دور علم المستقبليات
➖ في حياة الناس ➖
▪ دراسة علم المستقبل (Futurlogy) ليس بالضرورة أن
يعني التنبؤ بما سوف يحدث من غيب الذي لا يعلمه
الا الله، وانما هو توقع الممكن والمفضل القائم على
جمع وغربلة معطيات الأحداث الماضية والحاضرة ثم
دراسة النتائج واستخلاص عصارتها التي على
أساسها يتم التوقع لأمر ما. ومع ذلك يجب أيضا التوقع
أو الإقرار بأنها ليست من المسلمات بل قد
تصيب أو تخطئ.
▫ والأساس الذي ينبني عليه هذا العلم هو ما يشبه
المبدأ المعروف في الطب الوقائي: درهم وقاية خير
من قنطار علاج. اي إعداد ما يجنب حدوث شيئ مؤثر
أو التهيئة إن حدث لهذا الشيئ المتوقع والخروج منه
باقل الخسائر. وكما نقول في بعض الظروف: إن
الإنسان ليس بخاسر إن استعد لشيئ سيئ ثم
لا يحدث ذلك الشيئ. وحتى لو حدث فإنه يكون
خفيف الوقع والاثر على النفس والممتلكات.
▫ والمبدأ السليم في هذا الشأن هو أن حفظ الأمن
والسلامة مقدم على توفير المال والوقت والجهد
وهذا بدلا من الغرق بعد ذلك في الندم والملامة
الذين سوف يكلفان أكثر. وبمفهوم درأ الخطر
بالتعلم مما لم يسعفنا فيه من قبل عدم الحذر:
اذا كنا نندم على ما فاتنا فإن علينا أن نعمل على
الا يكون ما قد يفوتنا أحق بالندم.
▪ لم يكن من فراغ عندما قال لي رجل ذو علم ان
التغيير لن يحدث في بلداننا الا اذا حدثت احداث
كبيره تغير من موازين القوه التي رسمت خريطه
العالم بعد الحربين العالميتين الاولى والثانيه وأن
رؤيته هذه لا بد أن تكون مستقاة من واقع الناس
المعاش والدراسات التاريخية.
▪ إن فوائد الاستعداد للصعاب نراها جليا في أجسام
الرياضيين الذين يهيئون اجسامهم وأنفسهم للصدمات
والحوادث التي يمكن أن يتجاوزوها دون خسائر أو
بأقل خسائر، في حين ان الاجسام المترهلة لغير
الرياضيين غير مستعدة لأن تصمد أمام أقل صدمة
تتعرض لها.
▫ وإذا ما انتقلنا واوغلناه في تاريخ أحسن القصص
فإن تفسير رؤيا ملك مصر بطريقة صحيحة من قبل
من أوتي علم ذلك يوسف عليه السلام جعلت
أهل مصر يعملون على تجنب السنين العجاف ولم
يقولوا أنه مجرد "تنبؤ" أو توقع فيهملوا الإعداد له.
حتى وإن كانت نسبة حدوث الشيئ ليست كبيرة
فمن الحكمة أن يتجنب الإنسان طريقا قيل له أن
فيه خطر أو على الأقل يأخذ حذره واحتياطاته إذا
ما اصر على سلكه وسلوكه.
وهذا ما لم تفعله أغلب دول العالم عندما حذرتها
قبل عدة سنوات منظمة الصحة العالمية ومنظمات
اخرى مثل (GPMB) من مثل هذا الوباء الذي يجتاح
العالم اليوم.
(Most countries have failed to follow up on
the necessary preparations and preparedness to
deal with global outbreaks and pandemics
- despite clear warnings from WHO and other
central institutions and competent academic
communities," Brundtland writes in a
statement to VG newspaper)
▫ فهذه المنظمات درست الواقع ومعطيات الأحداث
وإمكانيات الدول لمواجهة وباء ما, ثم أدخلته في
معالج المعلومات الالكتروني المميز
(super computer) الذي عادة ما تستعين به
المنظمات البحثية والمراكز الأكاديمية لتحليل
المعلومات وتصنيفها بسرعه فائقه مستعينة ايضا
بالخبراء في مختلف مجالات التخصص. فخلص ذلك
الفريق كما ذكرنا آنفا إلى أن العالم ليس مستعدا
لمواجهه الوبائيات، وقد كان ما توقعوا ولا نقول تنبؤو.
▪ ربما قد قال لهم البعض حينها أن نظرتكم سوداوية
جدا فلم يكترث ذلك البعض للتحذير الذي كان سيوفر
على العالم "التريليونات" من الأموال وآلاف من الأنفس.
هذا رغم أن جهات عالمية دفعت ومولت هذه الدراسة
من أجل أن يرى هؤلاء الخبراء الجانب "السوداوي"
للواقع القادم أو بالتعبير اللطيف: أسوأ الاحتمالات.
كما عبر بما يشبه هذا ايضا، الخبير المسؤول عن
الصندوق السيادي النرويجي الذي قال: الدولة تدفع
لي راتبا حتى لا أكون متفائلا بشأن المستقبل
الاقتصادي أو بتعبير أدق حتى اتوقع أسوأ الاحتمالات
بشأن الأحوال الاقتصادية العالمية!
▫ كان هذا بعد أن خسر ذلك الصندوق السيادي الأكبر
في العالم مبالغ ضخمة في الازمه الاقتصاديه
العالميه عام 2008م.
▪ أن توقع أسوأ الاحتمالات لشيئ قد يحدث أو لا يحدث
خير من الامل الكاذب بأن تنجلي غمة غيمة كادت
تمطر ثم تفعل.
▫ لكن التوقع وحده إن لم يصاحبه برنامج موجه لإدارة
الأزمات قد لا يفيد كما حدث لنتاج بحث الفريق الأممي
الذي حذر من الوباء القادم والذي ذكر آنفا ولم يجد
صدى او اي تجاوب معه.
▪ هذه الأيام العجاف التي نعيشها سوف تنتهي بإذن
الله كيفما كانت: إن كان فيروس أو غاز السارين أو
اشعاعات الميكروويف الصادرة من محطات جيل
5G كما يشاع.
▫ لكن عندما يشكك بعضنا في كون المشكلة العالمية
هذه بسبب فيروس كوفيد 19 أو غيره فإنه يجب عليه
ان يتذكر ان هناك أناسا ضحوا بحرياتهم بل وبحياتهم
من اجل التحذير من هذا الفيروس ولا زال الكثير من
العاملين في الخطوط الأمامية يفقدون حياتهم.
من السهل انكار شيئ ما دون جهد لكن إثبات ذلك
بنفس المبادئ التي يعمل عليها من يواجهون
مخاطر هذه المعضلة ليلا ونهارا هو التحدي الأكبر.
▪ ستنتهي هذه الأيام العصيبة بإذن الله لكن للأسف
بعد أن دفعت فيها البشرية من ارواحها واقتصادياتها
وصحتها بسبب عدم الانصياع للأسباب التي كان
يمكن ان تخفف من آثارها حتى وإن لم يكن ممكنا
تجنبها كليا. ونتمنى أن نخرج منها بأقل الخسائر
موقنين أن في كل محنة لا بد أن تكون تحمل
معها منحة، علمها من علمها وجهلها من جهلها.
ربما الخلائق في هذه الطبيعة ومنها نفوس البشر
خاصة قد تكون احتاجت إلى بعض الراحة الإجبارية
لالتقاط الأنفاس واعادة النظر في نمط حياتها
اللاهثة خلف المادة.
▫ إن العبر أو الدروس الذي نتعلمها من هذا الوضع
غير الطبيعي الذي أظهر معادن الناس ومعادن
الدول المتحدة وقلوبها شتى، كثيرة هي واهمها:
أن التهوين ليس أقل خطراً من التهويل وان الإنذار
بالقول عادة ما يسبق التبشير بعكس ما في الواقع.
فالرسول بُشر بالرسالة أولا لما نزل عليه الوحي
عند البدئ ثم كان الأمر بإنذار الناس:
((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ))
▫ ولا يستقيم حال الإنسان بالتدثر والخوف أو الهروب
من رؤية الحقائق بل القيام بمواجهتها مواجهة المقابلة
وليس بالضرورة أن تكون مواجهة المصادمة والعراك
وانما بأسلوب فن اداره الأزمات. وخير من فعل وأتقن
هذا العلم هو الرسول صلى الله عليه وسلم بشهادة
الأعداء قبل الاصدقاء او بشهادة المخالفين له في
العقيدة قبل الموافقين له فيها مثل الكاتب الانجليزي
المعروف "برناتشو" الذي قال: لو كان محمد اليوم
بيننا لحل المشاكل وهو يشرب فنجان قهوه!
▪ يجب أن نكون أيضا على يقين ان لكل داء دواء ولكل
مرض شفاء علمه من علمه وجهله من جهله أو كما
ورد في الحديث في مسند الامام احمد:
(إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء ، علمه من علمه
وجهله من جهله).
▫ فلا يجب أن نيأس من طلب الدواء. وحتى يتسنى
لنا ذلك علينا باتباع الطرق الوقائية دون تهاون
أو مبالغة.
▪ واخيرا إن من منح المحن عادة النظافة التي اعتاد
عليها الكثير من الناس في هذه الفترة وقد تفيد في
تجنب الكثير من الامراض مستقبلاً كما يتوقع
بعض المختصين.