قانون الإنتاج الدفاعي الأميركي يمنح الرئيس السلطة من جانب واحد لتخصيص جوانب من الإنترنت لأغراض الدفاع (الفرنسية)
مهد فيروس كورونا الطريق للعديد من التغييرات العميقة التي ستحدث عند انتهاء الوباء الحالي. ويأتي الإنترنت في مقدمة قائمة الأشياء التي ستبدو مختلفة لكل شخص تقريبا.
فمنذ تسعينيات القرن الماضي، عندما ظهرت شبكة الإنترنت من شبكة مؤسسة العلوم الوطنية (أن أس أف نت) وشبكة وكالة المشاريع البحثية المتقدمة (أي آر بي نت) التابعتين للحكومة الأميركية إلى وسيط تجاري، كان صانعو السياسة الخارجية الأميركيين والأجانب ينظرون إلى شبكة الإنترنت على نطاق واسع كما لو كانت خدمة معلومات روتينية أو مجرد مجموعة كبيرة من شبكات البيانات الخاصة.
قوته بفوضويته
وقد جرى التعامل مع الإنترنت مقارنة مع وسائل الإعلام الموجودة مسبقا "الوسائط القديمة"، مثل البريد العادي والهاتف والبث التلفزيوني والتلفزيون عبر الكابل ومحطات الإذاعة والنشر المطبوع، على أنه وسيلة مثيرة للاهتمام ولكنه وسيلة ثالثة لا تهم سوى شريحة من عامة الناس.
وعلى مدى السنوات الـ25 الماضية، كانت نتيجة هذه النظرة اختلافا كبيرا بين النهج التنظيمي للغاية الذي تتبعه الحكومات في كل مكان تجاه وسائل الإعلام القديمة مقابل النهج غير المنظم تقريبا المتبع لوسائل الإعلام الجديدة وفي مقدمتها شبكة الإنترنت.
وأدى هذا النهج العشوائي للإنترنت إلى ازدهار الابتكار والتجريب والاستثمار والنمو السريع للشبكة مقارنة بوسائل الإعلام القديمة التي تحتاج مراجعات قانونية واسعة النطاق، وتصاريح تنظيمية واستعدادات شاملة للدعاوى القضائية والشكاوى التي يمكن التنبؤ بها.
أهميته ظهرت قبل كورونا
ولقد استطاع الابتكار من دون إذن خلق خدمات ومنتجات جديدة مهمة للغاية لنا. وليس من المستغرب أن الاستثمارات والمواهب الإبداعية تدفقت بشكل كبير في وسائل الإعلام الجديدة التي أعطتنا عالم الإنترنت والذي زارته جائحة فيروس كورونا في أوائل عام 2020، حيث صارت النخب في كل بلد موصولة بالكامل، كما جرى توصيل معظم الناس العامة في معظم البلدان أيضا بالإنترنت.
وبسبب سياسات الحكومات لإبطاء تفشي الوباء من خلال إغلاق المكاتب والمتاجر والكنائس والمدارس وغيرها، أصبحت شبكة الإنترنت والخدمات التي تعمل عليها هي شريان الحياة لمليارات الأشخاص.
وهذه فقط بعض الأمثلة على الأشياء التي تعتمد بشكل شبه كامل خلال الوباء على الإنترنت، وتشمل الوظائف المكتبية والتعليم والترفيه والاتصالات العائلية والرعاية الصحية والأحداث الاجتماعية والرياضة الجذابة والمواعظ والدروس الدينية والاستثمار والتقاعد وغيرها. بعد كورونا الإنترنت هو المسيطر
فكِّر للحظة لو أنك كنت تريد أن تسأل هؤلاء الأشخاص الذين يعتمدون على الإنترنت في العديد من البلدان: إذا كان هناك وسيط واحد فقط يمكنه البقاء، البريد العادي أو الهاتف أو البث التلفزيوني أو المطبوع المنشورات أو تلفزيون الكابل أو الراديو أو الإنترنت؟ " لمدة عقد على الأقل، فربما يكون الجواب بين معظم الشباب هو "الإنترنت".
يدل هذا على تغير عميق في المواقف تجاه الإنترنت مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى. ولذلك، فعندما يخرج الناس في كل مكان تقريبا من مكاتبهم المنزلية والمدارس المنزلية والكنائس المنزلية، فسيكونون قد مروا بتجربة شخصية مشتركة للغاية.
وستبدو شبكة الإنترنت مختلفة بالنسبة لهم عما كانت عليه قبل الوباء. وبالنسبة لمليارات الأشخاص في عشرات البلدان، فلن تبقى شبكة الإنترنت مجرد وسيلة غريبة تهم بعض الناس. فقد كانت شريان حياتهم لأسابيع أو أشهر. وإن تركها للخصوم أو الإرهابيين أو المصالح التجارية أو المخربين أو السياسيين أو النخب أو أي جهة أخرى لن يكون أمرا من الممكن تخيله.
وإذا كان من الصعب التنبؤ بكيفية ترجمة ذلك إلى سياسات وبرامج، كما هو الحال مع التوقيت والتفاصيل لأي أمة، لكن هناك بالفعل خطوط عريضة، من قبل حدوث الوباء، لعدد قليل من مجالات سياسة الإنترنت التي أصبحت فيها الحكومات نشطة بشكل متزايد