شرح
منهج الصالحين
فتاوى السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره
الجزء الأول
كتاب الطهارة
سؤال وجواب
ميثم العقيلي
كتاب الطهارة
المبحث الأول
في أقسام المياه وأحكامها
وفيه فصول
الفصل الأول
في أقسام المياه
• ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين: الأول: الماء المطلق: وهو الماء بالمعنى العرفي الطبيعي, كالذي يكون في البحر أو النهر أو البئر. الثاني: الماء المضاف: وهو ما سوى ذلك, كماء الرمان وماء الورد.
سؤال: ما المقصود بالماء المطلق والماء المضاف ؟.
جواب: في المسائل الشرعية المتعلقة بالطهارة والنجاسة هناك تقسيمات وأصناف عديدة للماء الذي وقع موضوعاً لترتب المسائل الشرعية وأحكامها في مقدمة هذا الباب, ومنها :
الأول: الماء المطلق, والماء المضاف.
والثاني: الماء المعتصم, والماء غير المعتصم.
والثالث: الماء الذي له مادة, والماء الذي ليس له مادة.
والرابع: الماء الكثير الكر, والماء القليل غير الكر.
والرابع: الماء الجاري, والماء الراكد.
والخامس: ماء المطر النازل من السماء, والماء غير النازل من السماء.
والسادس: ماء البئر النابع من الأرض, والماء غير النابع من الأرض.
والسابع: الماء المستعمل في رفع الحدث, والماء المستعمل في رفع الخبث.
وهذه الأقسام لها حيثيات مختلفة, كما في حيثية انقسام الماء من حيث إطلاق لفظ الماء عليه إلى مطلق ومضاف. وحيثية وقوع النجاسة فيه إلى جاري ومطر وواقف. وحيث الكثرة والقلة إلى الكر والقليل. وحيثية النبع إلى النابع وغير النابع. وهكذا ولا مشاحة في هذه الحيثيات والاعتبارات وامتياز أو تداخل هذه الأقسام في بعضها, لأن المهم هو معرفة الأحكام الشرعية التي تترتب على هذه الأقسام, وبيان موقف المكلف من هذه الأحكام.
ومعه فإن الماء ينقسم انقساماً أولياً من حيث إطلاق لفظ الماء عليه وإضافته إلى قسمين:
الأول: الماء المطلق: وهو الماء بالمعنى العرفي الطبيعي والاعتيادي, الذي هو عبارة عن سائل عديم اللون والطعم والرائحة, على نحو يصح استعمال لفظ الماء فيه حقيقةً من دون إضافة شيء إليه. ومثاله:
- ماء البحر.
- ماء النهر.
- ماء البئر.
فإن إضافة لفظ: (البحر, والنهر, والبئر) إلى الماء هو من باب التعيين وليس من باب تصحيح استعمال لفظ الماء فيها.
الثاني: الماء المضاف: وهو الماء بالمعنى غير العرفي الطبيعي والاعتيادي, الذي هو عبارة عن سائل ذي لون أو طعم أو رائحة, على نحو لا يصح استعمال لفظ الماء فيه حقيقةً وإنما مجازاً بإضافة شيء إليه. وذلك نتيجة عروض ما يصح سلب إطلاق لفظ الماء عليه, كما في عصره أو امتزاجه بالأجسام الرطبة بالخلقة أو بعض المائعات. ومثاله:
- ماء الرمان.
- ماء الورد.
- ماء الشعير.
فإن إضافة لفظ: (الرمان, الورد, الشعير) إلى الماء هو من باب تصحيح استعمال لفظ الماء فيها وليس من باب التعيين.

الفصل الثاني
في الماء المعتصم وغير المعتصم
• الماء المطلق، إما لا مادة له, أوله مادة. والأول، إما قليل لا يبلغ مقدار الكر, أو كثير يبلغ مقدار الكر، أو جار، أو ماء مطر.
سؤال: ما هي تقسيمات الماء المطلق, موضحاً معنى الماء المعتصم وغير المعتصم ؟.
جواب: أن جملة من أقسام المياه تعرض عليها حالة الاعتصام وعدمه, فينقسم الماء من حيث اتصافه بحالة الاعتصام وعدم اتصافه بحالة الاعتصام إلى قسمين, وحالة الاعتصام هذه تعني المنعة, أي منع تنجيس الماء عند ملاقاته النجاسة وعدم منعه, فهنا قسمان:
الأول: الماء المعتصم: وهو الماء الذي لا يتنجس عند ملاقاته النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة: (اللون, الطعم والرائحة), ومنه الماء المتصل بمادة، والماء الكثير وإن لم يتصل بمادة، والماء الجاري.
الثاني: الماء غير المعتصم: وهو الماء الذي يتنجس عند ملاقاته النجاسة, وإن لم تتأثر بها أوصاف الماء الثلاثة, ومنه سائر أقسام الماء ماعدا ما تقدم في الماء المعتصم.
وأما أقسام هذه المياه فهي أن خصوص الماء المطلق ينقسم من حيث وجود مادة له وعدم وجود مادة له إلى قسمين:
الأول: الماء الذي له مادة: وهو الماء المرتبط بمصدر متصل على وجه يمده بالماء على نحو الاستمرار والديمومة. ومثاله: آنية يجري عليها ماء الحنفية. فإن ماء الحنفية يمثل المادة التي تزود الآنية بالماء.
الثاني: الماء الذي ليس له مادة: وهو الماء غير المرتبط بمصدر متصل على وجه يمده بالماء على نحو الاستمرار والديمومة. ومثاله: آنية فيها ماء ولكن لا يجري عليها ماء الحنفية. فإن انقطاع ماء الحنفية يمثل عدم وجود المادة لماء الآنية.
ثم أن خصوص الماء المطلق الذي له مادة ينقسم من حيث وقوع النجاسة فيه إلى أقسام عديدة, ومنها:
الأول: الماء القليل: وهو الماء الذي لا يبلغ حداً شرعياً مقدراً بالكر, وهو ما يقل عن 400 كغم.
الثاني: الماء الكثير: وهو الماء الذي يبلغ حداً شرعياً مقدراً بالكر, وهو ما يكثر عن 400 كغم. الثالث: الماء الجاري: وهو الماء المتصف بحالة الجري العرفية باعتبار سرعة وكمية جريان الماء.
الرابع: ماء المطر: وهو الماء النازل من السماء.
الخامس: الماء النابع: وهو الماء الذي يخرج من جوف الأرض غير المتصف بصفة الجريان.

الفصل الثالث
الماء القليل
• [مسألة 35] ينفعل الماء القليل بملاقاة النجس أو المتنجس الأول على الأقوى. إلا إذا كان متدافعاً بقوة, فتختص النجاسة حينئذ بموضع الملاقاة، ولا تسري إلى غيره, سواء أكان جارياً من الأعلى إلى الأسفل أم بالعكس، أم متدافعاً من أحد الجانبين إلى الآخر.
سؤال: ما حكم الماء القليل ؟.
جواب: إن حكم الماء القليل هو الانفعال بملاقاة النجاسة, سواء كان الملاقي عين النجاسة, أم كان الملاقي المتنجس. وسواء تغيرت أصاف الماء الثلاثة من اللون والطعم والرائحة, أم لم تتغير على تفصيل آت, فهنا شكلان:
الأول: النجس: أي ينفعل الماء القليل فيما لو لاقى هذا الماء عين النجاسة, ومثاله: آنية فيها ماء وسقطت فيها قطرة بول, فهنا حكم ماء الآنية هو النجاسة, وإن لم تتغير فضلاً عن تغير أوصافه الثلاثة.
والثاني: المتنجس: أي ينفعل الماء القليل فيما لو لاقى هذا الماء المتنجس أو الملاقي الأول, ومثاله: لو كانت يد الإنسان فيها رطوبة ومس كلباً, ثم وضع يده في آنية فيها ماء, فهنا يد الإنسان تكون متنجساً أول, والآنية التي فيها ماء تكون متنجساً ثانيا, وحكم ماء الآنية هو النجاسة لملاقاته يد الإنسان على تفصيل آت .
ولكن هذا الماء القليل يصبح حكمه الطهارة فيما إذا كان متدافعاً بقوة, فتختص النجاسة حين كون هذا الماء متدافعاً بقوة بمحل أو موضع ملاقاة هذا الماء للنجس أو المتنجس الأول، ولا تسري النجاسة إلى غير هذا الماء, سواء أكان هذا الماء جارياً من الأعلى إلى الأسفل, أم كان هذا الماء جارياً من الأسفل إلى الأعلى، أم كان هذا الماء متدافعاً من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر. ومثاله: لو صب ماء الآنية على بول, فهنا الجزء الساقط من ماء الآنية على البول يكون نجساً, أما العمود النازل من ماء الآنية إلى الأسفل يكون كل منهما طاهراً.
• [مسألة 36] الماء الكثير الذي يبلغ الكر، لا ينفعل بملاقاة النجس، فضلاً عن المتنجس. إلا إذا تغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها.
سؤال: ما حكم الماء الكثير البالغ حد الكر ؟.
جواب : هنا حكمان للماء الكثير البالغ حد الكر, كما في مياه الأحواض والأواني الكبيرة - مضافاً لكونه طاهراً بنفسه ومطهراً لغيره - باعتبار ملاقاته للنجس أو المتنجس:
الحكم الأول: الماء غير المتغير: أي أن حكم الماء الكثير الذي يبلغ حد الكر هو عدم الانفعال بالنجاسة بمجرد ملاقاته للنجس أو المتنجس الأول, فيما إذا لم تتغير أوصافه الثلاثة من اللون والطعم والرائحة المستندة إلى النجاسة, أي أن يكتسب الماء لون وطعم ورائحة النجاسة. ومثاله: لو سقطت قطرة دم في حوض فيه ماء كثير ولم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته, فهنا نحكم بطهارة ماء الحوض.
الحكم الثاني: الماء المتغير: أي أن حكم الماء الكثير الذي يبلغ حد الكر هو الانفعال بالنجاسة بمجرد ملاقاته للنجس أو المتنجس الأول, فيما لو تغيرت أوصافه الثلاثة بالتفصيل المتقدم, ومثاله: لو سقطت قطرة دم في حوض فيه ماء كثير وغيرت من لونه أو طعمه أو رائحته, فهنا نحكم بنجاسة ماء الحوض.
• [مسألة 37] ينقسم التغير في أحد الأوصاف الثلاثة السابقة إلى: حسي وتقديري. فالتغير الحسي: هو التغير الذي يظهر إلى الحس، ولا إشكال في كونه منجساً للماء عند حصوله. والتغير التقديري: هو الذي لا يظهر للحس، وهو على أقسام: أولاً: التغير الذي لا يظهر للحس، لكون النجاسة الملاقية للماء فاقدة للصفات المؤثرة فيه بأحد الأوصاف الثلاثة. وفي مثله لا إشكال بطهارة الماء. ثانياً: التغير الذي لا يظهر للحس، لكون الماء حاصلاً على مانع واقعي عن تغيره بالصفة، كالحرارة المانعة عن بروز الرائحة. وفي مثله يبقى الماء طاهراً أيضاً. ثالثاً: التغير الذي لا يظهر للحس، لكون الماء حاصلاً على مانع عن الإحساس بوصف النجاسة، مع وجوده واقعا. كما لو كان الماء أحمر بالحبر فوقع فيه دم، وفي مثله الاحوط البناء على النجاسة.
سؤال: ما هو تقسيم التغير الحاصل في الماء بالنسبة لأوصافه الثلاثة ؟.
جواب: في هذه المسألة الشرعية تقسيم للماء المتغير في أحد الأوصاف الثلاثة للماء باعتبار ما يظهر للحواس المحسوسة أو على تقدير ظهوره للحواس المحسوسة بسبب علة تمنعه من الظهور للحس, فهنا قسمان:
الأول التغير الحسي: هو التغير الذي يظهر إلى الحواس، وحكم هذا القسم هو النجاسة.
الثاني: التغير التقديري: هو التغير الذي لا يظهر للحس، وحكم هذا القسم يختلف باختلاف أقسامه, وهي ثلاثة:
أولاً: التغير الذي لا يظهر للحواس بسبب كون النجاسة الملاقية للماء فاقدة للصفات المؤثرة في هذا الماء بأحد أوصاف الماء الثلاثة, أي أن النجس مقتضي للتغير بذاته, ومثاله: وقوع البول الأبيض في الماء, فهنا نحكم بطهارة الماء.
ثانياً: التغير الذي لا يظهر للحس بسبب كون الماء حاصلاً على مانع واقعي عن تغير هذا الماء بأحد أوصاف الماء الثلاثة،, أي أن النجس مستند إلى عدم الشرط, ومثاله: وقوع الميتة في الماء الحار المانع عن بروز الرائحة, فهنا نحكم بطهارة الماء.
ثالثاً: التغير الذي لا يظهر للحس بسبب كون الماء حاصلاً على مانع عن الإحساس بوصف النجاسة، مع وجود هذا المانع واقعاً, أي أن النجس مستند إلى وجود المانع. ومثاله: وقوع الدم في الماء الأحمر بسبب الحبر, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
• [مسألة 38] أذا تغير الماء بغير اللون والطعم والرائحة، كالثقل أو الثخانة لم ينجس أيضاً) ما حكم تغير الماء بالثقل والثخانة ؟.
جواب : إن الماء إذا تغير بغير الأوصاف الثلاثة للماء المتقدمة – اللون, الطعم, الرائحة - كما لو تغير بوصفي؛ الثقل بأن كان وزن الماء ثقيلاً, أو وصف الثخانة بأن كان وزن الماء ثخيناً, أو غير هذين الوصفين, كوصفي؛ الحرارة والبرودة, فإن حكم هذا الماء المتغير بغير الأوصاف الثلاثة هو الطهارة. ومثاله: لو وقع في حوض فيه ماء كلب وازداد حجم الماء ثقلاً أو ثخانةً من دون أن يتغير لونه أو طعمه أو رائحته, فهنا نحكم بطهارة الماء.
• [مسألة 39] إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالمجاورة للنجاسة، لم ينجس أيضاً.
سؤال: ما حكم الماء المتغير بالمجاورة ؟.
جواب: إن الماء إذا تغير بغير الأوصاف الثلاثة - اللون, الطعم, الرائحة - كما لو تغير بوصف المجاورة للنجاسة, ومثاله: الماء المجاور لجيفة فتغيرت رائحته برائحة الجيفة, فهنا نحكم بطهارة الماء, وذلك لخروجه عن مورد النصوص الواردة في أن الموجب للتنجس هو خصوص ملاقاة الماء للنجس, وأما المجاورة فغير موجبة للنجاسة, وإن تغيرت أوصافه الثلاثة, فلابد في تغير الماء أن يكون بالملاقاة دون غيرها.
• [مسألة 40] إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس، إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس, كالماء المتغير بالدم، يقع في الكر فيغير لونه ويكون أصفر، فانه ينجس.
سؤال: ما حكم الماء المتغير بالمتنجس ؟.
جواب : إن الماء الكثير إذا تغير بوقوع المتنجس دون النجس, فإن حكمه الطهارة وعدم النجاسة، ولكن هذا الماء يصبح حكمه النجاسة فيما إذا تغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس, بأن وقع في هذا الماء متنجس يكون حاملاً لأوصاف النجس وكان قد غيره بوصف النجس, ومثاله:
- لو وقعت قطرة بول في الدبس فنجسته, ثم سقط في الماء وغير طعمه فصار حلواً, فهنا نحكم بطهارة الماء.
- الماء الكر إذا وقع فيه دم فتغير لونه إلى اللون الأصفر, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
• [مسألة 41] يكفي في حصول النجاسة، التغير بوصف النجاسة في الجملة، ولو لم يكن متحداً معه, فإذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس.
سؤال: ما المناط في حصول النجاسة ؟.
جواب: إن المدار في حصول نجاسة الماء هو أن يتغير الماء بوصف النجاسة بصورة إجمالية وليس بصورة دقية, أي يتنجس الماء المتغير حتى لو لم يكن الماء المتغير متحداً مع أوصاف النجاسة الثلاثة. ومثاله:
- لو سقطت قطرة دم في ماء قليل فتغير لونه, ثم سقط هذا الماء القليل المتغير لونه في ماء كثير فتغير لونه, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
- لو سقطت قطرة دم في ماء كثير فتغير لونه إلى اللون الأصفر وليس إلى اللون الأحمر الذي هو لون النجاسة, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
• [مسألة 42] الماء الذي له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة، إلا إذا تغير على النهج السابق, من دون فرق بين ماء الأنهار، وماء البئر، وماء العيون، والثمد, وغيرها، مما كان له مادة. والمادة هي اتصاله بالكر أو الجاري.
سؤال: ما حكم ومعنى الماء الذي له مادة ؟.
جواب: كل ماء له مادة حكمه عدم النجاسة فيما لو لاقى النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من اللون والطعم والرائحة, فإذا تغيرت هذه الأوصاف كان حكم الماء الذي له مادة النجاسة بتفصيل تقدم في المسائل الشرعية السابقة. وأما هنا فإن معنى المادة المأخوذة في الحكم هي أن يتصل ذلك الماء بالماء الكر, أو أن يتصل بالماء الجاري, فإذا اتصل الماء بماء الكر أو بماء جاري كان حكمه الطهارة ما لم تتغير أوصافه الثلاثة فيما لو لاقى النجاسة. وأمثلة ذلك: (ماء الأنهار, ماء البئر, ماء العيون, ماء الثمد المجتمع في حفرة فيما إذا كانت له مادة):
- لو سقطت نجاسة كالبول أو الدم في ماء النهر أو ماء البئر وغير ذلك مما تقدم ولم تتغير أوصاف الماء من اللون والطعم والرائحة, فهنا نحكم بطهارة الماء.
- لو سقطت نجاسة كالبول أو الدم في ماء النهر أو ماء البئر وغير ذلك مما تقدم وقد تغيرت أوصاف الماء من اللون والطعم والرائحة, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
• [مسألة 43] الماء الجاري – وهو ما يصدق عليه الماء الجاري عرفاً – معتصم, سواء كان قليلاً أو كثيراً. ويعتبر في صدقه العرفي، درجة من الكمية والسرعة.
سؤال: ما المراد بالماء الجاري وحكمه ؟.
جواب: كل ماء جاري كمياه الأنهار هو ماء معتصم, فيكون حكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, وعدم الانفعال بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من اللون والطعم والرائحة. وأما المقصود من الماء الجاري فهو ذلك الماء الجاري على سطح الأرض إذا كان له عند العرف نحو انطباق عنوان الجريان عليه مطلقاً, أي سواء كان هذا الماء الجاري قليلاً أم كان كثيراً, وسواء كانت لهذا الماء مادة أم لا, كما سيأتي. ويشترط في حكم العرف هذا أن يكون لهذا الماء صفتان؛ الكمية والسرعة, فما كان له عند العرف نحو من الكمية والجري بسرعة كان من الماء الجاري. ومثاله:
- لو وقعت في مياه النهر عذرة الإنسان, ولكنها لم تغير لونه أو طعمه أو رائحته, فهنا نحكم بطهارة ماء النهر.
- لو وقعت في مياه النهر عذرة الإنسان, ولكنها لغيرت من لونه أو طعمه أو رائحته, فهنا نحكم بنجاسة ماء النهر.
• [مسألة 44] الماء النابع من الأرض معتصم. وإن لم يجرِ على وجه الأرض، مع إحراز كونه منبعثاً عن مادة أرضية مستمرة.
سؤال: ما المراد بالماء النابع وحكمه ؟.
جواب: كل ماء نابع من الأرض كمياه الآبار أو البئر معتصم, فيكون حكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, وعدم الانفعال بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من لونه أو طعمه أو رائحته, سواء كان هذا الماء جارياً على سطح الأرض, أم لم يكن جارياً على سطح الأرض. ولكن يشترط في هذا الماء أن يكون منبعثاً عن له مادة أرضية على نحو الدوام والاستمرار, فلو لم يكن له مادة أرضية ينبعث منها فلا يكون ماء نابعاً معتصماً, وإنما يكون ماء قليل غير معتصم, وحكمه الانفعال بمجرد ملاقاته النجاسة, سواء تغيرت أوصافه الثلاثة, أم لم تتغير. ومثاله:
- لو شرب الكلب من ماء البئر, وكان ماء البئر جارياً وله مادة ينبعث منها, فهنا نحكم بطهارة ماء البئر.
- لو شرب الكلب من ماء البئر, وكان ماء البئر منقطع عن الجريان وليس له مادة ينبعث منها, فهنا نحكم بنجاسة ماء البئر.
• [مسألة 45] ماء المطر حال نزوله معتصم، ومطهر لغيره مع صدقه عرفاً. أما لو وقع على شئ، كورق الشجر، أو ظهر الخيمة، أو نحوهما، ثم وقع على النجس، تنجس.
سؤال: ما حكم ماء المطر ؟.
جواب : ماء المطر معتصم, فيكون حكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, وعدم الانفعال بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من لونه أو طعمه أو رائحته. ولكن يشترط في اعتصام وطهورية ماء المطر مع صدقه العرفي أن يكون نازلاً من السماء على النجاسة بصورة مباشرة من دون واسطة, فإنه يكون مطهراً لذلك النجس. وأما إذا انقطع نزول ماء المطر من السماء ثم سقط على النجس بصورة غير مباشرة ومع واسطة, فإنه لا يكون مطهراً لغيره. ومثاله:
- لو سقط ماء المطر على ورق الشجر المتنجس, فهنا نحكم بطهارة ماء المطر, وطهارة ورق الشجر بعد زوال عين النجاسة.
- لو انقطع المطر وكان هناك قطرات من ماء المطر كانت قد سقطت على ورق الشجر, ثم سقطت على ظهر الخيمة المتنجسة, فهنا نحكم بنجاسة ماء المطر, ونجاسة ظهر الخيمة.
• [مسألة 46] ماء الحنفية والدوش من الجاري، ما دام متصلاً، فإن تقطع كان من القليل.
سؤال: ما حكم ماء الحنفية والدوش ؟.
جواب: إن الماء المتعارف وجوده في المنازل والبيوتات, كما في ماء الحنفية وماء الدوش, فإن هذا الماء من الماء الجاري, فيكون ماءً معتصماً طاهراً ومطهراً ولا ينجس بملاقاته للنجاسة ما لم تتغير أوصافه الثلاثة. ولكن يشترط في ماء الحنفية والدوش ليكون من الماء الجاري أن يكون متصلاً بمادة تمده بالماء على نحو الدوام, فإن كان هذا الماء متقطعاً أو وضع في إناء مستقل كان من الماء القليل الذي ينفعل بمجرد ملاقاته للنجاسة. وأمثلة ذلك:
- ماء الحمام المتصل بالنهر.
- ماء الحمام المتصل بساقية.
- ماء الحمام المتصل بالحنفية.
- ماء الحمام المتصل بالدوش.
فإن كان ماء الحمام متصلاً بالمذكورات جرى عليه حكم الماء الجاري من حيث اعتصامه وطهوريته وعدم انفعاله بالنجاسة عند الملاقاة, وإن لم يكن متصلاً جرى عليه حكم الماء القليل.
• [مسألة 47] الراكد المتصل بالجاري كالجاري، فالحوض المتصل بالنهر بساقية يلحقه حكمه. وكذا أطراف النهر، وان كان ماؤها واقفاً. ومن ذلك أيضاً آنية الماء التي تصب عليها الحنفية.
سؤال: ما حكم الماء الراكد ؟.
جواب : إن الماء الراكد أو الماء الواقف من الماء القليل إن لم يبلغ حد الكر, فلا يكون ماءً معتصماً فينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة, سواء تغيرت أوصافه الثلاثة أم لم تتغير. ولكنه إذا كان متصلاً بالمادة, كما لو اتصل بالماء الجاري – أو الماء الكر - كان ماء معتصماً فلا ينجس بملاقاته للنجاسة ما لم تتغير أوصافه الثلاثة, لأن هذا الماء الراكد سوف يكون متصلاً بالمادة فيأخذ أحكامه المتقدمة. ومثاله:
- الحوض المتصل بالنهر بساقية.
- أطراف النهر المتصلة بالنهر.
- آنية الماء التي تصب عليها الحنفية.
• [مسألة 48] إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر، فالطرف المتصل بالمادة لا ينجس بالملاقاة، وان كان قليلاً. والطرف الآخر حكمه حكم الراكد، فان تغير تمام قطر ذلك البعض تنجس. وإلا فالمتنجس هو المقدار المتغير فقط، لاتصال ما عداه بالمادة.
سؤال: ما حكم الماء الجاري فيما لو تغير بعضه ؟.
جواب : إن الماء الجاري إذا سقطن فيه نجاسة وغيرت بعضه دون بعضه الآخر، فحكمه فيه تفصيل باعتبار اتصال طرفه بالمادة وعدمه؛ أما الطرف المتصل بالمادة فحكمه الطهارة فلا ينجس بالملاقاة، وإن كان قليلاً. وأما الطرف الآخر فحكمه حكم الماء الراكد، فإن تغير تمام قطر ذلك البعض فحكمه النجاسة. وإن لم يتغير تمام قطر ذلك البعض فحكمه نجاسة المقدار المتغير فقط، وذلك لاتصال ماعداه بالمادة. ومثاله:
- لو سقط بول في حوض ماء وكان ذلك الحوض متصلاً بنهر وقد تغير بعض ذلك الحوض دون بعضه الآخر, فهنا نحكم بنجاسة ذلك الطرف المتغير, وأما الطرف الآخر فيكون طاهراً, وإن كان قليلاً.
- لو سقط بول في حوض ماء وكان ذلك الحوض متصلاً بنهر وقد تغير تمام قطر البقعة المتصلة بالنهر, فهنا نحكم بنجاسة الجميع.
• [مسألة 49] الماء الجاري معتصم بنفسه، سواء كانت له مادة أم لا. فلو شك في ذلك لم ينجس بالملاقاة.
سؤال: ما حكم الماء الجاري فيما لو شككنا به ؟.
جواب : تقدم حكم الماء الجاري باعتبار كونه معتصم, وهذا الاعتصام مطلق أي سواء كانت لهذا الماء مادة ينبعث منها على نحو الدوام والاستمرار, أم لم تكن له مادة ينبعث منها على نحو الدوام والاستمرار. أما لو شك في صيرورة هذا الماء كونه ماء جارياً أو لا, فحكمه الطهارة.
• [مسألة 50] إذا اجتمع ماء المطر في مكان وكان قليلاً، فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم، كالكر، وان انقطع عنه التقاطر عرفاً، كان بحكم القليل.
سؤال: ما حكم ماء المطر فيما لو تجمع في مكان ؟.
جواب : إذا اجتمع واستقر ماء المطر في مكان وكان ذلك الماء قليلاً، فحكمه فيه تفصيل باعتبار تقاطر المطر عليه وانقطاعه عنه؛ أما إذا كان يتقاطر عليه ماء المطر فهو ماء معتصم كحكم الماء الكر, الذي لا ينفعل بملاقاته للنجاسة ما لم تتغير أوصافه الثلاثة. وأما إذا كان قد انقطع عن هذا الماء تقاطر ماء المطر عنه عرفاً كان بحكم الماء القليل الذي لا ينفعل بملاقاته للنجاسة.
• [مسألة 51] الماء المتنجس غير المتغير إذا وقع عليه ماء المطر طهر، وكذا ظرفه، كالإناء والكوز ونحوهما, مما كان تحت السماء.
سؤال: ما حكم الماء المتنجس غير المتغير بالنجاسة فيما لو وقع عليه ماء المطر ؟.
جواب : إن حكم الماء المتنجس غير المتغير بأحد أوصاف الماء الثلاثة – اللون, الطعم, الرائحة - إذا وقع عليه ماء المطر كان حكمه الطهارة، وكذا نحكم بطهارة ظرف هذا الماء المتنجس فيما إذا كان هذا الظرف مما يتقاطر عليه ماء المطر النازل من تحت السماء، ومثال هذا الظرف:
- آنية فيها ماء سقطت فيها قطرة بول, ثم وقع على تلك الآنية ماء المطر, فهنا نحكم بطهارة الماء.
- كوز فيه ماء سقطت فيه قطرة بول, ثم وقع على ذلك الكوز ماء المطر, فهنا نحكم بطهارة الماء.
• [مسألة 52] يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق المطر عرفاً. وإن كان الواقع على النجس قطرات منه، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة, فلا يجري عليه الحكم.
سؤال: ما المناط في جريان حكم ماء المطر ؟.
جواب: إن المدار في جريان حكم ماء المطر النازل من السماء هو العرف, بمعنى أن يصدق عليه المطر عند العرف, وإن كان الواقع على النجس قطرات من هذا الماء مادام العرف يحكم بكونه ماء المطر, فيكون طاهراً بنفسه, ومطهراً لغيره, ولا ينفعل بملاقاته للنجاسة. وأما إذا كان مجموع النازل من السماء قطرات قليلة من الماء بحيث لا يصدق عليه عرفاً أنه ماء المطر, فلا يجري عليه حكم ماء المطر, أي فلا يكون طاهراً بنفسه, ومطهراً لغيره, وينفعل بملاقاته للنجاسة.
• [مسألة 53] الثوب أو الفراش المتنجس، إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جمعيه طهر الجميع، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد. وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره. هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة, وإلا فلا يطهر إلا إذا تقاطر عليه بعد زوال عينها.
سؤال: ما حكم الثوب أو الفراش المتنجس ؟.
جواب : إن كيفية تطهير الثوب أو الفراش فيما لو تنجس بعين نجاسة هي تقاطر ماء المطر على الثوب أو الفراش ونفوذ هذا الماء في جميع الأجزاء, ولا يحتاج في كيفية التطهير إلى عصر الثوب أو عصر الفراش, أو تعدد غسل الثوب, أو تعدد غسل الفراش. وأما إذا وصل ماء المطر إلى بعض أجزاء الثوب أو الفراش فإنه يطهر ذلك الجزء الذي وصل إليه ماء المطر دون غيره من الأجزاء التي لم يصلها ماء المطر . وكيفية التطهير هذه مشروطة بعدم وجود عين النجاسة في الثوب أو الفراش, فإذا كانت عين النجاسة موجودة في الثوب أو الفراش بقي على النجاسة, وإن تقاطر عليه ماء المطر, وأما إذا زالت عين النجاسة وتقاطر على الثوب أو الفراش ماء المطر فإنه يطهر على تفصيل يأتي في باب المطهرات. وأمثلة ذلك:
- إذا تنجس الثوب بدم الذي يحتاج في تطهيره إلى العصر وقد نزل عليه ماء المطر بحيث استوعب إلى جميع أجزائه, فهنا نحكم بطهارة الثوب بعد زوال الدم من دون عصر فيما لو نفذ الماء إلى جميع أجزاء الثوب.
- إذا تنجست آنية بالخمر التي تحتاج في تطهيرها إلى التعدد وقد نزل عليها ماء المطر بحيث استوعب جميع أجزائها, فهنا نحكم بطهارة الآنية بعد زوال الخمر منها من دون تعدد فيما لو نفذ الماء إلى جميع أجزاء الآنية.
- إذا تنجس الثوب بدم الذي يحتاج في تطهيره إلى العصر وقد وصل ماء المطر إلى بعض الثوب دون بعضه الآخر, فهنا نحكم بطهارة البعض الذي وصل إليه ماء المطر بعد زوال الدم دون سائر أجزاء الثوب.
- إذا تنجس آنية بالخمر التي تحتاج في تطهيرها إلى التعدد وقد وصل ماء المطر إلى بعض الآنية دون بعض بعضها الآخر, فهنا نحكم بطهارة البعض الذي وصل إليه ماء المطر بعد زوال الخمر دون سائر أجزاء الآنية.
• [مسألة 54] الأرض المتنجسة تطهر بوصول المطر إليها، بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح. وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر، كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان طاهر فوصل مكاناً متنجساً, فانه لا يطهر، ويكون ما أصابه بحكم الماء القليل. نعم، لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقوف، أو إلى أي شئ آخر، طهر.
سؤال: ما حكم تطهير الأرض المتنجسة ؟.
جواب: إن كيفية تطهير الأرض فيما لو تنجست بعين نجاسة هي وصول ماء المطر إلى الأرض, وكيفية التطهير هذه مشروطة بأن يكون الماء نازلاً من السماء على الأرض, ولو بإلاستعانة بالريح, أي لو كان وصول ماء المطر إلى الأرض ليس بنفسه وإنما بواسطة الريح التي دفعت ذلك الماء وأوصلته إلى الأرض المتنجسة. وأما لو وصل ماء المطر إلى الأرض المتنجسة بعد الوقوع على مكان طاهر، كما لو وقع أو ترشح ماء الطر على أرض طاهرة, ثم وقع هذا الماء على أرض متنجسة, فإن هذه الأرض لا تطهر, ويكون ما أصابه هذا الماء بحكم الماء القليل الذي ينفعل بملاقاته للنجاسة. نعم تطهر الأرض المتنجسة فيما لو جرى ماء المطر على الأرض, فوصل هذا الماء إلى مكان مسقوف، أو إلى أي مكان آخر. وأمثلة ذلك:
- إذا سقط ماء المطر على أرض متنجسة بالبول, فهنا نحكم بطهارة الأرض بعد زوال البول من الأرض.
- لو سقط ماء المطر على خشب ثم سقط الماء على أرض متنجسة بالبول, فهنا نحكم بنجاسة الأرض.
- لو سقط ماء المطر على خشب ثم جرى الماء وسقط على أرض متنجسة بالبول, فهنا نحكم بطهارة الأرض بعد زوال البول.
• [مسألة 55] إذا تقاطر المطر على عين النجس، فترشح منها على شئ آخر, لم ينجس ما دام متصلاً بماء السماء بتوالي تقاطره عليها.
سؤال: ما حكم تقاطر ماء المطر على عين النجاسة ؟.
جواب : إذا تقاطر ماء المطر على عين النجس، فترشح ماء المطر من عين تلك النجاسة ووقع على شئ آخر طاهر, فإن حكم ذلك الشيء الطاهر هو الطهارة, ولكن يشترط في طهارة هذا الشيء أن يكون ماء المطر متصلاً بماء السماء بتوالي تقاطر هذا الماء على عين النجس, فنحكم حينئذٍ بطهارة هذا الشيء. ومثاله:
- إذا نزل ماء المطر على كلب ثم نزل الماء من الكلب وأصاب إنساناً, فهنا نحكم بطهارة الإنسان مادام ماء المطر متصلاً.
- إذا نزل ماء المطر على كلب ثم نزل الماء من الكلب وأصاب إنساناً, فهنا نحكم بنجاسة الإنسان فيما لو انقطع ماء المطر.
• [مسألة 56] مقدار الكر وزناً بحقه الاسلامبول، التي هي مئتان وثمانون مثقالاً صيرفيا، يساوي مائتين واثنين وتسعين حقة ونصف حقة. وبحسب وزنة النجف التي هي ثمانون حقة اسلامبول، ثلاث وزنات ونصف وثلاث حقق وثلاث أواق. ويساوي بالكيلو أربع مائة كيلو. ومقداره بالمساحة، ما بلغ مكعبه، اثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان الشبر.
سؤال: ما مقدار ماء الكر ؟.
جواب: في هذه المسألة الشرعية تقديران للماء الكر:
التقدير الأول: الوزن: أي مقدار ماء الكر بالوزن, وفيه وزنان:
أولاً: الوزن التركي: ويساوي بالمثقال الصيرفي: ( 280 ) مثقالاً صيرفياً، وبالحقة : ( 292 ) حقة ونصف حقة.
وثانياً: الوزن النجفي: حيث أن وزنة النجف تساوي بالحقة ( 80 ) حقة اسلامبول، وتساوي : ( 3 ) وزنات ونصف, و ( 3 ) حقق, و ( 3 ) أواق . ويساوي بالكيلو ( 400 ) كيلو.
التقدير الثاني: المساحة: أي مقدار ماء الكر بالمساحة, وفيه ما بلغ مكعبه: ( 42 ) شبراً, و ( 7 / 8 ) الشبر.
• [مسألة 57] لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه واختلافها، ولا بين ركود الماء وجريانه. نعم، إذا كان الماء متدافعاً، لا تكفي كرية المجموع في صدقه، ولا كرية المتدافع عليه باعتصام المتدافع منه، ولكنه يكون جارياً على أي حال، فيكون معتصماً بالجريان لا بالكرية.
سؤال: هل يختلف اعتصام الكر باختلاف حالاته ؟.
جواب: إن كل ماء كر معتصم مطلقاً, فيكون حكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, وعدم الانفعال بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من اللون والطعم والرائحة. سواء كان اعتصام هذا الماء بالكرية, أم كان معتصماً بالجريان, فهنا نحوان من الاعتصام:
النحو الأول: الكرية: أي أن يكون الماء معتصماً بالكرية, سواء اختلفت أو تساوت سطوحه. ومثاله: إذا كان الماء موضوعاً في أحواض متعددة ولكنها متصلة بعضها ببعض, وبمجموعها تبلغ حد الكر, فلو تنجست هذه الأحواض, فهنا نحكم باعتصام الماء وطهوريته.
النحو الثاني: الجريان, أي أن يكون الماء معتصماً بالتدافع والجريان, سواء كان الماء متدافعاً منه, كما لو كان الماء موجوداً في مكان عال, أم كان الماء متدافعاً إليه, كما لو كان الماء موجوداً في مكان منخفض. ومثاله: إذا كان هناك حوض فيه ماء لم يبلغ الكر موجود في أعلى السطح ويجري ماءه على خزان آخر موجود في أسفل الأرض يبلغ الكر, فلو تنجس الحوض الأعلى, فهنا نحكم بنجاسته.
• [مسألة 58] لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام، فيما كان في الحياض الصغيرة إذا كان متصلاً بالماء, وكانت وحدها أو بضميمة ما في الحياض إليها كراً، فهو معتصم. وكذا عندما يكون جارياً من المادة، وإن لم يكن متصلاً بالمادة كان بحكم القليل.
سؤال: هل يختلف حكم ماء الحمام عن غيره من المياه ؟.
جواب: إن ماء الحمام وغيره من أنواع المياه كماء المطر وغيره معتصم مطلقاً, فيكون حكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, وعدم الانفعال بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه الثلاثة من اللون والطعم والرائحة. ولا يضر في حكم اعتصام ماء الحمام اختلاف حالاته, ومنها حالتان:
الأولى: الحياض الصغيرة: أي أن يكون هذا الماء موضوعاً في أحواض صغيرة بشرط أن يكون متصلاً بالماء, وكانت هذه الأحواض وحدها أو بضميمة الماء الكر إلى ما في هذه الأحواض، فحكم هذا الماء هو حكم الماء المعتصم.
الثانية: الجريان من المادة: أي أن يكون هذا الماء جارياً من المادة، وأما إذا كان متصلاً بالمادة, فحكم هذا الماء هو حكم الماء القليل الذي ينفعل بملاقاته للنجاسة.
الفصل الثالث
في الماء القليل
• الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر، طاهر ومطهر من الحدث والخبث، والمستعمل في رفع الحدث الأكبر، طاهر ومطهر من الخبث، كما يجوز استعماله في الوضوء والاغسال المستحبة. والاحوط عدم استعماله في الاغسال الواجبة كالحيض والجنابة. والمستعمل في رفع الخبث نجس، عدا ما تعقب استعماله طهارة المحل، وعدا ماء الاستنجاء على تفصيل يأتي.
سؤال: ما حكم الماء المستعمل في رفع الحدث والخبث ؟.
جواب: إن الماء كثيراً كان أو قليلاً له جملة من الاستخدامات والاستعمالات التي يقوم بها المكلف في حياته اليومية, كالشرب والتنظيف والغسل وغيرها, وفي المقام ما يخص التطهير به فيختص الماء القليل المستخدم أو المستعمل في الطهارة بوجود أقسام أربعة يختلف حكمها جوازاً وعدماً في استخدامه مرة أخرى في عملية التطهير, بمعنى أنه إذا استعملنا الماء القليل في تطهير شيء فهل يجوز استعمال نفس ذلك الماء القليل في عملية تطهير جديدة ؟. وجوابه: أن هناك أقساماً عديدة للماء القليل المستعمل في عملية التطهير باعتبار أن الطهارة تارة تكون من الحدث, وأخرى تكون من الخبث, والطهارة من الحدث تارة تكون من الحدث الأصغر, وأخرى من الحدث الأكبر, فهنا أقسام ثلاثة:
القسم الأول: الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر, وحكمه الطهارة في نفسه والتطهير لغيره, فيجوز استعماله في رفع الحدث الأصغر كالوضوء, ورفع الحدث الأكبر كالغسل, ورفع الخبث كغسل البول. ومثاله:
- إذا توضأ المكلف, وكان قد فضل من ماء وضوئه, فهنا نحكم بجواز استعمال ذلك الماء الفاضل في الوضوء مرة أخرى.
- إذا توضأ المكلف, وكان قد فضل من ماء وضوئه, فهنا نحكم بجواز استعمال ذلك الماء الفاضل مرة أخرى في غسل الثوب المتنجس بالبول.
القسم الثاني: الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأكبر, وحكمه فيه تفصيل؛ أما التطهير من الخبث فهو طاهر ومطهر يجوز استعماله في رفع الخبث. وأما التطهير من الحدث فإن كان الحدث أصغر فحكمه الطهارة, فيجوز استعماله في الوضوء والأغسال المستحبة, كغسل الجمعة , وغسل العيد. وإن كان الحدث أكبر فحكمه النجاسة فلا يجوز استعماله في الأغسال الواجبة كغسل الحيض وغسل الجنابة. ومثاله:
- إذا اغتسل المكلف عن الجنابة وكان قد فضل من ماء جنابته, فهنا نحكم بجواز استعمال ذلك الماء الفاضل مرة أخرى في غسل الثوب المتنجس بالدم.
- إذا اغتسل المكلف عن الجنابة وكان قد فضل من ماء جنابته, فهنا نحكم بجواز استعمال ذلك مرة أخرى في غسل الجمعة.
- إذا اغتسل المكلف عن الجنابة وكان قد فضل من ماء جنابته, فهنا نحكم بعدم جواز استعمال ذلك مرة أخرى في غسل الجنابة.
القسم الثالث: الماء القليل المستعمل في رفع الخبث, وحكمه النجاسة, فلا يجوز استعماله في رفع الحدث الأصغر, أو رفع الحدث الأكبر. ولكن يستثنى من هذا الحكم موردان نحكم فيهما بالطهارة الماء, وهما:
الأول: الماء الذي تعقب استعماله في طهارة المحل أو المحل بعد زوال عين النجاسة. ومثاله: إذا غسل المكلف ثوباً متنجساً بالبول, فهنا نحكم بطهارة الماء الساقط على المكان بعد زوال عين النجاسة.
والثاني: ماء الاستنجاء الذي يستعمل في غسل موضع النجو. ومثاله: إذا غسل المكلف موضع الغائط, وفضل منه ماء, فهنا نحكم بطهارة الماء الفاضل منه بشرائط خاصة يأتي ذكرها في أحكام التخلي.
• [مسألة 59] قطرات الماء التي تنزو عن عين النجاسة أو المتنجس الأول، متنجسة يجب اجتنابها.
سؤال: ما حكم قطرات الماء التي تتساقط من عين النجاسة ؟.
جواب: إن حكم قطرات الماء التي تنزل وتترشح من عين النجاسة كالبول والغائط وغيرهما, أو قطرات الماء التي تنزل وتترشح من المتنجس الأول، فإن حكم هذه القطرات هو النجاسة, فيجب اجتنابها لكونها متنجسة, فتنجس المحل الذي تلاقيه هذه القطرات المتنجسة. ومثاله:
- لو سقط الماء على كلب ثم تساقطت قطرات من الكلب وسقطت على الفراش, فهنا نحكم بنجاسة تلك القطرات.
- لو سقطت قطرة بول في ماء قليل ثم تساقطت قطرات من هذا الماء وسقطت على الثوب, فهنا بنجاسة تلك القطرات.
• [مسألة 60] الماء الذي كان قليلاً في السابق، ثم شك في صيرورته كراً له حكم القليل. كما أن الماء الذي كان كراً في السابق، ثم شك في بقائه على الكرية, له حكم الكر. أما الماء الذي شك في كونه كراً، ولم نعلم حالته السابقة, فالاحوط إلحاقه بالقليل، إلا من حيث انفعاله بالملاقاة.
سؤال: ما حكم الماء المشكوك الذي تكون له حالة سابقة أو لم تكن له حالة سابقة ؟.
جواب : الماء المشكوك إما أن تكون له حالة سابقة أو لا, فهنا حالتان:
الحالة الأولى: له حالة سابقة: أي الماء الذي تكون له حالة سابقة معلومة, فإن الشك فيه يكون مجرى لقاعدة الاستصحاب, التي مفادها أن يكون للفرد المشكوك يقين سابق, وشك لاحق. فإننا نستصحب بقاء الحالة السابقة وهي اليقين السابق, وذلك لأن الشك اللاحق لا يمكنه نقض اليقين السابق, فيبقى ما كان على ما كان, أي يبقى ما كان من اليقين السابق على ما كان عليه من اليقين. ومعه فإن الشك في معروض المسألة له صورتان:
الأولى: الماء الذي كانت حالته السابقة هي كونه ماء قليلاً, ثم شككنا في تحول هذا الماء إلى ماء كر, فإننا نبني على استصحاب القلة, فيكون ماءً قليلاً.
والثانية: الماء الذي كانت حالته السابقة هي الكرية, ثم شككنا في بقاء هذا الماء على الكرية, فإننا نبني على استصحاب حالته السابقة, وهي الكرية فيكون ماءً كراً.
الحالة الثانية: ليس له حالة سابقة: أي الماء الذي لا تكون له حالة سابقة معلومة, كما لو شككنا في كرية الماء ولكننا لم نعلم حالته السابقة, فإن مقتضى الاحتياط الوجوبي أن نلحقه بالماء القليل، فيأخذ أحكامه, ولكن نستثني منه حكماً واحداً, وهو الانفعال بالنجاسة, فإنه يأخذ حكم الماء الكثير الذي لا ينفعل عند ملاقاته النجاسة.

الفصل الرابع
في بعض صور الشك في طهارة الماء
• إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد الإنائين وطهارة الآخر، لم يجز رفع الخبث ولا الحدث بأحدهما، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة. وإذا اشتبه المطلق بالمضاف، جاز رفع الخبث في الغسل بأحدهما، ثم الغسل بالآخر، وكذلك رفع الحدث. وإذا اشتبه المباح بالمغصوب، حرم التصرف بكل منهما، ولكن لو غسل متنجس بأحدهما طهر ولا يرفع بأحدهما الحدث على الاحوط. وإذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة، جاز الاستعمال مطلقاً، وضابط غير المحصورة، أن تبلغ كثرة الأطراف حداً يوجب خروج بعضها عن مورد التكليف. ولو شُكَ في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة لم يعتن به.وان كان الاحوط استحباباً إجراء حكم الشبهة المحصورة.
سؤال: ما حكم الشك في طهارة الماء, مبيناً معنى الشبهة المحصورة وغير المحصورة ؟.
جواب : في هذه المسألة الشرعية جملة من الأحكام المتعلقة في صورة الشك في طهارة الماء, ومنها صور أربعة:
الصورة الأولى: الشك في نجاسة الماء وطهارته: أي إذا كان لدينا إناءان وكنا نعلم على نحو العلم الإجمالي وليس على نحو العلم التفصيلي بكون الماء الوجود في أحد الإنائين نجس, بينما الماء الموجود في الإناء الآخر طاهر, فهنا نحكم بعدم جواز رفع الخبث في الغسل بأحد هذين الإنائين, كما أصاب جسم الإنسان نجاسة طارئة من الخارج كمسه للميتة, ولا يجوز رفع الحدث في الغسل أو الوضوء بأحد هذين الإنائين, كما لو خرج من جسم الإنسان مني أو بول أو غائط. ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحد الإنائين، إلا إذا كانت الحالة السابقة في هذين الإنائين النجاسة, فنستصحب تلك الحالة السابقة, فنبني على نجاسة الملاقي لأحد الإنائين.
الصورة الثانية: الشك في إطلاق الماء وإضافته: أي إذا كان لدينا إناءان, وكنا نعلم على نحو العلم الإجمالي وليس التفصيلي بكون الماء الموجود في أحد الإنائين ماء مطلق بينما الماء الموجود في الإناء الآخر ماء مضاف، فهنا نحكم بجواز التصرف بكل من الإنائين على نحو التكرار, أي يجوز رفع الخبث في الغسل بأحد هذين الإنائين، ثم الغسل بالإناء الآخر، ويجوز رفع الحدث في الوضوء بأحد هذين الإنائين, ثم الوضوء بالإناء الآخر.
الصورة الثالثة: الشك في إباحة الماء وغصبيته: أي إذا كان لدينا إناءان وكنا نعلم على نحو العلم الإجمالي وليس العلم التفصيلي بكون الماء الموجود في أحد الإنائين ماء مباح بينما الماء الموجود في الإناء الآخر ماء مغصوب، فهنا نحكم بحرمة التصرف بكل من الإنائين، أي لا يجوز رفع الحدث أو الخبث في الغسل أو الوضوء بكلا الإنائين ولكن لو غسل متنجس بأحد هذين الإنائين فهنا نحكم بطهارة ذلك المتنجس, ولا يجوز رفع بأحد هذين الإنائين الحدث على نحو الاحتياط الوجوبي.
الصورة الرابعة: الشك في الشبهة المحصورة والشبهة غير المحصورة: هنا مصطلحان:
الأول: الشبهة المحصورة: وهي أن لا تبلغ كثرة الأطراف حداً يوجب خروج بعض هذه الأطراف عن مورد التكليف. ومثالها: إذا كان لدينا ثلاثة أو أربعة أو خمسة آنية, وكنا نعلم إجمالاً بنجاسة أو إضافة أو غصبية أحد هذه الآنية وطهارة أو إطلاق أو إباحة الآنية الأخرى. فهنا نحكم بحسب المورد المتقدم في الصور الثلاثة - الطهارة والنجاسة, الإطلاق والإضافة, الإباحة والغصبية, وقد تقدم الحكم في هذه الموارد بحسب الصور المتقدمة.
الثاني: الشبهة غير المحصورة: وهي أن تبلغ كثرة الأطراف حداً يوجب خروج بعض هذه الأطراف عن مورد التكليف. ومثالها: إذا كان لدينا عشرة أو عشرين أو أربعين أو خمسين آنية, وكنا نعلم إجمالاً بنجاسة أحد هذه الآنية وطهارة الآنية الأخرى. فهنا نحكم بجواز استعمال الماء مطلقاً في جميع الموارد والصور الثلاثة المتقدمة.
ثم لو شككنا في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة, فهنا نحكم بعدم جواز الاعتناء بهذا الشك, ونبني على جواز الاستعمال مطلقاً, وإن كان هناك احتياطاً استحبابياً في جريان حكم الشبهة المحصورة, وهو العمل بحسب مورد الشك في الصور المتقدمة.

الفصل الخامس
في الماء المضاف
• الماء المضاف: هو المعتصر من الأجسام الرطبة بالخلقة كالفواكه، أو الممتزج ببعض الأجسام امتزاجاً يسلبه الصدق العرفي للماء الاعتيادي أو المطلق.
سؤال: ما معنى الماء المضاف ؟.
جواب: قد تقدم تعريف الماء المضاف في أول هذا الكتاب, حيث أنه يقع قسيماً للماء المطلق في انقسام الماء انقساماً أولياً باعتبار إطلاقه وإضافته, وكان الماء المطلق هو ذلك الماء العرفي والاعتيادي الذي يصح إطلاق لفظ الماء عليه من دون إضافة حقيقةً, بينما الماء المضاف هو ذلك الماء غير العرفي الطبيعي والاعتيادي الذي لا يصح إطلاق لفظ الماء عليه حقيقة وإنما مجازاً, وذلك نتيجة عروض ما يصح سلب إطلاق لفظ الماء عليه, كما في عصره أو امتزاجه بالأجسام الرطبة بالخلقة أو بعض المائعات. ومثاله:
- ماء البرتقال, فإنه معتصر من جسم رطب بالخلقة.
- ماء الشاي, فإنه ماء مختلط.
- ماء الدبس, فإنه ماء مائع.
• [مسألة 61] ينجس المضاف بمجرد ملاقاة النجاسة، وإن كان كثيراً أو جارياً. ويستثنى منه ما عدا الجزء الوارد منه على النجس، إذا كان مندفعاً نحو النجس بجريان وقوة.
سؤال: ما حكم الماء المضاف فيما لو لاقى النجس ؟.
جواب: حكم الماء المضاف بالنسبة لو لاقى النجس فإنه ينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة, وإن كان الماء المضاف كثيراً, أو كان جارياً. ولكن يستثنى من هذا الحكم فيما إذا الماء المضاف متدافعاً بسبب كونه جارياً وقوياً باتجاه النجاسة, فهنا نحكم بطهارة خصوص الجزء الوارد من الماء المضاف دون أجزائه الأخرى. ومثاله:
- حوض كبير فيه ماء مضاف وسقطت فيه قطرة دم, فهنا نحكم بنجاسة الماء.
- آنية فيها ماء مضاف وصب على فراش متنجس بالبول, فهنا نحكم بطهارة الماء الموجود في الآنية والعمود الساقط, ونجاسة العمود المتصل بالفراش المتنجس.
• [مسألة 62] الماء المضاف مطلقاً لا يرفع الخبث ولا الحدث.
سؤال: ما حكم الماء المضاف برفعه للخبث والحدث ؟.
جواب: حكم الماء المضاف كثيراً كان أو قليلاً من حيث الطهارة والتطهير به هو أنه طاهر بنفسه ما لم يلاقي النجاسة, ولكنه ليس بمطهر لغيره, بمعنى عدم جواز رفع الخبث في الغسل بالماء المضاف, أو رفع الحدث الأصغر فلا يجوز الوضوء به, أو رفع الحدث الأكبر فلا يجوز الغسل به. ومثاله:
• لو تنجس الثوب بالدم وتم غسله بماء الشاي, فهنا نحكم ببقاء النجاسة وعدم طهارة الثوب.
- لو توضأ المكلف بماء الورد, فهنا نحكم بعدم صحة الوضوء.
- لو أراد المكلف الغسل عن الجنابة بماء التفاح, فهنا نحكم بعدم صحة الغسل.
63. سؤال: قوله : ([مسألة 63] إذا تنجس الماء المضاف لا يطهر أصلاً، وإن اتصل بالماء المعتصم، كماء المطر أو الكر. نعم إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر، فقد ذهبت عينه. ومثل المضاف في الحكم سائر المائعات) هل يمكن تطهير الماء المضاف فيما لو أصابته نجاسة ؟.
جواب: كيفية تطهير الماء المضاف فيما لو تنجس, كما لو وقعت فيه قطرة دم, فإنه لا يمكن تطهيره بأي كيفية كانت, سواء كان الماء المضاف متصلاً بالماء المعتصم، كماء المطر, أم كان الماء المضاف متصلاً بماء الكر. نعم توجد حالة واحدة لتطهير الماء المضاف وهي فيما لو استهلك الماء المضاف في الماء المعتصم كالكر, على نحو استهلاك واستيعاب الماء المضاف في الماء المعتصم فيؤذي إلى ذهاب عين الماء المضاف وصيرورته ماءً معتصماً, فهنا نحكم بطهارة الماء المضاف. ومثل حكم الماء المضاف بالنسبة لعدم جواز تطهيره فيما لو تنجس سائر المائعات, كالدبس والزيت والخل وغيرها, فإنه لا يمكن تطهيرها في حالة تنجسها إلا بنحو الاستهلاك والاستيعاب. ومثاله:
- لو وقعت في آنية فيها ماء الورد قطرة دم وقمنا بصب ماء مطلق على الآنية, فهنا نحكم بطهارة ماء الورد فيما لو أصبح ماءً مطلقاً.
- لو وقعت في آنية فيها خل قطرة دم وقمنا بصب ماء مطلق على الآنية, فهنا نحكم بطهارة الخل فيما لو أصبح ماءً مطلقاً.
• [مسألة 64] الماء الذي كان مضافاً في السابق، ثم شك في بقائه على الإضافة، له حكم الماء المضاف. كما أن الماء الذي كان مطلقاً في السابق، ثم شك في بقائه على الإطلاق، له حكم الماء المطلق. أما الماء الذي شك في كونه مطلقاً أو مضافاً ولم نعلم حالته السابقة، فلا يحكم بكونه مطهراً لغيره، حدثاً ولا خبثاً. كما أنه لا يحكم بانفعاله عند ملاقاته للنجس، إذا كان كثيراً أو جارياً. وأما القليل منه فحكمه ما سبق للماء القليل.
سؤال: ما حكم الشك في الماء المضاف ؟.
جواب: إذا كان لدينا ماء وشككنا في كونه ماء مطلقاً أو مضافاً, فهنا إما أن نعلم بحالته السابقة, أو لا نعلم بحالته السابقة, ومع العلم بحالته السابقة؛ إما أن تكون الإضافة, أو تكون الإطلاق, فهنا صور ثلاثة:
الصورة الأولى: إذا كان لدينا ماء وشككنا في كونه ماء مطلقاً أو ماء مضافاً, وكنا نعلم أن حالته السابقة كانت الإضافة, ثم شككنا في بقاء هذا الماء على الإضافة لنحكم بكونه ماء مضافاً, وعدم بقائه على الإضافة لنحكم بكونه ماء مطلقاً، فهنا نستصحب حالته السابقة, ونحكم بكونه ماء مضافاً, فتجري عليه أحكام الماء المضاف, كحكم طهارته في نفسه, وعدم مطهريته لغيره, وتنجسه بمجرد ملاقاته للنجاسة, وغير ذلك.
الصورة الثانية: إذا كان لدينا ماء وشككنا في كونه ماء مطلقاً أو ماء مضافاً, وكنا نعلم أن حالته السابقة كانت الإطلاق, ثم شككنا في بقاء هذا الماء على الإطلاق لنحكم بكونه ماء مطلقاً, وعدم بقائه على الإطلاق لنحكم بكونه ماء مضافاً، فهنا نستصحب حالته السابقة, ونحكم بكونه ماء مطلقاً, فتجري عليه أحكام الماء المطلق, كحكم طهارته في نفسه, ومطهريته لغيره, وعدم تنجسه بمجرد ملاقاته للنجاسة, وغير ذلك.
الصورة الثالثة: إذا كان لدينا ماء وشككنا في كونه ماء مطلقاً أو ماء مضافاً, ولم نكن نعلم أن حالته السابقة كانت الإضافة حتى يجري استصحابها, أو الإطلاق حتى يجري استصحابها, فهنا يوجد تفصيل في أحكامه؛ أما بالنسبة لمطهريته في نفسه فحكمه هو الطهارة في نفسه ولكنه ليس بمطهر لغيره من الحدث أو الخبث. وأما بالنسبة لانفعاله بملاقاته للنجاسة فحكمه هو عدم انفعاله عند ملاقاته للنجس، فيما إذا كان كثيراً أو جارياً. وأما إذا كان ماء قليلاً فحكمه هو الانفعال بمجرد ملاقاته للنجاسة, كحكم الماء لماء القليل بتفصيل تقدم.
• [مسألة 65] إذا انحصر الماء بالمضاف، الذي ثبت كونه مضافاً ولو بالاستصحاب، تعين التيمم.
سؤال: ما حكم انحصار الماء بالماء المضاف ؟.
جواب : تقدم أنه من أحكام الماء المضاف أنه طاهر بنفسه وغير مطهره لغيره, بمعنى عدم جواز أن نرفع به حدثاً ولا خبثاً, وهذا شامل لحالة الانحصار, أي أنه إذا انحصر الماء بالمضاف، الذي ثبت كونه مضافاً ولو بجريان قاعدة الاستصحاب، فيما لو كانت حالته السابقة الإضافة وشككنا في إطلاقه وإضافته بتفصيل تقدم, فإنه في هذه الحالة نحكم بعدم جواز الطهارة المائية, أي عدم جواز الوضوء بهذا الماء المضاف, وتعين الطهارة الترابية, أي وجوب التيمم.
• [مسألة 66] إذا انحصر الماء بمشكوك الإضافة والإطلاق، ولم تكن له حالة سابقة، وجب الجمع بين الوضوء والتيمم احتياطاً. هذا إذا لم يكن المكلف مسبوقاً بعدم وجدان الماء قبل حصول هذا الماء المشكوك لديه، وإلا فالظاهر كفاية التيمم حينئذ، وان كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي الوضوء به أيضاً.
سؤال: ما حكم انحصار الماء بماء مشكوك الإضافة والإطلاق ؟.
جواب: إذا كان لدينا ماء منحصر وشككنا في كونه ماءً مضافاً أو ماءً مطلقاً ولم تكن لهذا الماء المشكوك الإضافة والإطلاق حالة سابقة، فهنا نحكم بوجوب الجمع بين الوضوء والتيمم من باب احتياط الوجوبي. ولكن يشترط في جريان حكم الجمع بين الوضوء والتيمم هذا إذا لم يكن المكلف مسبوقاً بعدم وجدان الماء قبل حصول هذا الماء المشكوك لدى المكلف، وإما إذا كان المكلف مسبوقاً بعدم وجدان الماء قبل حصول هذا الماء المشكوك الإضافة والإطلاق, فهنا نحكم بكفاية التيمم, وعدم وجوب الجمع بين التيمم والوضوء، وإن كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي الوضوء بهذا الماء المشكوك الإضافة والإطلاق.
• [مسألة 67] اختلاط الماء بالتراب، إذا لم يكن على وجه يصيره مضافاً، يجوز التطهير به حدثاً وخبثاً. فإن كانت الأجزاء الترابية لا تحول بين البشرة والماء ــ كما هو الغالب في مثله ــ تطهر به، وإلا وجبت التصفية ولو بانتظاره إلى أن يصفو، ولا يسوغ التيمم.
سؤال: ما حكم الماء المخلوط بالتراب ؟.
جواب: لو اختلط الماء بالتراب وأصبح ماءً ممزوجاً بالتراب, فهنا نحكم بجواز التطهير به من الحدث والخبث, ولا يكون ذلك من موجبات ومسوغات التيمم, ولكن يشترط في جريان هذا الحكم شروط, ومنها:
أولاً: إذا لم يكن هذا الماء المخلوط بالتراب على نحو يجعله ماءً مضافاً.
وثانياً: أن لا تكون الأجزاء الترابية حائلة ومانعة عن وصول الماء إلى البشرة, كما هو الغالب في مثل هذا الماء المخلوط بالتراب.
وثالثاً: إذا كانت الأجزاء الترابية حائلة عن وصول الماء إلى البشرة وجبت تصفية هذا الماء المخلوط بالتراب, وإن احتاجت هذه التصفية إلى مدة من الانتظار إلى أن يصفو هذا الماء المخلوط بالتراب.
• [مسألة 68] الاسئار كلها طاهرة، إلا سؤر الكلب والخنزير والكافر غير الكتابي، وأما الكتابي فالأظهر طهارته الذاتية، وإن كان المتعين مع الشك جريان استصحاب الطهارة، ما لم يحصل الاطمئنان بالنجاسة.
سؤال: ما حكم الأسئار مبيناً معناها ؟.
جواب: السؤر وجمعه الاسئار هو الماء القليل الذي لاقى جسم الحيوان, بأي نحو من أنحاء الملاقاة, كما في لمسه أو الشرب منه بفمه أو بيده أو أي نحو من أنحاء المباشرة التي تحصل فيها الملاقاة. وحكم الأسئار من حيث الطهارة والنجاسة تابع لذلك الجسم الملاقي لهذا الماء, فإن كان الجسم طاهر العين حكمنا بطهارة سؤره, وإن كان الجسم نجس العين حكمنا بنجاسة سؤره, ومعه يكون الحكم بطهارة أسئار جميع الحيوانات إلا بعض المستثنيات المحكوم بنجاستها, وهي:
-سؤر الكلب البري.
-سؤر الخنزير البري.
-سؤر الكافر غير الكتابي, كالمجوسي, والهندوسي, وغيرهما، وأما سؤر الكافر الكتابي كاليهود والنصارى فحكمه الطهارة, لأن مبنى المصنف قدس في أهل الكتاب هو طهارتهم الذاتية بحسب الأظهر من الأدلة.
وأما لو شككنا في هذه الأدلة فإن مقتضى الأصول العملية هو جريان قاعدة الاستصحاب, التي تقتضي الرجوع لحالتهم السابقة وهي الطهارة, هذا إذا لم يحصل الاطمئنان بالنجاسة, وأما إذا حصل اطمئنان بالنجاسة, فنحكم بنجاسة أسئارهم.