الجذور التاريخية لتركمان العراق
استوطن الأتراك (التركمان) في العراق في حدود سنة3500ق.م (وهم السومريون الأتراك) ويؤكد عالم السومريات العراقي العربي ذو الشهرة العالمية (طه باقر) أن لغة السومريين الذين أخترعوا (الكتابة) لغة تتدرج ضمن عائلة اللغات التركية. وقد أكد هذه الحقيقة في كتابه ذي الأجزاء الستة (المدخل إلى تاريخ الحضارات القديمة) وبالتحديد في الجزء الأول منه والذي يحمل عنوان (تاريخ الحضارات العراقية القديمة). وكان هذا الكتاب – يوم كنا طلاباً في جامعة بغداد (كلية التربية) قسم تاريخ العصور القديمة, وهو المصدر الرئيس المعتمد في تدريس هذه المادة. يذكر طه باقر في الصفحتين93و94 من كتابه هذا: أن اللغة السومرية أقرب ما تكون إلى عائلة اللغة الأورالية الألتائية التي تضم اللغات المغولية والتركية والمجرية. وذهب العديد من الباحثين المختصين إلى أن اللغة السومرية ليست من عائلة اللغة السامية ولا اللغة الهندو – اوربية, بل هي شأنها شأن اللغات التركية والفينية والمجرية من مجموعة (اللغات الالتصاقية Agglutinatif). وكان من بين أساتذتنا في قسم تاريخ العصور القديمة في كلية التربية/ جامعة بغداد البروفيسور الدكتور فيصل الوائلي (حاصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة) ينقل الكتابات المسمارية السومرية على السبورة (في قاعة الدرس) ويكتب إزاءها معانيها باللغة العربية.. وبعد هذا العرض المقتضب لاستيطان السومريين الأتراك في العراق والذين اخترعوا إحدى أهم كتابتين في التاريخ وأقاموا أولى الحضارات البشرية (على أرض الرافدين) لنلق نظرة سريعة أيضاً على مراحل استيطان التركمان في العراق بعد العصور السومرية.. يعود تاريخ سكن الوجبة الثانية من التركمان إلى عهد الدولة الأموية وبالتحديد إلى سنة(674م) حين استقدموا من (بخارى) زهاء ألفين من خيرة الرماة التركمان وأسكنوهم (البصرة) ومع تقادم الزمن سمي الحي الذي أسكنوا فيه بـ(سكة البخارية أو شارع البخاريين). وبعد هذا التاريخ تتابعت الهجرات التركمانية إلى مناطق العراق المختلفة.. وفي العصور العباسية وبين(812-842م) حين وقع صراع حاد على السلطة بين ولدي هارون الرشيد (الأمين والمأمون) وانتهى بدخول المأمون إلى بغداد على رأس جيش من الفرس الذين ساندوه (لكون أمه فارسية) وعزله لأخيه الأمين (وأمه عربية) وبعد وفاة المأمون أعتلى عرش الخلافة (المعتصم) وكانت أمه تركية فأبعد العنصرين الفارسي والعربي وأسس جيشاً من الأتراك الذين لم يكونوا يعرفون العربية ويختلفون كل الاختلاف عن أهالي بغداد في لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم مما تسبب في نشوب خلافات وعسر تعايش بين الجند والبغداديين فأضطر المعتصم إلى بناء مدينة (سر من رأى/ سامراء) ونقل مركز الخلافة وجنده الأتراك إلى هناك. وهكذا أصبح الأتراك مرة اخرى أصحاب الكلمة وشركاء في السلطة في العراق. وبعد هذه الفترة سكنت مجاميع كثيرة من الأتراك في مدن مثل تكريت وبيجي. وبهذه المناسبة أذكر حواراً جرى بيني وبين أحد أصدقائي في اليوم الدراسي الأول في الجامعة وهو (هاشم علي التكريتي) الذي سألني من أين أكون. فلما أعلمته إنني من كركوك بادرني بقوله: في كركوك عوائل تكريتية وهم أتراك من بيكات تكريت أما عامة الناس في تكريت فهم عرب...وأريد أن أبين أنه في سبعينات القرن الماضي عندما أستلم حزب البعث السلطة في العراق كان خال رئيس الدولة (أحمد حسن البكر) هو (ندا بك) من بيكات تكريت الأتراك. ويعود تاريخ الهجرة التركمانية الرابعة إلى عام1055م أي قبل سيطرة الأتراك على منطقة (الأناضول) بحوالي ست عشرة سنة قبل انتصار الأتراك في معركة (ملازكرت) عندما دخل السلطات السلجوقي الكبيرة (طغرل بك) إلى بغداد على رأس قبائل الأوغوز.... وفي عام1258م عندما دخل حفيد جنيز خان (هولاكو) بغداد واسقط الدولة العباسية دخل العراق مرة أخرى تحت الحكم التركي. ومن سنة1258م إلى سنة1918م تشكلت في العراق ست دول تركمانية وهي:
1- الدولة الأيلخانية(1258-1339م).
2- الدولة الجلائرية(1339-1410م).
3- دولة قره قويونلو(1410-1468م).
4- دولة آق قويونو(1468-1508م).
5- الدولة الصفوية(1508-1534م).
6- الدولة العثمانية(1534-1918م).
ويظهر مما سبق أن التركمان (الأتراك) ومنذ3500 قبل الميلاد (أي منذ5200 سنة) لهم موقعهم على مسرح التاريخ العراقي. ففي فترات الهجرة والاستيطان التي عرضناها بإيجاز شديد سكن الآلاف, عشرات الألوف ومئات الألوف من الأتراك على مراحل أرض العراق وفي مختلف مناطقه ومن يزر العراق – اليوم – يجد الوجود التركماني المكثف في محافظات الموصل , أربيل, كركوك, ديالى ومناطق جانب الرصافة في بغداد...
المصدر .,. مجلة كركوك- السنة الأولى العدد4 أيلول2005- أنقرة.