نجلس جميعاً في المنازل بسبب أزمة فيروس كورونا، وطالما كان المنزل أو البيت هو مصدر وحي أساسي للعديد من الأفلام التي دارت معظم أحداثها داخله أو حوله. من بين مجموعة ضخمة من هذه الأفلام اخترنا خمسة لكي نتحدث عن دور المنزل وأهميته كمحور لكل الأحداث ومصائر الشخصيات.
1- Home Alone 1990
الطفل ”كيفين“ يلقى معاملة سيئة داخل الأسرة أو كذلك يظن. تسافر أسرته لقضاء عطلة عيد الميلاد ولكنهم بسبب الزحام وكثرة تفاصيل السفر ينسون ”كيفين“ ويتركونه خلفهم في المنزل وحيدأ ليلة عيد الميلاد. طفل يبلغ من العمر تسعة سنوات عليه أن يقبع في المنزل وحيداً في ليلة العيد. ومما يزيد الأمور تعقيداً أن اثنان من لصوص المنازل قد وضعوا خطة سطو على المنزل بعد معرفتهم بسفر الأسرة ويفاجأون بوجود ”كيفين“ داخله.
يصبح على الطفل الطيب المشاكس أن يواجه اللصوص ويستخدم معرفته بمنزله ومخارجه ومداخله وتفاصيله لكي يحاربهم بطريقته ويدافع عن بيته وبيت أسرته. يصبح المنزل وأساسه وتصميمه ومفروشاته في خدمة ”كيفين“ الصغير وكأنه يساعده في القضاء على المتطفلين كصديق يقف بجوار صديقه في وقت الأزمة.
المنزل في هذا الفيلم هو بالتأكيد بطل من أبطاله حيث أن 90% من المشاهد قد تم تصويرها بداخله وفي بعض اللقطات الواسعة الخارجية يبرز المخرج كريس كولومبس هذه الفكرة. بالإضافة إن الفيلم نفسه يحمل اسم المنزل Home Alone وقد تم صناعة جزأين آخرين منه بعد ذلك.
2- Perfect Strangers 2016
جو عائلي وأسري حميم ودعوة للعشاء في بيت الزوجين ”روكو“ و ”إيفا“ لأصدقائهم. غرفة السفرة والمنزل كله هما مكان الأحداث. يجتمع ثلاثة أصدقاء وزوجاتهم وصديق عازب للطعام والحديث ولم الشمل. يبدو كل شيء ودوداً وهادئاً والطعام الشهي الطازج وزجاجات الشامبانيا، ثم يقرر الأصدقاء أن يلعبوا سويّا لعبة تجعل كلاً منهم يطلع على الهواتف المحمولة للباقيين .
ومع المكالمات والرسائل الواردة تتكشف أسرار ومفاجآت عن حياتهم لم تخطر ببالهم أبداً. تصبح جدران المنزل وسفرة الطعام شاهدين على كيف تحوّل هذا العشاء الحميمي إلى فوضى عارمة وجلسة تكشف وتعرية لكل الموجودين بالمكان. يحافظ الفيلم على وجود كل أبطاله على مسافات متقاربة جداً أثناء جلوسهم بينما يتكشف التباعد النفسي بينهم تدريجياً .
حصل هذا الفيلم على مجموعة كبيرة من الجوائز وهو إنتاج إيطالي من إخراج باولو جينوفيزي. وفكرة دعوة الأصدقاء على العشاء هي من أهم سمات المجتمع الإيطالي والأوروبي بصفة عامة وقد مزجها هنا السيناريو مع اختراق هواتفنا المحمولة لخصوصياتنا وأصبحت تعلم عنّا ما لا يعلمه أقرب الناس لنا.
3- Secret Window 2004
يقوم الكاتب ”مورت ريني“ الذي يقوم بدوره جوني ديب بالانعزال في منزله النائي بالقرب من بحيرة هادئة في إحدى الولايات الأمريكية في محاولة للتعافي النفسي من أثر طلاقه بعد عشرة سنوات من الزواج. في نفس الوقت يقوم بالعمل على كتابة عمل أدبي جديد .
يحتضن المنزل الهادئ حزن الكاتب لفترة وجيزة حتى يجد شخص غريب يطرق بابه ويدعي أنه الكاتب الأصلي لأحد القصص التي كتبها ”ريني“ من مدة. يصبح على ”مورت ريني“ الآن مواجهة هذا الغريب ومحاولة تفنيد ادعائه والشفاء من صدمة الطلاق والكتابة .
يشير اسم الفيلم إلى شباك ما قد يكون نفسي وقد يكون إحد شبابيك المنزل. انتقال ”مورتي“ إلى هذا المنزل للتفكير والتعافي هي ارتحال لشخصيته من مكان إلى مكان، ويرمز البيت إلى جزء منعزل سري داخل الكاتب، ومع مشاهدة الفيلم يمكنك استنتاج حقائق عديدة لها علاقة بسر هذا المنزل .
الفيلم من إخراج ديفيد كوب وقد أجاد جوني ديب كعادته في التعبير عن هذه الدراما التي تتبع الخط النفسي التشويقي. يلعب المنزل أحياناً دوراً هاماً في مواجهة الإنسان لنفسه .
4- Panic Room 2002
في غرفة داخل منزلهم تضطر أم وإبنتها المريضة بالسكر إلى الاختباء من ثلاثة أشخاص يسطون عليهم. فيلم ممتع للمخرج ديفيد فينشر يعتمد فيه على الأفلام ذات الموقع الواحد وحبكة مثيرة كما هو المعتاد في أعماله .
المنزل في هذا العمل هو منزل جديد قامت بشرائه الأم بعد أن أنهت إجراءات طلاقها حديثاً. وأثناء مرورها في المنزل تكتشف غرفة محصنة تكون هي بالصدفة نفس الغرفة التي تختبئ بها من هؤلاء المجرمين المجهولين. وبعد مرور أحداث الفيلم نكتشف أن ما يبحث عنه هؤلاء الناس موجود داخل هذه الغرفة!
تصبح هذه الغرفة المصفحة منزلاً داخل المنزل ويصبح المنزل الجديد مسرحاً لأحداث عنيفة وصادمة للأم وابنتها عكس ما هو متوقع أن يصبح المنزل مكاناً هادئاً للسكن والألفة. يبدو ان هذا المنزل هو فأل سيئ لصاحبته .
من الملفت للنظر أن كاتب سيناريو هذا الفيلم هو ديفيد كوب مخرج فيلم Secret Window وهو الفيلم السابق في هذه القائمة. ”كوب“ هو أحد أهم كتاب السيناريو التشويقي في أمريكا والعالم .
5- The Shinning 1980
الفندق هو منزل أيضاً خصوصاً عندما يكون هو محل عملك. في هذا الفيلم الذي يحتل الترتيب رقم 62 في أفضل 100 فيلم على IMDB نرى الكاتب ”جاك تورانس“ يوافق على العمل في فندق نائي ومهجور في موسم الشتاء حيث لا حجوزات ولا نزلاء. يظن جاك أنها فرصة لكي يحاول الكتابة أيضاً مستغلاً الهدوء والعزلة والموقع الفريد في ولاية كولورادو .
هناك يتغير مزاج الأب تتدريجياً وتحدث له أشياء غريبة ويتصرف بطريقة دموية ومرعبة وتتغيّر معه الأسرة بالكامل ولا تسير خطته كما يجب لها أن تكون. فهو لا يكتب ولا يعمل بل ولا يكون هو نفس الشخص. وفي نفس الوقت يرى الإبن ما لا يراه غيره ولا يصبح الفندق منزلاً هادئاً لحل مشكلة سدة الكتابة والعمل ولكن يصبح مسرحاً للدماء!
عن رواية لستيفن كينج يقوم ستانلي كوبريك بإخراج هذا الفيلم الذي ينتمي لنوع الرعب لكي يضع به قواعد وأساسيات بصرية لكل صُنّاع أفلام هذا النوع من الفن ويضعه في مرتبة متقدمة جداً في تاريخ صناعة السينما .
حازم ويفي - اراجيك