قرية النمل الأسود
فكرت ملكة النمل وزوجها في إقامة قرية كبيرة تضمهم وتضم جميع رعاياهم من النمل، ولكن توفي الملك وترك ملكة النمل وحيده، فقررت الملكة ألا تضيع وقتا أكثر من ذلك وتبني القرية بسرعة ودقة، فحفرت طويلا وكثيرا لكي تأسس منزلها الجديد، ثم وضعت الملكة بيضا كثيرا جدا.
ويوما ما فقس كل البيض الذي وضعته ملكة النمل، خرج من البيض يرقات صغيرة، وكان النمل الصغير بلا أرجل ولا أقدام، لكن هذا الحال لم يستمر طويلا، فقد نسجت اليرقات حول نفسها ما يسمى بالشرنقة، وظل كل صغير في شرنقته حتى تحول كل صغير لنملة كاملة النمو.
فرحت ملكة النمل بأولادها النمل الذين خرجوا لتوهم من الشرانق، فقد كبرت أسرة الملكة كثيرا، وشارك جميع النمل في بناء قرية النمل الجديدة، وتفرغت الملكة كليا لوضع البيض.
ويوما ما خرجت من شرنقة من الشرانق نملة صغيرة، وكان على النملة الصغيرة أن تعمل مثل أخوتها النمل، فقد أعتنى النمل بأختهم طويلا، وحان الوقت لكي تعتني هي بنفسها، وتعمل عملا مفيدا مثل غيرها من النمل.
ولكن النملة لم تعرف من أين تبدأ؟ وماذا تعمل؟ فقد كانت حائرة للغاية، فتجولت النملة الصغيرة في أنحاء القرية، لعلها تصل قرار حازم يخلصها من حيرتها الشديدة، وكانت قرية النمل مكونة من عدد كبير من الغرف، وكانت هذه الغرف موجودة تحت كمية من التراب، ويفصل بين الغرف ممرات شديدة الضيق.
وفي بداية الأمر توجهت النملة الصغيرة لحجرة الملكة، لكي تلقي التحية على والدتها الملكة، لكن النملة الصغيرة وجدت أمها مشغولة للغاية في وضع البيض، وحول الملكة مساعدات الملكة التي كانوا يطعمون الملكة الطعام، وأخريات يحلمن البيض لوضعه في غرفة أخرى.
استكملت النملة الصغيرة جولتها، ودخلت غرفة أخرى فوجدت بعض النمل يعتنون باليرقات، ورأت في غرفة أخرى نمل يحاول مساعدة النمل الصغير الخروج من الشرانق، ومشت قليلا فوجدت بعض النمل يوسع الممرات باستخدام أفواههم، ويقوم بإلقاء الرمل خارج قرية النمل، ثم يعدون لاستكمال عمله في توسيع الممرات.
وسارت قليلا فوجدت مجموعة من النمل يدخل للقرية حاملا الطعام لكي يضعه بداخل المخازن المعدة لتخزين الطعام لكل أفراد القرية الكبيرة، وكان من ضمن النمل الذي يحمل الطعام للمخزن نملة يبدوا أنها جائعة وعطشة، أحضرت النملة الصغيرة الماء والطعام لتلك النملة المتعبة، فشكرتها النملة كثيرا وأسرعت لتكمل عملها الشاق، طلبت النملة الصغيرة من النملة الكبيرة أن تأتي معها لكي تحضر الطعام مثلها تماما وتضعه في المخزن.
كان بصحبة مجموعة النمل حراس من نمل كبير الحجم والرأس، وله فكوك متينة وشديدة وعضتها تؤلم بشدة، وكانت مهمة الحراس أن يحموا مجموعة النمل من أي هجوم تتعرض له من حشرات أخرى خصوصا النمل أحمر اللون.
ذهبت النملة الصغيرة مع النملة الكبيرة لكي تحضر الطعام، وحذرت النملة الكبيرة النملة الصغيرة من أن يدوسها أحد من البشر، فقالت لها لن يشعر بك أبدا هذا الإنسان إذا داسك، لذا عليك يا صغيرتي أن تعمل داخل القرية لحين أن تكبرين.
ولما عادت النملتين للقرية وجدوا القرية وقعت تحت هجوم النمل الأحمر، ذلك النمل الأحمر الذي اخذ معه كمية كبيرة من الطعام الموجود بالمخزن، ولم يكتفي بهذا بل أخذ يرقات أيضا لكي يعمل كخدم عندهم، وبعد رحيل جيش النمل الأحمر أعاد النمل الأسود تنظيم قريتهم.
وبعد أيام معدودة كرر النمل الأحمر هجومه على قرية النمل الأسود، لكن النمل الأسود تصدى للهجوم بكل قوة وحزم، فطرد جنود النمل الأحمر من قريتهم المنيعة، وعاد النمل الأسود لحياته الطبيعية والآمنة والمستقرة.