بفقدكِ بتُّ لا أخشى العوادي
بفقدكِ بتُّ لا أخشى العوادي
ولا رميَ الزمانِ على فؤادي
بفقدكِ ضاقتِ الدنيا بعيني
أحسُّ الكونَ يطبقُ بانسدادِ
رحيلكِ ألهبَ الاضلاعَ حزناً
بهِ قلبي استحالَ الى رمادِ
فقدتُ بفقدِكِ الغالي سروري
وقلبي قد تلفّعَ بالحدادِ
أخطُّ وأدمعي تنهلُّ جمراً
ويمسحُ وبلها الواري مدادي
كمفطومٍ عليكِ اليومَ أبكي
الى الصدرِ الحنونِ القلبُ صادِ
وبي شوقٌ يحارُ الوصفُ فيهِ
لوجهكِ فيهِ نورُ اللَّهِ بادِ
وجودُكِ كان نوراً في حياتي
فجلّلها رحيلُكِ بالسوادِ
فيا( أُمِّي ) وما أحلاهُ لفظاً
يمرُّ على لساني إِذْ أُنادي
يعزُّ عليَّ أن أبكيكِ أُمِّي
بعيداً عنكِ في أقصى بلادِ
بفقدِكِ قد علا الدنيا وجوماً
وقد غطّى الحواضرَ والبوادي
لأنّكِ قدوةُ النسوانِ صبراً
وعنوانُ الفضيلةِ والرشادِ
وإنّكِ بنتُ خيرِ النَّاسِ طُرّاً
لآباءٍ جوادٍ من جوادِ
أضفتِ بنا معاً مجداً طريفاً
لأمجادٍ مؤثلةٍ تلادِ
حياتُكِ كلُّها كانتْ جهاداً
وما يوماً تعبتِ مِنَ الجهادِ
فيا جبلاً إِذا عصفت رياحٌ
ولم تخشعْ لداهيةٍ نآدِ
فجابهتِ الحياةَ بكلّ عزمٍ
وما استسلمتِ في الكربِ الشدادِ
ولا يوماً وهنتِ وقد أساءتْ
اليكِ أوِ اشتكيتِ مِنَ التمادي
ولا طامنتِ في خطبٍ جليلٍ
ولا أسلستِ حبلكِ بانقيادِ
فراقُكِ في حياتكِ هدَّ جسمي
وفرّقَ بينَ عيني والرقادِ
وفيهِ ابيضّتِ العينانِ حُزناً
وجرّعني المرارةَ في انفرادي
فكيفَ اذا يئستُ مِنَ التلاقي
فمَنْ لي بالتجلّدِ في بعادي ؟
لكم منيّتُ في لقياكِ نفسي
فيأبى الدهرُ يعطيني مُرادي
كأنَّ الدهرَ يرنو لي كخصمٍ
فيمعنُ بالإساءةِ والعنادِ
سيبقى الحزنُ في صدري مقيماً
له قلبي المدمّى خيرُ زادِ
ونارُ الحزنِ تأكلُ في ضلوعي
ويقدحُها إذا تخبو زنادي
ويبقى الجرحُ في قلبي رطيباً
ولن يشفى الى يوم المعادِ
سيبقى نازفاً ما دمتُ حيّاً
فما لي بعدَ فقدِكِ من ضمادِ
وَإِنْ عزَّ التلاقي في حياتي
فموعدنا معاً يومَ التنادي
رزاق عزيز مسلم الحسيني