>... الجندي المجهول .... (.منقول)
عند بزوغ فجر الرابع عشر من تموز 1958 طلب الزعيم عبد الكريم قاسم من الفنانين العراقيين تخليد رموز وتماثيل ونصب تذكارية لهذه الامة العراقية العظيمة وتمجد الانسان العراقي بتاريخه وماضيه وحاضره ومستقبله , أسرع طلبة معهد الفنون الجميلة ومنهم الاساتذة الذين تعلموا ودرسوا بمعاهد روما وباريس ولندن ليخلدوا حضارات منسية كنسيان بابل واشور واكد وسومر وفترة حكم الاسلام وحكم العثمانيين والفرس والعباسيين مرورا بقيام وتخطيط الحدود حين دخول الانكليز , في مخيلة الزعيم لم يكن فترة حكم الملكية بالسيئ ولكنه مرتبط بالاستعمار لذا اكتفى بكسر قيد السجن في تمثال الحرية بوسط الباب الشرقي واضافة رموز الحضارات في النصب<br>
في عام 1959 أستدعى الزعيم قاسم الفنان رفعت الجادرجي ليشرح له وضع نصب لتمثال الجندي المجهول ومدى ارتباط هذا الجندي ودفاعه عن الارض واستشهاده ويوارى الثرى وكيفية أيصال رسالة للناس على أساس هذا هو الجندي المجهول..<br>
أنطلق الفنان العراقي المبدع رفعت الجادرجي لرسم تخطيطات أولية عن ذلك الجندي فكانت الرمز هي الأم وألأم وحدها تعرف وتشم رائحة أبنها وسط ملايين الجنود والبشر .<br>
بوشر العمل بالرمز الثماني , ألا وهي ألام لابسة ثوبها المحشم الواسع الطويل لايبين منها شيئا كدلالة على أن تلك الحالة تنسي الانسان النظر للمرأة ومن ثم تنحني لترفع أبنها من الارض لتضمه لصدرها فغرست يداها وارجلها بالارض وبقيت هكذا منحنية دلالة على كسر ظهرها بفقد عزيزها , أضيف لما بين وسط القوس الثماني شعلة نار أزلية تنير ليل ساحة الفردوس ويرمز لذلك الجندي المجهول الباسل ..<br>
ولقد كان شيئا رائعا لبغداد والعراق أن يبنى نصب الجندي المجهول فقد بني أول رمز من الكونكريت المسلح لاتتآكل , في جميع بلدان العالم رموز وتخطيطات لفنانين للجندي المجهول , أما الرمز العراقي الجديد لهو الافضل والاجود والارقى تعبيرآ , زاره الكثير الكثير من الرؤساء والزعماء وتفهموا ذلك المعنى الانساني بين الأم والابن أنها عاطفة الشرقيين جميعا ...<br>
أستلم صدام حسين مقاليد السلطة في 1979 بعد تنحي البكر بحجة المرض وساد الجو للرئيس الجديد صدام حسين ليمحوا من ذاكرة العراقيين كل ما يتعلق بسيرة عبد الكريم قاسم من تغيير مناهج التربية والتعليم مرورا بآخر صرح بناه الزعيم قاسم ألا وهو ذلك الجندي المجهول فلن يهدئ بال صدام والناس ترى وتمجد عظمة الصرح ودلالته . ..<br>
في منتصف ليل الشتاء سارعت الرافعات لهدم الصرح للجندي المجهول1982 <br>
وصلت رسالة لامانة العاصمة من الديوان الرئاسي بأزالة الجندي المجهول في نهاية 1982 أي بعد شهر من الرسالة الاولية التي اهملها رفعت الجادرجي وحينها جاء آمين العاصمة ومعه مدير الدائرة الفنية ليخبروا رفعت الجادرجي بالخبر المؤسف والمزعج , ألا وهو هدم الصرح الجميل , تناول رفعت الجادرجي كامرته مسرعا لتصوير آخر مشاهد قتل الأم وأبنها الجندي المجهول ..<br>
الجندي المجهول جثة هامدة من الركام <br>
باشرت الرافعات ليلآ والناس نيام بهدم القوس الثماني وأهالي الكرادة كانوا يتصورون أن تلك الاصوات هي الرافعات التي تبني فندق ميرديان والشيراتون .<br>
آشرق الصباح في جو بارد , والناس متلفلفين بملابسهم الشتوية لايقوون على النقاش بهذا الجو البارد وسط ذهول تكوم انهيار الجندي المجهول فتسائلوا بعضهم لبعض:<br>
آشلون تفلش الجندي المجهول ؟ .<br>
رد الاخر.. أيبين الاساسات مو شئ ..<br>
قال أخر : راح يبنون من جديد من يكمل الاوتيل الشيراتون علمود يقوون اساسات البنايات لانه قريب الشط<br>
لم نعلم أن نصب الجندي المجهول المميز قد انتهى وللابد .. .<br>
صدرت آوامر رئاسية بوضع تمثال ضخم للرئيس صدام حسين بنفس مكان الجندي المجهول السابق وليكون حال واقع جديد ليتعود عليه العراقيين ويوضع من حول الساحه 37 عمودا كدلالة على تاريخ ميلاد صدام في 1937 ويكون تمثاله عاليا في وسط تلك العواميد ..