بالطبع سمعنا جميعًا عن قصة ألف ليلة وليلة ، الملك شهريار والأميرة شهرزاد ، اشتهر الملك شهريار بقتله للنساء العذراوات ، فكان يتزوجهن و يقتلهن ثاني ليلة ، كان يفعل الملك هذا لأن زوجته خانته مع العبيد ، حتى جاءت شهرزاد ابنة الوزير الذي كان يجلب الفتيات العذراوات و تزوجته ، أصبحت تروي له كل يوم حكاية و لكن تكون القصص مترابطة حتى يتشوق الملك ولا يقتلها .
شهرزاد
- اشتهرت الأميرة شهرزاد بالحكمة و الفطنة و حسن التصرف .
- كانت تروي قصة يوميًا للملك حتى مطلع النهار .
- كانت الوحيدة التي إستطاعت النجاة من قبضة الملك .
- كانت تحكي قصص مترابطة دائمًا حتى تضمن بقائها حية .
- أثرت شخصية شهرزاد في كثير الأدباء و الفنانين حول العالم حتى أصبحت مصدر إلهام للكثير من الموهوبين . [1]
ألف ليلة وليلة
كانت تحكي شهرزاد يوميًا قصة للملك شهريار و من أشهر هذه القصص :
- حكاية الحمار والثور مع صاحب الزرع .
- حكاية التاجر مع العفريت .
- حكاية الصياد مع العفريت .
- حكاية الملك يونان والحكيم رويان .
- حكاية الحمال مع البنات .
حكاية الحمار والثور مع صاحب الزرع
- رواها الوزير إلى ابنته شهرذاد .
- كان هنالك تاجر على قدر كافٍ من المال و المواشي و وهبه الله زوجة طيبة و أولاد و ميزه الله بقدرته على سماع كلام الحيوانات .
- كان لدى التاجر حمار و ثور و كان يعيش في الأرياف .
- في يوم من الأيام أتي الثور إلى مكان الحمار و الحمار في مكان الثور فوجده مكنوسًا و مرشوشًا و به علف من الشعير و تبن و هو نائم مستريح .
- جاء يوم سمع التاجر حديث الثور مع الحمار و هو يقول له : هنيئًا لك ذلك أنا متعب و أنت مستريح تأكل الشعير مغربلًا ويخدمونك و في بعض الأوقات يركبك صاحبك و يرجع و أنا دائمًا للحرث .
- فقام الحمار بالرد عليه قائلًا : إذا خرجت إلى الغيط و وضعوا على رقبتك الناف فارقد و لا تقم ولو ضربوك فإن قمت فارقد ثانية فإذا رجعوا بك و وضعوا لك الفول فلا تأكله كأنك ضعيف و امتنع عن الطعام و الشراب يومًا أو أثنين أو ثلاثة فإنك تستريح من التعب و الجهد .
- جاء السواق إلى الثور بعلفه فتناول منه شيئًا يكفي حاجته .
- فأتى السواق ليأخذ الثور إلى الحرث فوجده هزيلًا فقال له التاجر : خذ الحمار و حرثه مكانه اليوم كله فلما عاد آخر النهار شكره الثور على تفضلاته حين أراحه من التعب .
- لم يجاوبه الحمار و لكنه شعر بالندم لأنه من نصحه .
- ثاني يوم جاء المزارع و أخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهار فلم يرجع إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف والهزل فتأمله الثور وشكره ومجده .
- فقال له الحمار: أعلم أني لك ناصح و قد سمعت صاحبنا يقول : إن لم يقم الثور من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه و يعمل جلده قطعًا وأنا خائف عليك و نصحتك و السلام .
- سمع الثور كلام الحمار شكره و قال في غد أسرح معهم ثم أن الثور أكل علفه بتمامه حتى لحس المذود بلسانه كل ذلك و صاحبهما يسمع كلامهما .
- لما طلع النهار وخرج التاجر و زوجته الى دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثور وخرج فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه و ظرط و برطع فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه .
- فقالت له زوجته : من أي شيء تضحك ؟
- فقال لها : شيء رأيته وسمعته ولا أقدر أن أبيح به فأموت .
- فقالت له : لا بد أن تخبرني بذلك و ما سبب ضحكك ولو كنت تموت .
- فقال لها : ما أقدر أن أبوح به خوفًا من الموت .
- فقالت له : أنت لم تضحك إلا علي .
- ثم أنها لم تزل تلح عليه و تلح في الكلام الى أن غلبت عليه فتحير .
- أحضر أولاده وأرسل أحضر القاضي والشهود و أراد أن يوصي ثم يبوح لها بالسر و يموت لأنه كان يحبها محبة عظيمة لأنها بنت عمه وأم أولاده وكان ثم أنه أرسل وأحضر جميع أهلها وأهل جارته و قال لهم حكايته وأنه متى قال لأحد على سره مات .
- فقال لها جميع الناس ممن حضر: بالله عليك اتركي هذا الأمر لئلا يموت زوجك أبو أولادك
- فقالت لهم : لا أرجع عنه حتى يقول لي ولو يموت .
- فسكتوا عنها.
- ثم أن التاجر قام من عندهم وتوجه إلى دار الدواب ليتوضأ ثم يرجع يقول لهم و يموت .
- وكان عنده ديك تحته خمسون دجاجة وكان عنده كلب .
- فسمع التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقول له: أنت فرحان وصاحبنا رايح يموت .
- قال الديك للكلب : و كيف ذلك الأمر فأعاد الكلب عليه القصة .
- فقال له الديك: والله إن صاحبنا قليل العقل ، أنا لي خمسون زوجة أرضي هذه وأغضب هذه وهو ما له إلا زوجة واحدة ولا يعرف صلاح أمره معها فما له لا يأخذ لها بعضًا من عيدان التوت ثم يدخل الى حجرتها ويضربها حتى تموت أو تتوب ولا تعود تسأله عن شيء .
- فلما سمع التاجر كلام الديك و هو يخاطب الكلب رجع إلى عقله وعزم على ضربها .
- ثم قال الوزير لابنته شهرزاد : ربما فعل بك مثل ما فعل التاجر بزوجته
- فقالت له : ما فعل
- قال : دخل عليها الحجرة بعدما قطع لها عيدان التوت و خبأها داخل الحجرة وقال لها : تعالي داخل الحجرة حتى أقول لك ولا ينظرني أحد ثم أموت فدخلت معه ثم أنه قفل باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضرب إلى أن أغمي عليها .
- فقالت له : تبت ، ثم أنها قبلت يديه ورجليه وتابت وخرجت وإياه وفرح الجماعة وأهلها وقعدوا في أسر الأحوال إلى الممات . [3]
حكاية الصياد مع العفريت
- كان هنالك رجل فقير طاعن في السن يعمل في صيد السمك .
- أعتاد هذا الصياد على رمي شبكته أربع مرات يوميًا .
- في يوم من الأيام خرج إلى عمله وقت الظهيرة وقام بوضع معطفه بجواره ثم قام بإلقاء شبكته إلى المياه لعلها تجد نصيبها .
- ثم حاول جمع خيطانها فوجدها ثقيلة ولم يقدر على جذبها .
- فذهب بالطرف إلى البر ودق وتدًا وربطها فيه ثم قام بخلع ملابسه وغطس في الماء حول الشبكة وما زال يعالج حتى أخرجها .
- لبس ثيابه وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حمارًا ميتاً فلما رأى ذلك شعر بالحزن وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال إن هذا الرزق عجيب .
- ثم أن الصياد لما رأى الحمار ميت خلصه من الشبكة وعصرها جيدًا .
- فرغ من عصرها وبعد ذلك نزل البحر، وقال بسم الله والقاها فيه وصبر عليها حتى استقرت ثم جذبها فثقلت ورسخت أكثر من الأول فظن أنه سمك .
- قام بربط الشبكة وقام بخلع ملابسه وغطس ، ثم قام بإخراجها إلى البر فوجد فيها زيرًا كبيراً وهو مملوء برمل و طين فلما رأى ذلك تأسف .
- ثم إنه رمى الزير و نظف شبكته و استغفر الله و عاد الى البحر ثالث مرة .
- قام برمى الشبكة و صبر عليها إلى أن أستقرت وجذبها فوجد فيها شفافة وقوارير .
- رفع الصياد رأسه إلى السماء و قال اللهم أنك تعلم أني لا أرم شبكتي غير أربع مرات وقد رميت ثلاثا .
- ثم سمى الله و رمى الشبكة في البحر و صبر إلى أن أستقرت وجذبها فلم يطق جذبها و إذا بها انعقدت في الأرض .
- فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله .
- فتعرى للمرة الرابعة و غطس عليها و صار يحل فيها الى أن خرجت على البحر وفتحها فوجد فيها قمقما من نحاس أصفر مملوء وفمه مختوم برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان .
- شعر الصياد بالسعادة وعزم على فتح القمقم لمعرفة ما داخله قبل بيعه .
- ثم قام الصياد بهز القمقم و تفاجأ بخروج الكثير من الدخان من حوله حتى لم يعد يستطيع الرؤية بسببه .
- اتحد الدخان مع بعضه واجتمع في هيئة عفريت رأسه في السحاب و قدماه في التراب برأس كالقبة و أيدي كالمداري و قدمين كالصواري ، وفم كالمغارة ، وأسنان كالحجارة ، وأنف كالإبريق ، وعينين كالسراجين .
- إرتعد الصياد و تصنم في مكانه .
- فلما رآه العفريت قال لا إله إلا الله سليمان نبي الله .
- ثم قال العفريت: يا نبي الله لا تقتلني فإني لا عدت أخالف لك قولًا وأعصي لك أمرا .
- فقال له الصياد : أيها المارد أتقول سليمان نبي الله ، وسليمان مات من مدة ألف وثمانمائة سنة ، ونحن في آخر الزمان فما قصتك ، وما حديثك وما سبب دخولك إلى هذا القمقم .
- فلما سمع المارد كلام الصياد قال : لا إله إلا الله أبشر يا صياد .
- فقال الصياد: بماذا تبشرني ؟
- فقال : بقتلك في هذه الساعة أشر القتلات .
- قال الصياد : تستحق على هذه البشارة يا قيم العفاريت زوال الستر عنك ، يا بعيد لأي شيء تقتلني وأي شيء يوجب قتلي و قد خلصتك من القمقم ونجيتك من قرار البحر، وأطلعتك إلى البر
- فقال العفريت : تمن علي أي موتة تموتها ، وأي قتلة تقتلها .
- فقال الصياد : ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك .
- فقال العفريت : اسمع حكايتي يا صياد .
- قال الصياد : قل وأوجز في الكلام فإن روحي وصلت إلى قدمي .
- قال : إعلم أني من الجن المارقين ، وقد عصيت سليمان بن داود و أنا صخر الجني فأرسل لي وزيره آصف ابن برخيا فأتى بي مكرهًا و قادني إليه و أنا ذليل على رغم أنفي و أوقفني بين يديه فلما رآني سليمان استعاذ مني وعرض علي الإيمان و الدخول تحت طاعته فأبيت فطلب هذا القمقم و حبسني فيه و ختم علي بالرصاص وطبعه بالاسم الأعظم ، وأمر الجن فاحتملوني وألقوني في وسط البحر فأقمت مائة عام وقلت في قلبي كل من خلصني أغنيته إلى الأبد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد ، و دخلت مائة أخرى فقلت كل من خلصني فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصني أحد فمرت علي أربعمائة عام أخرى فقلت كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات فلم يخلصني أحد فغضبت غضباً شديدًا وقلت في نفسي كل من خلصني في هذه الساعة قتلته و منيته كيف يموت وها أنك قد خلصتني ومنيتك كيف تموت .
- فلما سمع الصياد كلام العفريت قال : يا الله العجب أنا ما جئت أخلصك إلا في هذه الأيام .
- ثم قال الصياد للعفريت : اعف عن قتلي يعف الله عنك ، ولا تهلكني ، يسلط الله عليك ، من يهلكك .
- فقال : لا بد من قتلك ، فتمن علي أي موتة تموتها فلما تحقق ذلك منه الصياد راجع العفريت و قال اعف عني إكرامًا لما أعتقتك .
- فقال العفريت : وأنا ما أقتلك إلا لأجل ما خلصتني .
- فقال الصياد : يا شيخ العفاريت هل أصنع معك مليح ، فتقابلني بالقبيح و لكن لم يكذب المثل حيث قال : فعلنا جميلاً قابلونا بضده و هذا لعمري من فعال الفواجر .
- فلما سمع العفريت كلامه قال : لا تطمع فلا بد من موتك .
- فقال الصياد : هذا جني ، و أنا إنسي و قد أعطاني الله عقلاً كاملاً و ها أنا أدبر أمرًا في هلاكه ، بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه .
- ثم قال للعفريت : هل صممت على قتلي .
- قال : نعم
- فقال له : بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سليمان أسألك عن شيء وتصدقني فيه .
- قال : نعم ثم إن العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم اضطرب واهتز و قال : اسأل وأوجز .
- فقال له : كيف كنت في هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك فكيف يسعك كلك .
- فقال له العفريت: وهل أنت لا تصدق أنني كنت فيه فقال الصياد لا أصدق أبدًا حتى أنظرك فيه بعيني .
- فلما سمع العفريت كلام الصياد أراد الخروج فلم يقدر ورأى نفسه محبوسًا ورأى عليه طابع خاتم سليمان وعلم أن الصياد سجنه وسجن أحقر العفاريت وأقذرها وأصغرها ، ثم أن الصياد ذهب بالقمقم إلى جهة البحر.
- فقال له العفريت : لا لا
- فقال الصياد : لابد فلطف المارد كلامه و خضع وقال ما تريد أن تصنع بي يا صياد ؟
- قال : ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألفًا وثمانمائة عام فأنا أجعلك تمكث الى أن تقوم الساعة ، أما قلت لك أبقيني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله فأبيت قولي وما أردت إلا غدري فألقاك الله في يدي فغدرت بك .
- فقال العفريت : افتح لي حتى أحسن إليك .
- فقال له الصياد تكذب يا ملعون ، أنا مثلي و مثلك مثل وزير الملك يونان والحكيم رويان