جولة تراثية في شارع الرشيد
في الذكرى 103 لافتتاحه أطلق مجموعة من الناشطين والآثاريين جولة تراثية في شارع الرشيد في بغداد، وبدأت الجولة من موقع اندثار البوابة الشرقية أو باب البصيلة، إحدى بوابات بغداد في العهد العباسي، ومن ثم قاموا بزيارة بيت خليل باشا والذي يعد آخر ولاة بغداد العثمانيين، ومن ثم جامع ومرقد السيد سلطان علي، وسُمي الشارع بالرشيد نسبة إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد.
نبذة عن تاريخ هذا الشارع:
شارع الرشيد من أقدم وأشهر شوارع بغداد كان يُعرف من خلال الحكم العثماني باسم شارع (خليل باشا جاده سي) على اسم خليل باشا حاكم بغداد وقائد الجيش العثماني الذي قام بتوسيع وتعديل الطريق العام الممتد من الباب الشرقي إلى باب المعظم وجعله شارعاً باسمهِ عام 1910م، وكان ذلك لأسباب حربية ولتسهيل حركة الجيش العثماني وعرباته فتم العمل في هذه الجادة بصورة مستعجلة وارتجالية حيث كان يصطدم بمعارضة العلماء ورجال الدين البغداديين عند ظهور عقبة تعلق استقامتهِ ببروز أحد الجوامع وهو جامع مرجان على الطريق كما كان يصطدم بأملاك المتنفذين والأجانب ممن هم المشمولين بالحماية وفق الامتيازات الأجنبية، وكذلك لقلة المال المتوفر لديهِ لاستملاكها، لذلك وجب حصول انحناءات في الشارع تبعاً لهذه العراقيل ، ثم أطلق عليه البريطانيين سنة 1917 شارع هندنبرك، وشارع النصر وأخيراً في الحقبة الملكية سمي ب”شارع الرشيد” أسمه الأخير والذي بات أيقونة عراقية.
وصف الشارع:
ويحوي الشارع جوامع تراثية منها جامع الحيدر خانة الذي شيّدهُ داود باشا عام 1819م، وجامع مرجان وجامع سيد سلطان علي وجامع حسين باشا، ويحوي أسواقاً قديمة مشهورة منها سوق هرج وسوق السراي.
حيث إن حقبة الرشيد تمثل العصر الذهبي لبغداد في عهد الدولة العباسية وتلك التسمية جاءت بمقترح من مصطفى جواد، والذي كان طالب دكتوراه في جامعة السوربون، وبالتحديد في عام 1938، قدمه ببرقيه إلى (لجنة تسمية الشوارع) في أمانة بغداد التي أقرت إطلاق اسم (شارع الرشيد) على الشارع الجديد.
ولم يكن في شارع الرشيد شوارع فرعية الا بعض الشوارع المؤدية إلى نهر دجلة بل كانت هناك طرق مثل طريق الصابونجية في الميدان وطريق العباخانة في سيد سلطان على طريق باب الشيخ وكانت المشكلة الكبرى تقع يومياً في الشارع أثناء عبور العربات على الجسور في أيام الفيضان حيث يكون الجسر أعلى من مستوى الشارع ولا يستطيع سائق العربة إيقاف الخيل على مثل هذا المنحدر حتى إذا استطاع وجذب اللجام بقوة فإن الخيل تتزحلق بسبب نعومة النعل تحت حوافرها لذلك كان يحصل الاصطدام بالسيارات وبالناس وذهبت ضحايا كثيرة آخرها قرب باب جامع الإمام الأعظم حيث اصطدمت العربة (وهي الخشبة الطويلة التي تربط الحصانين بالعربة) بمؤخرة إحدى سيارات الباص الصغيرة وتهشم الزجاج الموجود بالجهة الخلفية من السيارة حيث قتل صبيان ذبحاً بالزجاج وجرح آخرون.
شارع الرشيد بوابة التاريخ:
وكانت المنطقة المحصورة بين باب الآغا وراس القرية أكثر المناطق ازدحاماً بالناس والدواب والعربات المحملة بالبضائع والرقي والبطيخ من شريعة المحكمة أو شريعة الجسر، لأنها هي قلب المنطقة التجارية في بغداد وقد حاولت الحكومة مؤخراً إصلاح الحال ومنع العربات من المرور في الشارع، ولكنها لم تفلح، أما حافلات نقل الركاب فلم تبدأ عملها في شارع الرشيد إلا في نهاية العشرينيات من القرن العشرين حيث كانت العربات التي تجرها الخيل هي السائدة في النقل، وقد بدأت الحافلات الكبيرة بالبداية والتي عملت في مركز بغداد، وكانت تعمل بين الباب الشرقي وباب المعظم فقط.
ومن هذا الشارع تمتد أهم الجسور التي تربط بين الكرخ والرصافة كجسر الجمهورية الذي يقابل نصب الحرية وجسر الأحرار الذي يربط حافظ القاضي بالصالحية، ثم جسر الشهداء، أما باقي المساجد والخانات والمطابع والمقاهي والمطاعم قصة وحكاية عبر الزمن، فقد شق شارع الرشيد طريقه بين أهم الأمكنة التراثية، وفيه أقدم الجوامع والكنائس، يعتبر هذا الشارع نبض التراث العراقي ويجذب السياح من كل حدبٍ وصوب من أجل التمتع بالطراز القديم والرجوع بالذاكرة القديمة.
رد مع اقتباس