العظام تستخدم إشارات الخلايا للتحكم في إضافة أو إزالة المعادن المأخوذة من الدم (ويكيميديا كومونز)
فكرت المهدي
ابتكر باحثون من جامعة جونز هوبكنز الأميركية مادة تمتلك خاصية التكيف الذاتي بحيث تغير من تشكيل المعادن الموجودة بها كرد فعل على الإجهاد المطبق عليها، بمعنى أنه يمكنها تغيير صلابتها استجابة للقوة المطبقة عليها. وقد نشرت دراستهم في دورية "أدفانسد ماتيريالز" يوم 17 أبريل/نيسان الجاري.
واستوحى الباحثون فكرة العمل الأساسية التي تقوم عليها مادتهم الجديدة من الآلية التي تقوم بها كل من العظام البشرية والشعاب المرجانية الملونة بتعديل رواسبها المعدنية استجابة للبيئات المحيطة بها.
ويمكن لهذا التقدم أن يفتح يوما ما مسارا لتطوير مواد جديدة يمكنها تعزيز مقاومتها ذاتيا، وذلك لزيادة قدرة تحملها أو للحد من الضرر الذي يمكن أن يلحق بها.
محاكاة الجسم البشري
يمكن للمواد الطبيعية تنظيم نفسها ذاتيا بالاعتماد على الموارد المحيطة بها، فمثلا تستخدم العظام إشارات قادمة من الخلايا للتحكم في إضافة أو إزالة المعادن المأخوذة من الدم حولها.
وبهذا سعى كانغ وزملاؤه في قسم الهندسة الميكانيكية من معهد هوبكنز للمواد الفائقة ومعهد النانو بيوتكنولوجي في جامعة جونز هوبكنز، إلى إنشاء منظومة يمكن أن تعزز المعادن في مساحة تأثير القوة التي يزداد فيها الإجهاد المطبق.
بدأ الفريق باستخدام مواد يمكنها تحويل القوى الميكانيكية إلى شحنات كهربائية مثل السقالات (الدعامات) التي يمكن أن تخلق شحنات متناسبة مع القوة الخارجية المطبقة عليها. وتوقع الفريق أن تكون هذه الشحنات بمثابة إشارات للمواد لبدء عملية التمعدن في أيونات معادنها.
وللتذكير، فإن الأيونات تتكون من الذرات وذلك عندما تفقد إلكترونا لتصبح أيونا موجبا أو "كاتيون"، أو تكتسب إلكترونا لتصبح أيونا سالبا أو "أنيون".ولمحاكاة أدق لمنظومة عمل الجسم البشري ومكوناته، غمر الفريق شرائح بوليمرية من هذه المواد في سائل اصطناعي يحاكي التركيزات الأيونية لبلازما الدم البشري.
الباحثون استوحوا فكرة مادتهم الجديدة من الآلية التي تعدّل بها الشعاب المرجانية رواسبها المعدنية استجابة للبيئة المحيطة (بيكسلز)
وبالفعل بعد غمر المواد في ذلك السائل، بدأت المعادن تتشكل على الأسطح. كما اكتشف الباحثون أنه يمكنهم التحكم في أنواع المعادن التي تشكلت عبر التحكم في التكوين الأيوني للسائل.
ثم أعد الباحثون دعامة مثبتة في أحد طرفيها فقط، وذلك لزيادة الضغط تدريجيا من أحد طرفي المادة إلى الطرف الآخر، ووجدوا أن المعادن تراكمت في المناطق ذات الضغط الأكبر. وكانت زيادة نسبة المعادن متناسبة طرديا مع الجذر التربيعي للإجهاد المطبق.
ذكية وصديقة للبيئة
يمكن أن تمهد هذه الدراسة الطريق لتصنيع فئة جديدة من المواد قادرة على تجديد نفسها ذاتيا بما يمكّن من تعزيز بنيتها للحد من الضرر الذي يمكن أن يلحق بها.
إضافة إلى ذلك، تساهم هذه النتائج في فهم العلماء للمواد الديناميكية وكيفية عمل التمعدن، والتي يمكن أن تلقي الضوء على البيئات المثالية اللازمة لتجديد العظام.
اعلان
ويأمل الباحثون أن تستخدم مادتهم المبتكرة كدعامات لتسريع علاج الأمراض أو الكسور المتعلقة بالعظام أو المواد الراتنجية الذكية لعلاجات الأسنان أو تطبيقات أخرى مماثلة.
ويرى الفريق البحثي أن تصنيع مواد بخاصية التكيف الذاتي وبكلفة وموارد بسيطة، يمكن أن يزودنا بهياكل أكثر أمانا. كما يمكن أن يوفر المال والموارد، ويقلل من التأثير البيئي الضار.