سافر " وليام لانغلاند "، مؤلف قصيدة " بيرث الحارث " من " مالفرن هيلز " إلى لندن، فى القرن الرابع عشر الذى يعد من العصور الوسطى. وكانت تلك الرحلة تعتبر مخاطرة تتسم بالشجاعة، إذ كان على المسافر أن يتوقع السطو عليه من قطاع الطرق، و أن يشاهد المشانق منصوبة فى كل مكان من أجل إرهاب الخارجين عن القانون. ففى تلك الحقبة لم يكن الناس يشعرون بالأمان، و يخافون القيام بالسفر بعيداً.
وقد أوضح " لانغلاند " فى قصيدته إنه كان يدرك مدى فظائع الطاعون، ذلك الوباء الذى جاء من الشرق أجتاح أوروبا فأودى بحياة الكثيرين فى إنجلترا، ولا سيما فى عامى 1348 و 1349. وكان عدد الفلاحين الذين نجوا منه قليلاً، إلى حد أن الزراعة كانت تتوقف. فزادت أسعار الطعام و أرتفعت الأجور، وعمت الفوضى، وكثرت الجرائم، وهرب كثيرون إلى الغابات ليعيشوا خارجين عن القانون.
و يخبرنا " لانغلاند " فى قصيدته ا، الناس بدأو يتحدثون عن شخص أسمه " روبن هود " كان يعيش فى الغابة و يسطوا على الأغنياء ليعطى الفقراء و الجياع. وفى عام 1381 وصل التذمر بالعمال إلى ذروته، فقد قام كثيرون منهم بمسيرة إلى لندن، و أطلق على تلك المسيرة أسم " ثورة الفلاحين ".
و يحدثنا هذا الشاعر عن الكثير مما كان يجرى فى العصور الوسطى. وقد جاء لانغلاند إلى لندن، وهو ابن أحد المزارعين، و أرتدى زى الرهبان و حلق شعر رأسه. ولكنه لم يحدثنا كثيراً عن حياته الخاصة، ولذا فإن الشئ الوحيد الذى نعرفه عنه مصدره الكتاب الوحيد الذى ألفه وهو بعنوان " رؤية وليام عن بيزا الحارث ".
من المرجح أن يكون ط لانغلاند " قد بدأ فى كتابة مؤلفه بعد وصوله إلى لندن، جيث أقام هو و زوجته و أبنته " كورنهيل ". وبما أن لانغلاند كان قسيساً فإن زواجه وقف حائلاً دون تقدمه، و لذلك فإن معاشه لم يتحسن بمقدومه إلى لندن. وقد أضطر إلى كسب المال عن طريق الإنشاد فى الجنازات، أو نسخ المستندات القانونية. وعندما كان يسير فى شوارع لندن لم يكن يتبادل التحية إلا مع عدد قليل من الناس، حتى أن أصدقائه كانوا يلقبونه " ويل الطويل "، ويجدونه رجلاً غريب الأطوار و غير مستكمل لقواه العقلية.
هذا هو كل ما عرف عن " وليام لانغلاند ". وقيل أنه قضى فى لندن بضع سنوات عاد بعدها إلى الإقليم الغربى. ومن المحتمل أن يكون قد أعتزل فى "أكسفورد شاير".
وقد توفى فى الوقت نفسه الذى توفى فيه معاصره الكاتب المشهور " جيفرى تشوسر" ( مؤلف قصص كانتربرى ) عام 1400، ولم يترك سوى أسمه و الكتاب الذى ألفه.