يمكن أن يساعد في تفسير النشاط الزلزالي.. تسرب نظائر الحديد الثقيلة من لب الأرض إلى وشاحها
يتبادل لب الأرض ووشاحها نظائر الحديد الثقيلة والخفيفة
فكرت المهدي
في دراسة جديدة صادرة عن قسم علوم الأرض والكواكب في جامعة ديفيس في الولايات المتحدة الأميركية، أشار الباحثون إلى احتمالية تسرب نظائر الحديد الثقيلة من لب الأرض المنصهر إلى طبقة الوشاح العلوية، التي هي أكثر برودة بمقدار ألف درجة من النواة السائلة.
محاكاة حاسوبية
قام الباحثون بتطوير نموذج محاكاة حاسوبية مبني على أسس تجريبية مختبرية، تظهر آلية حركة نظائر الحديد بين مناطق درجات حرارة مختلفة، تحت درجة حرارة وضغط مرتفعين، كما هي الحال في باطن الأرض.
وتشير نتائج الفريق إلى أن نظائر الحديد الثقيلة يمكن أن تنتقل من قلب الأرض الساخن إلى الوشاح الأكثر برودة، في حين أن نظائر الحديد الخفيفة تقوم بحركة معاكسة لتتحرك من المنطقة الباردة (الوشاح) إلى المنطقة الحارة (اللب المنصهر) مرة أخرى.
كما أنهم تمكنوا من إظهار آلية تسرب تلك النظائر من طبقة الوشاح في حركة عمودية متصاعدة إلى القشرة الأرضية؛ مما يمكن أن يعطينا تصورا ملموسا عن ماهية المواد الأساسية في باطن الأرض.
قد لا تمثل الأرقام التي اختارها الباحثون في نموذجهم الصورة الحقيقية لما يحدث من تفاعلات متبادلة بين اللب والوشاح. ويقر المؤلفون بوجود قدر كبير من الشك في بعض المتغيرات التي بني عليها نموذج المحاكاة الحاسوبية، مثل الانتشار والموصلية الحرارية وكمية السائل الأساسي الذي يتسرب بالفعل إلى طبقة الوشاح.
ومع ذلك، فإن تبادل نظائر الحديد عبر حاجز الوشاح الأساسي عن طريق الانبعاث الحراري يبدو تفسيرا منطقيا لوجود الحديد بتركيز عال جدا في صخور الوشاح مقارنة بالنيازك. ويمكن القول باختصار إن سائل الحديد يأتي من لب الأرض. دراسات مستقبلية
ناقش العلماء على مدار عقود متتالية احتمال تبادل مواد بين لب الأرض والوشاح، وجاءت نتائج دراسة جامعة ديفيس -التي نشرت في دورية نيتشر جيوساينس (Nature Geoscience) بتاريخ 6 أبريل/نيسان الجاري- لتقدم دليلا جديدا يرجح كفة حدوث تفاعلات تبادلية بين طبقات الأرض، كما أنها تحسن فهمنا لأسباب وآلية هذه التفاعلات.
والأهم أنها يمكن أن تساعدنا في تفسير النشاط الزلزالي في الوشاح العميق، وأن تسمح لنا بوضع نموذج لكيفية تبادل المواد الكيميائية والحرارة بين طبقات الأرض.
عام 2019 كان باحثون من جامعة ديفيس أيضا نشروا دراسة تفيد بتسرب نظائر التنغستن من لب الأرض إلى الوشاح، ومن ثم تحمل بأعمدة متصاعدة من الوشاح إلى القشرة الأرضية.
وأشارت الدراسة عندها إلى أن هذا التسرب يحدث منذ ما يقارب 2.5 مليار سنة وصولا إلى يومنا هذا، وإلى احتمالية نفاذ هذه المادة بالفعل من لب الأرض.
والآن تشير نتائج الدراسة الجديدة إلى أن نظائر الحديد تتسرب من اللب إلى الوشاح عبر مليارات السنين. ولكن إذا كانت مثل هذه التبادلات تحدث بالفعل، فلا بد لنا من البحث عن تأثير هذا التسرب على المدى الطويل.