فضل عمل الخير للآخرين.
عندما يقوم المسلم بفعل الخير، لا بدّ أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى، فقد وعد الله -تعالى- عباده بالثواب في الدنيا والآخرة، أما إن كان المقصد من هذه الأعمال الدنيا فقط، فليس لصاحبها النفع، وإنّما الخسارة، قال الله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)،[ظ،] ومن فضل الله على عباده ورحمته بهم أن جعل الثواب والنفع في الدنيا، لكنه جعل القصد الأساسي من الفعل الآخرة، فيبارك الله في أموال من يخلص العمل لوجهه، ويبعده عن الآفات وشرورها، ويكون عند الله من المحسنين،[ظ¢] وأفعال العباد سواء كانت خيراً أو شراً كلها من خلق الله وإيجاده، فهو الذي خلق كل شيء، فخلق الإنسان وأفعاله، وكل ما يقوم به الإنسان واقع تحت مشيئة الله تعالى، ولكن الله لا يحب لعباده الكفر والمعصية، وإنما يبغضه وينهى عنه، وكل شيء خلقه الله كان لحكمة مقصودة منه، وأفضل الناس من يحب ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويفعله، ويأمر الناس به.[ظ£]
فضل العمل الصالح وثمراته
إنّ العمل الصالح هو الغاية والحكمة من خلق السماوات والأرض، وما جعل الله فيهما من مخلوقات وزينة، فقد قال تعالى: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا)،[ظ¤] فمن حقّق العمل الصالح فهو العبد المستقيم الفائز، وهو كل عمل يقوم به العبد يقصد به وجه الله، وللعمل الصالح عواقب وثمرات تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة، منها الاستخلاف في الأرض، وتمكين الدّين، والأمن بعد الخوف، وتكفير السيئات، ودخول الجنة بأعلى الدرجات، ومن فضل الله على أهل الإيمان أنّهم إذا تابوا من سيّئاتهم يجعل الله سيئاتهم حسنات، ويجزيهم على ندمهم عليها، كما إنّ الشهادة لصاحب العمل الصالح في الدنيا من عاجل البشرى له، ومقامه ودرجاته عند الله تزداد وترتفع مع كل عمل صالح يقوم به ويفعله، فيجزيه الله -تعالى- من كرمه على أفضل أعماله لا أوسطها ولا أقلها.[ظ¥]
فضل تقديم الخير للآخرين.
إنّ مساعدة الآخرين من أعظم أبواب الخير التي حثّ عليها الإسلام، فقد جاءت شرائع الإسلام من أجل إصلاح العلاقة ما بين العبد وربه، وما بين العباد أنفسهم، وعليه فإنّ الإسلام رغّب بتقديم النفع والخير للآخرين قدر الاستطاعة، وحتى ولو كان النفع مقدماً للحيوانات مثلاً، ومن النوايا التي تنفع المسلم في هذا المجال، أن ينوي أولاً إخلاص عمله لله ونيل الأجر والثواب منه، ثم ينوي إدخال السرور على قلوب الآخرين، وينوي شكر الله على نعمه وأنّه أغناه عن غيره، ومن فضائل تقديم النفع للآخرين أنه نوع من الإحسان، ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلمُ أخو المسلم لا يظلمهُ ولا يُسلمهُ، ومن كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرّج عن مُسلمٍ كربةً، فرَّج اللَّه عنه كُربةً من كُربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً سترهُ اللَّه يوم القيامة)،[ظ¦] ففي الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين والستر عليهم، وغير ذلك مما يكثر في فضل تقديم النفع إلى الآخرين.[ظ§]
الحوافز الذاتية الدافعة لفعل الخير.
من الحوافز الذاتية التي تدفع إلى فعل الخير ما يأتي:[ظ،ظ،]
- التعرف على أبواب الخير التي أمر الله -عزّ وجلّ- بها.
- الاستحضار الدائم لخصال فعل الخير في الذهن. تذكر الثواب المترتب على عمل الخير.
- الحرص على اللقاءات التي تجمع الأخوة، ويكون فيها جوّاً من الإيمان.
- العلم أنّ التنافس في الخيرات مطلب من مطالب الشريعة، وأمر إلهي، والاستشعار أنّ ذلك صفة من صفات المؤمنين، والملائكة المقربين.
- زيارة الجمعيات والهيئات الخيرية، ومجالسة أهل الخير، وطلب الدعاء منهم.
- التعرف إلى مدى حسرة السلف حين يفوتهم الخير. قراءة الكتب التي تتضمن الزهد، والرقائق، وفضائل الأعمال الصالحة، واستشعار أنّ العمر قصير وأنّ الأنفاس معدودة، وأنّ الدال على الخير كفاعله، والسابق إلى فعل الخيرات له أجره وأجر من تبعه من الناس.
- دعاء الله بتيسير عمل الخير، والدلالة عليه، واستحضار نية الخير، وإشغال القلب بذلك. العلم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو الله دائماً ويسأله فعل الخيرات.