الاستبراء من البول بعد القيام بفعلها ؟.
جواب: من صور الشك في عملية الاستبراء هو أن المتخلي إذا علم أنه قد قام بعملية الاستبراء من البول، ولكنه شك في كون ما قام به من عملية الاستبراء من البول هل هو على الوجه الشرعي الصحيح, أو أنه ليس على الوجه الشرعي الصحيح ؟. فهنا الشك يكون لمجرى قاعدة الفراغ, التي تقتضي أن يبني المكلف على صحة ما قام به من عملية الاستبراء من البول, بعد تمام العمل والفراغ منه.
• [مسألة 84] لو علم بخروج المذي، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول، بنى على طهارته، وإن كان لم يستبريء.
سؤال: ما حكم ومعنى المذي ؟.
جواب : البلل أو الرطوبة التي تخرج من موضع البول على أقسام:
الأول: المذي: وهو ما يخرج بعد الملاعبة.
والثاني: الودي: ما يخرج بعد خروج البول.
والثالث: الوذي: ما يخرج بعد خروج المني.
والكلام هنا في خصوص القسم الأول, وهو المذي, فلو علم المتخلي بخروج المذي من موضع البول، ولكنه لم يكن يعلم بخروج شيء أو جزء من البول كان قد خرج مع خروج المذي, فهنا يحكم المتخلي بطهارة الوذي, وإن كان المتخلي لم يقم بعملية الاستبراء من البول. وأما لو علم المتخلي بأن المذي كان قد اختلط معه شيء من البول, فهنا يحكم بنجاسة المذي.
المبحث الثالث
الوضوء
وفيه فصول
الفصل الأول
في أجزائه
• وهي غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين. فهنا أمور: الأمر الأول: يجب غسل الوجه, ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً, وهو ما بين الزلفين عادةً. وما خرج عن ذلك فليس من الوجه، وإن وجب إدخال شيء من الأطراف من باب المقدمة العلمية. ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفاً، ولا يجوز منكوساً, كما لا يجوز عرضا إلا يسيراً، بحيث لا ينافي صدق الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا. نعم لو رد الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل، صح وضوؤه.
سؤال: ما أجزاء الوضوء, مبيناً حد وكيفية غسل الوجه ؟.
جواب: أجزاء الوضوء أربعة؛ غسلتان ومسحتان: (غسل الوجه, غسل اليدين، ومسح الرأس, مسح الرجلين), نبينها وفقاً لأمور :
الأمر الأول: غسل الوجه: وهو الجزء الأول من أجزاء الوضوء, فيجب على المكلف عند مبادرته للوضوء أن يبدأ بغسل الوجه, وفيه بيان حده وكيفيته:
أولاً: حد الوجه: أي المقدار الشرعي الذي يجب غسله من الوجه, وتحديده من حيث الطول والعرض: أما من حيث طول الوجه فما بين قصاص الشعر – نهاية منبت شعر الرأس - إلى طرف الذقن. وأما من حيث العرض فما اشتملت عليه الإصبع الوسطى وإصبع الإبهام, وهو ما بين الزلفين عادةً. وما خرج عن هذا الحد – ما بين انتهاء العذار والنزعة المتصلة بشعر الرأس - فغير داخل في الوجه، ولكن يجب غسل هذا المقدار الخارج عن الوجه من باب المقدمة العلمية إحترازاً لامتثال التكليف المشكوك.
وثانياً: كيفية غسل الوجه: أي الطريقة الشرعية التي يجب إتباعها في غسل الوجه, فيجب على المكلف أن يبدأ بغسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل فالأسفل عند العرف، ولا يجوز غسل الوجه بصورة منكوسة, بأن يبدأ بغسل الوجه من الأسفل إلى الأعلى. كما لا يجوز غسل الوجه بصورة عرضية إلا يسيراً، بحيث لا ينافي صدق الغسل من الأعلى إلى الأسفل عند العرف. نعم لو رد الماء منكوساً, أي من أسفل الوجه إلى الأعلى, ثم نوى المكلف الوضوء بإرجاع الماء إلى أسفل الوجه، فإنه يصح وضوؤه.
• [مسألة 85] غير مستوى الخلقة لكبر الوجه أو صغره، أو لطول الأصابع أو قصرها، يرجع إلى متناسب الخلقة المتعارف بالنسبة. وكذا لو كان أغم قد نبت الشعر على جبهته، أو كان أصلع المقدم، فانه يرجع إلى المتعارف.
سؤال: ما حكم غسل الوجه بالنسبة لغير مستوي الخلقة ؟.
جواب: هناك أشخاص غير متناسبة خلقتهم بالنسبة إلى ما تعارف من تناسب الخلقة, فإن لهم مميزات يمتازون بها عن غيرهم, كما في اختلاف حجم الرؤوس, كبيراً كان حجم الوجه أم صغيراً, أو في اختلاف حجم الأصابع, طويلاً كان الإصبع أم قصيراً, أو في اختلاف نبات الشعر, أغم قد نبت الشعر في جبهته, أو أصلع لم ينبت الشعر في مقدم رأسه. فهنا في جميع هذه الأحوال والهيئات فإن غير مستوي الخلقة يرجع في تكليفه الشرعي بالنسبة لغسل الوجه في الوضوء إلى متناسب الخلقة المتعارف بين الناس.
• [مسألة 86] الشعر النابت في ما دخل في حد الوجه، كالحاجبين والأشفار وبعض العارضين، يجب غسل ظاهره, ولا يجب التخليل إلى الشعر المستور، فضلاً عن البشرة المستورة, ويغسل الشعر الرقيق النابت في البشرة معها، وكذلك الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الاحوط وجوباً.
سؤال: ما حكم غسل الشعر الداخل في حد الوجه ؟.
جواب : الشعر النابت في الوجه تارة يكون داخلاً في حد الوجه, وأخرى يكون خارجاً عن حد الوجه؛ أما الشعر الداخل في حد الوجه نابتاً كان أو رقيقاً أو غليظاً؛ أما الشعر النابت، كالحاجبين والأشفار وبعض العارضين، فيجب غسل ظاهره في الوضوء, ولا يجب التخليل إلى الشعر غير الظاهر والمستور، بمعنى وصول الماء إلى داخل أجزاء هذا الشعر النابت غير الظاهر للعيان, بل لا يجب غسل البشرة غير الظاهرة والمستورة. وأما الشعر الرقيق النابت في البشرة فيجب غسله مع البشرة. وأما الشعر الغليظ الذي لا يستر البشرة فيجب غسله على نحو الاحتياط الوجوبي. وهذا بخلاف الشعر النابت في الخارج عن حد الوجه فلا يجب غسله في الوضوء بتفصيل آت.
• [مسألة 87] لا يجب غسل باطن العين والفم والأنف ومطبق الشفتين والعينين.
سؤال: ما حكم غسل بواطن الوجه ؟.
جواب : البواطن غير الظاهرة في الوجه لا يجب غسلها في الوضوء, كباطن العين, وباطن الفم, وباطن الأنف, ومطبق الشفتين, ومطبق العينين. فالواجب في الوضوء غسل ظواهر ما تقدم من المذكورات بخلاف بواطنها التي لا يجب غسلها في الوضوء.
• [مسألة 88] الشعر النابت في الخارج عن حد الوجه لا يجب غسله في الوضوء, كبعض شعر الرأس، إذا تدلى على ما دخل في الحد, لا يجب غسله. وكذا المقدار الخارج عن الحد، وإن كان نابتاً في داخل الحد، كمسترسل اللحية.
سؤال: ما حكم غسل الشعر الخارج عن حد الوجه ؟.
جواب : تقدم حكم الشعر النابت الداخل في حد الوجه الذي يجب غسل ظاهره من دون تخليل, وهنا حكم الشعر النابت في الخارج عن حد الوجه, وهو عدم وجوب غسله في الوضوء, ومثاله:
- شعر الرأس المتدلي على ما دخل في حد الوجه.
- مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه, وإن كان نابتاً في داخل حد الوجه.
فإن شعر الرأس هذا ومسترسل اللحية لا يجب غسله في الوضوء.
• [مسألة 89] إذا بقي مما في الحد شيء لم يُغسل، ولو بمقدار رأس إبرة، لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ اماق وأطراف عينيه, حتى لا يكون عليها شيء من القيح أو الكحل المانع. وكذا يلاحظ حاجبه، أن لا يكون عليه شيء من الوسخ، وإن لا يكون على حاجب المرأة وسائر وجهها من بعض مواد الزينة، مما له جرم مانع.
سؤال: ما حكم المقدار المتبقي من الوجه الذي لم يُغسل ؟.
جواب: يجب في غسل الوجه في الوضوء ملاحظة استيعاب الماء لجميع حد الوجه, بمعنى وصول الماء إلى جميع أجزاء الوجه الداخلة في حده الشرعي. ويترتب على هذا الاستيعاب أنه إذا بقي جزء من أجزاء حد الوجه الواجب غسله, ولو بمقدار رأس إبرة, لم يصله الماء, فلا يكون الوضوء صحيحاً. لذا ينبغي ملاحظة ما يمنع ويحول من وصول الماء إلى أجزاء الوجه, فيما إذا كان على الوجه موجوداً بعض الحجب والموانع التي تحجب وتمنع وصول الماء إلى الوجه, فهنا لابد من حصول المبادرة من قبل المكلف إلى رفع وإزالة تلك الحجب والموانع قبل الوضوء, وذلك من باب المقدمة لإحراز امتثال الواجب, وهو وصول الماء إلى جميع أنحاء الوجه. وأمثلة ذلك:
-القيح أو الكحل الموجود في إماق وأطراف العينين.
-الوسخ الموجود في الحاجبين.
-الأصباغ من مواد الزينة والتجميل الموجودة على وجه المرأة.
فإنه يجب إزالة هذه الحجب أو الموانع – القيح, الكحل, الوسخ, الأصباغ – عن أطراف العينين والحاجبين ووجه المرأة. نعم توجد حالة لا يجب فيها إزالة بعض الحجب والموانع على أعضاء الوضوء فيما إذا أصبحت هذه الأعضاء أجزاءً معدودة من البشرة بتفصيل يأتي.
• [مسألة 90] إذا تيقن من وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أو المسح، يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله، أو بوصول الماء إلى البشرة من خلاله، بحيث يصدق عليه غسلها عرفاً، ولو شك في أصل وجود المانع, وجب الفحص عنه على الاحوط, إلا مع الظن بعدمه أو كون عدمه هو الحالة السابقة له.
سؤال: ما حكم الشك في مانعية المانع والشك في أصل وجود المانع ؟.
جواب : في هذه المسألة الشرعية حالتان باعتبار الشك في مانعية الموجود, والشك في وجود المانع :
الحالة الأولى: الشك في مانعية الموجود: أي إذا علم أو تيقن المكلف بوجود المانع الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة, ولكنه شك في أن هذا المانع يمنع عن وصول الماء إلى البشرة, فهنا يجب على المكلف تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزوال هذا المانع المشكوك، أو اليقين أو الاطمئنان بوصول الماء إلى البشرة من خلال هذا المانع المشكوك، بحيث يصدق عليه غسل البشرة عرفاً. وذلك لأن هذا المورد من موارد جريان قاعدة الاشتغال التي تقتضي أن الاشتغال اليقيني يستدعي فراغ الذمة اليقيني, فحقيقة الشك هو شك بالمكلف به بنحو الشك في المصداق, وليس شك في أصل التكليف بنحو الشك في المفهوم, والمكلف به في المقام هو وصول الماء إلى ما تحت الخاتم, فيجب عليه إيصال الماء حتى يحصل الفراغ اليقيني. ومثاله: لو علم المكلف بوجود خاتم في يده, ثم حصل له شك بوصول الماء إلى تحته, فهنا يجب على المكلف تحصيل اليقين بإيصال الماء تحته, وذلك بتحريك الخاتم وإيصال الماء تحته.
الحالة الثانية: الشك في أصل وجود المانع: أي إذا شك المكلف في أصل وجود المانع بعد الفراغ عن مانعيته عن وصول الماء إلى البشرة, فهنا يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف الفحص عن هذا المانع المشكوك. ومثاله: لو شك المكلف في وجود قيح في عينه, فهنا يجب على المكلف الفحص عن القيح.
إلا أنه يستثنى من هذه الحالة فرضان لا يجب فيهما الفحص عن هذا المانع المشكوك, وهما:
الأول: إذا ظن المكلف بعدم وجود هذا المانع المشكوك, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن هذا المانع المشكوك. ومثاله: لو ظن المكلف بعدم وجود قيح في عينه, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن القيح.
والثاني: إذا كان عدم وجود هذا المانع المشكوك هو الحالة السابقة, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن هذا المانع المشكوك. ومثاله: لو علم المكلف بعدم وجود قيح في عينه, ثم شك في وجود هذا القيح, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن القيح, وذلك لجريان قاعدة الاستصحاب التي تقتضي البناء على الحالة السابقة, وهي العلم بعدم وجود القيح في عينه.
• [مسألة 91] الثقبة في الأنف كموضع الحلقة أو الخزامة، لا يجب غسل باطنها، بل يكفي غسل ظاهرها, سواء أكان فيها الحلقة أم لا.
سؤال: ما حكم الثقبة الموجودة في الأنف ؟.
جواب: إذا كانت عند المكلف ثقبة في أنفه, وهي موضع يوضع فيها الحلقة أو الخزامة في الأنف، فهنا لا يجب على المكلف غسل باطن تلك الثقبة، بل يكفي غسل ظاهر هذه الثقبة, سواء أكان في هذه الثقبة موضوعة فيها الحلقة أم لم تكن هناك حلقة موضوعة في تلك الثقبة. وذلك لما تقدم من أنه يكفي غسل ظواهر الأعضاء الموجودة في حد الوجه, وعدم وجوب غسل البواطن, وهذه الثقبة الموجودة في الأنف تعد من البواطن وليس الظواهر, فلا يجب غسلها.
• الأمر الثاني : يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع. ويجب الابتداء بالمرفقين ثم الأسفل منهما فالأسفل عرفاً إلى أطراف الأصابع. والمقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما. وكذا اللحم الزائد والإصبع الزائدة. ولو كان له يد زائدة فوق المرفق، ولم يعلم الأصلية منهما فالاحوط وجوبا غسلهما معاً. وإن علمها لم يجب غسل الزائد.
سؤال: ما حد وكيفية غسل اليدين, مبيناً فروعه ؟.
جواب: غسل اليدين: وهو الجزء الثاني من أجزاء الوضوء, فيجب على المكلف بعد الانتهاء من غسل الوجه أن يغسل اليدين. وفيه بيان حده وكيفيته وبعض الفروع:
أولاً: حد اليدين: يجب غسل اليدين من المرفقين – المرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد - إلى أطراف أو رؤوس الأصابع.
وثانياً: كيفية غسل اليدين: يجب عند البدء بغسل اليدين الابتداء بغسل المرفقين الموجودين في اليدين, ثم الأسفل من المرفقين, فالأسفل عرفاً إلى أطراف الأصابع.
وثالثاً: فروع: وفيها:
الأول: لو كانت يد المكلف مقطوع بعضها, وكان القطع من تحت المرفق, فهنا يجب على المكلف غسل ما بقي من اليد, وذلك لجريان قاعدة: (الميسور لا يسقط بالمعسور), والميسور في المقام المتبقي من اليد, بخلاف المعسور وهو الجزء المقطوع من اليد, فيجب غسل الميسور المتبقي من اليد.
والثاني: لو قطعت يد المكلف من فوق المرفق, فهنا يسقط وجوب غسل اليد, فلا يجب على المكلف غسل ما فوق المرفق, لأن الجزء الواجب غسله مفقود, فيتعذر امتثال الحكم الشرعي, وجوب الغسل, بانتفاء موضوعه, وهو الجزء المقطوع فوق المرفق.
والثالث: لو كان للمكلف ذراعان دون المرفق, فهنا يجب على المكلف غسل كلا اليدين معاً, لأن الواجب غسله الجزء الموجود دون المرفق, وإن كان هذا الجزء متعدد الأعضاء.
والرابع: لو كان للمكلف لحم زائد أو إصبع زائدة في يديه, فهنا يجب على المكلف غسل اللحم أو الإصبع الزائدة, وذلك لنفس السبب في الفرع المتقدم.
والخامس: لو كان للمكلف يد زائدة فوق المرفق، فهنا تفصيل باعتبار علم المكلف وعدمه بأي اليدين أصلية؛ فإن لم يكن المكلف يعلم أي اليدين أصلية, فهنا يجب – على نحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف غسل كلا اليدين معاً. وإن كان المكلف يعلم أي اليدين أصلية, فهنا يجب على المكلف غسل خصوص اليد الأصلية دون غسل اليد الأخرى الزائدة.
• [مسألة 92] المرفق, مجمع عظمي الذراع والعضد، ويجب غسله كله مع اليد, ولا يجب غسل شيء من العضد إلا من باب المقدمة العلمية.
سؤال: ما المراد بالمرفق الواجب غسله في اليدين ؟.
جواب: المرفق الواجب غسله والابتداء به عند غسل اليدين عبارة عن ملتقى مجمع عظمي الذراع والعضد، وحكمه وجوب غسله كله مع اليد, مع وجوب غسل شيء من العضد المتصل بالمرفق من باب المقدمة العلمية, وذلك للاحتراز عن التكليف المشكوك.
• [مسألة 93] إذا كان مقطوع اليدين من فوق المرفقين، سقط وجوب غسل اليدين والمسحات الثلاث، ووجب على الاحوط غسل الوجه مع النية.
سؤال: ما حكم مقطوع اليدين من فوق المرفقين ؟.
جواب: لو كان المكلف مقطوع اليدين من فوق المرفقين، فهنا يسقط وجوب غسل اليدين, كما يسقط وجوب المسحات الثلاث؛ مسحة للرأس, ومسحتين للرجلين. كما يجب – على نحو الاحتياط الوجوبي - غسل الوجه مع النية, وكيفية غسل الوجه لا تخلو من فرضين:
أولاً: أن يقوم المكلف بنفسه بجعل وجهه تحت الماء.
وثانياً: أن يقوم المكلف باستنابة غيره ليقوم بغسل وجهه, ويتولى نفس المكلف النية.
• [مسألة 94] إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها، إلا إذا كان ما تحتها محسوباً من الظاهر، فيجب غسله حينئذ ولو بإخراجها.
سؤال: ما حكم دخول شوكة في اليد ؟.
جواب: إذا دخلت في يد المكلف شوكة, فلا يجب على المكلف إخراج تلك الشوكة، لأن مدخل الشوكة معدوداً من الباطن, وقد تقدم عدم وجوب غسل البواطن, بخلاف الظواهر التي يجب غسلها. نعم توجد حالة واحدة يجب فيها إخراج الشوكة, وهي أن يكون ما تحت الشوكة محسوباً من الظاهر، فهنا يجب غسل الظاهر, ولو بإخراج تلك الشوكة.
• [مسألة 95] الوسخ الذي يكون على الأعضاء، إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة، لا تجب إزالته. وكذلك الجلد الميت المتصل بالبشرة، كبيراً كان أو صغيراً, وكذلك الدم الذي قد يصبح جزءاً من البشرة بعد مدة من خروجه, وكذلك الدواء إن أصبح منها, وكذلك ما يعد لوناً للبشرة وليس له جرم عرفاً.
سؤال: ما حكم الوسخ الموجود على أعضاء الوضوء ؟.
جواب: توجد عدة حجب وموانع على أعضاء الوضوء ولكن لا تجب إزالتها ورفعها, وذلك فيما إذا كانت هذه الأشياء تعد أجزاء لا تتجزء ولا تنفك عن البشرة, فتأخذ هذه الحجب والموانع حكم البشرة, وهو وجوب غسلها, وعدم وجوب إزالتها. وأمثلة ذلك:
-الوسخ الذي يعد جزءاً من البشرة.
-الجلد الميت الذي يتصل بالبشرة.
-الدم الذي قد يصبح جزءاً من البشرة بعد مدة من خروجه.
-الدواء الذي يعد جزءاً من البشرة.
-اللون الذي ليس له جرم عرفاً.
• [مسألة 96] إذا شك في حاجبية شيء وجبت إزالته. وإذا شك في وجود الحاجب, وجب الفحص عنه على الاحوط. إلا مع الاطمئنان بعدمه أو كونه مسبوقاً بالعدم.
سؤال: ما حكم الشك في حاجبية الحاجب والشك في أصل وجود الحاجب ؟.
جواب: هنا حالتان باعتبار الشك في حاجبية الموجود, والشك في وجود الحاجب:
الحالة الأولى: إذا شك في حاجبية شيء عن وصول الماء إلى البشرة غسلاً كان أو مسحاً, فهنا يجب على المكلف إزالة أو رفع ذلك الشيء المشكوك في حاجبيته عن وصول الماء إلى البشرة. ومثاله: لو شك المكلف في كون هذا الصبغ حاجباً عن الوضوء, فهنا يجب على المكلف إزالة هذا الصبغ.
الحالة الثانية: إذا شك المكلف في وجود الحاجب عن الوضوء, بعد الفراغ عن كونه حاجباً أو مانعاً عن الوضوء غسلاً كان أو مسحاً, فهنا يجب – على نحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف الفحص عن ذلك الحاجب أو المانع المشكوك. ومثاله: لو شك المكلف في كون هذا الصبغ موجوداً أو لا, فهنا يجب على المكلف الفحص عن هذا الصبغ, فإن كان هذا الصبغ موجوداً وجبت إزالته, وإن لم يكن هذا لصبغ موجوداً فلا تجب إزالته.
إلا أنه يستثنى من هذه الحالة فرضان لا يجب فيهما الفحص عن هذا الحاجب أو المانع المشكوك في وجوده, وهما:
الأول: إذا ظن المكلف بعدم وجود هذا الحاجب أو المانع المشكوك, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن هذا المانع المشكوك. ومثاله: لو ظن المكلف بعدم وجود الصبغ, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن هذا الصبغ.
والثاني: إذا كان عدم وجود هذا الحاجب أو المانع المشكوك هو الحالة السابقة, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن هذا الحاجب أو المانع المشكوك. ومثاله: لو علم المكلف بعدم وجود الصبغ, ثم شك في وجود هذا الصبغ, فهنا لا يجب على المكلف الفحص عن الصبغ, وذلك لجريان قاعدة الاستصحاب التي تقتضي البناء على الحالة السابقة, وهي العلم بعدم وجود الصبغ.
• [مسألة 97] الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائداً عن المتعارف لا تجب إزالته، إلا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر. وإذا قص إظفاره فصار ما تحتها ظاهراً، وجب غسله مع إزالة الوسخ.
سؤال: ما حكم الوسخ الموجود تحت الأظفار ؟.
جواب: إذا كان هناك وسخ موجود تحت الأظفار فهنا صور أربعة:
الصورة الأولى: إذا لم يكن الوسخ الموجود تحت الأظفار زائداً عن المتعارف, فهنا لا يجب على المكلف إزالة ذلك الوسخ, فيصح الوضوء عليه، وذلك لأن هذا الوسخ سوف يكون معدوداً من الظاهر, وقد تقدم صحة الوضوء على الظواهر.
الصورة الثانية: إذا كان الوسخ الموجود تحت الأظفار زائداً عن المتعارف, فهنا يجب على المكلف إزالة ذلك الوسخ, والوضوء على الأظفار.
الصورة الثالثة: إذا كان ما تحت الوسخ معدوداً من الظاهر, فهنا يجب على المكلف إزالة ذلك الوسخ, وغسل ما تحت ذلك الوسخ.
الصورة الثالثة: إذا قص المكلف إظفاره فصار ما تحت الأظفار وهو الوسخ معدوداً من الظاهر، فهنا يجب على المكلف غسل الظاهر, مع إزالة ذلك الوسخ.
• [مسألة 98] إذا انقطع لحم من اليدين، وجب غسل ما ظهر بعد القطع على الاحوط. ويجب غسل ظاهر ذلك اللحم أيضاً مادام لم ينفصل، وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة. ولا يجب قطعه أيضاً ليغسل ما تحت تلك الجلدة، وإن كان هو الاحوط وجوباً لو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم يحسب جزءاً من اليد، كما لو ماتت القطعة المتدلية.
سؤال: ما حكم إذا انقطع لحم من اليدين ؟.
جواب: إذا انقطع لحم من اليدين, فهنا عدة أحكام شرعية:
الحكم الأول: يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف بعد قطع لحم من اليدين أن يغسل ما ظهر بعد القطع ، فأن المعتبر في صحة الوضوء إنما هو غسل ما ظهر من البشرة مطلقاً حدوثاً وبقاءاً، أي سواء ما كان ظاهراً ابتداء وبحسب الحدوث، وما صار كذلك بحسب البقاء، فما تحت اللحم وإن كان من الباطن قبل قطعه إلا أنه صار من الظواهر بعد قطع اللحم فلابد من غسله.
الحكم الثاني: يجب على المكلف بعد قطع لحم من اليدين أن يغسل ظاهر ذلك اللحم بشرط أن يكون ذلك اللحم متصلاً، وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة, وذلك لأن ذلك اللحم سوف يكون معدوداً من لواحق وتوابع اليدين.
الحكم الثالث: لا يجب على المكلف بعد قطع لحم من اليدين قطع ذلك اللحم ليقوم بغسل ما تحت تلك الجلدة الرقيقة, لأن غسل لواحق أو توابع اليدين بمنزلة غسل نفس البشرة على ما هو الحال في اللحم والإصبع الزائدين في اليدين.
الحكم الثالث: يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف بعد قطع لحم من اليدين أن يقطع ذلك اللحم بشرط أن يكون ذلك اللحم معدوداً من الأجزاء الخارجية عن اليد، كما لو ماتت القطعة المتدلية عن اليد, فهنا يجب على المكلف قطع تلك القطعة الميتة والمتدلية عن اليد.
• [مسألة 99] الشقوق التي تحدث على ظهر اليد من جهة البرد أو بسبب آخر, إن كانت وسيعة يرى جوفها، وجب إيصال الماء إليها مع الإمكان على الاحوط وإلا فلا. ومع الشك فالاحوط استحباباً الإيصال.
سؤال: ما حكم الشقوق التي تحدث على ظهر اليد ؟.
جواب: إذا حدث للمكلف أن أصيبت ظهر يده بشقوق, وذلك بسبب البرد أو الحرق وغيرهما من الأسباب التي توجب الإصابة, فهنا فروض:
الفرض الأول: أن تكون تلك الشقوق الموجودة على ظهر اليد سهلة العلاج بحيث لا يتأذى منها المكلف, وإن كانت تلك الشقوق واسعة وكبيرة بحيث يرى ما في جوفها أو داخلها, فهنا يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف أن يوصل الماء إلى ما في داخل تلك الشقوق مع الإمكان, وذلك لأن ما في جوف أو داخل هذه الشقوق سوف يكون معدوداً من الظواهر, وقد تقدم وجوب غسل الظواهر.
الفرض الثاني: أن تكون تلك الشقوق الموجودة على ظهر اليد صعبة العلاج بحيث يتأذى منها المكلف, وإن كانت صغيرة بحيث لا يرى ما في جوفها أو داخلها, فهنا لا يجب على المكلف أن يوصل الماء إلى ما في داخل تلك الشقوق, وذلك لأن ما في جوف أو داخل هذه الشقوق سوف يكون معدوداً من البواطن, وقد تقدم عدم وجوب غسل البواطن.
الفرض الثالث: أن تكون تلك الشقوق الموجودة على ظهر اليد مشكوكة هل هي معدودة من الظواهر حتى يجب إيصال الماء إليها, أو أن تلك الشقوق معدودة من البواطن فلا يجب غسلها ؟. احتاط المصنف قدس بنحو الاحتياط الاستحبابي على وجوب إيصال الماء إلى تلك الشقوق, فيجوز غسلها لكون جوف أو ما في داخل هذه الشقوق الموجودة على ظهر اليد معدودة من الظواهر. وأما عدم وجوب غسل تلك الشقوق فهو من جهة جريان قاعدة الاستصحاب, لأن جوف الشقوق الذي نشك في أنه من البواطن معدود من الجوف, ولم يصدق عليه العنوان الآخر وهو (ما ظهر من اليد) قبل الانشقاق, فإذا شككنا في ذلك بعد ظهور الانشقاق, فمقتضى الاستصحاب أنه الآن كما كان, فهو بمقتضى الأصل من الجوف بالفعل, فلا يجب غسله.
• [مسألة 100] ما ينجمد على الجرح ويصير كالجلد من دم أو دواء أو غيرهما، لا يجب رفعه, وإن حصل البرء. ويجزيء غسل ظاهره, وإن كان رفعه سهلاً.
سؤال: ما ينجمد على الجرح ويصير كالجلد ؟.
جواب: إذا حدث للمكلف أن أصيبت يده بجرح, وكان قد عالجه بعلاج, ولكن ذلك العلاج كان قد تجمد على الجرح على هيئة دم أو دواء, وأصبح ذلك الدم أو الدواء المنجمد على الجرح كالجلد، فهنا لا يجب على المكلف رفع ذلك المنجمد على الجرح, وإن حصل الشفاء, وذلك لأنه يصدق على هذا المنجمد على الجرح أنه مما ظهر من البشرة, فيكون من لواحق وتوابع اليد العرفية, فيجزي حينئذ غسل ظاهر ذلك المنجمد على الجرح, وإن كانت عملية رفع ذلك المنجمد سهلة ويسيرة.
• [مسألة 101] الدملج والخاتم ونحوها، إن كان يصل تحتها الماء فلا إشكال. وأما إن كان الدملج ضيقاً كفى تحريكه. وأما الخاتم الضيق فالاحوط نزعه.
سؤال: ما حكم الملبوس في اليد ؟.
جواب: إذا لبس المكلف شيئاً في يده, كالدملج وهو شيء يشبه السوار تلبسه المرأة في عضدها, والخاتم وغيرهما, فهنا صور ثلاثة:
الصورة الأولى: إذا كان المكلف يعلم بوصول الماء تحت هذه الأشياء الملبوسة دملجاً كان الملبوس أو سواراً أو خاتماً, فهنا فلا إشكال في صحة الوضوء, ولا يجب على المكلف نزع هذه الأشياء الملبوسة.
الصورة الثانية: إذا كان المكلف يعلم بوصول الماء تحت هذه الأشياء الملبوسة, وإن كانت ضيقة, كالدملج والسوار, فهنا يكفي تحريك الدملج, ولا يجب نزع هذا الدملج, لعلم المكلف ويقينه بوصول الماء تحته, فيصح الوضوء.
الصورة الثالثة: إذا كان المكلف يعلم بعدم وصول الماء تحت هذه الأشياء الملبوسة, كالخاتم الضيق مع تحريكه, فهنا يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي – نزع هذا الخاتم الضيق حتى يصل الماء تحته.
• [مسألة 102] يجوز الوضوء بماء المطر, كما إذا قام تحت السماء حين نزوله, وقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه، مع مراعاة الأعلى فالأعلى. وكذلك بالنسبة إلى يديه, وكذلك إذا قام تحت الميزاب ونحوه, وكذلك إذا احتاج الجريان إلى مساعدة الكف. ولكن ينبغي لهذا المكلف، أن يلاحظ. أولاً: عدم إراقة الماء الزائد على يده اليسرى، بحيث يصيبها الماء بعد الاطمئنان بالاستيعاب، وكذلك اليد اليمنى إن لم يمسح بها اليسرى. ثانياً: عدم وصول ماء المطر إلى محال المسح، إلا مع الاهتمام بتجفيفها جيداً بالمقدار اللازم الذي يأتي في أحكام المسح.
سؤال: ما حكم الوضوء بماء المطر وكيفيته ؟.
جواب: يجوز للمكلف أن يتوضأ بماء المطر النازل من السماء, كما إذا قام المكلف تحت السماء حين نزول ماء المطر من السماء, ولكن يشترط على المكلف أن يكون قاصداً وناوياً منذ البداية الوضوء بهذا الماء النازل من السماء, هذا أولها.
وثانيها: أن يكون المكلف قاصداً بجريان ماء المطر حين نزوله من السماء غسل الوجه, مراعياً الأعلى فالأعلى.
وثالثها: أن يكون المكلف قاصداً بجريان ماء المطر حين نزوله من السماء غسل اليدين.
ورابعها: إذا قام المكلف تحت الميزاب أو تحت الحوض وغيرهما, حين نزول ماء المطر من السماء, وكان الماء جارياً من الميزاب.
وخامسها: إذا احتاج جريان الماء على أعضاء الوضوء المغسولة كالوجه أو اليدين, أو الممسوحة كالرأس والرجلين إلى مساعدة الكف.
ففي جميع هذه الأحوال الخمسة نحكم بجواز الوضوء بماء المطر, ولكن ينبغي لهذا المكلف، أن يلاحظ أمرين:
1- أن يلاحظ المكلف استيلاء واستيعاب الماء على اليدين؛ أما اليد اليسرى فيجب على المكلف أن لا يقوم بإراقة الماء الزائد عليها, على وجه يصيب هذه اليد الماء بعد أن اطمئن المكلف باستيعاب الماء لهذه اليد. وأما اليد اليمنى فيجب على المكلف أن لا يقوم بإراقة الماء الزائد عليها, فيما إذا لم يكن المكلف قد مسح بهذه اليد يده اليسرى.
2- أن يلاحظ المكلف جفاف أعضاء المسح كالرأس والرجلين, فيجب أن لا يصل إلى هذه المواضع ماء المطر, وإن وصل إلى هذه المواضع ماء المطر, فيجب على المكلف تجفيف هذه المواضع قبل مسحها, على تفصيل يأتي في أحكام المسح.
[مسألة 103] إذا شك في شيء أنه من الظاهر حتى يجب غسله، أو الباطن فلا يجب غسله، فالاحوط استحباباً غسله, ما لم يكن مسبوقاً بكونه ظاهراً فيجب.
سؤال: ما حكم الشك في عضو كونه من الظاهر أو الباطن ؟.
جواب: قد تقدم حكم أعضاء الوضوء باعتبار ظواهرها وبواطنها, فإنه يجب غسل ظواهر هذه الأعضاء دون بواطنها, وهنا حكم الشك في هذه الأعضاء أنه من الظاهر فيجب غسله, أو أنه من الباطن فلا يجب غسله, فهنا تفصيل باعتبار أن يكون للعضو المشكوك فيه حالة سابقة أو لا, فهنا صورتان:
الصورة الأولى: أن لا يكون للعضو المشكوك فيه من أعضاء الغسل حالة سابقة بأن كان مشكوكاً فيه ابتداءً, فهنا احتاط المصنف قدس بنحو الاحتياط الاستحبابي على غسل ذلك العضو المشكوك فيه.
والصورة الثانية: أن يكون للعضو المشكوك فيه من أعضاء الغسل حالة سابقة بأن كان ذلك العضو المشكوك فيه من الأعضاء الظاهرة, فهنا بنى المصنف قدس على وجوب غسله, وذلك لجريان قاعدة الاستصحاب التي تقتضي الرجوع لتلك الحالة السابقة, وهي كون ذلك العضو المشكوك من الأعضاء الظاهرة, فيجب غسله.
• الأمر الثالث : يجب مسح مقدم الرأس، وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة، ويكفي فيه المسمى طولاً وعرضاً. ويستحب أن يكون العرض قدر ثلاث أصابع، والاحوط وجوباً أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل, ويكون بنداوة الكف اليمنى، بل الاحوط وجوباً باطنها.
سؤال: ما حد وكيفية غسل الرجلين ؟.
جواب: الأمر الثالث: مسح مقدم الرأس: وهو الجزء الثالث من أجزاء الوضوء, فيجب على المكلف بعد الانتهاء من غسل الوجه واليدين أن يمسح مقدم رأسه. وفيه بيان حده وكيفيته وبعض الفروع:
أولاً: حد الرأس: يجب مسح مقدم الرأس، وهو ما يقارب ربع الرأس مما يلي الجبهة أو الناصية, وهي المقدار المنبسط من أعلى الوجه. ومسح مقدم الرأس هذا بخلاف مؤخر الرأس, أو يمين الرأس, أو يسار الرأس, فلا يجب مسح هذه الحدود من الرأس.
وثانياً: كيفية مسح الرأس: يكفي في مسح مقدم الرأس مسمى المسح من حيث الطول والعرض, سواء كان الطول بطول إصبع, وسواء كان العرض بمقدار ثلاث أصابع – وهو المستحب بنحو الاحتياط -, أم كان المسح بمقدار إصبع واحد. هذا أولاً .
وثانياً: يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي - أن يكون مسح مقدم الرأس من الأعلى إلى الأسفل.
وثالثاً: يجب أن يكون مسح مقدم الرأس بنداوة أو بلة ما بقي بالكف اليمنى من ماء الوضوء، فلا يجوز المسح بماء جديد, بل يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي – أن يكون مسح مقدم الرأس بباطن الكف اليمنى.
• [مسألة 104] يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده. فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجز المسح عليه. وكذلك لو حصل عليها شعر من أحد الجانبين أو من الخلف.
سؤال: ما حكم المسح على شعر الرأس ؟.
جواب: يجوز أن يمسح المكلف في وضوءه على الشعر النابت على البشرة المختص بمقدم الرأس، وذلك لأن هناك قرينة خارجية دلتنا على أن الشعر معدود من البشرة, وهي أن الأعم الأغلب ما يكون وجود الشعر مقروناً في مقدم الرأس, فيكون المسح على الشعر كالمسح على البشرة, فيكون الشعر النابت من اللواحق والتوابع للبشرة بحكم القرينة الخارجية ولو كانت عرفية. لكن يشترط في هذا الجواز أن لا يخرج ويتجوز بمد الشعر عن حد مقدم الرأس, وهو ما يقارب ربع الرأس مما يلي الجبهة. ومعه فلا يجوز مسح الشعر النابت على البشرة في موردين:
المورد الأول: إذا كان الشعر النابت على البشرة مجتمعاً ومجعولاً على الجبهة أو الناصية, وكان هذا الشعر متجاوزاً عن حد مقدم الرأس, فإن المسح حينئذ وإن كان على الشعر النابت على البشرة ولكنه ليس بمختص بمقدم الرأس, وإنما متجاوز لهذا الحد.
المورد الثاني: إذا كان الشعر النابت على البشرة مجتمعاً على الجبهة أو الناصية, ولكن من أحد جانبي الرأس, أو من خلف الرأس, فيكون المسح حينئذ ليس على الشعر النابت المختص بمقدم الرأس, وإنما مختص بأحد الجانبين أو خلف الرأس.
• [مسألة 105] لا تضر كثرة بلل الماسح وإن حصل معه الغسل.
سؤال: ما حكم كثرة بلل الماسح ؟.
جواب: إن العضو الماسح هو الذي يقوم بعملية المسح, وهو هنا نداوة أو بلة ما بقي بالكف اليمنى من ماء الوضوء, فلو كانت هذه النداوة أو البلة المتبقية كثيرة, فلا تؤثر في صحة الوضوء, وإن حصل مع هذه الكثرة الغسل, وذلك لبقاء عنوان النداوة من دون تحصيل ماء جديد لمسح الرأس به, فنحكم حينئذ بصحة الوضوء.
• [مسألة 106] لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بغيره، والاحوط وجوباً المسح بظاهر الكف، فإن تعذر, فالاحوط وجوباً المسح بالذراع.
سؤال: ما حكم لو تعذر المسح بباطن الكف ؟.
جواب: إذا تعذر مسح مقدم الرأس بباطن الكف اليمنى, أي أن المكلف عاجز عن مسح مقدم الرأس بباطن الكف اليمنى, فهنا يجب أن يكون مسح مقدم الرأس بغير باطن الكف, وذلك لجريان قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور). ولكن هذا الغير يختلف تبعاً لحالتين:
الأولى: ظاهر الكف: أي يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي – أن يكون مسح مقدم الرأس بعد تعذر المسح بباطن الكف اليمنى بواسطة ظاهر الكف اليمنى. وسبب تعذر المسح بباطن الكف اليمنى إما لوجود قرحة أو جرح أو غيرهما.
والثانية: الذراع: أي يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي – أن يكون مسح مقدم الرأس بعد تعذر المسح بظاهر الكف اليمنى بواسطة ذراع اليمنى. وسبب تعذر المسح بظاهر الكف إما لكون المكلف فاقد اليد ولا يدله, أو أنه له يد إلا أن ظاهرها كباطنها في عدم التمكن من المسح به لوجود قرحة أو غيرها من الموانع.
• [مسألة 107] يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلل ظاهر مانع عن تأثر الممسوح برطوبة الماسح، ولا بأس بالرطوبة القليلة غير المانعة عن ذلك.
سؤال: ما حكم البلل الموجود على الممسوح ؟.
جواب: إن العضو الممسوح هو الذي تقع عليه عملية المسح, وهو هنا مقدم الرأس, بينما العضو الماسح – كما تقدم - هو نداوة أو بلة ما بقي بالكف اليمنى من ماء الوضوء. ويشترط في عملية المسح هذه أن تسيطر النداوة أو الرطوبة الماسحة على المنطقة الممسوحة, وأما إذا كان هناك على العضو الممسوح يوجد ببل أو رطوبة, ففيه صورتان:
الصورة الأولى: أن تكون الرطوبة الموجودة في الممسوح كثيرةً بحيث تمنع عن ظهور أثر المسح بالبلة في الممسوح, فهنا لا إشكال في عدم صحة المسح, فلا يصح الوضوء, كما يجب تجفيف الموضع الممسوح تحقيقاً للمسح ببلة الوضوء.
الصورة الثانية: أن تكون الرطوبة الموجودة في الممسوح قليلةً بحيث لا تمنع عن ظهور أثر المسح بالبلة في الممسوح, فهنا لا إشكال في صحة المسح, فيصح الوضوء, كما لا يجب تجفيف الموضع الممسوح.
• [مسألة 108] لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء، لم يجز المسح به على الاحوط. وإن كان الأقوى كونه احتياطاً استحبابياً ما لم ينفصل الماء ويصل إلى باطن الكف فلا يجوز المسح به حينئذٍ.
سؤال: ما حكم لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء ؟.
جواب: تقدم أنه يجب أن يكون مسح مقدم الرأس بنداوة أو بلة ما بقي بالكف اليمنى من ماء الوضوء، فلا يجوز المسح بماء جديد, فلو اختلط بلل باطن الكف التي يراد بها المسح على أعضاء المسح كمقدم الرأس, والقدمين بباقي بلل أعضاء الوضوء كالوجه واليدين، فهنا لا يجوز – بنحو الاحتياط الوجوبي – أن يمسح المكلف بهذا البلل الجديد على أعضاء المسح, فتتأثر صحة الوضوء بهذا الامتزاج بين المائين. ولكن هذا الاحتياط الوجوبي على الأقوى كونه احتياطاً استحبابياً, فيجوز المسح بماء جديد. نعم يستثنى من جواز المسح هذا أنه إذا انفصل الماء ووصل إلى باطن الكف, فهنا يكون الاحتياط وجوبياً, فلا يجوز المسح بهذا البلل من الماء الجديد, ويبطل الوضوء.
• [مسألة 109] لو جف ما على اليد من بلل لعذر, أخذ من بلل حاجبيه, وأشفار عينيه, ومن شعر لحيته الداخل في حد الوجه، بل من سائر مواضع الوضوء على الأقوى, ومسح به.
سؤال: ما حكم لو جف ما على اليد من بلل لعذر ؟.
جواب: تقدم أنه يجب أن يكون مسح مقدم الرأس بنداوة أو بلة ما بقي بالكف اليمنى من ماء الوضوء، فلو جفت رطوبة باطن الكف, ولم يكن عليها من بلل لعذر كالحر وغيره, فهنا يجوز للمكلف أن يأخذ من أعضاء أخرى من أعضاء الوضوء من دون ترتيب بين هذه الأعضاء, فيقوم المكلف بالمسح بها على أعضاء المسح, ولا تتأثر صحة الوضوء من امتزاج الماء هذا, فيصح الوضوء. ومن هذه الأعضاء:
- بلل حاجبيه.
- بلل أطراف عينيه.
- بلل شعر لحيته الداخل في حد الوجه دون مسترسل لحيته.
- بلل سائر مواضع الوضوء, كالوجه واليدين.
• [مسألة 110] لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره، فالاحوط وجوباً الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم. هذا مع انحصار الماء أو ضيق الوقت، وأما بخلاف ذلك، فله أن يقطع الوضوء ويستأنفه من جديد على أمل عدم الجفاف.
سؤال: ما حكم لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح ؟.
جواب: إذا تعذر مسح مقدم الرأس بباطن الكف اليمنى, أي أن المكلف عاجز عن مسح مقدم الرأس بباطن الكف اليمنى, وسبب هذا التعذر أو العجز هو أن المكلف لم يكن قادراً على حفظ الرطوبة في الماسح بسبب حرارة الجو أو غيره، فهنا لا تجري قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور) التي تقتضي إلى انتقال المسح بغير باطن الكف – كما تقدم -, وإنما هذه الحالة لا تخلو من فرضين:
الفرض الأول: إذا كان ماء الوضوء منحصراً بذلك الماء الذي أدى إلى جفاف العضو الماسح, أو كان الوقت مضيقاً لا يتسع لأداء الصلاة, فهنا يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي – على المكلف الجمع بين المسح بالماء الجديد, وبين التيمم.
الفرض الثاني: إذا كان ماء الوضوء غير منحصر, أو كان الوقت موسعاً يتسع لأداء الصلاة, فهنا يجوز للمكلف أن يقوم بقطع الوضوء الحالي, وإعادته بالانتقال إلى وضوء جديد على أمل عدم جفاف العضو الماسح.
• [مسألة 111] لا يجوز المسح على العمامة والقناع وغيرهما من الحائل، وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.
سؤال: ما حكم المسح على الحائل الموجود على الرأس ؟.
جواب : لو كان هناك حاجب أو حائل على مقدم الرأس, كالعمامة والقناع وغيرهما, سواء كان ذلك الحاجب غليظاً مما يمنع وصول ماء الوضوء إلى البشرة أو شعر الرأس, أم كان ذلك الحاجب رقيقاً مما لا يمنع وصول ماء الوضوء إلى البشرة أو شعر الرأس, فهنا لا يجوز المسح على ذلك الحاجب أو الحائل مطلقاً, وذلك لعدم صدق المسح باليد, وإنما يصدق المسح على مما هو على اليد, وهو غير جائز, فتتأثر بهذا المسح على الحاجب أو الحائل صحة المسح والوضوء.
• الأمر الرابع : يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين، وهو مفصل الساق. ويجزيء المسمى عرضاً. والاحوط وجوباً مسح اليمنى باليمنى أولاً، ثم اليسرى باليسرى. وان كان الأقوى جواز مسحهما سوية. نعم, تقديم اليسرى بالمسح، أو النكس فيه، أو المسح باليد الأخرى، مخالف للاحتياط الوجوبي.
سؤال: ما حد وكيفية غسل الرجلين ؟.
جواب: الأمر الرابع: مسح القدمين: وهو الجزء الرابع من أجزاء الوضوء, فيجب على المكلف بعد الانتهاء من غسل الوجه واليدين ومسح مقدم الرأس أن يمسح القدمين. وفيه بيان حده وكيفيته:
أولاً: حد القدمين: يجب مسح بشرة ظهر القدمين من أطراف أو رؤوس الأصابع إلى الكعبين, والكعب هو المفصل بين الساق والقدم, أي العظمتان الناتئتان من يمين الساق وشماله, وليس قبتا القدمين الموجودتين على ظهر القدم.
وثانياً: كيفية مسح القدمين: يجب – على نحو الاحتياط الوجوبي - عند البدء بمسح القدمين الابتداء بمسح القدم اليمنى باليد اليمنى أولاً، ثم مسح القدم اليسرى باليد اليسرى. وإن كان الأقوى من الدليل جواز مسح القدمين سوية. نعم, أن هناك مخالفة للاحتياط الوجوبي المتقدم في حالات:
الأولى: تقديم مسح الرجل اليسرى باليد اليسرى على مسح القدم اليمنى باليد اليمنى.
والثانية: النكس في المسح بأن يمسح المكلف القدمين من الكعبين إلى أطراف أو رؤوس الأصابع.
والثالثة: المسح باليد الأخرى بأن يمسح المكلف القدم اليمنى باليد اليسرى, ويمسح القدم اليسرى باليد اليمنى.
ففي هذه الحالات الثلاثة لا يجوز المسح, فيبطل الوضوء.
• [مسألة 112] حكم العضو المقطوع من الممسوح، حكم العضو المقطوع من المغسول. وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس، وحكم البلل، وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.
سؤال: ما حكم الممسوح بالنسبة للقطع والزائد والبلل والجفاف ؟.
جواب: في هذه المسألة الشرعية أحكام أربعة:
الحكم الأول: العضو المقطوع من الممسوح: أي حكم العضو المقطوع من الأعضاء التي يجب فيها المسح, وهي مقدم الرأس, ومقدم الرجلين، هو نفسه حكم العضو المقطوع من الأعضاء التي يجب فيها الغسل, وهي الوجه واليدين, حيث تقدم حكم العضو المقطوع, وهو التفصيل بين القطع إن كان بعضاً أو كلاً؛ فإن كان المقطوع بعضاً فيجب مسح ما بقي طبقاً لقاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور, وإن كان المقطوع كلاً فيسقط وجوب المسح.
الحكم الثاني: العضو الزائد من الممسوح: أي حكم العضو الزائد من الأعضاء التي يجب فيها المسح, وهي مقدم الرأس, ومقدم الرجلين, هو نفسه حكم العضو الزائد التي يجب فيها الغسل, وهي الوجه واليدين, حيث تقدم حكم العضو الزائد, وهو التفصيل بين علم المكلف وعدمه بأي الزائد أصلي؛ فإن لم يكن المكلف يعلم بأصالة الزائد, فهنا يجب – على نحو الاحتياط الوجوبي - على المكلف مسح كلا الرجلين معاً. وإن كان المكلف يعلم بأصالة الزائد, فهنا يجب على المكلف مسح خصوص الرجل الأصلية دون مسح الرجل الأخرى الزائدة.
الحكم الثالث: بلل الممسوح: أي حكم بلل الأعضاء الممسوحة التي يجب فيها المسح, وهي مقدم الرأس, ومقدم الرجلين, هو نفسه حكم بلل الأعضاء الماسحة التي يجب فيها الغسل, وهي الوجه واليدين, حيث تقدم حكم بلل أعضاء الغسل اختلاطاً, وهو عدم جواز المسح بهذا البلل المختلط على نحو الاحتياط الوجوبي.
الحكم الرابع: جفاف الممسوح: أي حكم جفاف الأعضاء الممسوحة التي يجب فيها المسح, وهي مقدم الرأس, ومقدم الرجلين, هو نفسه حكم جفاف الأعضاء الماسحة التي يجب فيها الغسل, وهي الوجه واليدين, حيث تقدم حكم جفاف أعضاء الغسل, وهو التفصيل بين حالات تارة الانتقال بالمسح بأعضاء أخرى من أعضاء الوضوء, وأخرى الجمع بين وضوء جديد والتيمم.
• [مسألة 113] يجب المسح على البشرة حتى لو وقع المسح على الشعر بالمقدار المتعارف. أما إذا زاد الشعر عن ذلك فالاحوط وجوباً اختصاص المسح بالبشرة.
سؤال: ما حكم المسح على شعر القدمين ؟.
جواب: يجب أن يكون مسح مقدم الرجلين على البشرة, وأما المسح على الشعر النابت على الرجلين ففيه صورتان:
الصورة الأولى: إذا كان مقدار الشعر النابت على مقدم الرجلين متعارفاً, فهنا يجوز المسح على ذلك المقدار المتعارف من شعر مقدم الرجلين, وذلك لوقوع المسح على البشرة, وذلك لكون الشعر من اللواحق والتتابع العرفية ولو بقرائن خارجية, كما تقدم في المسح على مقدم الرأس.
الصورة الثانية: إذا كان مقدار الشعر النابت على مقدم الرجلين زائداً على المتعارف, فهنا لا يجوز المسح – بنحو الاحتياط الوجوبي - على ذلك المقدار المتعارف من شعر مقدم الرجلين, وذلك لعدم وقوع المسح على البشرة, وإنما وقع على ما في البشرة, كما تقدم في المسح على مقدم الرأس.
• [مسألة 114] لا يجوز المسح على الحائل، كالخف، لغير الضرورة والتقية، بل في جوازه مع الضرورة, إشكال. والأقوى تعيّن التيمم. أما مع التقية, فإن حصلت الصلاة خلال التقية صحت، وإلا فعليه إعادة الطهارة.
سؤال: ما حكم المسح على الحائل مع حالتي الضرورة والتقية ؟.
جواب: لو كان هناك حاجب أو حائل على مقدم الرجلين, كالخف والنعل والجورب وغيرها, فهنا لا يجوز المسح على الحائل في غير حالتي الضرورة والتقية، وأما مع حالتي الضرورة والتقية - وإن كانت التقية أحد أفراد الضرورة, ولكن لاختصاصها بجملة من الأحكام تم فصلها - ففيه تفصيل:
الحالة الأولى: الضرورة: أي جواز المسح على الحائل الموجود على مقدم الرجلين في حالة الضرورة كالبرد والحر وغيرهما, وفي هذا الجواز إشكال يقتضي - على الأقوى من الدليل - عدم جواز المسح, وتعيّن التيمم, وذلك لعدم تمكن المكلف وعجزه عن الطهارة المائية الحاصلة بالوضوء, فيكون حكمه الطهارة الترابية الحاصلة بالتيمم.
الحالة الثانية: التقية: أي جواز المسح على الحائل الموجود على مقدم الرجلين في حالة التقية كالخوف من عدو أو سبع, وفي هذا الجواز تفصيل؛ بين وقوع أو حصول الصلاة في وقت التقية صحت الصلاة, ولا يجب على المكلف إعادة الوضوء والطهارة. وبين وقوع أو حصول الصلاة في غير وقت التقية بطلت الصلاة, ويجب على المكلف إعادة الوضوء والطهارة. وهناك تفاصيل متعلقة بحالة التقية تبينها المسائل الشرعية اللاحقة.
• [مسألة 115] لو دار الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية، اختار ما هو الأوفق بها.
سؤال: ما حكم دوران الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية ؟.
جواب: لو دار أمر المكلف بين محذورين وخيارين لا ثالث لهما نتيجة كونه في مورد يتحكم فيه التقية, وهو موافقة العامة في تجويزهم للمسح على الحائل, وغسل الرجلين:
الخيار الأول: أن يمسح المكلف على الخف.
والخيار الثاني: أن يغسل المكلف الرجلين.
فهنا تجري أصالة التخيير الجارية في مورد دوران الأمر بين المحذورين, والتي تقتضي أن يختار المكلف ما هو المناسب لحاله على وجه يكون فيه خلاصه من التقية, فلا يجب على المكلف إعادة الوضوء, فيكون العمل المأتي به كالصلاة صحيح.
• [مسألة 116] يعتبر عدم المندوحة في تحقق التقية على الأقوى. فلو أمكنه ترك التقية واراءة المخالف عدم مخالفته، لم تشرع التقية، ولا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية وزمانه, كما لا يجب بذل مال لرفع التقية. وأما في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقاً. نعم, لا يعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار, بل أي شيء آخر, كالدواء أو المشي أو بذل الحيلة.
سؤال: هل يشترط عدم المندوحة في تحقق التقية أو سائر موارد الاضطرار ؟.
جواب: في هذه المسألة الشرعية جملة من الأحكام المترتبة على موضوع التقية, بل سائر موارد الضرورات, نبينها تبعاً لتساؤلات:
التساؤل الأول: هل يشترط عدم المندوحة في التقية ؟.
وجوابه: المندوحة تعني تمكن المكلف وتخلصه مما هو فيه لسعة الوقف أو غيره, ويقابلها عدم المندوحة, أي عدم تمكن المكلف وتخلصه مما هو فيه. فهل يشترط في تحقق موضوع التقية اشتراط المندوحة أو عدم اشتراط المندوحة ؟. بنى المصنف قدس على اشتراط عدم المندوحة, أي يشترط في تحقق موضوع التقية إمكان التخلص في جواز ترك الواجب أو الإتيان بالمحرم, ونتيجته عدم جواز العمل بالتقية حال الامتثال, فيشترط للعمل بالتقية عدم وجود مثل هذه القدرة للتخلص عند المكلف. ومعه فلو أمكن المكلف ترك العمل بالتقية بأن يرائي المخالف عدم مخالفته لذلك العمل، فهنا لا يجوز العمل بالتقية، ومثاله: لو تمكن المكلف حال الصلاة مع العامة من أن يقف في صف أو مكان يتمكن فيه من السجود على ما يصح السجود عليه جاز له أن يترك ذلك ويقف على صف لا يتمكن فيه من السجود على ما يصح السجود عليه.
التساؤل الثاني: هل يجب على المكلف الذهاب إلى مكان أو زمان لا تقية فيه ؟.
وجوابه: لا يجب على المكلف الذهاب إلى مكان أو زمان لا تقية فيه، حتى لو كان المكلف متمكناً من الذهاب إلى ذلك المكان من دون مشقة.
التساؤل الثالث: هل يجب على المكلف بذل المال لرفع التقية ؟.
وجوابه: لا يجب على المكلف بذل مال لرفع التقية, ومثاله: إذا توقف المسح على البشرة على بذل مال لنزع الخفين من رجلي المتوضئ, أو لإدخاله مكاناً دافئ لا يخاف فيه من البرد على رجليه أو لغيرهما مما يتمكن به من المسح المأمور به.
التساؤل الرابع: هل يشترط في موارد الاضطرار عدم المندوحة, أو بذل المال ؟.
وجوابه: يشترط في سائر موارد الاضطرار عدم المندوحة, كما لا يجب في هذه الموارد بذل المال لرفع موضوع الاضطرار, بل لا يجب بذل شيء آخر غير المال لرفع موضوع الاضطرار, ومن هذه الأشياء:
- الدواء في رفع موضوع المرض مثلاً.
- المشي في رفع موضوع الكون في المسجد مثلاً.
- بذل الحيلة في رفع موضوع البيع مثلاً.
[مسألة 117] إذا زال المسوغ لغسل الرجلين بعد الوضوء، لم تجب الإعادة مادامت التقية متحققة، وتجب بزوالها وبزوال سائر الضرورات، إلا إذا كان استثناؤه واقعياً, كوضوء الجبيرة, والحائل الذي لا يمكن إزالته.
سؤال: ما حكم إذا زال المسوغ لغسل الرجلين بعد الوضوء ؟.
جواب: إذا زال السبب أو المسوغ الشرعي لغسل الرجلين بعد الوضوء وقبل الإتيان بالصلاة، بأن تكون وظيفة المكلف الشرعية الإتيان بالمأمور به الصحيح, وهو مسح مقدم الرجلين, وكان المكلف قد أتى بغسل الرجلين, فهنا لا تجب إعادة الوضوء على المكلف والإتيان بوضوء جديد, ولكن بشرط أن يكون موضوع التقية باقياً ومتحققاً, فإن زال موضوع التقية, بل زال موضوع سائر الضرورات وجبت إعادة الوضوء على المكلف. نعم يستثنى من وجوب إعادة الوضوء, والقول بعدم وجوبه فيما إذا كان زوال المسوغ الشرعي واقعياً, ومثاله:
- وضوء الجبيرة, فإنه إذا أتى المكلف بالوضوء الجبيري, ولكن بعد ذلك ارتفع موضوع الوضوء الجبيري, بأن تمكن المكلف من الوضوء الاعتيادي, فهنا لا تجب إعادة الوضوء السابق والإتيان بوضوء جديد.
- الحائل الذي لا يمكن إزالته, فإنه إذا غسل أو مسح المكلف على عضو عليه حائل لا يمكن إزالته, كالصبغ مثلاً, ولكن بعد ذلك ارتفع موضوع الحائل, بأن تمكن المكلف من الغسل أو المسح على ذلك العضو, فهنا لا تجب إعادة ذلك الوضوء السابق والإتيان بوضوء جديد.
• [مسألة 118] لو توضأ على خلاف التقية خلالها, فالاحوط وجوباً الإعادة, ولو بنحو التقية.
سؤال: ما حكم لو توضأ على خلاف التقية في مورد تجب فيه التقية ؟.
شرح : لو توضأ المكلف على خلاف التقية في مورد تجب فيه التقية لتحقق موضوعها, كما لو قام المكلف بالمسح على الخفين, أو غسل الرجلين, فهنا يجب – بنحو الاحتياط الوجوبي- إعادة ذلك الوضوء السابق, والإتيان بوضوء جديد, ولو كان الإتيان بوضوءجديد بدلاً من الوضوء السابق كان بنحو التقية.
• [مسألة 119] لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج, بل يجوز وضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل، ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح، مع المحافظة على المسح على كل ارتفاعات وانخفاضات القدم بالمقدار الواجب.
سؤال: ما الحد الواجب وضعه من اليد في مسح الرجلين ؟.
جواب: في هذه المسألة بيان تتمة كيفية المسح على مقدم الرجلين, حيث لا يجب على المكلف أن يمسح بالمسح تدريجي – وإن كان هذا المسح أفضل الحالات - على مقدم الرجلين, وذلك بأن يقع مسح الأجزاء المتأخرة بعد الأجزاء المتقدمة, بل يجوز للمكلف أن يمسح جميع أجزاء الرجلين دفعة واحدة, وذلك بأن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل، ويقوم بجر كفه قليلاً بمقدار صدق المسح، مع المحافظة على المسح على كل ارتفاعات وانخفاضات القدم بالمقدار الواجب.
الفصل الثاني
في وضوء الجبيرة
• من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة، فان تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء – مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل – وجب، وان لم يتمكن لخوف الضرر, اجتزا بالمسح عليها, وكذلك لو لم يمكنه إيصال الماء إلى ما تحت الجبيرة، ولو أمكنه المسح على البشرة مسح عليها, والاحوط استحبابا الجمع بين المسح عليها وعلى الجبيرة. والمراد بمسح الجبيرة مباشرة، الوضوء عليها اعتياديا كما لو لم تكن موجودة. ولا بد من استيعابها بالمسح، إلا ما يتعسر استيعابها به عادة، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.
سؤال: ما حكم وضوء الجبيرة معرفا مسح الجبيرة ؟.
جواب: المكلف الذي يكون على بعض أعضاء وضوئه جبيرة، فهنا تفصيل:
1- إن تمكن المكلف من غسل ما تحت هذه الجبيرة, وذلك أما عن طريق نزع هذه الجبيرة, أو عن طريق غمس هذه الجبيرة في الماء مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل, فهنا وجب غسل ما تحت هذه الجبيرة.
2- إن لم يتمكن المكلف من غسل ما تحت هذه الجبيرة, وذلك بسبب خوف الضرر, فهنا اجتزا المكلف بالمسح على هذه الجبيرة.
3- إن لم يتمكن المكلف من إيصال الماء إلى ما تحت هذه الجبيرة، فهنا اجتزا المكلف بالمسح على هذه الجبيرة.
4- إن تمكن المكلف من المسح على البشرة, فهنا وجب مسح على البشرة, والاحوط استحبابا الجمع بين المسح على البشرة, وبين المسح على هذه الجبيرة.
والمراد بمسح الجبيرة مباشرة هو الوضوء على هذه الجبيرة بصورة اعتيادية, كما لو لم تكن الجبيرة موجودة. ويشترط استيعاب هذه الجبيرة بالمسح، إلا ما يتعسر ويتعذر استيعاب هذه الجبيرة بهذا المسح عادة، كالخلل التي تكون بين الخيوط, ونحوها.
• [مسألة 120] الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم. وان لم تكن معصبة، فان أمكن غسلها مع سائر العضو وجب, وان لم يمكن، غسل ما حولها, والاحوط استحبابا المسح عليها مع الإمكان. وان لم يمكن وضع عليها خرقة ومسح عليها، على الاحوط.
سؤال: ما حكم الجروح والقروح ؟.
جواب: فيها حالتان باعتبار كون هذه الجروح والقروح معصبة أو لا:
الأولى: أن كانت هذه الجروح والقروح معصبة, فهنا حكم هذه الجروح والقروح المعصبة حكم الجبيرة المتقدم.
والثانية: أن لم تكن هذه الجروح والقروح معصبة، ففيها تفصيل:
1- إن أمكن غسل هذه الجروح والقروح مع سائر العضو, فهنا وجب الغسل.
2- إن لم يمكن غسل هذه الجروح والقروح، فهنا وجب غسل ما حول هذه الجروح والقروح, والاحوط استحبابا المسح على هذه الجروح والقروح بالمقدار الممكن. وان لم يمكن المسح على هذه الجروح والقروح, فهنا وضع على هذه الجروح والقروح خرقة, ومسح على هذه الخرقة على الاحوط استحبابا.
• [مسألة 121] اللطوخ المطلي به العضو للتداوي، إن كان لاصقا تعسر إزالته جرى عليه حكم الجبيرة, وكذا العصابة التي يعصب بها العضو لألم, أو ورم, ونحو ذلك, مع تعسر رفعها أو الخوف من إيصال الماء تحتها, والاحوط ضم التيمم عندئذ.
سؤال: ما حكم اللطوخ المطلي به العضو الذي يوضع للتداوي ؟.
جواب: حكم هذا اللطوخ هو إن كان هذا اللطوخ لاصقا بحيث تعسر إزالة هذا اللطوخ, فهنا جرى على هذا اللطخ حكم الجبيرة المتقدم.
وكذا يجري حكم الجبيرة المتقدم على العصابة التي يعصب بها العضو بسبب الألم, أو الورم, ونحو ذلك, بحيث يتعسر رفع هذه العصابة, أو الخوف من إيصال الماء تحت هذه العصابة, ولكن الاحوط استحبابا بعد أن يتوضأ المكلف وضوء الجبيرة أن يتيمم بعد هذا الوضوء.
• [مسألة 122] المانع الذي لا يمكن معه إيصال الماء إلى البشرة، كالقير وبعض الأصباغ، ولا يمكن إزالته, أو أمكنه بحرج شديد، حكمه حكم الجبيرة على الأقوى، فيجزي الوضوء عليه, والاحوط ضم التيمم إليه إذا لم يكن المانع في أعضائه, وخاصة إذا كان السبب حاصلا بعد دخول الوقت.
سؤال: ما حكم المانع الذي لا يمكن مع هذا المانع إيصال الماء إلى البشرة، كالقير وبعض الأصباغ، ولا يمكن إزالة هذا المانع, أو أمكن إزالة هذا المانع بحرج شديد ؟.
جواب: حكم هذا المانع هو حكم الجبيرة على الأقوى، فيجزي الوضوء على هذا المانع, والاحوط استحبابا ضم التيمم إلى الوضوء بشرط إذا لم يكن المانع في أعضاء التيمم, كالخدين, والرجلين, وخاصة إذا كان السبب حاصلا بعد دخول وقت الصلاة.
• [مسألة 123] إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد كامل، أو تمام الأعضاء, عدا أعضاء التيمم، فالاحوط الجمع بين التيمم والوضوء الاضطراري. وأما لو كانت الجبيرة على أعضاء التيمم أو بعضها، تعين عليه الوضوء من غير تيمم، وان كان أحوط.
سؤال: ما حكم إذا كانت الجبيرة مستوعبة وشاملة ؟.
جواب: فيها صور:
الأولى: أن تكون الجبيرة مستوعبة وشاملة لعضو واحد كامل عدا أعضاء التيمم، فهنا الاحوط وجوبا على المكلف الجمع بين التيمم, وبين الوضوء الاضطراري.
الثانية: أن تكون الجبيرة مستوعبة وشاملة لتمام الأعضاء عدا أعضاء التيمم, فهنا الاحوط وجوبا على المكلف الجمع بين التيمم, وبين الوضوء الاضطراري.
الثالثة: أن تكون الجبيرة على أعضاء التيمم, فهنا وجب على المكلف الوضوء من غير تيمم, وان كان التيمم أحوط استحبابا.
الرابعة: أن تكون الجبيرة على بعض أعضاء التيمم، فهنا وجب على المكلف الوضوء من غير تيمم، وان كان التيمم أحوط استحبابا.
• [مسألة 124] الجبيرة المتنجسة التي لا يصلح المسح عليها، إن أمكن وضع خرقة طاهرة عليها، بحيث تعد جزءا منها والمسح عليها, تعين. وإلا غسل ما حولها, وان كانت أوسع من مقدار الجرح، ولم يمكن تقليلها ليغسل ما حول الجرح، تعين التيمم، إذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم. وإلا جمع بين الوضوء والتيمم. وان كان الأقوى اجزاء التيمم الاضطراري له.
سؤال: ما حكم الجبيرة المتنجسة التي لا يصلح المسح عليها ؟.
جواب: فيه تفصيل:
1-إن أمكن وضع خرقة طاهرة على هذه الجبيرة، بحيث تعد جزءا من هذه الجبيرة, والمسح على هذه الجبيرة, فهنا تعين الوضع والمسح.
2- إن لم يمكن وضع خرقة طاهرة على هذه الجبيرة، فهنا وجب غسل ما حول هذه الجبيرة.
3- إن كانت هذه الجبيرة أوسع من مقدار الجرح، ولم يمكن تقليل هذه الجبيرة من اجل غسل ما حول الجرح، فهنا وجب التيمم فيما إذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم. وأما إذا كانت الجبيرة في مواضع التيمم, فهنا جمع المكلف بين الوضوء, وبين التيمم. وان كان الأقوى اجزاء التيمم الاضطراري للمكلف.
• [مسألة 125] يجري حكم الجبيرة في الاغسال – غير غسل الميت – كما يجري في الوضوء، وكذلك في الكسير المجبور. وكذلك لو كان محل الكسر مكشوفا وصاحبه جرح. وأما بدونه، فان لم يكن الغسل متعسرا, تعين. وإلا اجزاه التيمم.
سؤال: هل يجري حكم الجبيرة في الاغسال مضافا لجريانه في الوضوء ؟.
جواب: نعم يجري حكم الجبيرة في الاغسال ماعدا غسل الميت, كما يجري حكم الجبيرة في الوضوء.
وكذلك يجري حكم الجبيرة في الكسر المجبر والمعصب.
وكذلك يجري حكم الجبيرة فيما لو كان محل الكسر مكشوفا ومصاحبا للجرح.
وأما حكم الكسر فيما لو كان محل الكسر غير مجبور, ولا معصب, ولا غير مجروح, ففيه تفصيل:
1- إن لم يكن الغسل متعسرا, فهنا تعين الغسل.
2- إن لم يكن الغسل متعسرا, فهنا يجزي التيمم عن الغسل.
• [مسألة 126] الجبيرة على العضو الماسح بحكم البشرة. فيجب المسح عليها من غير استئناف ماءٍ جديد.
سؤال: ما حكم الجبيرة على العضو الماسح ؟.
جواب: حكم الجبيرة على العضو الماسح بحكم البشرة, فيجب على المكلف المسح على هذه الجبيرة من غير استئناف, واخذ ماءٍ جديد, كما لو لم تكن الجبيرة موجودة.
• [مسألة 127] الأرمد إن كان يضره استعمال الماء تيمم. ولا يجزيه غسل ما حول العين، إلا إذا صدق عليه الجرح عرفا.
سؤال: ما حكم الأرمد المصاب في عينه ؟.
جواب: فيه تفصيل:
1- إذا لم يصدق على الرمد بأنه جرح, وكان الأرمد مما يضره استعمال الماء, فهنا وجب على الأرمد التيمم, ولا يجزي هذا الأرمد غسل ما حول العين.
2- إذا صدق على الرمد بأنه جرح عرف, فهنا يجزي هذا الأرمد غسل ما حول العين, فيأخذ الأرمد حكم الجبيرة المتقدم.
• [مسألة 128] ذو الجبيرة إذا كان يأمل الشفاء خلال الوقت، أو تقليل موانع الوضوء، لزم تأخيره، فان حصل ذلك توضأ بحسب حاله. وان لم يحصل توضأ الوضوء الاضطراري. وله أن يتوضأ ويصلي أول الوقت بقصد رجاء استمرار العذر. فان لم يرتفع أجزأه، وإلا وجبت الإعادة. وان لم يكن يأمل الشفاء ولا بالاطمئنان أو الوثوق, ولا تقليل المانع، أجزأته المبادرة إلى الوضوء. فان زال العذر بدون احتساب خلال الوقت، لم تجب الإعادة، وان كانت أحوط استحبابا.
سؤال: ما حكم ذي الجبيرة إذا كان يأمل الشفاء من عدمه ؟.
جواب: هنا صورتان:
الأولى: إذا كان ذو الجبيرة يأمل الشفاء خلال الوقت، أو تقليل موانع الوضوء، فهنا لزم تأخير وضوء الجبيرة الاضطراري إلى آخر الوقت بتفصيل:
1- إن حصل ذلك الشفاء, فهنا توضأ ذو الجبيرة بحسب حاله.
2- إن لم يحصل ذلك الشفاء, فهنا توضأ ذو الجبيرة الوضوء الاضطراري.
ويجوز لذي الجبيرة أن يتوضأ ويصلي أول الوقت بقصد رجاء استمرار العذر, فان لم يرتفع العذر, فهنا أجزأ ذو الجبيرة ما أداه من الصلاة، وإن ارتفع العذر, فهنا وجبت على ذي الجبيرة إعادة الصلاة.
الثانية: إذا لم يكن ذو الجبيرة يأمل الشفاء, ولا بالاطمئنان بالشفاء, أو الوثوق بالشفاء, ولا تقليل المانع من الوضوء، فهنا أجزأت ذا الجبيرة المبادرة إلى الوضوء, فان زال العذر بدون احتساب خلال الوقت، فهنا لم تجب إعادة الصلاة، وان كانت إعادة الصلاة أحوط استحبابا.
• [مسألة 129] إذا كان في عضوٍ واحدٍ جبائر متعددة، يجب الغسل أو المسح في فواصلها.
سؤال: ما حكم إذا كان يوجد في عضوٍ واحدٍ جبائر متعددة ؟.
جواب: يجب الغسل, أو المسح في فواصل هذه الجبائر المتعددة الموجودة في ذلك العضو الواحد.
• [مسألة 130] إذا كان بعض الأطراف الصحيحة تحت الجبيرة، فان كان المقدار المتعارف مسح عليها. وان كان أكثر, فان أمكنه رفع بعضها وغسل موضعه, وجب. وان لم يمكن ذلك, مسح عليها، والاحوط استحبابا الجمع بين الوضوء والتيمم.
سؤال: ما حكم إذا كان بعض الأطراف الصحيحة تحت الجبيرة الواحدة الكبيرة الحجم بحيث تغطي هذه الجبيرة أطرافا صحيحة, وأطرافا مصابة ؟.
جواب: فيه حالتان:
الأولى: إن كان وقوع الأطراف الصحيحة بالمقدار المتعارف, فهنا جاز المسح على هذه الجبيرة.
والثانية: إن كان وقوع الأطراف الصحيحة أكثر من المقدار المتعارف, فهنا تفصيل:
1- إن أمكن ذو الجبيرة رفع بعض هذه الجبيرة, وغسل الموضع, فهنا وجب الرفع وغسل ما تحت هذه الجبيرة.
2- إن لم يمكن رفع بعض هذه الجبيرة, فهنا جاز المسح على هذه الجبيرة, والاحوط استحبابا الجمع بين الوضوء, وبين التيمم.
• [مسألة 131] في الجرح المكشوف، إذا أراد وضع طاهر ومسحه، يجبَ أولا أن يغسل ما يمكن من أطرافه, ثم وضعه ثم يتوضأ عليه.
سؤال: ما حكم الجرح المكشوف فيما لو أراد المكلف أن يضع على هذا الجرح جبيرة طاهرة, وان يمسح المكلف على هذه الجبيرة الطاهرة ؟.
جواب: يجب على المكلف أولا أن يغسل ما يمكن غسله من أطراف هذا الجرح قبل وضع هذه الجبيرة الطاهرة.
وثانيا: ثم يقوم المكلف بوضع الجبيرة الطاهرة على الجرح المكشوف.
وثالثا: ثم يقوم المكلف بالوضوء والمسح على الجبيرة الطاهرة.
• [مسألة 132] إذا اضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف, كفى المسح على الجبيرة، وأما إذا كانت الأطراف المتضررة أكثر من المتعارف، بحيث يستوعب غالب العضو, فالاحوط ضم التيمم, وان كان الظاهر كونه احتياطا استحبابيا.
سؤال: ما حكم إذا اضر الماء بأطراف الجرح ؟.
جواب: فيه تفصيل:
1- إذا كانت الأطراف المتضررة بالمقدار المتعارف, فهنا كفى المسح على الجبيرة.
2- إذا كانت الأطراف المتضررة أكثر من المتعارف، بحيث يستوعب غالب العضو, فهنا الاحوط وجوبا ضم التيمم إلى الوضوء, وان كان الظاهر كون هذا احتياطا استحبابيا.
• [مسألة 133] إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه، فالمتعين التيمم. لا فرق في ذلك بعد الجرح عن عضو الوضوء أو قربه.
سؤال: ما حكم إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضر هذا الجرح استعمال الماء في مواضع الوضوء ؟.
جواب: وجب التيمم. لا فرق في وجوب التيمم بين أن يكون هذا الجرح بعيدا عن عضو الوضوء, وبين ان هذا الجرح قريبا من عضو الوضوء.
• [مسألة 134] لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح ونحوه حدث باختياره أم بدونه، عن عصيان أم غيره.
سؤال: هل هناك فرق في جريان حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح ونحوه حدث باختيار المكلف, أم بدون اختيار، وسواء كان حدوث الجرح عن عصيان, أم حدوث الجرح عن طاعة وامتثال.
جواب: لا فرق في الجميع, فيجري حكم الجبيرة في جميع المذكورات.
• [مسألة 135] إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا, لا يضره نجاسة باطنها، ما لم تكن النجاسة سارية إلى رطوبة الوضوء, فالمتعين عندئذ منع السريان ولو بلفها بخرقة أخرى طاهرة، والمسح عليها.
سؤال: ما حكم إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا, وباطن هذه الجبيرة نجسا ؟.
جواب: لا يضر المكلف نجاسة هذا الباطن ما لم تكن النجاسة الموجودة في باطن الجبيرة سارية إلى رطوبة الوضوء, فهنا يجب منع سريان هذه النجاسة, ولو بلف هذه الجبيرة بخرقة أخرى طاهرة، والمسح على هذه الخرقة الطاهرة.
• [مسألة 136] محل الفصد والحجامة داخل في الجروح، فلو كان غسله مضرا وكان مكشوفا, غسل ما حوله. وان كان معصوبا غسل ما فوقه ومسح عليه.
سؤال: ما حكم محل الفصد والحجامة الذي يخرج منه الدم الفاسد ؟.
جواب: حكم محل الفصد والحجامة داخل في حكم الجروح، فيجري فيه التفصيل:
1- لو كان غسل هذا المحل مضرا, وكان هذا المحل مكشوفا, فهنا وجب غسل ما حول هذا المحل.
2- لو كان غسل هذا المحل مضرا, وكان هذا المحل معصوبا, فهنا غسل ما فوق هذا المحل, ومسح على هذا المحل.