لم يشهد التاريخ امرأة تستغل أنوثتها بمثل ما أستخدمتها كيلوبترا. فعندما أعتلت العرش بعد وفاة أبيها كانت مصر دولة ضعيفة فقد كل ممتلكاتها، وبدلاَ من أن تنتظر قادة روما حتى يغزوا روما حتى يغزوا مصر عملت هى على غزو قلوبهم، و أستطاعت بهذه الطريقة أن تمتد نفوذها أبعد من مصر.
غير أن العلاقة بين كيلوباترا ورجال القصر تأزمت، فأشاعوا إنها تسعى لقتل اخيها حتى تنفرد بالعرش، مخالفة بذلك وصية أبيها، كما أستطاعوا أن يثيروا عليها الجيش و شعب الأسكندرية. فأضطرت إلى الفرار من المدينة و لجأت إلى حدود الدولة الشرقية، حيث جمعت لنفسها جيشأ تسترد به عرشها. غير أن الجيش سار بأسم أخيها إلى بلوزيوم ليسد عليها طريق العودة.
فى تلك الأثناء كانت تدور معركة " فارسالوس " على الشاطئ الأخر من البحر المتوسط، فيها أنتصر قيصر على " بومبيوس "، ثم أتجه إلى الأسكندرية فدخلها ووجدها من خالية من الملك و الملكة، فأعلن نفسه حكماً فى الخلاف، وحضر الملك من بلوزيوم. و أما كيلوباترا فيقال إنها دخلت الأسكندرية مختبئة داخل سجادة، فلما بسطت خرجت منها بدلالها وجمالها. و توطدت العلاقة بين قيصر و كيلوبترا، لا على أساس إنه دكتاتور روما و إنها ملكة مصر و إنما كعلاقة بين رجل و امرأة. وقد أفر قيصر الملكة على عرشها على أن يشاركها أخوها. لكن ساسة القصر حاولوا عدم تنفيذ إرادة قيصر و أعلنوا الحرب عليه، ولكنه أستطاع أن يسيطر على منطقة القصر الملكى و الميناء. ثم وصلته قوات من جيشه فى سوريا و حاصرت الأسكندرية و أستولت عليها. وحاول الملك الصغير أن يهرب إلى الشرق، ولكنه غرق فى أثناء عبوره النيل.
وعندما دخل قيصر إلى الأسكندرية منتصراً سنة 47 قبل الميلاد أعلن كيلوبترا ملكة على مصر. وقد قضى قيصر الشتاء فى مصر قرب كيلوباترا التى ملأت قلبه و عقله، حتى إنه آثر أن يؤجل الموقف من روما بالرغم من ضرورة حضوره إليها، وقيل إنه تنازل عن جزيرة قبرص لكيلوباترا. وفى 13 حزيران ( يونيو ) سنة 47 قبل الميلاد وضعت كيلوبترا طفلها من قيصرو أسمته قيصرون. وعندما عاد قيصر إلى روما سنة 46 قبل الميلاد، لحقت به كيلوباترا فأحطاها بكل رعاية و تكريم، و أقام لها تمثالاً من الذهب فى معبده الجديد للألهة فينوس.
غير أن رجال السياسة فى روما دبروا مؤامرة و أغتالوا قيصر، مما دفع البلاد إلى حرب أهلية جديدة. و أدركت كيلوبترا أن روما لم تعد مستقراً لها فغادرت إلى مصر.
بعد إنتهاء الحرب الأهلية التى أعقبت مقتل قيصر بأنتصار أوكتافيوس و ماركوس أنطونيوس، أقتسم القائدان أملاك الجمهورية الرومانية فيما بينهما. وكانت مصر فى ذلك الوقت الدولة الوحيدة التى كانت ما تزال مستقلة عن روما فى الشرق، فطلب أنطونيوس من كيلوباترا أن تقابله فى أفسوس، وهناك أستطاعت ان توقعه فى غرامها. وفى شتاء سنة 41 قبل الميلاد حضر إلى مصر حيث توطدت علاقته بكيلوباترا، و أنجب منها أطفالاً ثلاثة، ثم أعلن تقسيم الولايات الشرقية كلها. فما كان من أكتوافيوس شقيق زوجة أنطونيوس الاولى إلا أن عبأ الرأى العام الرومانى ضد أنطانيوس. ثم أعلن عليه الحرب، ودارت المعركة الفاصلة بينهما عند أكتيوم فى غرب اليونان سنة 31 قبل الميلاد.
أنسحبت كيلوبترا إلى الأسكندرية، بعدما لاحظت تفوق اكتافيوس، فلحق بها أنطونيوس. ثم فاجأهما أوكتافيوس من سوريا و أستولى على مصر، و أتجه على الأسكندرية ودخلها سنة 30 قبل الميلاد. فلم يجد أنطونيوس وسيلة غير الأنتحار، كما وجدت كيلوباترا ميتة فى قصرها. وقيل إنها أنتحرت، كما قيل أن أوكتافيوس قتلها، كما قتل أيضا ابن كيلوباترا، و أعلن ضم مصر إلى روما.
وهكذا انتهت حياة هذه المرأة الغربية التى قدر لها أن تكون خاتمتها خاتمة عصر بأسره فى التاريخ المصرى، وهو عصر البطالسة. وقد ظلت كيلوباترا أسطورة ترددها الألسن فى كل مكان، و يستلهمها الكتاب و الشعراء من العصور.