النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

أماكن لاتفارق الروح والذاكرة

الزوار من محركات البحث: 14 المشاهدات : 152 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 82,149 المواضيع: 78,848
    التقييم: 20671
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ 2 ساعات

    أماكن لاتفارق الروح والذاكرة



    أماكن لاتفارق الروح والذاكرة

    يحدث أحياناً أن نتوقف فجأة عن روتين حياتنا اليومي ونلجأ الى أماكن نشعر أننا بحاجة إليها، أماكن تعيد الهدوء الى أنفسنا وتشيع فينا حاجتنا الى العزلة والانفراد، هي تلك الأماكن التي تكبر فينا فتصبح جزءاً من ذاتنا، تحفر لها مجرى عميقاً في الروح. وهي ذاتها المعلّقة بالقلب وصدى النفس التواقة دائماً للرجوع عميقاً الى الذات.
    إنها تلك الزوايا النائية والصامتة من ذاكرة تقمصت المكان وتوحدت فيه.
    حضور وغياب
    فأي الأماكن نلجأ اليها عندما نحتاج الى العزلة والانفراد أو عندما تداهمنا حاجة لعاطفة ما، تقول الدكتورة (هدى)، اختصاص أمراض نسائية: منذ أربعين عاماً وأنا أعود لنفس المكان، لم يفارق ذاكرتي يوماً، أشعر أنه المكان الوحيد في العالم الذي يحتويني، أبكيه بشدة ويبكيني. كان موعدنا الأول هناك قرب محطة القطار، التقيته بزيّه الخاكي، تلاقينا كثيراً، ثم رحل لتلتهمه نيران حرب الثمانينات. منذ ذلك اليوم وأنا أعود الى نفس المكان، أشعر أن شيئاً ينقصه، وأن وجهاً واحداً غائب عنه، سافرت الى لندن وأكملت دراستي هناك وزرت عواصم كثيرة، لكنني ما زلت أحن الى ذلك المكان الى أن أضحى جزءاً من روحي.
    *وماذا عن الأماكن التي تحاولين أن تلجئي إليها عندما تعتريك حاجة الى الهدوء والسكينة؟
    ـ إنه مرسمي الصغير في أعلى داري، غرفة صغيرة (أشخبط) فيها أحيانا بفرشاتي، أرسم طيراً أو نهراً او وجوهاً لا أعرف ملامحها، وأحياناً ألجأ إليه فأجلس فيه طويلاً دون حراك لأعود الى ذاتي.. أبكي بمرارة وأحياناً أقهقه عالياً وأحياناً احتسي الشاي فيه بصمت.
    البيت القديم
    أما سعد، ذو الأربعين عاماً والمغترب في السويد منذ صغره، فيقول: كلما عدت الى بغداد ذهبت الى ذات المكان، أدخل البيت القديم الذي احتضن طفولتي، ألامس جدرانه المهترئة وأنا أبكي، أتامل كل ورقة من وريقات أشجار النارنج في حديقته، التقط الصور لزواياه وأبوابه الخشبية العتيقة وأحملها معي في هاتفي الى غربتي الطويلة.. وعن سكونه وهدوئه وأي الأماكن يفضلها ، يقول سعد: هي حديقة صغيرة لا تتعدى بضعة أمتار قرب شقتي في ستوكهولم أذهب إليها كلما شعرت أن العالم بحجم خرم إبرة، أجلس وحيداً، حتى نفسي انتزعها عني ولا شيء في عقلي سوى بغداد ورائحة طرقاتها ووجوه أهلها الطيبين ودجلة الذي لعبت يوماً على ضفافه.
    مقعد الدراسة
    تركت سعد وحرقة حنينه لألتقي صديقتي الصيدلانية مها لتحدثني عن أماكنها الأثيرة فتقول: لامكان محدداً سوى مقعد الدراسة في الصف الجامعي، أختلق الأعذار مع نفسي للذهاب الى كليتي التي تخرجت فيها منذ 15 سنة.. فمعقد الدراسة هو عالمي الذي تتوحد فيه ذاكرتي وحواسي، أمنيتي أن أعود إليه يوماً.
    مينائي الأبدي
    أما أمينة (موظفة) فتصف مكانها المحبب الى قلبها بالقول: عندما يفقد الإنسان كل شيء لا يجد غير العودة الى الماضي ليتشبث بتلابيبه وينتزع منه الأمل، حضناً دافئاً وكلمات غزل عفوية تتدفق من أصدق قلب في الوجود، إنها عفوية من قلب لا يعرف إلا العطاء، بل إنه المكان الشبيه بالجنّة، على الرغم من صغره نحنّ إليه ولانجده إلا في الذاكرة، أملاً وحياة وطاقة، أتعرفين ذلك المكان؟ إنه أمي، تلك التي سافرت من غير أن تخبرنا، أحن اليها ملء روحي فهي مكاني الأثير ومينائي الأبدي.
    ناصريتي ودفء العافية
    وللمكان تأثير كبير على روحية الشاعر رياض الركابي الذي يقول: رغم ابتعادي عن مدينتي الجنوبية الناصرية، وسكني في بغداد منذ سنوات طوال، إلا أن تأثير بيئتي الأولى مازال موجوداً وتأثيراته واضحة من خلال كتاباتي، وفي آخر قصيدة لي وجدتني أذكر مدينتي بشوق واعتزاز.. فقد قلت:
    وبيج أشوفن وجه يشبهني بصباي.. وناصريتي .. وطيبة أهل ولايتي..وبيج دفو العافية بذيج السنين وكلمة الخوية بشفايف جارتي .
    تلقائية الوجود
    بدوره، يصف صلاح بوشي، مستشار شؤون المجتمع المدني وحقوق الانسان، الارتباط الروحي بالمكان بأنه شبكة تواصل وجدانية روحية لاسلطان ولا مسؤول ولاراعي عليها، إنها تلقائية الوجود وسريعة التفعيل وممتلئة الرصيد بالحب والعاطفة والحنان وغير قابلة للانقطاع وإن بعدت المسافات ومهما كانت الظروف البيئية والطبيعية التي تحيط بنا.
    ملاعب الصبا
    وللدكتور رياض ساجت، الأستاذ في جامعة بغداد، رأيه في المكان إذ يقول: تتسرب الأيام ولا تبقى سوى الذكرى وخبرات تجاربها، فالزمان قبْض ريح سريعة، وهذه المعارف الأولى تمتزج بسعادة الدهشة من اكتشاف الأسرار وتعجن بالأمكنة الاولى: ملاعب الصبا وإن كانت الدهشة وسعادتها والطفولة وألعابها والزمان وذكرياته لا تستعاد، نوهم أنفسنا بتعويض المكان القديم عنها وهذا سر الارتباط الروحي بالمكان.
    أخيراً بقى لنا أن نوجّه دعوة الى كل المتشبثين عبثاً بأماكن أضحت وهماً من ماضٍ. نقول إن أجمل الأماكن تلك التي نصنعها بابتسامتنا ونزرعها بالورود، وأجمل حنين هو حنيننا الى يوم جديد وغدٍ آخر.

  2. #2
    عضوية محجوبة
    تاريخ التسجيل: March-2020
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 0 المواضيع: 378
    التقييم: 35934
    مجهود رائع

  3. #3
    ترك اثرا طيبا في الآخرين 25/6/2021
    ابو مصطفى
    تاريخ التسجيل: February-2020
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,777 المواضيع: 408
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 15652
    مزاجي: معتدل
    المهنة: تعليم
    أكلتي المفضلة: كل ما قسمه الله لنا
    موبايلي: ***
    مقالات المدونة: 8
    احسنتم النشر

  4. #4
    أنيلا
    تاريخ التسجيل: April-2020
    الدولة: في كل نعمه وجدت آلاء
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,216 المواضيع: 267
    صوتيات: 22 سوالف عراقية: 56
    التقييم: 10657
    مزاجي: سو ساد
    المهنة: طالبة طب ضرورس :)
    أكلتي المفضلة: كل شي اسمه اكل
    موبايلي: يُطك صور ، ويشغل اغاني ؛)
    جميل جدا ,
    اعرف انك تعيش حاله اكتئاب شديد لانك ستغادر وطنك وتغادرني وتترك خلفك ذكرياتنا لتحلق باحلامك في ذلك المكان البعيد جدا في كل الاماكن التي ستمر بها تشعر بالوحدة فتذكر انك قد غادرت مكانك وهوقلبي ..
    ا
    فضل مكان ممكن يكون بالنسبه الي سطح بيتنا القديم , من جنا اصغار ب 2009 نلعب هناك لان نخاف من جيرانا ميقبل نطلع بالشارع نصعد حد متغرب الدنيا ويبدي صوت الاذان ممكن ابدل سنه كامله مقابل يوم هناك .

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال