هناك الكثير من الأشعار القديمة التي كان بها نوع من الشعر الفكاهي، فشعراء مثل بشار وأبي نواس وابن الرومي وغيرهم، كانوا يقوموا بكتابة الشعر الفكاهي ولكن بوجود الكثير من المفارقات التي طغت على الشعر وذلك بسبب اللغة الفصحى التي تستخدم في كتابة الشعر في هذا الوقت، ولكن مع مرور الوقت ظهر الكثير من أنواع الشعر الفكاهي المختلف والذي يمزج ما بين اللغة العامية واللغة الفصحى. [1]
ماهو الشعر الحلمنتيشي
هو نوع من الشعر الذي يتميز بالطابع الفكاهي أو المنولوجي، كما أنه يطلق عليه اسم حلمنتيشي نسبة إلى فرقة حلمنتيش، وهي من أولى الفرق التي بدأت في كتابة هذا النوع من الشعر، كما أن أول من أطلق هذا النوع منذ القدم هو الشاعر حسين شفيق المصري، فهو من كان يستخدم هذا النوع من الشعر قديماً، حيث اشتهر في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتحديدًا في مصر والسودان، فالشعر الحلمنتيشي هو نوع من أنواع الشعر السوداني، الذي انتشر بعد ذلك في كافة أنحاء الوطن العربي، وهو أيضا شعر حديث الذي يجمع بين اللغة الفصحى واللغة العامية، يقوم بوصف الحالة أو السلوك الاجتماعي أو حتي مشاعر الشخص، وهذا ما يقوم به الشعر الحلمنتيشي بجانب أحيانا يدمج كلمات من اللغة الإنجليزية.
خصائص الشعر الحلمنتيشي
هناك العديد من الخصائص الشعر المعاصر ومنها الشعر الحلمنتيشي، الذي يتميز عن باقي أنواع الشعر الأخرى ومنها :
- يعتمد الشعر الحلمنتيشي على السهولة في استخدام كافة المصطلحات العربية، وسهولة فهم المعاني التي تحتوي عليها القصائد.
- عدم استخدام الأسلوب التباهي أو التفاخر كما كان يحدث في الشعر القديم بين الشعراء القدامى.
- يعتمد على الخيال والتصورات الإبداعية، فهي من أساليب الشعر الحديثة.
- يتوجه إلى التحدث عن النواحي الجديدة في الحياه، مثل السياسة والقومية الوطنية والإسلام.
- بتم الاستعانة بالقصائد الشعرية القديمة وتقديمها باللهجة العامية.
- من أهم خصائصه استخدام أسلوب السخرية في طرح الفكرة الخاصة به.
- الابتعاد عن النمط التقليدي مع عدم الالتزام بالقافية.
- يمكن استخدام أسلوب القصص الخيالية التاريخية القديمة.
- يتحدث هذا الشعر عن الشعور الوطني والولاء للأمة العربية.
- كانت المتحدث الرسمي للثورات العربية والشعبية التي حدثت في مصر.
- تعتمد على ترابط الأفكار الخاصة بموضوع القصيدة.
- يعتمد على وصف الواقع العربي من كافة نواحيه سواء من النواحي الإيجابية أو السلبية.
أبرز شعراء الشعر الحلمنتيشي
حسين شفيق
من أشهر الشعراء وأول من قام بأداء الشعر الحلمنتيشي هو حسين شفيق المصري، وهو يعتبر رائد في هذا النوع من الشعر، بل تم تلقيبه بفارس الشعر الحلمنتيشي وذلك في عام 1882م، حيث ولد حسين شفيق من أبوين تركيين، وهو من أظرف الأدباء فقد أسس نوع من الشعر الساخر، ولا يزال الشعر ينسب إليه حتى يومنا هذا، فهو لم يقم بإتمام دراسته الابتدائية، وذلك بسبب مرض أصابه في عينيه، ولكن موهبته ظهرت في في إلقاء الشعر الساخر، فقام بالعمل كمحرر في جريدة الجوائب المصرية، ثم جريدة المنبر، حيث قام بتنظيم العديد من القصائد المختلفة الفكاهية في مجلات مثل الخلاعة والمسامير.
تولت العديد من الجرائد نشر قصائده الفكاهية إلى أن تولي رئاسة تحرير مجلة ” الفكاهة” بمدة أربعة عشر عامًا، وأيضا عمل في رئاسة تحرير مجلة كل شيء والعالم ، والتي كانت تصدر عن دار الهلال،من أكثر الصفات التي كان يشتهر بها الشاعر حسين شفيق المصري أنه يضحك كثيرًا ودائم الابتسام، بالرغم من أن حياته مليئه بالصعبات، حيث أطلق عليه لقب الشاعر الضاحك وأيضا أبو نواس الجديد، قام بكتابة العديد من المسرحيات الفكاهية التي كتبت لفرقة نجيب الريحاني، وأيضا كتبت بالعامية، مثل آنست، وأفوتك ليه؟، وريا وسكينة، ونشرت له أيضا قصة بعنوان الحاج درويش وأم إسماعيل. [2]
أجمل قصائد الشعر الحلمنتيشي
تعتبر مشعلقات حسين المصري هي من المعلقات السبع التي تم تعلقيها على جدار الكعبة وذلك بسبب قيمتها الكبيرة والإبداعية، فقد كانت تعتبر مادة خصبة لشعره الساخر، فهو يسخر من الأشخاص والمواقف، وقد أطلق عليها أسم القصائد الساخرة المشعلقات، وكانت أولى بداية حسين شفيق المصري مع المشعلقات هي معلقة طرفة بن العبد التي كان مطلعها لخولة أطلال ببرقة ثمهد :
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
تلوح بها أقفاص عيش مقدد
وقوفاً بها صحبي على هزازها
يقولون لا تقطع هزازك واقعد
أنا الرجل الساهي الذي تعرفونه
حويط كجن العطفة المتلبد
وهذا نوع أخر من الشعر الذي يهزأ المصري من الاقتصاد البلد :
وم الخواجات تأخذ كل شيء
بأسعار .. تجننا جنونا
فآبوا بالفلوس وبالهنايا
وأبنا بالشقاء مكضمينا
كبائعة مصاغا أو نحاسا
يرن غطاء حلتها رنينا
ولولا أن أوروبا علينا
لكنا قد مشينا عريانينا
الشعر الحلمنتيشي المضحك
ألف حسين شفيق المصري الكثير من المشعلقات وهي نوع من القصائد التي جاءت مثل نهج المعلقات الجاهلية، ومن أبرز أنواعها المشعلقة الثانية والتي كانت في العصر الجاهلي للشاعر زهير بن ابي سلمى والتي تقول :
ومن سار تحت الريح يشمم فسيخه ……. ويقرفه بياع الفسيخ فيندم
وأحياء مصر إن تكن وطنية ……… نجد وحلة فيها من الرجل للفم
وكدت بباب الخلق أغرق مرة …….. فسر في طريق الأزبكية تسلم
تحرم امريكا الخمور وشربها …… وفي مصر شرب السم غير محرم
وأيضا استخدم قصيدة ابي العتاهية ” ألا مال سيدتي مالها ” فقال عنها :
أظن الولية زعلانة ………… وماكنت اقصد إزعالها
أتى رمضان فقالت : هاتولي ……. زكيبة جوز فجبنا لها
ومن قمر الدين جبنا ثلاث …… لفائف تتعب شيالها
وجبنا صفيحة سمن وجبنا …. لوازم ماغيرها طالها
فقل لي على أيه بنت الذين …. بتشكي على أهلها حالها
الشعر الحلمنتيشى حورية من جهنم
عمرو قطامشي يعتبر من أبرز شعراء الشعر الحلمنتيشي في عصرنا الآن، ومن أشهر القصائد الخاصة به هي قصيدة حورية من جهنم :
مرت بجواري حوريّه .. تتهادى فأسأت النيّه
شعرت بوجودي فـ ابتسمت .. فـ ارتعش فؤادي …وعنيّه
وأمائت هيا اتبعني حتى ميدان الحلميّه
دخلت فدخلتُ اتابعها .. بيتاً بطقوسً رسميّه
ففتاة تلبس ما قد لا يذكر .. كهوامش جنبيّه
وكريمٌ يقصدني حتى يعزم بسجائر محشيّه
وعجوزٌ ترصدني قالت : ادفع تتمتع ياعنيّه
وقفت واقتربت تهمس لي : كم تبغي المُدّه الزمنيّه!!
فأجبت الليلة طيلتها تحيّا الطاقات البشريّه
فأضافت أرني محفضتك معها إثباتُ الشخصيّة
أخرجت الفكة من جيبي .. ومن الطيّات المطويّه
وموبايلي والساعة أيضاً .,أملاً في نيّل الحُريّة
فاختفطت مني حاجاتي ., وانقلب الهزلُ لجديّه
واختلفت بصتها الأولى .. بعد الدردشةِ الوهميّه
صرخت : أرني عرض إكتافك ., او تخرج تلبسك قضيّة
فأجابت سأخرج ولكنّي .. أبغي كرنيه الكليّه
وموبايلي هو غالي جداً .. واتاني من تيته هديّه
ثآر الجمع وصرخوا حتى دبت بالانفس حيويّه
وانهالوا على وشي ضرباً .. موزوناً نزل بعفويّه
نزف دماءً حتى راحت منه ملامحه الأصليّه
ونقلت إلى قسمٍ حتى اكمل احداثي اليوميّه
والمحضر شهد بحادثةً .. تُشعلُ بلبلةً دوليّه
شابٌ غجريٌ يتعدى .. ماللقانون اهميّة
واغتصب امرأةً مسكينه .. كانت في الاشارة معديّه
وأضاف المُحضر واعجبا .. بلبوص من غير هويّة
ورُميتُ الى السجن ومثلي مثل الاحزاب الشيوعيّة
قابلني شيخٌ فشكوت كل الأحوال المُضنيّة
فأجاب لماذا ياولدي هذي اعمالٌ منهيّه
وأُمرنا ألاّ نقربها ., وحياة المرء لمفنيّه
فأجبتُ:ولكنّي كنتُ أبحثُ عن نيّل الحريّة
واليومَ أراني قد تبتُ .. وندمت لما فات عليّه
وتذكرتُ جهنّم لما .. جائتني منها حوريّة