وارين بافيت تنبأ بمجانية النفط منذ 4 سنوات
المصدر: دبي - سيد صالح
قد لا يتذكر العديد من المتابعين لأخبار الاقتصاد العالمي أن الملياردير الأميركي، وارين بافيت، رابع أغنى شخص في العالم، كان قد توقع منذ أربع سنوات الانهيار التاريخي غير المسبوق الذي تشهده حالياً أسعار النفط، خاصة الخام الأمريكي، المعروف باسم «خام غرب تكساس الوسيط».
وكان بافيت قد أجرى مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية في عام 2016، تعليقاً على انخفاض أسعار النفط، والتي كانت قد انخفضت آنذاك إلى أدنى مستوياتها منذ 12 عاماً.
وخلال المقابلة، توقع بافيت أن يسقط سعر النفط يوماً ما على نحو هائل إلى الحد الذي يصبح فيه النفط مجانياً، وهي النبؤة التي صدقتها الأحداث بالفعل أمس، بل تجاوزتها، حينما بيع الخام الأمريكي في عقوده الآجلة- تسليم مايو- بسعر «- 37,63» دولار للبرميل، ما يعني أن شركات إنتاج النفط الأمريكي دفعت من أموالها الخاصة 37,63 دولار إلى المشترين عن كل برميل من النفط باعته إليهم أمس، بدلاً من أن تتقاضى منهم الثمن، في واقعة غير مسبوقة منذ أن عرف الإنسان النفط، وسيتوقف عندها تاريخ الاقتصاد العالمي طويلاً.
واستشرف بافيت أثناء المقابلة تأثير مجانية النفط في الاقتصاد الأمريكي. وبمناسبة تحقق نبؤة بافيت فعلياً على أرض الواقع، أعاد موقع «بزنس إنسايدر» الشبكي البريطاني اليوم نشر مقتطفات من نبوءته، مع ربط ما قاله بافيت بما يحدث فعلياً الآن على أرض الواقع.
وأكد بافيت في نبوءته أن مجانية النفط ستكون أمراً رائعاً للأمريكيين، حيث سيساعد ذلك أمريكا على توفير مبالغ باهظة كانت تسددها لشراء احتياجاتها من النفط، ذلك أنها كانت آنذاك مستورداً صافياً له.
وعلى الرغم من ارتفاع صادرات أمريكا من النفط تدريجياً بعد نبوءة بافيت، حتى صارت خلال العامين الأخيرين مُصدراً صافياً للنفط، ولأول مرة منذ عقود، إلا أن النبوءة لا زالت تحمل قدراً كبيراً من الصواب.
فقد توقع بافيت أن صناعة النفط في أمريكا ستعاني على المدى القصير فور انحدار سعره إلى الصفر، إلا أن المستهلكين الأمريكيين سيحققون وفورات هائلة من النقود التي كانوا ينفقونها على فواتير استهلاكهم من المحروقات. وأوضح بافيت آنذاك أن هذه الوفورات ستتراكم على مدى شهور، بل وربما سنوات.
ولم يُنكِر بافيت في نبوءته الألم المبرح الذي ستسببه مجانية النفط لبعض الصناعات الأمريكية على المدى القصير. فوفقاً لتقديراته، ينتج قطاع النفط الأمريكي 10 ملايين برميل يومياً. وعلى افتراض أن البرميل الواحد يُبَاع مقابل 100 دولار، فيعني ذلك أن المبيعات الإجمالية للقطاع تبلغ 1 مليار دولار يومياً، أي 365 مليار دولار سنوياً، في حين تبلغ القيمة الرأسمالية للقطاع 2 تريليون.
وأكمل بافيت توقعاته موضحاً أنه عندما يصبح النفط مجانياً ويتوقف القطاع عن تحقيق أي إيرادات، ستتبدد قيمته السوقية المشار إليها أعلاه وعلى نحو فجائي ومتسارع. وسيترتب على ذلك أن الشركات العاملة بالقطاع ستعاني صعوبة شديدة في الحصول على قروض بنكية.
وتابع بافيت: «ستتوالى التداعيات السيئة بسرعة شديدة، وسيجد آلاف الأشخاص العاملين في قطاع النفط أو في قطاعات مرتبطة به أنفسهم فجأة بلا عمل. وفي المقابل، فإن المزايا ستتهادى ببطء مستفز».
بل إن بافيت تنبأ أن مجموعته الاستثمارية الخاصة ذات الأنشطة التجارية المتعددة «بيركشاير هاثاواي» ستعاني أوقاتاً سيئة في بعض قطاعاتها من جراء مجانية النفط، إلا أنه أصر في النهاية على أن فوائد هذه المجانية ستتكشف على المدى الطويل، وستتمثل بالأساس في الوفورات التي سيحققها المستهلكون الأمريكيون في فواتير استهلاك النفط.
الآن، تحقق الجزأ الأول من نبوءة بافيت وصار النفط مجانياً بالفعل، بل أن بيع أمس بأسعار سلبية. ولا زلنا بحاجة للانتظار لفترة لمعرفة ما إذا كان الجزء الثاني سيتحقق بالفعل، ومدى استفادة المستهلكين الأمريكيين من انهيار أسعار النفط.