كنت نائمًا على سرير في أحدي غرف المستشفى وقد أغلقت عيني من الإرهاق، لا أعرف كم مضى على وجودي في هذا المكان الكريه! نعم أنا أكره المستشفيات ورائحة المرض والموت التي يتشبع بها المكان، كم أتمنى لو أٍتطع مغادرة هذا المكان!
كانت المحاليل معلقة بجواري، والإبر مغروسة في جسدي، بينما بجواري جهاز لقياس نبض قلبي والمعدلات الحيوية.
كنت أشعر أن حالتي سيئة جدًا؛ ولكن الدكتور كان يخبرني دومًا أن أتفاءل، وأنني سأمر من هذه الازمة على خير .. كما أتمنى!
فجأة قاطع أفكاري رجل عجوز نائم على السرير المقابل لي وهو يقول لي:
– أنا أخاف من المستشفيات .. أخاف جدًا .. هل تعرف لماذا؟
التفت ناحيته ونظرت بفضول كنت أستطيع الكلام بصعوبة ولكني قلت له:
– لماذا؟
فقال لي بصوت مرتجف:
– لأن المستشفيات باردة .. هل تعرف لماذا هي باردة؟
وقبل أن أجيبه تلفت حوله ثم قال بصوتٍ هامس:
– لأن الأرواح تسكنها.
نظرت له متعجبا وقلت له:
– وكيف عرفت ذلك؟!
فقال لي بضيق:
– أنت لا تصدقني، أليس كذلك؟ حسنًا، لن ألومك، فأنا أيضا لم أصدق حتى رأيت بنفسي. تسألني ماذا رأيت؟ رأيت زميلي المريض، كان بجواري في سرير آخر في نفس
غرفتي، وفي يوم أخبروني أنه سيقوم بإجراء عملية ونسبة نجاحها ضئيلة جدًا. وفى ذلك اليوم لم يعد، وقالوا إن العملية لم تنجح. ثم أصبحت أراه مساءًا يتجول في الغرفة ثم يخرج، ولا اعلم أين يذهب! لابد أنه يتجول في طرقات المستشفى! هل أنت خائف الآن؟
قلت له:
– في الحقيقة لا! فأنا لا أصدق قصص الأشباح هذه ولن أصدق شيئا لا أراه بعيني!!
فضحك كثيرا حتى سعل ثم قال لي:
– يقولون إنه لا يراهم إلا من اقترب كثيرًا من الموت، وبدأ الفاصل بين عالمه والعالم الآخر بالذوبان، حينها من الممكن أن تراهم.
فقلت له:
– ومن أنت على أي حال؟
في هذه اللحظة دخلت الممرضة ثم قالت لي:
– مع من تتحدث؟
فقلت لها:
– مع هذا المريض الغريب لقد اقتحم عليّ غرفتي.
تلفتت حولها ثم نظرت إليّ كأنها تنظر إلى مجنون وقالت:
– لا يوجد أحد غيرك في الغرفة.
التفت الى الرجل العجوز فرايته ينظر ناحيتي بابتسامة الساخرة.