من هم الشعراء الصعاليك ؟
الصعاليك جمع الصعلوك وهو ، لغةً : الفقير الذي لا مال له ولا اعتماد ، والشعراء الصعاليك جماعة من شذاذ العرب ، كانوا يغيرون على البدو والحضر في الجاهلية ، فيسرعون في النهب والتخريب ، ثم يمضون في القفار فلا تدركهم الخيل ، متكلين على سرعة عدوهم ، وعلى معرفتهم بمجازات المفاوز المُهلكة التي كانوا يخبئون فيها الماء محفوظاً في بيض النعام ! حتى إذا اطمأنوا إلى أسلابهم نظموا مآتيهم شعراً ، وتتردد في أشعارهم صيحات الفقر والجوع كما تموج أنفسهم بثورة عارمة على الأغنياء ، ويمتازون بالشجاعة والصبر عند اليأس ، وسرعة العدو ، وحُسن وركوب الخيل.
وينقسم الصعاليك إلى ثلاث مجموعات :
* مجموعة من الخلعاء الشذاذ الذين خلعتهم قبائلهم لكثرة جرائمهم مثل : حاجز الأزدي ، وقيس بن الحدادية.
* مجموعة من أبناء الحبشيات السود ، ممن نبذهم آباؤهم ولم يلحقوهم بهم لعار ولادتهم مثل : السليك بن السلكة ، وتأبط شراً ، والشنفرى ، وكانوا يشبهون أمهاتهم في سوادهم فسموا باسم أعزبة العرب.
* مجموعة احترفت الصعلكة احترافاً مثل : قبيلتي هذيل وفهمْ ، وقد تكون أفراداً مثل : عروة بن الورد الذي كان يجمعهم ويغزو بهم ، ويسهر على حاجتهم ، وسُمي "عروة الصعاليك ".
الشنفرى :
يُرجّح ان الشنفرى لقب شاعرنا هذا ، لُقب به لعظم شفتيه ، كان رجل شديد البأس ، اسمه : ثابت بن أواس الأزدي ، شاعر جاهلي من فحول الطبقة الثانية نشأ في قبيلة العدنانية ، ثار لوالده انتقاماً بعد مقتله ، وقتل مائة رجل من هذه القبيلة ، وترك إرث كبير من الأدب العربي ، ومن أشهر ما كتب قصيدة لامية العرب ، قُتل قبل الهجرة النبوية على يد بني سلامان.
من شعره :
ومن يكُ مثلي يلقه الموت خالياً .. من المالِ والأهلين في رأسِ فدفدِ
ألا ليت شعري أي دخلٍ يُصيبني .. وإن ذنوبي تلقني وهو موعدي.
أضعتم أبي قتلاً فكنتم بثأره .. على قومكم يا آل عمروٍ بن مرثدِ
فها أنذا كالليث يحمي عرينه .. وإن كنتُ عانٍ في وثاقي مُصفّدٍ
تأبط شراً :
لقب لثابت بن جابر بن سفيان الفهمي ، أطلقته عليه أمه ، في رواية الأصمعي ، وذلك أنه خرج من بيته يوماً ، وقد أخذ سيفاً تحت إبطه ، فجاء من سأل عنه أمه ، فقالت : لا أدري ، تأبط شراً وخرج ! ... وكان من أولئك الصعاليك الشذاذ يغير وحيداً على الأحياء في الليل والنهار ، فينهب ويسرع على رجليه ، فلا تدركه الخيل ، حتى قيل عنه أنه أعدى من ذي ساقين ! قُتل في بلاد هذيل إذ رصدته القبيلة التي طالما أغار عليها فثأرت منه ورمته في غار رخمان ..
يتصف شعره بالجفاء الجاهلي والعاطفة وسذاجة الحكمة وإندفاع الإخلاص كما هو متعارف عليه في أخلاق الصعاليك
يقول :
ألا هل أتى الحسناء أن حليلها .. تأبط شراً واكتنيت أبا وهبٍ
فهبه تسمّى اسمي وسماني اسمه .. فأين له صبري على معظمِ الخَطبِ
وأين له بأسٌ كبأسي وثورتي .. وأين له في كلِ فادحةٍ قلبي